خطبة بعنــــوان:
الجــار مفهــومه وحقــوقه
للشيخ / محمد حســــن داود
23 ذو الحجة 1443هـ 22 يوليو 2022م
العناصـــــر : مقدمة.
- مكانة الجار ووصية الإسلام به.
- مفهوم الجار، وحقوقه، وحد الجوار.
- فضائل حسن الجوار وعواقب اذى الجار.
- دعوة إلى تحقيق معاني حسن الجوار.
الموضــــــوع:
الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: ﴿وَٱعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ
شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي القُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ
بِالْجَنبِ وَٱبْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لا
يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا) (النِّساء 36) وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل
في حديثه الشريف: "مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ واليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ
جارَهُ" (متفق عليه)، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن
تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
فلقد أقام الإسلام الروابط بين الناس على
الحب والمودة والألفة والوفاء، ووضع الحقوق والواجبات التي تساعد على تماسك هذه
الروابط وتنميتها، وإن من جملة تلك الحقوق العظيمة: حقوق الجار.
فلمكانة الجوار وعظم درجته، كان من أول ما
دعا إليه النبي (صلى الله عليه وسلم): فهاهو جعفر بن أبي طالب، يحدث النجاشي عن
النبي (صلى الله عليه وسلم) فيقول: "أَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ،
وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ
عَنِ الْمَحَارِمِ، وَالدِّمَاءِ".
ولمكانة الجوار أيضا كان جبريل (عليه
السلام) يكثر من وصية النبي (صلى الله عليه وسلم) بالجار: فعَنْ رَجُلٍ مِنَ
الْأَنْصَارِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَهْلِي أُرِيدُ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَإِذَا أَنَا بِهِ قَائِمٌ، وَإِذَا رَجُلٌ مُقْبِلٌ
عَلَيْهِ فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُمَا حَاجَةً، فَجَلَسْتُ، فَوَاللهِ لَقَدْ قَامَ
رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى جَعَلْتُ أَرْثِي لَهُ
مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللهِ، لَقَدْ قَامَ بِكَ هَذَا الرَّجُلُ، حَتَّى جَعَلْتُ أَرْثِي لَكَ مِنْ
طُولِ الْقِيَامِ، قَالَ: " أَتَدْرِي مَنْ هَذَا؟ "، قُلْتُ: لَا،
قَالَ: " ذَاكَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ
سَيُوَرِّثُهُ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ كُنْتَ سَلَّمْتَ عَلَيْهِ لَرَدَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ
" (رواه أحمد).
فحسن الجوار وصية من وصايا القرآن الكريم:
قال تعالى: ﴿وَٱعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَانًا وَبِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي
القُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَٱبْنِ السَّبِيلِ وَما
مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا)
(النِّساء 36).
ومن وصايا النبي (صلى الله عليه وسلم): فقد
قال: "مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ واليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ
جارَهُ" (متفق عليه)
ومن علامات الإيمان: فعَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ) قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُحِبَّ
لِجَارِهِ - أَوْ قَالَ: لِأَخِيهِ - مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" (رواه مسلم) وقال: "مَنْ كانَ
يُؤْمِنُ بِاللهِ واليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُحسن إلى جاره" (متفق عليه) وقال: "اتَّقِ
المَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى
النَّاسِ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ
لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَلَا تُكْثِرِ الضَّحِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ
تُمِيتُ القَلْبَ" (رواه الترمذي)
ومن علامات خيرية العبد عند الله: فقد قال
النبي (صلى الله عليه وسلم): "خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ
لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ".
وباب من أبواب السعادة: كما قال النبي (صلى
الله عليه وسلم) :"مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ: الْجَارُ الصَّالِحُ".
وقال أيضا: "أرْبَعٌ مِنَ السَّعادَةِ: الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ،
وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ، وَالْجَارُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الْهَنِي.
وَأَرْبَعٌ مِنَ الشَّقاءِ: الْجَارُ السَّوْءُ، وَالْمَرْأَةُ السَّوْءُ،
وَالْمَركَبُ السَّوء، والْمَسكَنُ الضَّيِّقُ" .
وعن حد الجوار: يقول على بن أبي طالب (رضي
الله عنه): "مَنْ سَمِعَ النِّدَاء فَهُوَ جَار". وقيل: من صلى معك
الصبح في المسجد فهو جار. وعن أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها):" أربعون
دارا من كل جانب"، ولقد سُئل الحسن البصري عن الجار، فقال مثل قولها، وورد
مثله عن الأوزاعي.
