recent
آخر المشاركات

شهادة الزمان والمكان والجوارح على الخلق - للشيخ / محمد حســــن داود (30 ذو الحجة 1443هـ 29 يوليو 2022م)

 

خطبة بعنــــوان:
شهادة الزمان والمكان والجوارح على الخلق
للشيخ / محمد حســــن داود
30 ذو الحجة 1443هـ  29 يوليو 2022م



العناصـــــر :    مقدمة.
- شهادة الزمان والمكان والجوارح على الخلق.
- شهود أخر يشهدون يوم القيامة.
- الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت.

الموضــــــوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ( النــور24)، وقال  سبحانه (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (يــس65) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ " (رواه الترمذي) اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد

فإن الإنسان مهما تخفى عن الأنظار، وغلق الأبواب، وأحكم الأسباب، فلن يغيب لحظة عن رب الأرباب، قال تعالى: (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِى ٱلْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚوَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (الحديد 4).

وقد جعل سبحانه على أعمال عباده شهودا تشهد يوم القيامة بما كان من خير أو شر؛ قال تعالى (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ) (غافر51)، وقال عز وجل: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ) (هود ١٨)، وقال جل وعلا: (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) (الزمر 69)

- الزمان: فالأوقات كلها شاهدة يوم القيامة، قال تعالى (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) (البروج 4)، والشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة. قال الحسن البصري "ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد، فتزود مني فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة"

وكلنا يوم القيامة مسئولون عنها، فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ، عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ"

ومن ذلك كانت دعوة النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى اغتنام الأوقات بالطاعات، فقال: "اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ" ومن ينظر حال الصحابة (رضي الله عنهم) يجد مدى اهتمامهم بعمارة أوقاتهم بالعبادات، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لِبِلَالٍ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ: "حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ عِنْدَكَ فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ الْبَارِحَةَ خَشْفَ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ" قَالَ: "مَا عَمِلْتُ فِي الْإِسْلَامِ أَرْجَى عِنْدِي أَنِّي لَمْ أَطَّهَرْ طَهُورًا تَامًّا فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ، إِلَّا صَلَّيْتُ لِرَبِّي مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ" (رواه النسائي) وهذا عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) يقول: "ما ندمت على شيء كندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي".

- المكان؛ قال تعالى (إِذَا زُلۡزِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ زِلۡزَالَهَا * وَأَخۡرَجَتِ ٱلۡأَرۡضُ أَثۡقَالَهَا * وَقَالَ ٱلۡإِنسَٰنُ مَا لَهَا * يَوۡمَئِذٖ تُحَدِّثُ أَخۡبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوۡحَىٰ لَهَا) (سورة الزلزلة 1-5) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) (الزلزلة: 4) قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا"؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " فَإِنَّ أَخْبَارَهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا أَنْ تَقُولَ: عَمِلَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا "، قَالَ: "فَهَذِهِ أَخْبَارُهَا"(رواه الترمذي) ولما أَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَتَحَوَّلُوا قُرْبَ الْمَسْجِدِ، وَالْبِقَاعُ خَالِيَةٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ: "يَا بَنِي سَلِمَةَ، دِيَارَكُمْ، فَإِنَّمَا تُكْتَبُ آثَارُكُمْ".

إذا فهذه الأرض التي طالما مشينا فوقها إلى الخير أو إلى الشر شاهدة لك أو عليك يوم القيامة؛ قال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) (يس12)، ففي شأن مكان الصلاة: عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ) (الدخان 29) فهَلْ تَبْكِي السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ عَلَى أَحَدٍ؟ قَالَ: "نَعَمْ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْخَلَائِقِ أَحَدٌ إِلَّا لَهُ بَابٌ في السَّمَاءِ يَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ وَيَصْعَدُ مِنْهُ عَمَلُهُ، فَإِذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ بَكَى عَلَيْهِ بَابُهُ مِنَ السَّمَاءِ الَّذِي كَانَ يَصْعَدُ مِنْهُ عَمَلُهُ وَيَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ، وَإِذَا فَقْدَهُ مَقْعَدَهُ مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّي فِيهَا وَيُذْكُرُ اللهَ فِيهَا بَكَتْ عَلَيْهِ، وَإِنَّ قَوْمَ فِرْعَوْنَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ آثَارٌ صَالِحَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ مِنْهُمْ خَيْرٌ فَلَمْ تَبْكِ عَلَيْهِمْ" (شعب الإيمان، للبيهقي) وفي شأن الأذان يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) "لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ" (رواه البخاري) وفي شأن الحجر الأسود يقول: "لَيَبْعَثَنَّ اللهُ الْحَجَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ بِهِ، يَشْهَدُ بِهِ عَلَى مَنِ اسْتَلَمَهُ بِحَقٍّ " (رواه أحمد)

