خطبة: عيـــد الأضحــــى
( 1440هـ - 2019م )
للشيخ / محمد حســـن داود
( 1440هـ - 2019م )
للشيخ / محمد حســـن داود
العناصــــر :
دروس من قصة الذبيح :
- الاستجابة لله ولرسوله . - حسن الظن بالله .
- ونبلوكم بالشر والخير. - حسن معاملة الوالدين
فضل يوم النحر .
خير الأعمال يوم النحر وأيام التشريق .
دروس من قصة الذبيح :
- الاستجابة لله ولرسوله . - حسن الظن بالله .
- ونبلوكم بالشر والخير. - حسن معاملة الوالدين
فضل يوم النحر .
خير الأعمال يوم النحر وأيام التشريق .
الموضـــــوع : الحمد لله، والله أكبر،
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ، الله أكبر، الله
اكبر، الله أكبر ما أحرم الحجاج من الميقات، الله أكبر ما رفع الحجاج بالتلبية الأصوات،
الله أكبر ما طافوا بالبيت وعظموا الحرمات، الله أكبر ما خرجوا إلى منى ووقفوا بعرفات،
الله أكبر ما تضرعوا في الصفا والمروة بخالص الدعوات، الله أكبر عدد ما رموا من الجمرات،
الله أكبر ما غفر لهم ربهم، وتحمل عنهم التبعات، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا،
وسبحان الله بكرة وأصيلا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا
ونبينا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان
إلى يوم الدين، وبعد
فبعد أن استجاب الله جل وعلا دعاء خليله
إبراهيم فوهبه إسماعيل عليهما السلام؛ إذ يقول جل وعلا ( فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ
) الصافات101) لم يكد إبراهيم عليه السلام، يأنس بولده ،إلا ويفاجأ بهذا الابتلاء العظيم؛
إذ يؤمر بذبح ولده ، هذا الابن الذي رزق به على كبر، العزيز على قلب والديه، قال تعالى
( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ
أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى ) الصافات102) عرض إبراهيم الأمر على ولده
ليكون أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه قسرا ويذبحه قهرا؛ فيجيب الغلام الحليم، ممتثلا
لأمر الله تعالى وبارا بوالده قائلا (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي
إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) الصافات102) فانطلقا لتنفيذ أمر الله جل وعلا
وقد استسلما لأمره سبحانه، قال تعالي (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ)الصافات103)
وهنا كان النداء للخيل عليه السلام (قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي
الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ
عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ * سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ) الصافات105-109)
وفدى المولى سبحانه وتعالى، إسماعيل عليه السلام، بنزول جبريل عليه السلام، بكبش من
الجنة أقرن عظيم الحجم والبركة .
ما أعظم هذا الإيمان، و ما أعظم هذه الاستجابة
لأمر الله، وما أعظم هذه التضحية ؛ إنها التضحية التي تعجز عقول البشر أن تتصورها؛
إنها الاستجابة لله في اسمي معانيها، استجابة لا يشوبها تردد أو تسويف؛ ولعل هذا من
اجل الدروس المستفادة من قصة الذبيح ؛ فشأن المؤمن والمؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً
أن يستجيبوا لما أُمروا به، قال تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا
قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ
وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً)الأحزاب36) ولقد
وجهنا القران الكريم إلى الاستجابة لله ولرسوله في كثير من المواضع؛ فقال تعالى (يَا
أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ لِمَا
يُحْيِيكُمْ واعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ وأَنَّهُ
إلَيْهِ تُحْشَرُونَ) الأنفال24) فالحياة الطيبة، والسكينة، والطمأنينة، إنما يلمسها
من استجاب لله جل وعلا، واستقام على ذلك قولًا وعملًا، قال جل وعلا ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى
فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي
فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ طه124)
فهي باب إلى إجابة الدعوات؛ قال تعالى ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي
قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا
بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) البقرة 186) وهي طريق السعادة وباب الخيرات والرفعة في
الدرجات فقد قال تعالى﴿ لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى ﴾الرعد18)
.