علما بأن مفهوم الجار والجوار لا يقتصر على
البيوت، بل هو أعم من ذلك وأشمل؛ فالجار معتبر في المتجر، والسوق، والمزرعة،
والمكتب، ومقعد الدرس، وكلما كان باب الجار اليك أقرب، كلما كان حقه في المبادأة
بالخير أوجب، فعن أم المؤمنين عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا)، قالت: قُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ:
"إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا" (رواه البخاري)
وعن حق الجار فقد جاء أن النبي (صلى الله
عليه وسلم) قال:" أَتَدْرِي مَا حَقُّ الْجَارِ: إِذَا اسْتَعَانَكَ
أَعَنْتُهُ، وَإِذَا اسْتَقْرَضَكَ أَقْرَضْتَهُ، وَإِذَا افْتَقَرَ عُدْتَ عَلَيْهِ،
وَإِذَا مَرِضَ عُدْتَهُ، وَإِذَا أَصَابَهُ خَيْرٌ هَنَّأْتَهُ، وَإِذَا أَصَابَتْهُ
مُصِيبَةٌ عَزَّيْتَهُ، وَإِذَا مَاتَ اتَّبَعْتَ جِنَازَتَهُ، وَلَا تَسْتَطِيلُ عَلَيْهِ
بِالْبِنَاءِ تَحْجُبُ عَنْهُ الرِّيحَ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا تُؤْذِيهِ بِقُتَارِ
قِدْرِكَ إِلَّا أَنْ تَغْرِفَ لَهُ مِنْهَا، وَإِنِ اشْتَرَيْتَ فَاكِهَةً فَاهْدِ
لَهُ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَأَدْخِلْهَا سِرًّا، وَلَا يَخْرُجُ بِهَا وَلَدُكَ لِيَغِيظَ
بِهَا وَلَدَهُ".
- فمن حقوق الجار: تفقد حاله، لاسيما
المحتاج منهم، فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) :" لَيْسَ الْمُؤْمِنُ
بِالَّذِي يَشْبَعُ وَجَارُه جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ" (رواه الحاكم).
- وأن تعود عليه بالهدايا: فعن أبي ذرٍّ
(رضي الله عنه) أنَّه قال: "إنَّ خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَوْصَانِي إِذَا طَبَخْتَ مَرَقًا فَأَكْثِرْ مَاءَهُ ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ
بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ فَأَصِبْهُمْ مِنْهَا بِمَعْرُوفٍ". وعن أبي هريرة
(رضي الله عنه) أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "لاَ تَحْقِرَنَّ
امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ مَعْرُوفًا لِجَارَتِهَا وَلَوْ كَانَ فِرْسِنَ
شَاةٍ".(وفِرْسِنُ الشاة هو: حافرها). قال الحافظُ ابنُ
حجرٍ في: "الفتح": "أي: لا تحقرن أن تهديَ إلى جارتِها شيئاً، ولو أنها
تهدي مالا يُنتفعُ به في الغالبِ"، والمقصود أن يتواصلَ
الخير والود والبر بين الجيرانِ ولو بأقل الأشياء.
إن من أعظم حقوق الجار على جاره أن يأمن
على نفسه وماله وعرضه وولده؛ فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "وَاللَّهِ
لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ"، قِيلَ
وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "الَّذِى لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ".
فأذى الجار مهما تغيرت صورته ممقوت في الشرع، فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم):
"مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ
جَارَهُ".
وإن كان الأذى في حق الناس عظيم، ففي حق
الجوار أعظم: فعن المقداد بن الْأَسْوَدِ، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لِأَصْحَابِهِ: "مَا تَقُولُونَ فِي الزِّنَا؟ "
قَالُوا: حَرَّمَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، فَهُوَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ،
قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لِأَصْحَابِهِ:
"لَأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشْرَةِ نِسْوَةٍ، أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ
أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِهِ"، قَالَ: فَقَالَ: "مَا تَقُولُونَ
فِي السَّرِقَةِ؟ " قَالُوا: حَرَّمَهَا اللهُ وَرَسُولُهُ فَهِيَ حَرَامٌ،
قَالَ: "لَأَنْ يَسْرِقَ الرَّجُلُ مِنْ عَشْرَةِ أَبْيَاتٍ، أَيْسَرُ
عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَسْرِقَ مِنْ جَارِهِ "(رواه أحمد).