- شهادة الجوارح، قال تعالى: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ( النــور24)، وقال  سبحانه (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (يــس65)، إذ تتكلم جوارح العبد، فتشهد بما عملت، فيشهد اللسان بما تكلم، وتشهد العين بما رأت، وتشهد الأذن بما سمعت، وتشهد اليد بما صنعت، وتشهد القدم، والجلود..، شهود تنطق بإذن ربها؛ قال تعالى (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ (فصلت20) وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَضَحِكَ، فَقَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ؟" قَالَ قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ، يَقُولُ: يَا رَبِّ أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ؟ قَالَ: يَقُولُ: بَلَى، قَالَ: فَيَقُولُ: فَإِنِّي لَا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلَّا شَاهِدًا مِنِّي، قَالَ: فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا، قَالَ: فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، فَيُقَالُ لِأَرْكَانِهِ: انْطِقِي، قَالَ: فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ، قَالَ: ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ، قَالَ فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا، فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ"( مسلم)

يخاصم العبد أركانه ويعاتب أعضاءه: بعدا لكن وسحقا، فعنكن كنت أجادل وأدافع، حتى لا تقعن في العذاب وتصطلين في النار، فيا للحسرة والندامة، أجادل لخلاصكن من النار، وأنتن تلقين أنفسكن فيها، قال تعالى (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ (فصلت 21).

 

- إن أعظم الشهداء يوم المعاد على العباد رب العباد وخالقهم، سبحانه (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً) (النساء122)، سبحانه (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا) (النساء87)، وأي شهادة أعظم من شهادة الله (عز وجل)، (قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا) سبحانه، لا تخفى عليه خافية، فهو القائل: (وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ) (يونس61)، وقال عز وجل: (إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا) (النساء33)،وقال (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَ‌بِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت53).

- وزيادة في إقامة الحجة على الخلق، كان أول من يشهد في الأمم رسلها، فيشهد كل رسول على أمته بالبلاغ، قال تعالى (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا) (النساء41) وقال سبحانه (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ) ( النحل89) وهم الرسل إذ يشهدون على أممهم أو لهم، قال تعالى (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) (الأعراف6)، وقال سبحانه (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) (البقرة143) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): " يُدْعَى نُوحٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَالُ لِأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ، فَيَقُولُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَتَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ: (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) (البقرة 143) فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) (البقرة 143) ".

- ومن الشهود على العباد يوم القيامة: ملائكة الرحمن، الكرام، الذين يعلمون ما تفعلون، وما هم عنا بغائبين، قال الله تعالى: ﴿وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ﴾ (ق 21) قال ابن كثير (في تفسيره): "أي ملك يسوقه إلى المحشر، وملك يشهد عليه بأعماله".

- صحيفة الأعمال، فقد قال تعالى (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (ق 17، 18) وقال سبحانه (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ، وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) (الإسراء 14)، وَقَالَ عز وجل: (هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (الجاثية 29) وقال جل وعلا (وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ ) (الكهف 49) .

 

إن يوم القيامة يوم مشهود، فيه الكثير من المواقف العظيمة الجليلة التي تشيب لهولها الولدان، وتبكي من شدتها العينان، وترتجف من عظمتها المشاعر والوجدان, فلنتق الله في أنفسنا، فإنها صدقا مواقف تستحق أن نفكر فيها كثيراً، وشهادات ليس لنا منها مفر ولا مهرب، فلنحاسب أنفسنا قبل أن يأتي ذلك اليوم، وتُكشف الأوراق، وتتبين الأعمال، وينطق الأشهاد، فمن كان محسنا فليزداد، ومن كان أساء فليرجع ما دام هناك مهلة، وفي العمر فسحة، وفي الوقت متسع، وباب التوبة مفتوح، فقد قال الله تعالى (‏‏وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور 31) وَفِي الْحَدِيثِ: "الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ" (رواه الترمذي) ويقول عُمَرُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ): "حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تَحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، وَتَأَهَّبُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ عَلَى مَنْ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ أَعْمَالُكُمْ: (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ) (الحاقة 18) ".

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
واحفظ مصر من كل مكروه وسوء

=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
باحث دكتوراه في الفقه المقارن

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر      -----        اضغط هنا

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر (نسخة أخرى)  اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf   رابط مباشر     -----         اضغط هنا 


لتحميــل الخطبة  word   جوجل درايف    -----        اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word جوجل درايف (نسخة أخرى)  اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf    جوجل درايف    ----        اضغط هنا 
google-playkhamsatmostaqltradent