خطبة بعنــــوان:
الدروس
المستفادة من خطبة حجة الوداع
للشيخ / محمد حســــن داود
9 ذو الحجة 1443هـ - 8 يوليو 2022م
العناصـــــر : مقدمة.
- الدروس المستفادة من خطبة حجة الوداع.
- دعوة إلى اغتنام يوم عرفة.
الموضــــــوع:
الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا
خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ
عَلِيمٌ خَبِير) (الحجرات13) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن
سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "يَا أَيُّهَا
النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا
فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا
لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا
بِالتَّقْوَى"، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان
إلى يوم الدين، وبعد
فلقد عنيت خطبة حجة الوداع بإقامة المبادئ الإنسانية،
والترسيخ لعظيم القيم الأخلاقية، والمثل العليا، والقيم الفضلى، وبيان الحقوق
والحرمات، ومن ذلك:
- ترسيخ مبدأ المساواة: فلقد قرر النبي
(صلى الله عليه وسلم) في خطبته مبدأ المساواة بين البشر، ونبذ العنصرية،
والمفاخرات العرقية، فسمع صوته هناك الغني والفقير، والأبيض والأسود ، إذ يقول:
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ
وَاحِدٌ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى
عَرَبِيٍّ، وَلاَ أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلاَّ
بِالتَّقْوَى" وفي هذا إعلام للناس جميعا أن أصلهم واحد ومرجعهم واحد، وانهم
جميعا متساوون في الحقوق والواجبات، وأن التفاضل بينهم جميعا أمام الله (جل وعلا)
بالتقوى، قال تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ
وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ
عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) (الحجرات13)، وأن
العصبية العمياء أمر منهي عنه في الشرع، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ
اللَّهَ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآبَاءِ،
إِنَّمَا هُوَ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، النَّاسُ كُلُّهُمْ بَنُو
آدَمَ وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ" (رواه الترمذي وحسنه)
ومن ينظر السيرة والتاريخ يجد أن مبدأ
المساواة في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يقف عند النظرية والقول، بل له من
التاريخ والسيرة ما يشهد عليه واقعا عمليا، ومن ذلك ما جاء" إِنَّ النَّبِيَّ
(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ، فَقِيلَ لَهُ:
إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ: أَلَيْسَتْ نَفْسًا".
- حرمة الدماء: فعَنْ
أَبِي بَكْرَةَ (رضي الله عنه) قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم)
يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ: أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ
وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ
اسْمِهِ، قَالَ: أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قُلْنَا: بَلَى قَالَ: أَيُّ شَهْرٍ
هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ
سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَالَ: أَلَيْسَ ذُو الْحَجَّةِ؟ قُلْنَا:
بَلَى، قَالَ: أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ،
فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ:
أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ
وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ
هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ ..." (رواه
البخاري)
فلقد أكد الإسلام على حرمة الدم البشرى،
قال تعالى (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ
بِالْحَقِّ) (الأنعام15) وعن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ (رَضِيَ اللهُ عنهُ) قالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ):" أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ
النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، في الدِّمَاءِ". وعليه فان للدم المعصوم عند
الله شأن عظيم، وحرمة عظيمة لك أن تتدبر مداها حينما تسمع قول الله (جل وعلا)
(مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ
نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ
جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) (المائدة32)
فلقد اعتبر الإسلام النفوس كلها واحدة، من اعتدى على إحداها فكأنما اعتدى عليها
جميعا، ومن قدم لإحداها خيرا فكأنما قدم الخير للإنسانية جميعها.