كذلك من حق الجوار: الصبر على أذى الجار،
فقد قال الحسن البصري: "ليس حسن الجوار كف الأذى؛ وإنما حسن الجوار احتمال
الأذى". وما أعظم أجر من يصبر، فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم)
"ثَلاَثَةٌ يُحِبُّهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ" وذكر منهم:
"وَالرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ الْجَارُ يُؤْذِيهِ جِوَارُهُ فَيَصْبِرُ عَلَى
أَذَاهُ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا مَوْتٌ أَوْ ظَعْنٌ".(رواه أحمد)
إن فضائل حسن الجوار كثيرة، لعل من أعظمها:
- أنه مِن أسباب عِمران الديار، وزيادة
الأعمار، فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "حُسْنُ الْخُلُقِ، وَصِلَةُ
الرَّحِمِ، وَحُسْنُ الْجِوَارِ: يَزِدْنَ فِي الْأَعْمَارِ, وَيُعَمِّرْنَ
الدِّيَارَ".
- من أسباب مغفرة الذنوب: فعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، يَرْوِيهِ عَنْ
رَبِّهِ (عَزَّ وَجَلَّ)، قَال: "مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، يَشْهَدُ
لَهُ ثَلَاثَةُ أَبْيَاتٍ مِنْ جِيرَانِهِ الْأَدْنَيْنَ بِخَيْرٍ، إِلَّا قَالَ
اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَدْ قَبِلْتُ شَهَادَةَ عِبَادِي عَلَى مَا عَلِمُوا،
وَغَفَرْتُ لَهُ مَا أَعْلَمُ ".
- باب إلى الجنة: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ
صَلَاتِهَا، وَصِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا،
قَالَ: "هِيَ فِي النَّارِ" ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ
يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ
بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: "هِيَ
فِي الْجَنَّةِ" (رواه أحمد).
وكما كان لحسن الجوار أجرا عظيما وفضلا
جزيلا، كان لسوء الجوار إثما ووزرا كبيرا؛ فعن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): " أَوَّلُ
خَصْمَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَارَانِ" (رواه أحمد)، وعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: "لَا
يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ" (رواه مسلم)
= لما كان الجيران هم أقرب الناس إلى المرء، وأول من يتعامل معهم، ويظهر أثر ما
في قلبه وأخلاقه وسلوكه في معاملاتهم، كان قولهم في المرء له اعتبار وأثر؛ فعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)،
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُ بِهِ دَخَلْتُ
الْجَنَّةَ. قَالَ: "كُنَّ مُحْسِنًا" قَالَ: كَيْفَ أَعْلَمُ أَنِّي مُحْسِنٌ؟
قَالَ: "سَلْ جِيرَانَكَ، فَإِنْ قَالُوا: إِنَّكَ مُحْسِنٌ فَأَنْتَ مُحْسِنٌ،
وَإِنَّ قَالُوا: إِنَّكَ مُسِيءٌ فَأَنْتَ مُسِيءٌ" (رواه الحاكم)
ورحم الله سعيد بن العاص؛ فلما باع جاره أبو
الجهم العدوي داره بمائة ألف درهم، قال للمشترين: بكم تشترون جوار سعيد بن العاص
جاري، قالوا: وهل يشترى جوار قط؟ قال: ردوا عليَّ داري وخذوا دراهمكم، والله لا
أدع جوار رجل إن فقدت سأل عني، وإن رآني رحب بي، وإن غبت حفظني، وإن شهدت قربني،
وإن سألته أعطاني، وإن لم أسأله ابتدأني، وإن نابتني جائحة فرج عني، فبلغ ذلك
سعيداً، فبعث إليه بمائة ألف درهم.
فالديار لا تقاس على الحقيقة فقط بجميل بنيانها, وإنما تغلو
بجيرانها, وقد قيل:
اطلب لنفسك جيراناً
تجاورهم *** لا تصلح الدارُ حتى يصلحَ الجارُ
فما أحوجنا إلى تحقيق أسمى معاني حسن
الجوار؛ فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "كَمْ
مِنْ جَارٍ متعلقٍ بِجَارِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ: يَا رَبِّ هَذَا أَغْلَقَ
بَابَهُ دُونِي فَمَنَعَ مَعْرُوفَهُ"
نسأل الله أن يجعلنا
من المحسنين إلى جيراننا
وأن يحفظ مصر من كل مكروه وسوء
=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
باحث دكتوراه في الفقه المقارن
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة pdf جوجل درايف ---- اضغط هنا