recent
آخر المشاركات

خطبة بعنــــوان: الصانـــــع المتقــــن - للشيخ / محمد حســــن داود (12 شوال 1443هـ - 13 مايو 2022م)

 

خطبة بعنــــوان:
الصانـــــع المتقــــن
للشيخ / محمد حســــن داود
12 شوال 1443هـ - 13 مايو 2022م


العناصــــــر:      مقدمة :
- الصناعة ومكانتها وأهميتها.
- الصناعة في حياة الانبياء والصحابة.
- إتقان الصناعة واجب ديني ووطني.
- من صور إتقان الصناعة.
- دعوة إلى تحقيق الإتقان في الصناعة.

الموضوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(البقرة 195)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أكرمنا ببلوغ العشر الأواخر من رمضان، وزينها بليلة هي أفضل ليالي العام، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلا أَنْ يُتْقِنَهُ". اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد

ما أن يتنفس الصباح، ويبزغ الفجر، إلا وترى الناس يخرجون من بيوتهم، إلى حرفهم وصناعاتهم، ومحل عملهم، كل صاحب صنعة أو حرفة يغدو، يسعى للكسب، يأمل أن ينال من رزق الله وفضله وعطائه، أولئك مدحهم القرآن الكريم، ومدحهم النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال تعالى (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)(المزمل 20) وعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ (رضي الله عنه) أَنَّ رَجُلاً مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) فَرَأَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) مِنْ جَلَدِهِ وَنَشَاطِهِ مَا أَعْجَبَهُمْ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ!! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): "إِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَفِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ لِيَعِفَّهَا فَفِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَهْلِهِ فَفِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى تَفَاخُرًا وَتَكَاثُرًا فَفِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ"(المعجم الكبير للطبراني).

ومما لا شك فيه أن للصناعة أهمية عظيمة في تقدم الفرد والمجتمع، ولأهميتها   ومكانتها كان للأنبياء عليهم (الصلاة والسلام)  حرفهم وصناعاتهم، فقد جاءت آيات وأحاديث تدل على ذلك، فهذا نوح (عليه السلام) كان يعمل في النجارة وصناعة السفن: قال تعالى: ﴿وَاصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ﴾ (هود 37)، كذلك كان عمل زكريا (عليه السلام) في النجارة؛ يقول صلى الله عليه وسلم: "كَانَ زَكَرِيَّا نَجَّارًا". وفي المستدرك عن ابن عبَّاس( رضي الله عنهما): أنه قال لرجل: " أُحَدِّثُكَ عَنْ آدَمَ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا حَرَّاثًا، وَأُحَدِّثُكَ عَنْ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا نَجَّارًا، وَأُحَدِّثُكَ عَنْ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا خَيَّاطًا، وَأُحَدِّثُكَ عَنْ دَاوُدَ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا زَرَّادًا، وَأُحَدِّثُكَ عَنْ مُوسَى أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا رَاعِيًا، وَأُحَدِّثُكَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا زَرَّاعًا، وَأُحَدِّثُكَ عَنْ صَالِحٍ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا تَاجِرًا" (عليهم الصلاة والسلام).

فهؤلاء هم الأنبياء، شرفوا هذه الصناعات باحترافهم لها؛ ومع ذلك لم تمنعهم عباداتهم عن أعمالهم وصناعاتهم، فهذا سيدنا داود يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) عن عبادته: "أَحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللَّهِ صَلاةُ دَاوُدَ، وَأَحبُّ الصيامِ إِلَى اللَّهِ صِيامُ دَاوُدَ، كانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْل وَيَقُومُ ثُلُثَهُ ويَنَامُ سُدُسَهُ وَيصومُ يَومًا وَيُفطِرُ يَومًا" (متفقٌ عليه) ومع هذه العبادة، ومع كثرة صيامه، إلا انه لم يترك صناعته، أو يقصر فيها، فلم تمنعه عبادته هذه مع كثرتها عن عمله مع مشقته، فقد قال تعالى (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ) (الأنبياء 80)، ويقول النبي (صلَّى اللهُ عليه وسلم): "ما أكلَ أحدٌ طعامًا قطُّ، خيرًا من أنْ يأكلَ من عمَلِ يدِهِ وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ كان يأكلُ من عمَلِ يدِهِ" (رواه البخاري).