- حرمة الأموال: فكما دعا النبي (صلى الله
عليه وسلم) في خطبة الوداع إلى حفظ الدماء وبين رعاية الإسلام لهذا الحق، دعا إلى
حفظ الأموال وجرم الاعتداء عليها؛ فقال: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ
وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ " وقال "أَيُّهَا
النَّاسُ، مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فَلْيُؤَدِّهَا إِلَى مَنِ ائْتَمَنَهُ
عَلَيْهَا "
ومن ينظر
القران الكريم يجد النهي صريحا عن أكل أموال الناس بالباطل، فقد قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن
تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ
اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) (النساء29) ومن شدة اهتمام الشريعة الإسلامية
وعنايتها بحق المال، حرمت مجرد المماطلة بقضاء الديون ما دام المدين قادرا على ردها،
فقال صلى الله عليه وسلم: "مَطْلُ الغنيِّ ظُلمٌ "فضلا عن النهي عن الغش
والتدليس والسرقة وعدم رد الودائع، وغير ذلك من صور أكل أموال الناس بالباطل؛ إذ
رتب على ذلك العواقب الوخيمة، فقد قال صلى الله عليه وسلم:" لَا يَرْبُو
لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتْ النَّارُ أَوْلَى بِهِ".
- حرمة الأعراض: كذلك أكد النبي (صلى الله
عليه وسلم) في خطبة حجة الوداع على حفظ الأعراض وصيانتها، فعن حِذْيَمِ بْنِ
عُمَرَ السَّعْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ) يَقُولُ فِي خِطْبَتِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ:
"اعْلَمُوا أَنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ
عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، كَحُرْمَةِ شَهْرِكُمْ هَذَا،
وَكَحُرْمَةِ بَلَدِكُمْ هَذَا". وإذا رجعت إلى كتاب الله وسنة رسوله، لعلمت
إلى أي مدى كانت رعاية الإسلام للأعراض والنهى الصريح عن الاعتداء عليها؛ فلقد حرم
الإسلام السب والشتم والغيبة والنميمة والقدح في الأعراض؛ إذ يحسبه البعض هينا وهو
عند الله عظيم، قال تعالى (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ
أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ
اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) (الحجرات 12) وقال سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ
الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا
وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النور24) وفى الحديث النبوي "اجْتَنِبُوا
السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ". قيل يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ قَالَ:
"الشِّرْكُ باللَّهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ
إلَّا بالحَقِّ، وأَكْلُ الرِّبا، وأَكْلُ مالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَومَ
الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ الغافِلاتِ"، كما أن الإسلام
صيانة للأعراض وحفاظا عليها حرم الزنا وكل ما كان إليه سبيل، فقال تعالى ( وَلاَ
تَقْرَبُواْ ٱلزّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ) (الإسراء 32) إذ
اقترن حال الزاني بحال المشرك في كتاب الله تعالى، دلالة على عظم هذا الجرم فقال
تعالى ( ٱلزَّانِى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ
لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ
) (النور3) وفى آية أخرى قرنه الله (عز وجل) بالموبقات: الشرك، وقتل النفس؛ قال
تعالى (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ
النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ
يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ
عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ
وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) (الفرقان68-70).
- الإكثار من صالح الأعمال، والحذر من
سيئها: فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ
رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عن أَعْمالِكُمْ". وقال أيضا: "فإنَّ
الشيطانَ قد يَئِسَ أنْ يُعْبَدَ بِأرضِكُمْ ولَكِنَّهُ إنْ يطعَ فيما سِوَى ذلكَ مِمَّا
تُحَقِّرُونَ من أَعْمالِكُمْ فقد رضيَ بهِ فَاحْذَرُوهُ أيُّها الناسُ على دِينِكُمْ". فلا تحقروا بابا من أبواب الخير
مهما قل، فعَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم):
"لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ
طَلْقٍ" (رواه مسلم) وعن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال:"
بينما رجلٌ يمشي بطريقٍ، وجَد غُصنَ شَوكٍ على الطريقِ فأخَّرَه، فشَكَر اللهُ له فغَفَر
له " (رواه البخاري ومسلم) واحذروا أبواب الذنوب ولو
كانت حقيرةً؛ فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : "إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ
الذُّنُوبِ فَإِنَّمَا مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَقَوْمٍ نَزَلُوا فِي بَطْنِ
وَادٍ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ، وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ حَتَّى أَنْضَجُوا خُبْزَتَهُمْ،
وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذْ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْهُ"
(رواه أحمد).