- ومن يتدبر الآيات، يرى مدى ثقتهما بالله
جل وعلا ومدى حسن ظنهما به وبفضله وكرمه وعظيم أجره؛ ويتضح ذلك أكثر في قول الغلام
الحليم " يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ
الصَّابِرِينَ " فكان جزءا من الجزاء قوله تعالى ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ
* وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ * سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) ومن ثم فإن حسن
الظن بالله عبادة عظيمة، فلمكانتها، أكد عليها النبي صلى الله عليه وسلم أيما تأكيد،
فعن جابر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بثلاث يقول
" لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ
" ففي حسن الظن بالله امتثال أمره، وتحقيق
عبوديته، وللعبد من ربه ما ظن به، فعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ ، عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ، فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ " رواه الدرامي) ولقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم، على شاب وهو
في آخر لحظات عمره وسأله عن حاله كما جاء عَنْ أَنَسٍ ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ ، فَقَال "كَيْفَ
تَجِدُكَ " ، قَالَ : وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي أَرْجُو اللَّهَ،
وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"
لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلَّا أَعْطَاهُ
اللَّهُ مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ" رواه الترمذي وقال حسن غريب) فأحسنوا
الظن بالله ؛ ففي الحديث القدسي" أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي "
- كما يتجلى لنا درس يجب أن نذكر به، وهو أن الابتلاء سنة الله جل
وعلا في خلقه؛ فعن سعدِ بن أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه، قال: قُلتُ: يا رسولَ الله، أيُّ
الناس أشدُّ بلاءً؟ قال" الأنبياءُ، ثم الأمثَلُ فالأمثَلُ، فيُبتَلَى الرجلُ
على حسبِ دينِه؛ فإن كان دينُه صُلبًا اشتدَّ بلاؤُه، وإن كان في دينِه رِقَّة ابتُلِيَ
على حسبِ دينه، فما يبرَحُ البلاءُ بالعبدِ حتى يترُكَه يمشِي على الأرض ما عليه خطيئة"
رواه الترمذي وقال حسنٌ صحيحٌ) وفي هذا المقام نوجه رسالة إلى كل مبتلى : اعلم أن كل
الناس مبتلى بالخير والشر، بالعسر واليسر، بالسراء والضراء، فقد قال الله تعالى ( إِنَّا
خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا
بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)الانسان2/3)
ولا يمكن لنا نحن كبشر أن ندرك الحكمة من تنوع هذا الابتلاء للعباد، فقد يرى الإنسان
الخير في صورة شر، أو يرى الشر في صورة خير، والله تعالى يعلم وانتم لا تعلمون، قال
تعالى (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا
شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )البقرة216،
ومن ثم فاللبيب الفطن هو من إذا ابتلى في ماله أو جسده أو ولده صبر وأحسن الظن بالله
أن يكشف عنه الابتلاء، ولم يسخط، أو يقنط، فقد قال الله تعالى (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ
أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ )الزمر10) .
