recent
آخر المشاركات

خطبة بعنـــــــوان: مجتمع بلا إدمان المخدرات طريق الهلاك - للشيخ / محمد حســـــن داود (7 رجب 1445هـ - 19 يناير 2024م)

خطبة بعنـــــــوان:
مجتمع بلا إدمان
المخدرات طريق الهلاك

للشيخ / محمد حســـــن داود
(7 رجب 1445هـ - 19 يناير 2024م)

العناصــــــر:      مقدمة :
- نعمة العقل ووجوب المحافظة عليها. 
- تحريم الإسلام للإدمان والمخدرات.
- آثار ومخاطر الإدمان والمخدرات.
- دعوة إلى نبذ الإدمان والمخدرات.

الموضـــــوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (المائدة90-91) ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ" (رواه الحاكم)، اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد

فإن نعم الله (عز وجل) لا يحدها حد، ولا يحصيها عد، قال تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) (النحل18)، ويقول سبحانه: ( وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) (لقمان20).

وإن من أعظم النعم التي اختص الله بها الإنسان، وكرمه بها: "نعمة العقل"، قال تعالى: (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ) لملك23)، فالعقل نور؛ به يدرك الإنسان حقائق الوجود، ويميز بين الحق والباطل، به يهتدي إلى تحقيق المصالح واتقاء المضار، به يتواصل الإنسان مع بني جنسه، يعمل، وينتج، ويدبر أموره وشئونه؛ فهو عنوان الرشاد، وهو سبب في سلوك طريق الهدى، والبعد عن موارد الردى، إذا تم تم معه كل شيء، وإذا ذهب ذهب معه كل شيء؛ فهو مناط التكليف، ومحط التكريم، ومن الضرورات التي من مقاصد الشريعة حفظها وصيانتها، هو جوهرة ثمينة، يحوطها العقلاء بالرعاية والحماية؛ اعترافا بفضلها، وخوفا من ضياعها ، ولله در القائل :

وأفضـــــل قَسْمِ الله للمرء عقله *** وليس مــن الخيرات شيء يقاربه

ومع ذلك فقد أبى البعض إلا أن وضعوه تحت أقدامهم، وجاروا عليه وعلى أجسادهم بالإدمان والمخدرات، مع ما كان للإسلام من موقف صريح من الإدمان والمخدرات على اختلاف ألوانها، فعَنْ دَيْلَمٍ الْحِمْيَرِيِّ، قَالَ: "سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا بِأَرْضٍ بَارِدَةٍ نُعَالِجُ فِيهَا عَمَلًا شَدِيدًا، وَإِنَّا نَتَّخِذُ شَرَابًا مِنْ هَذَا الْقَمْحِ نَتَقَوَّى بِهِ عَلَى أَعْمَالِنَا وَعَلَى بَرْدِ بِلَادِنَا، قَالَ: هَلْ يُسْكِرُ؟، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَاجْتَنِبُوهُ" (رواه أبو داود) ومن هذا يتبين أن الخمر وما كان في معناها من مخدرات أو غيرها قد حرمه الإسلام ونهى عنه وحذر منه وإن تغير الشكل واللون والاسم، قل أو كثر، فعن أَبى مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) يَقُولُ: "لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا " (رواه أبو داود) وعَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ: " كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ" (رواه مسلم). وعنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): " مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ "(رواه أبو داود) وعَنْ عَائِشَةَ (رضي الله عنها)، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، مَا أَسْكَرَ الْفَرَقُ مِنْهُ فَمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ" (رواه الترمذي) وفي رواية: " الْحَسْوَةُ مِنْهُ حَرَامٌ".

إن الإدمان والمخدرات وما كان على شاكلة الخمر في فعلها وصنيعها بعقل الإنسان وجسده، جرم كبير وذنب عظيم؛ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (المائدة90-91) لعنها الله (تعالى) ولعن كل من شارك فيها من قريب أو من بعيد، فعن ابْنَ عُمَرَ، (رضي الله عنهما) قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): " لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ" (رواه أبو داود) وتدبر معي قول رسول اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): "لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِى وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ" (متفق عليه) وفي المداومة على شربها والإصرار عليه دون توبة، يقول: "مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَسَكِرَ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، وَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ رَدَغَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا رَدَغَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: "عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ" (رواه بن ماجه) وعَنْ جَابِرٍ، (رضي الله عنه)، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "إِنَّ عَلَى اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ" قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: "عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ " (رواه مسلم).

وفى صورة طيبة مضيئة يجسد لنا أنس بن مالك (رضي الله عنه) موقف الصحابة وسرعة استجابتهم لله ولرسوله في اجتناب الخمر وما كان في معناها، الأمر الذي وجب علينا أن نفقهه بقلوبنا وعقولنا فنأخذ منه عبرة وعظة، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (رضي الله عنه) قَالَ: "كُنْتُ أَسْقِي أَبَا عُبَيْدَةَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ مِنْ فَضِيخِ زَهْوٍ وَتَمْرٍ، فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ"، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ (رضي الله عنه) " قُمْ يَا أَنَسُ فَأَهْرِقْهَا فَأَهْرَقْتُهَا " (رواه البخاري ومسلم).