- وما أروع ما قاله النبي (صلى الله عليه
وسلم) في خطبته الجامعة ،في أمر النساء، حيث أوصى بهن خيرا، فقال: "
فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ،
وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ". فلقد اهتم الإسلام
بالمرأة أيما اهتمام ورفع مكانتها، وأكرمها بما لم تكرم بمثله وأنصفها بما لا تجد
له مثيلاً في القديم ولا الحديث؛ وجعل لمن حفظ لها حقها الفضل والأجر؛ وقد لخص
أحدهم ذلك في قوله: "ما رأيت كالأنثى فضلاً؛ تُدخِلُ أباها الجنةَ طفلة،
وتُكملُ نصف دين زوجها شابة ، والجنةُ تحت قدميها أُمّاً "
ففيها بنتا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) "مَنْ وُلِدَتْ لَهُ أُنْثَى، فَلَمْ يَئِدْهَا،
وَلَمْ يَنْهَهَا، وَلَمْ يُؤْثِرْ وَلَدَهُ يَعْنِي الذَّكَرَ عَلَيْهَا،
أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهَا الْجَنَّةَ " وقال: "مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ
البَنَاتِ شَيْئًا، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ
النَّارِ" (رواه البخاري)
وفيها زوجة قال تعالى: (وَعَاشِـرُوهُــنَّ
بِالْمَعْــرُوفِ) (النساء19) ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "خَيْرُكُمْ
خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ". وعن أَبي مَسْعُودٍ الْبَدرِيِّ، عن النَّبيّ
(صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ نفقَةً
يحتَسبُها فَهِي لَهُ صدقَةٌ" (متفقٌ عَلَيهِ) وعن عبداللَّهِ بنِ عمرو بنِ
العاصِ (رَضي اللَّه عنهما) قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه (صلى الله عليه وسلم) :
كَفي بِالمرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يقُوتُ".
وفيها أُمّا، قال صلى الله عليه وسلم:
لمُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ: "الْزَمْ رِجْلَهَا، فَثَمَّ
الْجَنَّةُ" (رواه ابن ماجه)
- ومما أكد عليه النبي (صلى الله عليه
وسلم) في خطبته حق الميراث، فقال إنَّ اللهَ قد قسم لكلِّ وارثٍ نصيبَهُ من
الميراثِ، فلا تجوزُ وصيةٌ لوارثٍ". فلقد حدد الله تعالى أنصبة الميراث في
كتابه الكريم، وتولى القسمة سبحانه بنفسه، ووصى بالوفاء بهذا الحق لصاحبه، ورتب
الوعيد الشديد لكل من سولت له نفسه الاعتداء على تلكم الحقوق، فقال تعالى (تِلْكَ
حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن
تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن
يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً
فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ )النساء(13/14)
= إننا ما زلنا بفضل الله (عز وجل) في عشر
ذي الحجة، ومن جملة فضلها أن فيها (هذا اليوم) يوم عرفة؛ ففي فضله يقول النبي
(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ
يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ
لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ
هَؤُلَاءِ؟ "(رواه مسلم). فأكثروا فيه من العمل الصالح، أكثروا فيه من الدعاء،
وذكر الله (سبحانه وتعالى)؛ فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): " خَيْرُ
الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ
مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ
الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (رواه
الترمذي) ،قال القاري، في: "مرقاة المفاتيح": خَيْرُ الدُّعَاءِ
دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ"; لأنه أجزل إثابة، وأعجل إجابة". وقال ابن عبد البر، في:
"التمهيد": في الحديث أيضا دليل على أن دعاء يوم عرفة مجاب كله
في الأغلب".
فما أحوجنا أن نغتنم الأيام بصالح الأعمال،
وأن نعيش بالقلب والجوارح هذه التعاليم الدينية، والقيم الإنسانية، والمبادئ
الأخلاقية في اسمي معانيها فتستقيم حياتنا.
نسأل الله أن يرزقنا فعل الخيرات وترك
المنكرات
وأن يحفظ مصر من كل مكروه وسوء
=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
باحث دكتوراه في الفقه المقارن
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة pdf جوجل درايف ---- اضغط هنا