خطبة بعنـــــوان :
الابتلاء بالخير والشر
للشيخ / محمد حســـن داود
الابتلاء بالخير والشر
للشيخ / محمد حســـن داود
العناصـــــر :
الابتلاء من سنن الله في خلقه .
ونبلوكم بالشر والخير فتنة .
من صور الابتلاء بالخير والشر .
نماذج من حال السلف الصالح في الابتلاء .
رسالة إلى كل مبتلى .
الموضـــــوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في
كتابه العزيز ( وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا
تُرْجَعُونَ )الأنبياء 35) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن
سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف "
عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ
لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً
لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ" رواه مسلم ) اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
فان الابتلاء من سنن الله تعالى في
خلفه، قال تعالى (الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا
وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا
وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)العنكبوت1-3) وقال جل وعلا ( تَبَارَكَ الَّذِي
بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ
الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ )الملك1-2) وعنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ" مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الزَّرْعِ لَا تَزَالُ الرِّيحُ
تُمِيلُهُ، وَلَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يُصِيبُهُ الْبَلَاءُ، وَمَثَلُ
الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ شَجَرَةِ الْأَرْزِ لَا تَهْتَزُّ حَتَّى تَسْتَحْصِدَ
" رواه ومسلم) يبتلى المرء على حسب دينه؛ فعن سعدِ بن أبي وقَّاصٍ رضي الله
عنه، قال: قُلتُ: يا رسولَ الله، أيُّ الناس أشدُّ بلاءً؟ قال" الأنبياءُ، ثم
الأمثَلُ فالأمثَلُ، فيُبتَلَى الرجلُ على حسبِ دينِه؛ فإن كان دينُه صُلبًا
اشتدَّ بلاؤُه، وإن كان في دينِه رِقَّة ابتُلِيَ على حسبِ دينه، فما يبرَحُ
البلاءُ بالعبدِ حتى يترُكَه يمشِي على الأرض ما عليه خطيئة"الترمذي وقال
حسنٌ صحيحٌ) ألم تر كيف ابتلى الله أبا البشر آدم
عليه السلام فكرمه و أسجد له الملائكة، ثم
ابتلاه فأهبطه من الجنة إلى الأرض، و ابتلى نوحاً عليه السلام في أهله وولده، وأي
ابتلاء أعظم من أن يرى الأب ابنه يغرق أمامه في موج كالجبال، وهو لا يملك له نفعا،
وابتلي إبراهيم عليه السلام في ولده و فلذة كبده فأمر بذبحه؛ فما كانوا جميعا إلا
أهل شكر في السراء، وصبر ورضا في الضراء، يقول جل وعلا حكاية عن نبيه سليمان وكان
قد ابتلاه الله بالنعم على اختلاف صنوفها وألوانها (قالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي
لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُر وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ
لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ )النمل40) ويقول في أيوب عليه السلام، وكان قد ابتلاه الله في جسده
وماله وولده (إِنَّا
وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِّعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) ص44)
قد يظن البعض أن من وسع الله عليه في
العطاء من مال، أو صحة، أو ولد، أو غير ذلك من النعم؛ أن ذلك إكرام من الله له على
وجه الإطلاق، وأن من ضيق عليه في الرزق فافتقر، أو مرض، أو حرم من الأولاد ، أو
نحو ذلك من الابتلاء، أن ذلك إهانة من الله تبارك وتعالى، وعدم إكرام؛ وهذا ظن
خاطئ، يقول الله وجل (فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ
وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ
فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا...) الفجر 15-17)
أي ليس الأمر كما يظن هؤلاء، فالابتلاء كما يكون بالضراء يكون بالسراء وكما يكون
بالشر يكون بالخير، وكما يكون بالعسر يكون باليسر، قال تعالى ( وَنَبْلُوكُم
بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ )الأنبياء 35) قال
الطبري رحمه الله " يقول تعالى ذكره " ونختبركم أيها الناس بالشر وهو
الشدة نبتليكم بها، وبالخير وهو الرخاء والسعة العافية فنفتنكم به " تفسير
الطبري) وقال ابن كثير رحمه الله " أَيْ: نَخْتَبِرُكُمْ بِالْمَصَائِبِ
تَارَةً ، وَبِالنِّعَمِ أُخْرَى، لِنَنْظُرَ مَنْ يَشْكُرُ وَمَنْ يَكْفُرُ،
وَمَنْ يَصْبِرُ وَمَنْ يَقْنَطُ، كَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَة ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: (وَنَبْلُوكُمْ) ، يَقُولُ: نَبْتَلِيكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ
فِتْنَةً ، بِالشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ ، وَالصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ ، وَالْغِنَى
وَالْفَقْرِ، وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ ، وَالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ
وَالْهُدَى وَالضَّلَالِ " تفسير ابن كثير). والمؤمن في
ابتلاءيه يؤدي العبودية التي أمره الله بها فيهما، فعندما يبتلى بالسراء يشكر
وعندما يبتلى بالسراء يصبر، فيفوز العبد في سرائه وضرائه، وشدته ورخائه، يفوز في
سرائه بثواب الشاكرين، وفي ضرائه يفوز بثواب الصابرين، عَنْ أبي يَحْيَى صُهَيْبِ
