recent
آخر المشاركات

خطبة الجمعة القادمة: كيف نستقبل ليلة القــــدر - للشيخ/ محمد حســـن داود ( 23 رمضان 1444هـ - 14 أبريل 2023م)

 

خطبة بعنــوان:
كيف نستقبل ليلة القــــدر
للشيخ/ محمد حســـن داود

( 23 رمضان 1444هـ - 14 أبريل 2023م)


العناصــــــر:      مقدمة :

- فضائل ليلة القدر وعلاماتها.
- كيف نستقبل ليلة القدر.
- دعوة إلى اغتنام ما بقي  من رمضان بصالح الأعمال.

الموضوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر * ِوَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (سورة القدر) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ"0اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد

مشاعر إيمانية ملأت قلوبنا ونحن نستقبل هذا الشهر المبارك، وكلنا رجاء أن يوفقنا الله للعمل الصالح، فشمر المجدون، واجتهد المخلصون، وها هي أيام وليالي الشهر الكريم وأكثرها قد مر، شاهدة بما عملتم، وحافظة لما أودعتم، وإذا نحن في صفوة أيامه، إذ تعظم في العشر الأواخر الهبات، وتكثر فيها الرحمات، وتزداد فيها الخيرات والبركات والنفخات، تدعوا من أحسن أن يزداد من الطاعات، ومن قصر أن يغتنم ما بقى بالقربات، فحمدا لله أن بلغنا هذه الأيام، وطوبى لمن عرف قدرها، وأدرك عظيم فضلها، واستمعوا معي إلى أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) وهي تتحدث عن حال النبي (صلى الله عليه وسلم) في هذه العشر إذ تقول: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ" (رواه مسلم).

ولعل من أعظم أسباب اجتهاد النبي (صلى الله عليه وسلم) في هذه العشر: أن فيها ليلة القدر، فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ" وقال أيضا: "تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوِتْرِ مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ" (رواه البخاري)، والحكمة في إخفائها: حتى يتحقق اجتهاد العباد في ليالي رمضان كلها وخاصة في العشر الأواخر، طمعا من العباد في إدراكها، فلا شك أن ليلة القدر إن عرفت في ليلة بعينها لعم الكسل والخمول وترك الكثير الطاعة والاجتهاد.

 وقد سميت بهذا الاسم: لما أضفاه الله عليها من جموع الفضائل والشرف:

- فهي ليلة نزل فيها القرآن، قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر) (القدر 1)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا)، قَالَ: "أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، ثُمَّ أُنْزِلَ بَعْدَ ذَلِكَ بِعِشْرِينَ سَنَةً: ثم قرأ قوله تعالى: (وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا) (الفرقان 33)، وقوله تعالى: (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا) (الإسراء 106)" (مستدرك الحاكم).

- وفيها تقدر مقادير الخلائق على مدى العام، فيكتب فيها الأحياء والأموات، والجدب والقحط، وكل ما أراده الله (تعالى) في السنة، قال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (الدخان 3-4). عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) فِي قَوْلِهِ: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) قَالَ: "يُكْتَبُ مِنْ أُمِّ الْكِتَابِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ مِنْ رِزْقٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ حَيَاةٍ أَوْ مَطَرٍ، حَتَّى يُكْتَبَ الْحَاجُّ؛ يَحِجُّ فُلانٌ، وَيَحِجُّ فَلانٌ". وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أيضا، قَالَ: "إِنَّكَ لَتَرَى الرَّجُلَ يَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ، وَقَدْ وَقَعَ اسْمُهُ فِي الْمَوْتَى"، ثُمَّ قَرَأَ: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ، إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ: يُفْرَقُ أَمْرُ الدُّنْيَا إِلَى مِثْلِهَا مِنْ قَابِلٍ" (مستدرك الحاكم).

- وللعبادة فيها قدر عظيم: فالعبادة فيها تعدل أفضل من مثلها في ثلاثة وثمانين سنة ليس فيها ليلة القدر، قال تعالى: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر) (القدر 3)، عَنْ الِإمَامِ مَالِك، أَنَّهُ سَمِعَ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ:" إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أُرِيَ أَعْمَارَ النَّاسِ قَبْلَهُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ؛ فَكَأَنَّهُ تَقَاصَرَ أَعْمَارَ أُمَّتِهِ أَنْ لَا يَبْلُغُوا مِنْ الْعَمَلِ مِثْلَ الَّذِي بَلَغَ غَيْرُهُمْ فِي طُولِ الْعُمْرِ؛ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ"( موطأ الإمام مالك).

- وفيها: تضيق الأرض بالملائكة الذين ينزلون فيها بالخير والبركة والرحمة والمغفرة: قال تعالى: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ) (القدر 4)، وعن أبى هريرة أن النبي ( صلى الله عليه وسلم) قال في ليلة القدر: "إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فِي الْأَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ الْحَصَى" (رواه أحمد).

- وهى ليلة سلام كلها خالية من الشر والأذى، فيها خير عميم وبركة عظيمة، وفضل ليس له مثيل، قال تعالى: (سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).(القدر 5).

