recent
آخر المشاركات

خطبة الجمعة القادمة: طلاقة القدرة الإلهية في العطاء والمنع - للشيخ/ محمد حســــن داود (22 جمادى الأولى 1444هـ - 16 ديسمبر 2022م)

 

خطبة بعنــــوان:
 
طلاقة القدرة الإلهية في العطاء والمنع
للشيخ/ محمد حســــن داود

(22 جمادى الأولى 1444هـ - 16 ديسمبر 2022م)


العناصـــــر :    مقدمة.
- طلاقة القدرة الإلهية في العطاء والمنع.
- إن مع العسر يسرا، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.
- الابتلاء سنة الله في خلقه.
-  المنع: من عطايا الله (سبحانه وتعالى).

- من مفاتيح أبواب الفرج والعطاء.

الموضــــــوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (البقرة: 216)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" (رواه مسلم) اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد

فما يفتح الله (عز وجل) لعباده من رحمة فلا ممسك لها، قال تعالى: (مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (فاطر 2)، وقال سبحانه: (وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّۢ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍۢ فَلَا رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ) (يونس 107) وقد كان من دعاء النبي (صلى الله عليه وسلم): "اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ".

والدنيا متغيرة الأحوال، لا تستقيم لأحد على حال؛ ضيق وفرج، فرح وحزن، شغل وفراغ، فقر وغنى، عافية وبلاء، صحة ومرض، وفي كل خير، كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" (رواه مسلم).

فإذا داهمت عبدا الأحزان، وأصبح في أمره حيران، فليكثر من دعاء الواحد المنان، فأنه سبحانه يفرج الكرب، ويجيب السائل، هو سبحانه القائل: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ) (النمل 62)، فالشدة لا تدوم، بل يعقبها برحمة الله (عز وجل) فرج ويسر، فرح وسرور، قال تعالى: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) (الشرح 5،6)، ويقول (جل وعلا): (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) (الطلاق 7). ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا"(رواه أحمد).

فقد يقع بالإنسان ما يؤلمه ويوجعه، فربما جزع أو أصابه الحزن، وظن أن ذلك المقدور هو فاجعة مهلكة لآماله, فلم يلبث إلا وكان الفرج والفرح رحمة من الله (سبحانه وتعالى), فكم أتى الفرح واليسر والفرج للعبد من حيث لا يحتسب، قال تعالى (لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) (الطلاق 1)، إنها حقيقة قرآنية تبعث في القلوب الطمأنينة والثقة بالله وحسن الظن به، فهذا يعقوب (عليه الصلاة والسلام), يفارقه أحب أولاده إليه, ثم يتبعه ابنه الثاني بعد سنين, ثم تبيض عيناه من كثرة البكاء لفقدهما، فكان الفرح أن جمعه الله بولديه ورد إليه بصره، قال تعالى (فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (يوسف 96)، وهذا يوسف (عليه السلام), أًلقي في غيابة الجب, وبيع بثمن بخس دراهم معدودة, لكن كانت العاقبة في قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (يوسف 21) وهذا يونس (عليه السلام) من السفينة بين الناس، إلى بحر متلاطم الأمواج, فالتقمه الحوت, فإذا هو في ظلمات ثلاث، قال تعالى: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (الأنبياء 87), فكان الفرج والسرور، إذ يقول الله تعالى (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) (الأنبياء 88) وهذا زكريا (عليه السلام), طال عيشه ولم يرزق بالولد, كبر سنه ورَقَّ عظمه وهَزُل لحمه واشتعل رأسه شيبًا, لكنه ما ترك الدعاء والتضرع, (قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) (آل عمران 38).

وانظر أمر أم سلمة (رضي الله عنها)، إذ تقول: سمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، يَقُولُ: "ما مِن مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فيَقولُ ما أمَرَهُ اللَّهُ: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (البقرة 156)، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي في مُصِيبَتِي، وأَخْلِفْ لي خَيْرًا مِنْها، إلَّا أخْلَفَ اللَّهُ له خَيْرًا مِنْها، قالَتْ: فَلَمَّا ماتَ أبو سَلَمَةَ، قُلتُ: أيُّ المُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِن أبِي سَلَمَةَ؟ أوَّلُ بَيْتٍ هاجَرَ إلى رَسولِ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ)، ثُمَّ إنِّي قُلتُها، فأخْلَفَ اللَّهُ لي رَسولَ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ)(رواه مسلم)

كما أن المتدبر لآيات القرآن الكريم وسنة سيد المرسلين: يجد جليا أن الإنسان إذا حُرم في يوم ما تمنى، ومُنع المراد، أنه ليس أبدا من سخط الله (سبحانه وتعالى)، فقد قال الله تعالى: (فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا) (الفجر15-17).

فلقد جعل (الله عز وجل) الابتلاء سنة في خلقه، قال تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) (الكهف7)، وقال: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) (تبارك 2)، وبيّن سبحانه أن هذا الاختبار يكون بالشر والخير جميعاً، قال سبحانه: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) (الأنبياء 35)، بل قال رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): في الابتلاء "مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ" (رواه مسلم).

