recent
آخر المشاركات

خطبة بعنــــوان: أخلاق الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) للشيخ / محمد حســــن داود(25 ذو القعدة 1443هـ - 24 يونيو 2022م)

 

خطبة بعنــــوان:
أخلاق الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم)
للشيخ / محمد حســــن داود
25 ذو القعدة 1443هـ  - 24 يونيو 2022م


العناصــــــر:      مقدمة 
- النبي (صلى الله عليه وسلم) أحسن الناس خلقا وخلقا.
- صور ونماذج من أخلاقه (صلى اله عليه وسلم).
- الأخلاق وأثرها على العبد.
- دعوة إلى التأسي بأخلاق النبي (صلى الله عليه وسلم).

الموضوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم4) ويقول سبحانه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (الأنبياء107)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ" (مستدرك الحاكم) ويقول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ"، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فإن جوانب حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) كلها مشرقة عظيمة، فكان صلى الله عليه وسلم في كل جانب مثلا أعلى، وأسوة حسنة، إذ اتصف بأنبل الصفات، وأجمل الخصال، وأحسن الأخلاق، حتى أبهرت أخلاقه القريب والبعيد، قال تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (القلم4) ولما سئلت السيدة عائشة (رضي الله عنها) عن خُلُقه، قالت: "كَانَ خُلُقُهُ القُرآنُ" واستمع ماذا تقول في حقه السيدة خديجة (رضي الله عنها): "إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحمِلُ الكَلَّ وتَكْسِبُ المَعدومَ، وتَقري الضَّيفَ، وتُعِينُ عَلَى نَوائِبِ الحَقِّ".

فاق النبيين في خَلقٍ وفي خُلـُقٍ *** ولم يدانوه في علمٍ ولا كـــــــــــرمِ
وكلهم من رسول الله ملتمــــسٌ *** غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ

لقد كان الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم)؛ أرجح الناس عقلا، وأكثرهم أدبا، وأوفرهم حلما، وأكملهم قوة وشجاعة وشفقة، وأكرمهم نفسا؛ وأعظمهم إنسانية ورحمة، عُرف بأسمى القيم، وأعظم المبادئ، وأطيب السلوك؛ فكان :

- أحسن الناس عشرة، وأعظمهم ألفة، وأكثرهم مودة: فهو القائل: "الْمُؤْمِنُ يَأْلَفُ وَيُؤْلَفُ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ، وَلَا يُؤْلَفُ".

فتراه دائما مع أصحابه في أفراحهم وأتراحهم، في قوتهم وضعفهم، يشهد جنائزهم ويعود مرضاهم، فعَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "يَأْتِي ضُعَفَاءَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَزُورُهُمْ وَيَعُودُ مَرْضَاهُمْ، وَيَشْهَدُ جَنَائِزَهُمْ "(مستدرك الحاكم).

لا يأنف أن يسلم على الصغار، بل كان بهم رحيما، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ): أَنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَفْعَلُهُ" (متفقٌ عليه ) كما كان موقرا للكبير، فهو القائل " لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا ويُوَقِّرْ كَبِيرَنَا " أبو داود والترمذي) وفى مسند الإمام أحمد، عن أسماء بنت أبى بكر (رضي الله عنها) قالت " لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ)، وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، أَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ بِأَبِيهِ، يَعُودُهُ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ "هَلَّا تَرَكْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا آتِيهِ فِيهِ" قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ أَحَقُّ أَنْ يَمْشِيَ إِلَيْكَ مِنْ أَنْ تَمْشِيَ أَنْتَ إِلَيْهِ ".

