خطبة بعنـــــــوان :
ماذا بعد الحج ؟
للشيخ / محمد حســـن داود
ماذا بعد الحج ؟
للشيخ / محمد حســـن داود
العناصــــر :
- أثر مواسم العبادات والطاعات في الأخلاق .
- المداومة على الطاعة وصية إلهية ونبوية .
- فضائل المداومة على العمل الصالح .
- اعمال يعدل أجرها اجر التنفل بالحج والعمرة .
- أثر مواسم العبادات والطاعات في الأخلاق .
- المداومة على الطاعة وصية إلهية ونبوية .
- فضائل المداومة على العمل الصالح .
- اعمال يعدل أجرها اجر التنفل بالحج والعمرة .
الموضـــــوع : الحمد لله رب العالمين،
القائل في كتابه العزيز ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)الحجر99
) ويقول سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ
عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ
الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي
الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ
* نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ) فصلت 30-32) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف" أَحَبُّ
الأَعمَالِ إِلى اللهِ أَدوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ "رواه البخاري) اللهم صل وسلم
وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد :
إن الناظر في مواسم الطاعات والعبادات،
يجد أنها ختمت بالأعياد؛ فلقد ارتبط عيد الفطر بشهر رمضان، وفريضة الصيام، كما ارتبط
عيد الأضحى بفريضة الحج، وكان ختام عشر ذي الحجة، ولعل في ذلك إشارة إلى أن كل يوم
يقطعه الإنسان في طاعة الله جل وعلا، وذكره، وشكره، وحسن عبادته، هو يوم عيد .
قبل أيام كنا نعد الأيام والساعات نترقب
هلال شهر ذي الحجة، رغبة في عمارة العشر بالطاعات والعبادات، ورغبة للمستطيع في أداء
فريضة الحج، طمعا في ثواب العشر؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " مَا مِنْ
أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ
" وإدراكا لفضل الحج؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " مَنْ حَجَّ فَلَمْ
يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ " متفق عليه) وقال
أيضا " الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةَ "،
وها قد مضت العشر وانتهت فريضة الحج؛ فماذا بعد العشر ؟ وماذا بعد الحج ؟
إن من الخطأ، أن يظن الإنسان أن مواسم الطاعات
وقت لكسب الحسنات، ثم إذا ذهبت هذه المواسم وقع في الذنوب والآثام، بل وجب أن تبقى
أثار هذه المواسم في أخلاق العبد ومعاملاته؛ فان كنا ودعنا العشر الأول من ذي الحجة،
وانتهت فريضة الحج هذا العام، وقد قال الله جل وعلا (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ
فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ
) البقرة 197) فينبغي أن لا نودع ما تعلمناه في هذه المدرسة من أخلاق وسلوك وآداب،
طاعة لله جل وعلا وامتثالا لأمره، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " اتَّقِ
اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ
بخُلُقٍ حَسَنٍ " رواهُ التِّرْمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ) وحفاظا على ما تفضل الله
به علينا من حسنات ودرجات ؛ فعن أَبي هُرَيْرَةَ ؛ رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم قَالَ: مَنْ كَانتْ عِنْدَه مَظْلمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ مِنْ
شَيْءٍ فَلْيتَحَلَّلْه مِنْه الْيَوْمَ قَبْلَ أَلَّا يكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ،
إنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمتِهِ، وإنْ لَمْ يَكُنْ
لَهُ حسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سيِّئَاتِ صاحِبِهِ، فَحُمِلَ عَلَيْهِ "رواه البخاري)
وكذلك رغبة في الوصول إلى أعلى الدرجات فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " إِنَّ
مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ
أَخْلَاقًا)رواه الترمذي) وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ " مَا مِنْ شَيْءٍ يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ
أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الْخُلُقِ لَيَبْلُغُ بِهِ
دَرَجَةَ صَاحِبِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ " رواه الترمذي) .