والصحابة الكِرام من المهاجرين والأنصار كانوا أيضا أصحابَ مهن وحرف؛ فمنهم اللَّحَّام والجزَّار والبزَّاز والحدَّاد، والخيَّاط والنَّسَّاج والنَّجَّار" سعيا إلى الرزق والكسب وعفاف النفس عن الحاجة، وهذا مما أكد عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) ، إذ يقول : "لَأَنْ يأخذَ أحدُكم حَبلَه، فيأتيَ بحُزمة الحَطبِ على ظهره فيبيعَها، فيَكُفُّ اللهُ بها وَجهَه، خيرٌ له من أن يسأل الناس، أَعطَوْه أو منعُوه" (متفق عليه)، وعن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أنه كان يقول: "إنِّي لأرى الرَّجل فيعجبني، فأقول: له حِرفة؟ فإن قالوا: لا، سَقَطَ من عيني".

كما كان صلَّى الله عليه وسلَّم، يشيد بالمبدعين والمتقنين من أصحاب الصنائع، ويُوكلهم بالأعمال؛ فعَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَنَيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ فَكَانَ يَقُولُ: "قَدِّمُوا الْيَمَامِي مِنَ الطِّينِ، فَإِنَّهُ مِنْ أَحْسَنِكُمْ لَهُ مَسًّا" رواه ابن حبان، وزاد أحمد: "وأشدُّكم منكبًا". وفي رواية قَال طلق بن علي: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ، وَهُوَ يُؤَسِّسُ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، فَجَعَلْتُ أَحْمِلُ الْحِجَارَةَ كَمَا يَحْمِلُونَ، فَقَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) :"إِنَّكُمْ يَا أَهْلَ الْيَمَامَةِ أَحْذَقُ شَيْءٍ بِإِخْلَاطِ الطِّينِ، فَاخْلِطْ لَنَا الطِّينَ" فَكُنْتُ أَخْلِطُ لَهُمِ الطِّينَ وَيَحْمِلُونَهُ"(رواه الطبراني).

إذ إن إتقان الصناعات والتحلي بروح الأمانة فيها من أهم الواجبات العملية التي حث عليها الإسلام، هو طاعة يتقرب بها المسلم إلى ربه، ويرقى بها إلى مرضاته سبحانه وتعالى، فقد قال تعالى: ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(البقرة 195) وعَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ (رضي الله عنها) أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلا أَنْ يُتْقِنَهُ".

اذا عمل المـرءُ المكلف مرةً *** عملًا فإنّ العيبَ ألّا يحسنه
فقــــدْ ذكرَ المختارُ أنّ إلهنَا *** يحـبُّ لعبــــدٍ خافَهُ أنْ يتقنَه

وليس الإتقان واجبا دينيا فحسب بل هو واجب وطني أيضا؛ نعم، إن إتقان الصناعات والتحلي بروح الأمانة فيها قيمة حضارية، عليها تقوم الحضارات، ويعمر الكون، وتثرى الحياة، وتتقدم الأمم، وتزدهر المجتمعات. فما كان لأي حضارة أن تنهض، ولا لأسرة أن ترقى، ولا لفرد أن ينجح، ما لم يأخذوا بهذا المبدأ العظيم ألا وهو مبدأ الإتقان في كل شيء.

والمتدبر في القرآن الكريم يجد أن الكون كله خلق بإتقان؛ وفي  ذلك دلالة واضحة إلى أهمية الإتقان وعلو مكانته ورفعة شأنه، قال تعالى ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً * وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً * وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً * وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً * وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً * وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً * وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً ﴾ سورة (النبأ 6- 16) وقال سبحانه: (وآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ (يس 37-40)، وقال عز وجل (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُون) (النمل88) أي أحسنه وجوده، وقال جل وعلا (مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ) (الملك 3) فكلما تدبرت الخَلْق ترى التقدير بميزان، والحساب بإتقان، قال تعالى ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) (القمر49).

