خطبة بعنــــوان:
هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) في بيان منزلة الشهادة والشهداء
للشيخ / محمد حســــن داود
(11 ربيع الأول 1444هـ - 7 أكتوبر 2022م)
العناصــــــر: مقدمة :
- هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) في بيان
منزلة الشهادة.
- هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) في بيان منزلة
الشهداء.
- من صور الوفاء لشهداء الوطن الأبرار.
الموضوع:
الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز (وَلَا تَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ
رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ
وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا
خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ
اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) (آل عمران
169-171) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا
عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: لوَلَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا
قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ
أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ" (رواه البخاري)، اللهم
صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
فمن جميل أقدار الله (سبحانه وتعالى) أن توافق ذكرى انتصارات أكتوبر شهر
ربيع الأول لتكون فرصة للتذكير بهدي النبي (صلى الله عليه وسلم) في بيان منزلة
الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم دفاعا عن الوطن وحفاظا عليه وحماية له، فليست الاموال
والأرواح بمكانة أغلى من الوطن، بل تبذل الأموال في سبيل الوطن، وتبذل الأرواح
دفاعا عن الوطن، وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) "مَنْ قُتِلَ دُونَ
مالِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ
دَمِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ أهلِهِ فهوَ شَهيدٌ "(رواه أبو داود،
والنسائي، والترمذي وصححه).
إن الشهادة دفاعا عن الوطن وحماية له وحفاظا عليه باب تكريم وتفضيل،
فالشهادة اصطفاء من الله (عز وجل)، قال تعالى (وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ
لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) (الحديد 19) وقال (وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ
ءامَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء) (آل عمران 140)
فشرفها لا يحصره قلم، ولا يصفه لسان، ولا يحيط به بيان، ومن ينظر هدي النبي
(صلى الله عليه وسلم) يجد ذلك واضحا جليا، إذ قال في منزلتها: "لوَلَوْلَا
أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي
أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا،
ثُمَّ أُقْتَلُ" (رواه البخاري)
فللشهيد عند الله مكانة عالية ودرجات رفيعة، علمها الصحابة فكانت غايتهم،
وعرفها الشهداء فتمنوا الرجوع إلى الدنيا فيقتلوا مرارا، لما أيقنوه من الكرامة
والرفعة، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) "مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ
الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنَّ لَهُ مَا عَلَى
الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ غَيْرُ الشَّهِيدِ فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ
فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَةِ "( رواه مسلم).
ومن هدي النبي (صلى
الله عليه وسلم) في بيان منزلة الشهداء وفضائلهم:
- أن بشرهم بخصال: فقال " للشهيد عند الله
ست خصال: يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ من دمه، وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ
الْجَنَّةِ، وَيُحَلَّى بحِلْيَة الإِيمَانِ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ،
وَيَأْمَنُ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ
الْيَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَيُزَوَّجُ
اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنْ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُشَفَّعُ فِي
سَبْعِينَ من أهل بيته ) (رواه الطبراني)
- فدماء الشهداء وإن كان
لونها لون الدم إلا أن ريحها ريح المسك: فقد قال النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ): "لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَجُرْحُهُ
يَثْعَبُ اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ وَالرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ"(رواه مسلم).
- يحبهم الله ويضحك إليهم
ويستبشر بهم: فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ)، قَالَ: "ثَلاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، يَضْحَكُ
إِلَيْهِمْ وَيَسْتَبْشِرُ بِهِمْ، الَّذِي إِذَا انْكَشَفَتْ فِئَةٌ، قَاتَلَ وَرَاءَهَا
بِنَفْسِهِ لِلَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) ، فَإِمَّا أَنْ يُقْتَلَ، وَإِمَّا أَنْ
يَنْصُرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَيَكْفِيهِ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى
عَبْدِي كَيْفَ صَبَّرَ لِي نَفْسَهُ، وَالَّذِي لَهُ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ
وَفِرَاشٌ لَيِّنٌ حَسَنٌ، فَيَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ فَيَذَرُ شَهْوَتَهُ،
فَيَذْكُرُنِي وَيُنَاجِينِي وَلَوْ شَاءَ لَرَقَدَ، وَالَّذِي يَكُونُ فِي سَفَرٍ
وَكَانَ مَعَهُ رَكْبٌ، فَسَهَرُوا وَنَصَبُوا ثُمَّ هَجَعُوا، فَقَامَ فِي
السَّحَرِ فِي سَرَّاءٍ أَوْ ضَرَّاءٍ " (رواه الحاكم والبيهقي )
- لا يجدون ألم القتل: فعَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ أن النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قال :"مَا
يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ الْقَتْلِ إِلا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ
الْقَرْصَةِ " (رواه الترمذي)
- تظلهم الملائكة: فعن جابر
(رضي الله عنه) قال: "جِيءَ بِأَبِي إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ، وَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَذَهَبْتُ
أَكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ، فَنَهَانِي قَوْمِي، فَسَمِعَ صَوْتَ صَائِحَةٍ، فَقِيلَ
: ابْنَةُ عَمْرٍو، أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو، فَقَالَ: لِمَ تَبْكِي، أَوْ لا تَبْكِي،
مَا زَالَتْ الْمَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رُفِعَ" (رواه