إن الإدمان والمخدرات جميعها على اختلاف الأشكال والأسماء داء خطير من صنوف الخبائث، عظيمة الأخطار، جسيمة المضار، وخيمة العواقب على الفرد والمجتمع؛ إذ تأكل الشباب، وتدمر العقول، وتهدم الأجساد، وتفسد الأخلاق؛ فهي رجس من عمل الشيطان، توقع العداوة والبغضاء بين الناس وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة، تهون ارتكاب القبائح والآثام ،وتخرج من القلب تعظيم المحارم ،وتهوى بالإنسان إلى المنكرات والفواحش، تهتك الأستار، وتظهر الأسرار، كم بها وبسببها عقول عطلت، وأموال ضيعت، كم أبكت هذه المواد السامة من ولد ووالده، كم من النقم جلبت، ومن النعم حرمت وسلبت، كم أفقرت من غني، وكم أذلت من عزيز، وكم أوقعت في بلية، وكم أورثت من حسرة، وكم فرقت بين رجل وزوجته ،وفرقت بين ابن وأبيه، كم من المنكرات اقترفت في غياب عقل الإنسان وإرادته تحت تأثير الإدمان والمخدرات، ورحم الله عدي بن حاتم، إذ قيل له: مالك لا تشرب الخمر؟ فقال " ما أحب أن أصبح حكيم قومي وأمسي سفيههم " وإننا لنسمع بقصص نحسبها من ضرب الخيال ولكنها في حياة المدمنين ومتعاطي المخدرات واقع وحقائق يندى لها الجبين ، وفي ذلك يقول الشاعر:

رأيت الخمر فاسدة و فيها *** خصال تفسد الرجل الحليـم
فإن الخمر تفضح شاربيها *** و تجنيهم بها الأمر العظيم
فلا والله أشربها صحيحــا *** و لا أشفي بهـا أبدا سقيــم

ورضي الله عن عروة بن الزبير؛ فعن الزهري، أن عروة بن الزبير لما وقَعَت الأَكَلَة في رِجْلِهِ، فقيل له: ألا ندعو لك طبيباً؟ قال: "إن شئتم"، فجاء الطبيب، فقال: أسقيك شراباً يزول فيه عقلك ؟ فقال: "امضِ لشأنك، ما ظننتُ أنَّ خلقاً شرب شراباً يزول فيه عقْله حتى لا يعرف ربّه"، قال : فوضع المنشار على ركبته اليسرى، ونحن حوله، فما سمعنا حساً .فلما قطعها جعل يقول: "لئن أخذت لقد أبقيت، ولئن ابتليت لقد عافيت".

ولقد سُئل أبو بكر الصديق (رضي الله عنه): هل شربت الخمر في الجاهلية ؟ قال: " أعوذ بالله  فقيل له : ولِمَ ؟ قال : كنت أصون عرضي ، وأحفظ مروءتي ، فإن من شرب الخمر كان مضيعاً في عرضه ومروءته"، ومن ذلك يقول عُثْمَان، (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ): "اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ إِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ خَلَا قَبْلَكُمْ تَعَبَّدَ، فَعَلِقَتْهُ امْرَأَةٌ غَوِيَّةٌ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ جَارِيَتَهَا، فَقَالَتْ لَهُ إِنَّا نَدْعُوكَ لِلشَّهَادَةِ ، فَانْطَلَقَ مَعَ جَارِيَتِهَا فَطَفِقَتْ كُلَّمَا دَخَلَ بَابًا أَغْلَقَتْهُ دُونَهُ حَتَّى أَفْضَى إِلَى امْرَأَةٍ وَضِيئَةٍ عِنْدَهَا غُلَامٌ وَبَاطِيَةُ خَمْرٍ، فَقَالَتْ إِنِّي وَاللَّهِ مَا دَعَوْتُكَ لِلشَّهَادَةِ وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقَعَ عَلَيَّ أَوْ تَشْرَبَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْرَةِ كَأْسًا أَوْ تَقْتُلَ هَذَا الْغُلَامَ، قَالَ فَاسْقِينِي مِنْ هَذَا الْخَمْرِ كَأْسًا، فَسَقَتْهُ كَأْسًا، قَالَ زِيدُونِي، فَلَمْ يَرِمْ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا وَقَتَلَ النَّفْس، فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا وَاللَّهِ لا يَجْتَمِعُ الإِيمَانُ وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ إِلا لَيُوشِكُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَه " (رواه النسائي) .