ولقد حكى لنا القرآن الكريم أن الالتزام بالإتقان من شيم وسمات الأنبياء والمرسلين، فهذا نبي الله موسى (عليه السلام) لما تعاقد مع الرجل الصالح على عمل محدد بزمن محدد، اذ يقول الله (عز وجل) (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ ذَٰلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ * فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارً) (القصص 27-29) لم يقصر في مهمته، ولم يترك وظيفته، ولم يغادر موقع عمله حتى قضى الأجل زمانا ومكانا، فلما انقضى الأجل غادر محمود السيرة... ومن صور الاتقان في الصناعات:

- الوفاء بالعهود والعقود كيفا وكما وموعدا، فقد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) (المائدة1) ففي الوفاء بالعهود والعقود ما يزيد الثقة بين الناس، وينشر المحبة بينهم، وفي  نقض العهود والعقود، ما يذهب بالثقة بين الناس، وينشب الخلافات، ولقد قال صلى الله عليه وسلم "المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلاَّ شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلاَلاً".

التعامل بالصدق والأمانة ويقظة الضمير، فالصانع التقي النقي الصادق الأمين يراقب الله (عز وجل) في صنعته وحرفته، يعلم أن الله (سبحانه وتعالى) مطلع عليه، فيؤدي عمله على الوجه المطلوب شرعا، وقد قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ (النساء1) وقال تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (المجادلة 7) وقال تعالى: (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ (الحديد4) وروى الطبراني، عن زيد بن أسلم، أنه قال: " مرّ ابن عمر براعي غنم فقال : يا راعي الغنم هل مِن جَزرة ؟ قال الراعي : ليس ها هنا ربها ، فقال ابن عمر : تقول أكلها الذئب ! فرفع الراعي رأسه إلى السماء ثم قال : فأين الله ؟ قال ابن عمر : فأنا والله أحق أن أقول فأين الله ، فاشترى ابن عمر الراعي واشترى الغنم فأعتقه وأعطاه الغنم ".

فما أحوج الأمة وما أحوج شبابها وأجيالها أن تتحلى بالإتقان في كل عمل، فكل عمل أقيم بإتقان عاد على الأمة جميعها كما يعود عليهم بالخير.

ولقد حكي أن مقاولا معماريا يعمل في شركة عقارية كبيرة، وكان هذا المقاول متميزا باتقانه في عمله، فلما تقدم به العمر رغب في التقاعد، فتقدم بطلب التقاعد، فحاول صاحب الشركة أن يثنيه عن هذا القرار، وأكثر له من المغريات ، إلا أن المقاول كان قد انهى القرار، فوافق صاحب الشركة على طلبه شرط أن يقوم هذا المقاول ببناء منزل أخير، فيختم به سجل عمله الحافل، فوافق المقاول على هذا الشرط ولكن على مضض بعد أن أصر صاحب الشركة على هذا الأمر. ولأن المقاول كان يعلم بأن هذا البيت هو آخر بيت يبنيه؛ ولأنه لا يعتبر هذا البيت إلا رقما صغيرا في عدد البيوت التي بناها، فقد تساهل في العمل ولم يتقنه، وأسرع في إنجاز مهمته على حساب الجودة والإتقان، وعندما انتهى المقاول من البناء أسرع إلى صاحب الشركة ليخبره بأنه أنجز ما عليه من مهمة وليسلمه مفتاح البيت، ولكن صاحب الشركة فاجأه بابتسامة، وقال له: اسمح لي أن أقدم لك هذا البيت هدية مني مقابل إخلاصك وتفانيك في السنوات الماضية، ولقد كان إصراري على أن تقوم أنت ببناء هذا البيت لما رأيته منك من إتقان للعمل !!!!!. لقد ندم المقاول على تفريطه وعدم إتقانه هذا العمل .

اللهم أهدنا لأحسن الأخلاق وأصرف عنا سيئها
واحفظ مصر وجيشها وشعبها من كل مكروه وسوء

=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
ماجستير في الدراسات الإسلامية

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر      -----        اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر (نسخة أخرى)  اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf   رابط مباشر     -----         اضغط هنا 


لتحميــل الخطبة  word   جوجل درايف    -----        اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word جوجل درايف (نسخة أخرى)  اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf    جوجل درايف     ----         اضغط هنا
google-playkhamsatmostaqltradent