إن الطاعات والعبادات والقربات بصالح الأعمال،
ليست موقوفة عند فريضة دون غيرها، أو عمل صالح دون غيره، كما أنها ليست موقوفة عند
موسم بعينه، بل إن العمر كله فرصة للخيرات، ومغنم للحسنات، وطريق للاستقامة على الطاعة
والعبادة؛ فلقد قال الله جل وعلا (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ
عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) آل عمران133) ولما
جاء رجل وقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ
عَنْهُ أَحَدًا غَيْرَك؛ قَالَ " قُلْ: آمَنْت بِاَللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ "
رواه مسلم) فيا من تقربتم إلى ربكم في أيام ذي الحجة فأظمأتم نهاركم بالصيام وأسهرتم
ليلكم فأكثرتم من ذكر الله جل وعلا، ومن قراءة القران، ويا من تصدقتم بأموالكم وأوقاتكم
في قضاء حوائج الناس، ويا من أديتم الفرض فلبيتم النداء بالحج استجابة لقول الله جل
وعلا (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا
وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) آل عمران 97) داوموا على
طاعة الله جل وعلا فتلك وصية من وصاياه سبحانه؛ ففي القرآن قول عيسى عليه السلام ﴿
وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴾(مريم 31) وقد أمَر الله
سيِد البشر بذلك، فقال تعالى﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ (الحجر
99) وهذه كانت صفة عمل النبي صلى الله عليه وسلم كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله
عنها" كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً " رواه البخاري ) وعنها أيضا أنها قالت
" كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَحَبَّ
أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهَا " رواه مسلم) وها هو النبي صلى الله عليه وسلم يوصينا
بالمداومة على صالح الأعمال ويجلى لنا أمرا من مكانتها إذ يقول صلى الله عليه وسلم
" أَحَبُّ الأَعمَالِ إِلى اللهِ أَدوَمُهَا
وَإِنْ قَلَّ " رواه البخاري)
ولقد تنوعت إشارة النبي صلى الله عليه وسلم
ودعوته إلى المداومة على العمل الصالح؛ ومن ذلك ما جاء في المداومة على الصلاة فرضا
ونفلا ؛ فعن رَبِيعَة بْن كَعْبٍ الأَسْلَمِيُّ ، قَالَ : " كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ
، فَقَالَ لِي : سَلْ ، فَقُلْتُ : أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ ؟ قَالَ
: أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ، قُلْتُ : هُوَ ذَاكَ ، قَالَ : فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ ،
بِكَثْرَةِ السُّجُودِ " رواه مسلم) وعن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا
بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ ، هَلْ يَبْقَى
مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ . قَالَ: فَذَلِكَ
مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا " متفق
عليه ) وفى الدعاء - والذكر -؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا معاذ " أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لا تَدَعَنَّ في دُبُرِ
كُلِّ صَلاةٍ أّنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلى ذِكُرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ
عِبَادَتِكَ "رواه أبو داود والنسائي) وفى ذكر الله جل وعلا وتسبيحه والثناء عليه؛
عنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ " أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ
إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ
بِهِ ، قَالَ" لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ " رواه
الترمذي) وكذلك فى الاخلاق قوله صلى الله عليه وسلم " ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ
يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا"
وبهذا المنهج النبوي الكريم والتوجيه المحمدي العظيم، أخذ كثير من الصحابة والسلف
الصالح؛ ولك أن ترى هذا مثبتا في السنة النبوية بفضله وعظيم أجره ، فهذا بلال رضي الله
عنه؛ فيما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، قَالَ لِبِلَالٍ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ: "يَا بِلَالُ حَدِّثْنِي
بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ (أي تحريك نعليك) بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ
" قَالَ: "مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ
طُهُورًا فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا
كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ" ويقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" تَلَقَّتِ الْمَلَائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَقَالُوا:
أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا، قَالُوا: تَذَكَّرْ، قَالَ: كُنْتُ