وفي القرآن الكريم أعظم الأمثلة من سيرة الأنبياء في الابتلاء بنوعيه؛ فقد أعطى الله نبيه سليمان (عليه السلام) من العطاء والملك ما لم يعطه لأحد من بعده، قال تعالى حكاية عنه: ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ * فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ (ص 35- 39)، ولأن سيدنا سليمان يدرك جيدا حق هذه العطايا، وأنها ابتلاء من الله، في الشكر حفظها وزيادتها، قال عندما أُحضر إليه عرش بلقيس قبل أن يرتد إليه طرْفه: ﴿هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ (النمل40)

وفي الابتلاء بالمرض، تجد سيدنا أيوب (عليه السلام) وقد مكث مدة طويلة، واشتد به البلاء فلم يجزع ولم يقنط من رحمة ربه، وما كان منه إلا أن صبر، قال تعالى: ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ (ص44)، ودعا الله (سبحانه وتعالى)، قال تعالى حكاية عنه: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾ (الأنبياء 83، 84).

إن من عظيم عطايا الله (سبحانه وتعالى) ما يخفيه لطفه بالمنع، فربما يتصور البعض أن العطاء والمنع ضدان لا يجتمعان, ونقيضان لا يلتقيان؛ لكن الحقيقة غير ذلك: فربما تجد ما تكرهه منحة في ثوب مِحْنة, وعطية في رداء بلية، وما أجمل قول أبو حبيب البَدَوِيّ لسفيان الثوري: "يَا سُفْيَان، مَنْعُ اللهِ لَكَ عَطَاءٌ ".

فالعبد إذا تدبر في أمر نعم الله (سبحانه وتعالى) لعلم أن ما يمن الله به على عباده من عطاء لا يكون دائما في صورة الإنعام بألوان النعم التي يحبها، وإنما يكون أيضا في صورة المنع، فقد قال تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (البقرة: 216)، ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم) " إذا أحبَّ اللَّهُ عَبدًا حماهُ الدُّنيا كَما يظلُّ أحدُكُم يَحمي سَقيمَهُ الماءَ" (رواه الترمذي) ويقول ابن عطاء الله السكندري: رُبَّمَا أعطَاكَ فمنعَكَ، ورُبَّمَا منعَكَ فأعطَاكَ، ومتى فتحَ لك بابَ الفهمِ في المنعِ صارَ المنعُ عينَ العطاءِ"، فربما منعك فمنحك، وحرمك فأعطاك، وأحزنك فسرك، وأبكاك فأضحكك، وظننت أنك أمام باب شر فإذا هو باب خير فرده عنك، وظننت أنك أمام باب خير فإذا هو باب شر فرده عنك.

وانظر معي حال بعض قوم موسى لما رأوا قارون في ماله وغروره فتمنوا أن يكون لهم ما له، وظنوا أن الله قد وسَّع عليه وضيق عليهم فقالوا: ﴿يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ (القصص 79)، لكن لما رأوا عقاب الله (عز وجل) لهذا الذي جحد نعم الله (سبحانه وتعالى) وتكبر بها وأنكر الفضل، إذ يقول الله سبحانه ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ﴾ (القصص 81) كان إدراكهم لأمر جلل، وهو أنهم إذا كان لهم مثل ماله ثم كانوا على نفس جحوده للنعمة، لأصابهم ما أصابه، قال تعالى: (وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُۥ بِٱلْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَآ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُۥ لَا يُفْلِحُ ٱلْكَٰفِرُونَ) ( القصص 82)، ورحم الله الحسنُ البصريُّ، إذ يقول: "لا تَكرَهِ الملماتِ الواقعةَ، والبلايا الحادثةَ؛ فلَرُبَّ أمرٍ تكرهُه فيه نجاتُك، ولَرُبَّ أمرٍ ترجوه فيه عَطَبُك".

إن الناظر في كتاب الله، وسنة رسوله ليجد الكثير من الأمور التي تعد مفاتيحا لأبواب الفرج والعطاء، حري بالإنسان أن يأخذ بها، منها:

- حسن الظن بالله؛ فقد قال رَسُول اللَّه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "إِنَّ اللَّهَ (جَلَّ وَعَلا) يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ" (رواه ابن حبان) فالمؤمن دائما يحسن الظن بالله: إذا سعى أحسن الظن بالله أن يرزقه الحلال، وإذا ضاق به أمر أحسن الظن بالله أن يدبر له وأن يفرج عنه، وإذا أذنب ذنبا فتاب وندم أحسن الظن بالله أن يقبل توبته، وإذا مرض أحسن الظن بالله أن يرزقه الأجر والعافية، حتى في آخر لحظاته في الدنيا لا ينبغي للمؤمن إلا أن يحسن الظن بالله، فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ" (رواه مسلم).

إلهي أنتَ ذو فَضلٍ ومَـنِّ *** وإني ذو خطايا فاعف عني
وظني فيكَ يا ربي جميلٌ *** فحقق يا إلهي حُسنَ ظنــــي

- تحقيق معاني تقوى الله (عز وجل): قال تعالى ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) (الطلاق 2، 3)

- التوكل على الله والأخذ بالأسباب: قال تعالى (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (الطلاق 3).

- الإكثار من العمل الصالح: فقد قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (النحل97)

- الإكثار من الدعاء: فالله (سبحانه وتعالى) قريب ممن دعاه؛ قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة186)، ويقول سبحانه (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (الأنعام63).

اللهم افتح لنا أبواب رحمتك، ويسر أمورنا، واحفظ مصر من كل مكروه وسوء

=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
باحث دكتوراه في الفقه المقارن

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر      -----        اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر (نسخة أخرى)  اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf   رابط مباشر     -----         اضغط هنا 


لتحميــل الخطبة  word   جوجل درايف    -----        اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word جوجل درايف (نسخة أخرى)  اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf    جوجل درايف     ----      اضغط هنا  
google-playkhamsatmostaqltradent