البخاري ومسلم)
- لا يفتنون في قبورهم: عَنْ
رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَنَّ رَجُلًا قَالَ " يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ
الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلَّا الشَّهِيدَ قَالَ" كَفَى
بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً" (رواه النسائي)
- لا يصعقون في نفخة الصور:
فعن أبي هريرة (رضي الله عنه)، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه سأل جبريل (عليه
السلام) عن هذه الآية: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ
وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ) (الزمر 68) مَنِ الَّذِينَ لَمْ
يَشَأِ اللَّهُ أَنْ يَصْعَقَهُمْ؟ قال : هُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ)"
(مستدرك الحاكم)
- تجرى عليهم أعمالهم: فعَنْ
سَلْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
يَقُولُ: "رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ
وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ وَأُجْرِيَ
عَلَيْهِ رِزْقُهُ وَأَمِنَ الْفَتَّانَ" (رواه مسلم)
- أعد الله لهم أعلى المقامات
وارفعها: قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ
وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ
وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا
بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾
(التوبة 111) وعن رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) انه قال:
"إِنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ " (رواه مسلم )
- أول من يدخلون الجنة: عنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
قَالَ: "عُرِضَ عَلَيَّ أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: شَهِيدٌ،
وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ، وَعَبْدٌ أَحْسَنَ عِبَادَةَ اللَّهِ وَنَصَحَ
لِمَوَالِيهِ" (رواه الترمذي، وقال هذا حديث حسن)
- أحياء عند ربهم
يرزقون: قال تعالى: ( وَلاَ تَقُولُوا
لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لاَ
تَشْعُرُونَ ) (البقرة154)، وقال سبحانه (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا
فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ *
فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ
لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
* يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ
أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) (آل عمران 169-171) عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أن النبي (صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قال:" الشُّهَدَاءُ عَلَى بَارِقِ نَهَرٍ
بِبَابِ الْجَنَّةِ، فِي قُبَّةٍ خَضْرَاءَ، يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ رِزْقُهُمْ مِنَ
الْجَنَّةِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا " (رواه احمد) وعَنْ مَسْرُوق قَالَ: إِنَّا
سَأَلْنَا عَبْد اللَّه عَنْ هَذِهِ الْآيَة: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ
قُتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِنْد رَبّهمْ يُرْزَقُونَ)
فَقَالَ: أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ رَسُول اللَّه (صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ: "أَرْوَاحهمْ فِي جَوْف طَيْر خُضْرٍ لَهَا
قَنَادِيل مُعَلَّقَة بِالْعَرْشِ تَسْرَح مِنْ الْجَنَّة حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ
تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيل فَاطَّلَعَ عَلَيْهِمْ رَبّهمْ إِطْلَاعَة
فَقَالَ: هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا؟ فَقَالُوا: أَيّ شَيْء نَشْتَهِي وَنَحْنُ
نَسْرَح مِنْ الْجَنَّة حَيْثُ شِئْنَا؟ فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلَاث مَرَّات
فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يَسْأَلُوا قَالُوا: يَا
رَبّ نُرِيد أَنْ تَرُدّ أَرْوَاحنَا فِي أَجْسَادنَا حَتَّى نُقْتَل فِي سَبِيلك
مَرَّة أُخْرَى فَلَمَّا رَأَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَة تُرِكُوا" (رواه
مسلم)
- للشهيد دار ما أحسن منها:
روى البخاري، من حديث سمرة قال: قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "رأَيْتُ
اللَّيْلَةَ رجُلين أتَياني، فَصعِدا بِي الشَّجرةَ، فَأدْخَلاني دَارًا هِي
أحْسنُ وَأَفضَل، لَمْ أَر قَطُّ أَحْسنَ مِنْهَا، قالا: أَمَّا هذِهِ الدَّار
فَدارُ الشهداءِ"
- هم في الفردوس الأعلى: عن
أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ وَهِيَ أُمُّ
حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)،
فَقَالَتْ: "يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَلَا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ وَكَانَ
قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ، فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ
صَبَرْتُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ، قَالَ
: يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ
الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى" (رواه البخاري)
إننا لا ينبغي لنا على
مدار الأيام والشهور والسنين أن تنسى قلوبنا من المحبة وألسنتنا من الدعاء شهداء
الوطن، من قدموا أرواحهم دفاعا عن الوطن الحبيب الغالي، وحفاظا على أمنه
واستقراره، وتحقيقا لعزة البلاد، و كرامة العباد؛ وفاء لهم واعترافا بفضلهم
وتقديرا لحسن صنيعهم؛ فلا شك أن من أقل حقوق هؤلاء الشهداء علينا جميعا تخليد
أسماءهم وذكراهم، ليس في سجلات التاريخ فحسب، بل في كل قلب وعلى كل لسان، ليس من
قبيل سرد البطولات التي قاموا بها فحسب، بل من أجل أن يكونوا أيضا نموذجا للاقتداء
بهم، وحافزا للأجيال بعدهم على التضحية من أجل الوطن، ورفعته، وتقدمه، وقد قال رسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ
مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ؛ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"(
رواه الترمذي والطبراني والبيهقي).
نسأل الله أن يرزقنا
عيشَ السعداء، وميتةَ الشهداء
وأن يحفظ مصر وجيشها من كل مكروه وسوء.
=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
باحث دكتوراه في الفقه المقارن
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة pdf جوجل درايف ---- اضغط هنا