أُدَايِنُ النَّاسَ فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ، وَيَتَجَوَّزُوا
عَنِ الْمُوسِرِ، قَالَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَجَوَّزُوا عَنْهُ " رواه
مسلم )
ومن هذا يظهر لنا جليا أن المداومة على
الطاعات أمر مطلوب على مدار الأيام فكما أن القربات والطاعات ليست موقوفة على فريضة
بعينها أو عمل صالح بعينه، أو موسم بعينه؛ كذلك اجر العبادات والطاعات ليس موقوفا على
فريضة بعينها، أو موسم بعينه ؛ فقد قال الله جل وعلا ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
)الحج77)وقال سبحانه (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ
فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ )طه 123) ويقول رسولنا صلى الله عليه وسلم "افْعَلُوا
الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ
نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللَّهَ
أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ". فليغتنمِ العبد
ما يفتح له من أبواب الخير والطاعة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " مَنْ
عَبَدَ اللهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ،
وَسَمِعَ وَأَطَاعَ، فَإِنَّ اللهَ يُدْخِلُهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ
" رواه احمد ) كما جاء عن أبى سعيد وأبى هريرة رضي الله
عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " مَا مِنْ عَبْدٍ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ
، وَيَصُومُ رَمَضَانَ ، وَيُخْرِجُ الزَّكَاةَ ، وَيَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ السَّبْعَ
، إِلَّا فُتِّحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، فَقِيلَ لَهُ : ادْخُلْ بِسَلَامٍ
" .
إن للمداومة على الطاعة والعمل الصالح،
فضل كبير واجر عظيم وخير وفير:
-
فبها يصل العبد إلى محبة الله جل وعلا؛ ففي الحديث القدسي" وَمَا تَقَرَّبَ
إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ
عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ
كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ
الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ
وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ
تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ" رواه البخاري)
- من أحب الأعمال إلى الله ، فعن أم المؤمنين
عائشة رضي الله عنها" أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَحْتَجِرُ
حَصِيرًا باللَّيْلِ فيُصَلِّي عليه، ويَبْسُطُهُ بالنَّهَارِ فَيَجْلِسُ عليه، فَجَعَلَ
النَّاسُ يَثُوبُونَ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيُصَلُّونَ بصَلَاتِهِ
حتَّى كَثُرُوا، فأقْبَلَ فَقالَ: يا أيُّها النَّاسُ، خُذُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ،
فإنَّ اللَّهَ لا يَمَلُّ حتَّى تَمَلُّوا، وإنَّ أحَبَّ الأعْمَالِ إلى اللَّهِ ما
دَامَ وإنْ قَلَّ "
- من صفات المؤمنين أهل الفلاح في الدنيا
والآخرة فقد قال الله جل وعلا ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ
) المؤمنون 9)
- ثبات الأجر عند العجز: فقد قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم" إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ
مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا " وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " مَا مِنِ امْرِئٍ تَكُونُ لَهُ صَلاَةٌ بِلَيْلٍ
فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَ صَلاَتِهِ وَكَانَ
نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ " رواه أبو
داود والنَّسائي ).
- سبب للنجاة في الشدائد: قال تعالى عن
يونس عليه السلام ﴿ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ
إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ ﴾ الصافات
143 / 145) وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم يَوْمًا، فَقَالَ" يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ،
احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ "وفي رواية " تعرَّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة"
- طريق إلى حسن الخاتمة؛ فقد قال الله تعالى
( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ
الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي
كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ
وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا
مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ )فصلت 30-32) ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
:" إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَّلَهُ؛ قَالُوا : يَا رَسُولَ
اللهِ، وَ مَا عَسَّلُهُ ؟ ، قَالَ"يَفْتَحُ لَهُ عَمَلاً صَالِحًا بَيْنَ يَدَيْ
مَوْتِهِ، حَتَّى يَرْضَى عَنْهُ مَنْ حَوْلُهُ".