يجبر خواطرهم: فعن قرة ابن إياس، قَالَ: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِذَا جَلَسَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَفِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ، يَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ فَيُقْعِدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَهَلَكَ ، فَامْتَنَعَ الرَّجُلُ أَنْ يَحْضُرَ الْحَلْقَةَ لِذِكْرِ ابْنِهِ فَحَزِنَ عَلَيْهِ، فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ: "مَالِي لَا أَرَى فُلَانًا", قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ, بُنَيُّهُ الَّذِي رَأَيْتَهُ هَلَكَ، فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَسَأَلَهُ عَنْ بُنَيِّهِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ هَلَكَ، فَعَزَّاهُ عَلَيْهِ, ثُمَّ قَالَ: "يَا فُلَانُ أَيُّمَا كَانَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ تَمَتَّعَ بِهِ عُمُرَكَ أَوْ لَا تَأْتِي غَدًا إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، إِلَّا وَجَدْتَهُ قَدْ سَبَقَكَ إِلَيْهِ ، يَفْتَحُهُ لَكَ ", قَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ , بَلْ يَسْبِقُنِي إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَيَفْتَحُهَا لِي لَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ: " فَذَاكَ لَكَ "(رواه النسائي ).

لا يستنكف أن يمشى في حاجة الفقير، والمسكين، وذا الحاجة، فعنْ أَنَسٍ: "أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً،" فَقَالَ يَا أُمَّ فُلَانٍ، انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ، حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ" فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا " (رواه مسلم ) ويقول عبد الله بن أبي أوفى، عنه صلى الله عليه وسلم "لا يَأْنَفُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَ الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ فَيَقْضِيَ لَهُ حَاجَتَهُ"

- الين الناس كلاما، وأحسنهم قولا، وأجملهم حديثا:  r

فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) ، قَالَ :لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا" (رواه البخاري) كما تقول عنه أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها)عن خلقه صلى الله عليه وسلم، قالت " لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَلَا صَخَّابًا فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَح " (رواه الترمذي).

- أصدق الناس حديثا، وأكثرهم أمانة: فهو القائل: "اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ، وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ".

 فلقد كان الصدق صفة ملازمة للرسول (صلى الله عليه وسلم)، حتى لقب قبل البعثة بالصادق الأمين، شهد بذلك القريب والبعيد؛ فلما سأل هرقل (ملك الروم) أبا سفيان قبل إسلامه قائلا: "هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟، قال: لا، فقال هرقل: ما كان ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله" (رواه البخاري) وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾، صَعِدَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عَلَى الصَّفَا، فَجَعَلَ يُنَادِي: "يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ " (لِبُطُونِ قُرَيْشٍ) حَتَّى اجْتَمَعُوا فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولًا لِيَنْظُرَ مَا هُوَ، فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ، فَقَالَ: "أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟" قَالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا، (وفي رواية ما جربنا عليك كذبا) قَالَ: "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ " فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ اليَوْمِ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَنَزَلَتْ ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ﴾ (المسد 1- 2) (رواه البخاري ومسلم)

وها هو صلى الله عليه وسلم، يأتيه الأمر بالهجرة، فيوصى عليا (رضي الله عنه) بالانتظار في مكة حتى يرد الأمانات التي كانت عنده صلى الله عليه وسلم، لأهل مكة؛ فهو القائل" أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ " .

- أجود الناس وأكرم الناس؛ بل كان أجود بالخير من الريح المرسلة: فهو القائل: "لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا يَسُرُّنِي أَنْ لاَ يَمُرَّ عَلَيَّ ثَلاَثٌ، وَعِنْدِي مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا شَيْءٌ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ" (رواه البخاري).

فكان صلى الله عليه وسلم لا يبخل بمال ولا طعام، فعَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ (رضي الله عنها)، أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) " مَا بَقِيَ مِنْهَا ؟ " قَالَتْ : مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلَّا كَتِفُهَا، قَالَ" بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا" (رواه الترمذي وقال صَحِيح) ولما جاءه رجل يسأله، فأعطاه غنما سدّت ما بين جبلين، فرجع إلى قومه وقال: أسلموا، فإنّ محمّدا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر. 