- وما زالت قصة الذبيح ملئية بالدروس والعبر:
ولعل منها حسن التأدب مع الوالدين؛ فلك أن ترى كيف كان جواب إسماعيل " يا أبت
افعل ما تؤمر " وكأني أرى شيئا من الجزاء الذي هو من جنس العمل ؛ فمن أول المعارضين
لدعوة إبراهيم عليه السلام هو أبوه ؛ومع ذلك انظر كيف كان تعامل إبراهيم عليه السلام
معه؛ لقد عامله بكل بر وإحسان، فلم يكن خطاب إبراهيم في دعوة أبيه إلى الله جل وعلا
خطابا فظا، بل كان في غاية الأدب واللطف، فردد ﴿ يا أبت ﴾قال تعالى( وَاذْكُرْ فِي
الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ
يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا)
مريم41/42) كما تجلى خوف إبراهيم وعطفه على أبيه في قوله (يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي
مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا
أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا
* يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ
وَلِيًّا )43-45) ويبلغ البر ذروته، والإحسان
قمته، عندما يرفض دعوة ابنه بكل فظاظة، قال تعالى حكاية عنه﴿ قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ
عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي
مَلِيًّا ﴾مريم46) فما كان رد إبراهيم عليه السلام إلا باللين والرفق والحب والبر والإحسان،
إذ يقول ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا
﴾ ويقول في موضع آخر ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ
يَقُومُ الْحِسَابُ ﴾إبراهيم41)
- إن الأعياد في الإسلام ليست انطلاقا وراء
الشهوات، وليست سباقا إلى النزوات، ؛ بل إن الأعياد في الإسلام طاعة تأتي بعد الطاعة؛
فلقد ارتبط عيد الفطر بشهر رمضان وفريضة الصيام، كما ارتبط عيد الأضحى بعشر ذي الحجة
وفريضة الحج ، فما أعظم المداومة على الطاعة بعد الطاعة ، ولقد سُئِلَ النبيُّ صَلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ
" رواه البخاري)
- إن يومكم عظيم أثره، جليل أمره، فاقدروه حق قدره، فقد قال فيه النبي صلى الله عليه
وسلم " أَعْظَمُ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ"
رواه أبو داود والنسائي) غير انه ختام عشر ذي الحجة التي قال فيها النبي صلى الله عليه
وسلم " مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ ، وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ
الْعَمَلِ فِيهِنَّ ، مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ
التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ " رواه احمد) فيشرع التكبير في يوم
العيد وأيام التشريق، دبر الصلوات وفي كل وقت إلى غروب شمس يوم الثالث عشر قال اللهُ
تعالى(وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ) البقرة203) عن ابنِ عبَّاس
رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: " الأيَّام المعدودات: أيَّامُ التشريقِ؛ أربعة أيَّام:
يوم النَّحر، وثلاثة أيَّام" ويقول النبي
صلى الله عليه وسلم " أيَّامُ التَّشريقِ أيَّامُ أَكْلٍ وشُرْبٍ وذِكرٍ للهِ
" .
- ومنه صلة الأرحام وحسن الجوار، وإغناء
الفقير عن الطواف، وقضاء الحاجات؛ فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة،
وأحب الناس إلى الله انفعهم للناس .
ومن أفضل الأعمال في هذا اليوم وما تبعه
من أيام التشريق؛ ذبح الأضاحي، تقرباً إلى الله عز وجل، فقد قال تعالى (فَصَلِّ لِرَبِّكَ
وَانْحَرْ)الكوثر2) وعَنْ أَنَسٍ،قَالَ" ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا،
يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ". وكفى في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم
"مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ, أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ
إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا, وَأَشْعَارِهَا,
وَأَظْلَافِهَا, وَأَنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ
مِنَ الْأَرْضِ, فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا". ففيها أسمى معاني الشكر لله عز وجل
على نعمه، و فيها إحياء لسنة سيدنا إبراهيم عليه السلام ،وتأسيا بسنة المصطفى صلى الله
عليه وسلم، غير أنها من أوسع أبواب التكافل الاجتماعي، كما أنها طريق إلى توثيق الروابط
وتوطيد العلاقة وزرع المحبة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ
فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى
مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى " رواه
مسلم ) ووقت الأضحية يكون بعد صلاة العيد لقوله صلى الله عليه وسلم" مَنْ ضَحَّى
قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَإِنَّمَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ،
فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ ". ويستمر وقت الأضحية
حتى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق ، لقوله صلى الله عليه وسلم "وَكُلُّ
أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ" ؛ مع تأكيدنا أن الأضحية كما تتحقق بالذبح، تتحقق
بالإنابة من خلال صكوك الأضاحي .
- ومنه: توطيد العلاقات الاجتماعية، ونشر
المودة بالتهاني بالعيد وبالتزاور، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى،
فَأَرْصَدَ اللَّهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ
تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ
مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟قَالَ: لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ، قَالَ:
فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا
أَحْبَبْتَهُ فِيهِ " .
( تقبل الله منا ومنكم ، وكل
عام وانتم بخير )
===== كتبه =====
محمد حســـــــن داود
إمام وخطيب ومدرس
===== كتبه =====
محمد حســـــــن داود
إمام وخطيب ومدرس