وفي ذلك وغيره يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "وَلا تَشْرَبَنَّ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ" (رواه البخاري في الأدب المفرد) وعَن عبد الله ابْنِ عُمَر أَنَّ أَبَا بَكْر وَعُمَرَ وَنَاسا جَلَسُوا بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) فَذَكَرُوا أَعْظَمَ الكَبَائِرِ، فَلَمْ يَكُنْ عَندَهُمْ فِيهَا عِلْمٍ، فَأَرْسَلُونِي إلَى عَبدِ اللهِ بن عَمْرو أَسْأَلهُ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ أَعْظَمَ الكَبَائِرِ شُرْب الخمْرِ، فَأَتَيْتُهُمْ فَأَخْبَرْتُهُمْ، فَأَكْثَرُوا ذَلِكَ وَوَثَبُوا إِلَيْهِ جمِيعًا حَتى أَتَوْهُ في دَارِهِ، فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ إِنَّ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ بَني إِسْرَائِيل أَخَذَ رَجُلاً فَخَيَّرَهُ بَيْنَ أَنْ يَشْرَبَ الخمْرَ أَوْ يَقْتُلَ نَفْسًا أَوْ يَزْني أَوْ يَأْكُلَ لحْمَ خِنْزِير أَوْ يَقْتُلُوهُ، فَاخْتَارَ الخمْرَ، وَإِنَّهُ لمَّا شَرِبَ الخمْرَ لَمْ يمْتَنِعْ مِنْ شَيءٍ أَرَادُوهُ مِنْهُ، وَإِنَّ رَسَولَ اللهِ قَالَ لَنَا (حِينَئِذٍ) مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْرَبهَا فَتُقْبَلَ لَهُ صَلاَة أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَلاَ يمُوت وَفي مَثَانَتِهِ مِنْهُ شَيء إِلاَّ حرَّمَتْ بهَا عَلَيهِ الجَنَّة فَإِنْ مَاتَ في أَرْبَعِينَ لَيْلَةٍ مَاتَ ميتَة جَاهِلِية،" (رَوَاهُ الطَّبَرَاني).

وهذا كان شيئا من مخاطر الإدمان والمخدرات؛ غير أن لها أضرارها النفسية، فيما تفضي إليه من الاضطراب النفسي والغضب والبلادة وقلة المبالاة وفقد السيطرة والسلوك.

ولها أضرارها الأسرية، في تمزيق الروابط العائلية، وكثرة حالات الطلاق وإهمال المسئولية الزوجية، ولقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ " (صحيح ابن حبان).

كما أن لها مخاطرها المالية، في إتلاف مال الشارب بشراء تلك المواد المخدرة والعقاقير المدمرة، ورحم الله الحسن البصري إذ يقول: " لو كان العقل يُشترى لتغالى الناس في ثمنه، فالعجب ممن يشتري بماله ما يفسده".

وما أكثر مخاطرها الصحية، إذ تفسد على الإنسان جسده وتأكل قوته، وتذهب صحته، هذه النعمة التي هي قوام الحياة وبها تقوم الأمم والشعوب والحضارات، فلا تقوم حضارة على علل ولا تستقيم نعم الدنيا مع مرض يجلبه الإنسان بيده لنفسه، ولقد قال الله (تعالى): (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (البقرة 195) وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعْنِي الْعَبْدَ مِنَ النَّعِيمِ أَنْ يُقَالَ لَهُ: أَلَمْ نُصِحَّ لَكَ جِسْمَكَ وَنُرْوِيَكَ مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ".

غير ما لها من مخاطر أخلاقية واقتصادية.

فإنه لمن البديهي أنه لا تقدم للأمم إلا بسواعد أبنائها، ولا قوة لها إلا بقوتهم، وخاصة الشباب؛ فهم عماد الأمم، وشتان بين من يسعى لخدمة وطنه ويعمل على بنائه، وبين من يدمر جسده بالمخدرات والإدمان.

فيا شبابنا إن عقولكم وأجسادكم أمانة فلا تضيعوهما، ولتعلموا كعلم الآباء أنكم قدوة للأبناء والأهل فلا تكونوا إلا خير قدوة، وليحذر الجميع من الشعارات الكاذبة التي يرددها خبثاء النفوس الذين نسوا الله (جل وعلا) فما علموا له حقا، ولا علموا لوطنهم حقا، بل كان همهم المال، إذ روجوا لمثل هذه المخدرات والعقاقير بوعد المتعة واللذة والنشاط والحيوية، فما منها إلا الوقوع في كل محرم، و فعل كل منكر، و ضياع الصحة والمال. ثم احذروا أصدقاء السوء لأن الصاحب ساحب. واعلموا أنكم موقوفون أمام الله مسئولون عن المال والصحة فلقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " لنْ تَزُولَ قَدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسْأَلَ عن أَرْبَعِ خِصالٍ عن عُمُرِهِ فيمَ أَفْناهُ ؟ وعَنْ شَبابِه فيمَ أَبْلاهُ ؟ وعَنْ مالِهِ من أين اكْتَسَبَهُ وفيمَ أنْفَقَهُ ؟ وعَنْ علمِهِ ماذا عمِلَ فيهِ؟ "(رواه الترمذي).

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق، واصرف عنا سيئها
واحفظ مصر من كل مكروه وسوء

=== كتبه ===
محمد حســــــــــــن داود
إمام وخطيب ومــــــــــدرس
باحث دكتوراه في الفقه المقارن

 لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر      -----      اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf   رابط مباشر     -----      اضغط هنا 


 

google-playkhamsatmostaqltradent