المسلمون : إن كان موسم الحج هذا العام
قد انتهى؛ فان فضل الله دائم لا ينقطع وان جوده لا ينتهي ؛ إذ وهبنا من الأعمال ما
نصل بها إلى أجر حج النافلة، وليس هذا الأجر مرة كل عام ؛ بل مرات كل يوم ، ولعل هذا
فضل آخر للمداومة على الطاعات والعبادات ؛ ومن هذه الأعمال :
- النية الصادقة للحج ؛ ففي الحديث النبوي" إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ
نَفَرٍ: ... وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ
النِّيَّةِ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ
فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ ". وعن انس رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ
فَقَالَ:"إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ
وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟
قَالَ" وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ "رواه البخاري ).
- التطهر في البيت ثم الخروج إلى أداء
الصلاة المكتوبة؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ
مُتَطَهِّرًا، إِلَى صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ؛ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ
" .
- صلاة الضحى؛ فقد قال النبي صلى الله عليه
وسلم " وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى لاَ يُنْصِبُهُ إِلاَّ إِيَّاهُ؛
فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ" ويقول صلى الله عليه وسلم " مَنْ صَلَّى
الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ
ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ , تَامَّةٍ تَامَّةٍ
تَامَّةٍ " رواه الترمذي)
- الإكثار من ذكر الله جل وعلا دبر الصلوات
المكتوبة؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " أَفَلا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ
بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ ، وَتَسْبِقُونَ مَنْ بَعْدَكُمْ ، وَلا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ
مِنْكُمْ ، إلاَّ مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ ؟ قَالُوا : بَلَى ، يَا رَسُولَ
اللَّهِ . قَالَ : تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ
: ثَلاثاً وَثَلاثِينَ مَرَّةً ".
- الخروج إلى المسجد لتعلم العلم أو تعليمه،
فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
: " مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ لا يُرِيدُ إِلا أَنْ يَتَعَلَّمَ خَيْرًا أَوْ
يَعْلَمَهُ ، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ حَاجٍّ تَامًّا حَجَّتهُ " رواه الطبراني في
الكبير)
- شهود الجمعة فقد قال عنه سعيد بن المسيب
رضي الله عنه " هو أحب إلي من حجة نافلة "
- بر الوالدين ؛ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
، قَالَ : أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ
: " إِنِّي أَشْتَهِي الْجِهَادَ ، وَإِنِّي لا أَقْدِرُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ
: هَلْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ وَالِدَيْكَ ؟ قَالَ : أُمِّي ، قَالَ : فَاتَّقِ اللَّهَ
فِيهَا ، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَأَنْتَ حَاجٌّ وَمُعْتَمِرٌ ، وَمُجَاهِدٌ
" شعب الإيمان للبيهقي)
- قضاء حوائج الناس ؛ فعن مالك بن دينار
رحمه الله: بعث الحسن البصري محمد بن نوح، وحميدًا الطويل في حاجة لأخٍ له، وقال :
مروا بثابت ألبناني، فأشْخِصانه (أي: فليذهب) معكم، فأْتِيَا ثابتًا، فقال لهم ثابت:
إني معتكف، فرجع حميد إلى الحسن، فأخبره بالذي قال ثابت، فقال له: ارجعْ إليه، فقل
له: يا أعمش، أما تعلم أنَّ مشيك في حاجة أخيك المسلم خيرٌ لك مِن حجة بعد حجة، فقام
وذهب معهم، وترك الاعتكاف) البر والصلة لابن الجوزي)،
فما أعظم أن نمتثل أمر الله جل وعلا وهدى
النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال صلى الله عليه وسلم "أَحَبُّ العَمَلِ إِلى
اللهِ مَا دَاوَمَ عَلَيهِ صَاحِبُهُ وَإِنْ قَلَّ " رواه مسلم ) ولنحذر من قطع
عمل صالح؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص " يَا عَبْدَ
اللَّهِ لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلانٍ: كانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ
"
تزود من معاشك للمعــــــاد * * * وقم لله
واعمل خيـر زاد
أترضى أن تكون رفيق قوم * * * لهم زاد وأنت بغير زاد ؟
أترضى أن تكون رفيق قوم * * * لهم زاد وأنت بغير زاد ؟
( الدعاء )
===== كتبه =====
محمد حســـــــن داود
إمام وخطيب ومدرس
محمد حســـــــن داود
إمام وخطيب ومدرس