بل يؤثر المحتاج على نفسه، ويعطيه العطاء وإن كان في حاجة إليه، فعَنْ سَهْلٍ(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، "أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِيَّ، (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ،بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ فِيهَا حَاشِيَتُهَا، أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ؟ قَالُوا: الشَّمْلَةُ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: نَسَجْتُهَا بِيَدِي فَجِئْتُ لِأَكْسُوَكَهَا، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ ،(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ،مُحْتَاجًا إِلَيْهَا ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ فَحَسَّنَهَا فُلَانٌ، فَقَالَ: اكْسُنِيهَا مَا أَحْسَنَهَا ؟، قَالَ : الْقَوْمُ مَا أَحْسَنْتَ لَبِسَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ ، قَالَ : إِنِّي وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ لِأَلْبَسَهُ إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِي؟ " قَالَ سَهْلٌ : فَكَانَتْ كَفَنَهُ" (رواه البخاري)

- يحفظ المعروف، ويعرف لكل ذي حق حقه: فهو القائل: "لا يَشْكُرُ الله من لا يَشْكُرُ النَّاس" (رواه أبو داود)

إذ يقول عن أم المؤمنين خديجة (رضي الله عنها): " مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) خَيْرًا مِنْهَا، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ" (رواه أحمد) ويقول في أبى بكر (رضي الله عنه): "إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ "(رواه البخاري) كما أنه لم يجحد دخوله مكة في جوار المطعم بن عدي، بعد عودته من رحلة الطائف، حتى بعد وفاته، فيقول في أسرى بدر: "لو كان المطعم بن عدى حيا، ثم كلمني في هؤلاء لتركتهم له".

- أعظم الناس إنسانية، وأكثرهم رحمة: فهو القائل: "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهمُ الرَّحمنُ".

ولقد صور لنا القران الكريم مدى رحمته، فقال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (الأنبياء107) ويقول (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)(التوبة 128) ويقول نبينا، (صلى الله عليه وسلم)، عن نفسه: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ" (مستدرك الحاكم).

ولم تقف رحمته صلى الله عليه وسلم، عند ما فيه روح، من إنسان أو حيوان أو طير، بل حتى الجماد نال من رحمته، فيقول عن حجر في مكة: "إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآنَ" (رواه مسلم) ولمّا شقّ على النبي (صلى الله عليه وسلم) طول القيام، استند إلى جذعٍ بجانب المنبر، فكان إذا خطب الناس اتّكأ عليه، ثم ما لبث أن صُنع له منبر، فتحول إليه وترك ذلك الجذع ، فحنّ الجذع إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فأنظر ماذا كان: "أَتَاهُ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَاحْتَضَنَهُ فَسَكَنَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): " لَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ، لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " (رواه أحمد).

= إن خيرية العبد لا تقاس بصلاته وصيامه فحسب، بل لا بد من النظر في أخلاقه وسلوكه، فقد قال صلى الله عليه وسلم" إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلَاقًا" وإذا سألت من اقرب الناس مجلسا من الرسول (صلى الله عليه وسلم) يوم القيامة لوجدت أن أحسن الناس أخلاقا هم اقرب مجلسا، وأحب الناس إليه، إذ يقول: "إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا) (رواه الترمذي).

فما أحوجنا أن نعيش بالقلب والجوارح أخلاق الرسول (صلى الله عليه وسلم) فنأخذ من مشكاته، ونقتدي به في سيرته وسريرته، وفي سائر أحواله، حتى تستقيم دنيانا وآخرتنا ، فقد قال الله تعالى ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ) (الأحزاب21)

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق، واصرف عنا سيئها
واحفظ مصر من كل مكروه وسوء.

=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
باحث دكتوراه في الفقه المقارن

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر      -----        اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر (نسخة أخرى)  اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf   رابط مباشر     -----         اضغط هنا 


لتحميــل الخطبة  word   جوجل درايف    -----        اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word جوجل درايف (نسخة أخرى)  اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf    جوجل درايف     ----         اضغط هنا
google-playkhamsatmostaqltradent