ولها علامات في أثنائها، وكأنها بمثابة الحاث على اغتنامها والمرغب في الاجتهاد فيها، وتلكم العلامة هي أنها تكون ليلة مضيئة، مشرقة، صافية، فيها سكينة، لا برد فيها ولا حر، فعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) : "إِنِّي كُنْتُ أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثُمَّ نُسِّيتُهَا، وَهِيَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَهِيَ طَلْقَةٌ بَلْجَةٌ لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ كَأَنَّ فِيهَا قَمَرًا يَفْضَحُ كَوَاكِبَهَا، لَا يَخْرُجُ شَيْطَانُهَا حَتَّى يَخْرُجَ فجرها" (رواه ابن حبان)، وأما العلامة التي تكون بعد انقضائها وكأنها بمثابة المبشر بالأجر والدرجات فهي كما في الحديث الذي رواه مسلم، عن أبي بن كعب "وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا ". فيما يجب أن نعلم أنه لا يشترط معرتها لحصول الأجر، فأجرها ثابت لمن أحياها سواء عرفها أم لم يعرفها.

فحري بنا أن نحسن استقبالها، وأن نحسن اغتنامها بالعبادات والطاعات والقربات، ومن ذلك:

القيام: فعَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ (رَضِيَ اللهُ عَنْهَا)، قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ" (رواه البخاري). ففي قيام ليلة القدر مغفرة الذنوب لمن قامها إيمانا بالله، طالبا وجهه ورضاه، مصدقا بثوابها، واحتسب في ذلك الأجر عند الله، فقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

الدعاء: إذ إن مظان الإجابة تكثر في هذا الشهر المبارك؛ لقرب الإنسان من ربه بالصيام، وغيره من صالح الأعمال، قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) (البقرة 186) فهذه الآية الكريمة جاءت بين آيات الصيام، إشارة إلى ما لرمضان من خصوصية بالدعاء، وما للصيام من ارتباط بالإجابة والقبول، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "ثلاثُ دَعواتٍ لا تُرَدُّ: دعوةُ الوالِدِ لِولدِهِ، ودعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المسافِرِ" (رواه البيهقي). أما عن ليلة القدر فهي أرجى الليالي لإجابة الدعاء: فلقد سألت أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) رسول الله (صلى الله عليه وسلم): يا رسولَ الله، أرأيتَ إنْ علمتُ أيَّ ليلةٍ ليلةُ القدْر؛ ما أقول فيها؟ قال: "قولي: اللَّهُمَّ إنَّك عفُوٌّ تحبُّ العفوَ، فاعفُ عنِّي" (رواه الترمذي وغيره)

- كثرة الاستغفار: فهو باب الخيرات والبركات ورفع البلاء، قال تعالى حكاية عن نوح (عليه السلام): (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) (نوح 10-12) ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" (رواه أبو داود وابن ماجه وغيرهما) ويكفى في فضله ما جاء في الحديث القدسي: "يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي" (رواه الترمذي).

- قراءة القران: فلقد كان جبريل (عليه السلام) يلقى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن. وكفى في فضله الشفاعة لأصحابه يوم القيامة، فعن أَبي أمامه الْبَاهِلِيّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ: "اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ" (رواه مسلم) وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (رضي الله عنهما) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: "الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ : فَيُشَفَّعَانِ" (رواه أحمد).

- ذكر الله (سبحانه وتعالى): فهو باب عظيم إلى الفوز بالدرجات؛ فعن أبى هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ"، قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ" (رواه مسلم).

- إخراج زكاة الفطر: فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاَةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ"(رواه أبو داود)، فلقد شرعت صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وكذلك طعمة للمساكين؛ فيوم العيد يوم فرح، والإسلام لا يرضى أن يوجد في المسلمين في يوم فرحهم من هم جوعى أو عراة، إذن اغنوهم بها عن السؤال في ذلك اليوم كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم).

وما أطيب وأزكى للغني أن لا يقف في صدقته هذه عند أٌقلها، والنبي (صلى الله عليه وسلم) قدوتنا كان في هذا الشهر أجود بالخير من الريح المرسلة؛ كما قال ابن عباس (رضي الله عنهما). كذلك يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ, وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ "(رواه البخاري)،

- وكما أن هذه الليلة تدعونا بفضلها إلى اغتنامها بالأعمال الصالحة والطاعات والقربات، فإنها تدعونا إلى حسن الخلق، إلى نبذ الحقد والكراهية والضغينة، فعن عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلَاحَى رَجُلَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: إِنِّي خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَإِنَّهُ تَلَاحَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ ".

إن هذه الفضائل العظمى والمنح الكبرى لتبعث في النفس الكثير والكثير من الإقبال على الطاعات والقربات؛ اقتداء بالنبي (صلى الله عليه وسلم) واجتهاده في هذه العشر، وطمعا في مغفرة الذنوب، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) "رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ " رواه الترمذي) وطمعا في إدراك ليلة القدر ؛ فمن لم يجتهد مع هذا الفضل فمتى يجتهد  والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول" إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ "فأحسنوا ختام شهركم، واغتنموا أيامكم بصالح الأعمال.

اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا
واحفظ مصر من كل مكروه وسوء

=== كتبه ===
محمد حســـــــن داود
إمام وخطيب ومــــــــدرس
باحث دكتوره في الفقه المقارن

للتحميــل word   رابط مباشر      -----          اضغط هنا 

للتحميــل word   رابط مباشر (نسخة أخرى)  اضغط هنا 

للتحميــل pdf   رابط مباشر     -----           اضغط هنا 


للتحميــل word   جوجل درايف    -----        اضغط هنا 

لتحميــل word جوجل درايف (نسخة أخرى)   اضغط هنا 

للتحميــل pdf    جوجل درايف     ----        اضغط هنا 
google-playkhamsatmostaqltradent