بْنِ سِنَانٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم"
عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ
لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً
لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ" رواه مسلم ) عن بشر بن الحارث قال" ما أعلم
أحداً من الناس إلا مبتلي: رجل بسط الله تعالى له في رزقه، فينظر كيف شكره؛ ورجل
قبض الله عز وجل عنه من رزقه، فينظر كيف صبره ". روي أنه كان
في زمن حاتم الأصم رجل يقال له : معاذ الكبير، أصابته مصيبة ، فجزع منها وأمر
بإحضار النائحات وكسر الأواني، فسمعه حاتم فذهب إلى تعزيته مع تلامذته ، وأمر
تلميذاً له ، فقال : إذا جلست فاسألني عن قوله تعالى ( إن الإنسان لربه لكنود )
فسأله فقال حاتم : ليس هذا موضع السؤال ، فسأله ثانيا ، وثالثا. فقال : معناه أن
الإنسان لكفور ، عداد للمصائب ، نساء للنعم ، مثل معاذ هذا ، إن الله تعالى متعه
بالنعم خمسين سنة ، فلم يجمع الناس عليها شاكراً لله عز وجل، فلما أصابته مصيبة
جمع الناس يشكو من الله تعالى ؟ فقال معاذ : بلى ، إن معاذاً لكنود عداد للمصائب
نساء للنعم فأمر بإخراج النائحات وتاب عن ذلك .
قَدْ يُنْعِمُ
اللَّهُ بِالْبَلْوَى وَإِنْ عَظُمَتْ * * * وَيَبْتَلِي اللَّهُ بَعْضَ الْقَوْمِ
بِالنِّعَمِ
ومن صور الابتلاء بالخير والشر انه
يكون بالغنى كما يكون بالفقر, يبتلى الغنى ليرى هل يشكر النعمة ويؤدى حق الله فيها
أم يجحدها ويبخل بها قال تعالى ( هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا
فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا
يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ
تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا
أَمْثَالَكُمْ)محمد 38) يقول النبي صلى الله عليه وسلم " وَالَّذِي نَفْسِي
بِيَدِهِ مِنْ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : ظِلٌّ
بَارِدٌ وَرُطَبٌ طَيِّبٌ وَمَاءٌ بَارِدٌ " رواه الترمذي) ويقول صلى الله
عليه وسلم " إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ : عَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ
مَالاً وَعِلْمًا ، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ ،
وَيَعْلَمُ للهِ فِيهِ حَقًّا ، فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ ، وَعَبْدٍ
رَزَقَهُ اللهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالاً ، فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ ،
يَقُولُ : لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ ، فَهُوَ
بِنِيَّتِهِ ، فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَلَمْ
يَرْزُقْهُ عِلْمًا ، فَهوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، لاَ يَتَّقِي
فِيهِ رَبَّهُ ، وَلاَ يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ ، وَلاَ يَعْلَمُ للهِ فِيهِ حَقًّا
، فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ ، وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللهُ مَالاً وَلاَ
عِلْمًا ، فَهُوَ يَقُولُ : لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ
فُلاَنٍ ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ ، فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ "رواه أحمد
والتِّرمِذي) فمن شكر الله زاده وعظم له الأجر ، ومن جحد النعمة زالت وكان له
ألسخط، قال تعالى على لسان نبيه سليمان عليه السلام (وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا
يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) النمل40)
ويقول سبحانه (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً
يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ
فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ )
النحل112) ولقد علمتم ما كان من أمر قارون إذ ابتلاه الله بالغنى فلم يشكر ولم
يؤدى حق الله فيه بل طغى وتكبر، قال الله تعالى (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ
الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا
كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ ) القصص81) وتدبر ما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ "إِنَّ ثَلَاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ
وَأَعْمَى فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا
فَأَتَى الْأَبْرَصَ فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ لَوْنٌ حَسَنٌ
وَجِلْدٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ قَالَ
فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ وَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا وَجِلْدًا
حَسَنًا قَالَ فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الْإِبِلُ أَوْ قَالَ
الْبَقَرُ شَكَّ إِسْحَقُ إِلَّا أَنَّ الْأَبْرَصَ أَوْ الْأَقْرَعَ قَالَ
أَحَدُهُمَا الْإِبِلُ وَقَالَ الْآخَرُ الْبَقَرُ قَالَ فَأُعْطِيَ نَاقَةً
عُشَرَاءَ فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا قَالَ فَأَتَى الْأَقْرَعَ فَقَالَ
أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ شَعَرٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا
الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ قَالَ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ وَأُعْطِيَ
شَعَرًا حَسَنًا قَالَ فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الْبَقَرُ
فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلًا فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا قَالَ فَأَتَى
الْأَعْمَى فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ أَنْ يَرُدَّ اللَّهُ
إِلَيَّ بَصَرِي فَأُبْصِرَ بِهِ النَّاسَ قَالَ فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللَّهُ
إِلَيْهِ بَصَرَهُ قَالَ فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الْغَنَمُ
فَأُعْطِيَ شَاةً وَالِدًا فَأُنْتِجَ هَذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا قَالَ فَكَانَ
لِهَذَا وَادٍ مِنْ الْإِبِلِ وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ الْبَقَرِ وَلِهَذَا وَادٍ
مِنْ الْغَنَمِ قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الْأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ
فَقَالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ قَدْ انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي فَلَا
بَلَاغَ لِي الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ أَسْأَلُكَ بِالَّذِي
أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ وَالْمَالَ بَعِيرًا
أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِي فَقَالَ الْحُقُوقُ كَثِيرَةٌ فَقَالَ لَهُ
كَأَنِّي أَعْرِفُكَ أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ فَقِيرًا
فَأَعْطَاكَ اللَّهُ فَقَالَ إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا الْمَالَ كَابِرًا عَنْ
كَابِرٍ فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ قَالَ
وَأَتَى الْأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا وَرَدَّ
عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَى هَذَا فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ
اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ قَالَ وَأَتَى الْأَعْمَى فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ
فَقَالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي
سَفَرِي فَلَا بَلَاغَ لِي الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ أَسْأَلُكَ
بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي فَقَالَ
قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي فَخُذْ مَا شِئْتَ وَدَعْ
مَا شِئْتَ فَوَاللَّهِ لَا أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ شَيْئًا أَخَذْتَهُ لِلَّهِ
فَقَالَ أَمْسِكْ مَالَكَ فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ فَقَدْ رُضِيَ عَنْكَ وَسُخِطَ عَلَى
صَاحِبَيْكَ " رواه مسلم)ويبتلى الفقير بقلة المال، أو بفقده بعد غنى حتى
يظهر صبره وقوة إيمانه أو سخطه وضعف إيمانه، فعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ ،
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "
طُوبَى لِمَنْ هُدِيَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَكَانَ عَيْشُهُ كَفَافًا
وَقَنَعَ" رواه الترمذي) نظر إبراهيم بن أدهم إلى رجل: قد أصيب بمال، ومتاع،
ووقع الحريق في دكانه؛ فاشتد جزعه، حتى خولط في عقله؛ فقال: يا عبد الله، إن المال
مال الله، متعك به إذ شاء، وأخذه منك إذ شاء؛ فاصبر لأمره، ولا تجزع، فإن من تمام
شكر الله على العافية الصبر له على البلية؛ ومن قدم وجد، ومن أخر فقد ندم " .
والابتلاء يكون أيضا بالصحة والمرض , عن عبد الملك بن
أبجر قال" ما من الناس إلا مبتلى بعافية، لينظر كيف شكره، أو مبتلى ببلية،
لينظر كيف صبره " ليرى هل يشكر الصحيح النعمة ويقوم على حقها أم يتكبر بها
ويتجبر، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعْنِي الْعَبْدَ مِنْ
النَّعِيمِ أَنْ يُقَالَ لَهُ : أَلَمْ نُصِحَّ لَكَ جِسْمَكَ وَنُرْوِيَكَ مِنْ
الْمَاءِ الْبَارِدِ "رواه الترمذي) ويقول صلى الله عليه وسلم " لا
تَزُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَدَمَا عَبْدٍ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ عَنْ
عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ
مَاذَا عَمِلَ فِيهِ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ
" رواه ابن حبان والترمذي) ويرى هل يصبر المريض على أمر الله، أم يضجر ويسخط؛
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مَرَضٌ فَمَا سِوَاهُ ، إِلَّا
حَطَّ اللَّهُ لَهُ سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا " رواه
البخاري) وعنْ أُمِّ الْعَلَاءِ، قَالَتْ: عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَرِيضَةٌ، فَقَالَ: " أَبْشِرِي يَا أُمَّ
الْعَلَاءِ، فَإِنَّ مَرَضَ الْمُسْلِمِ يُذْهِبُ اللَّهُ بِهِ خَطَايَاهُ، كَمَا
تُذْهِبُ النَّارُ خَبَثَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ " رواه أبو داود) وعَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم "قَالَ
اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي الْمُؤْمِنَ، فَلَمْ
يَشْكُنِي إِلَى عُوَّادِهِ، أَطْلَقْتُهُ مِنْ أسَارِي، ثُمَّ أَبْدَلْتُهُ
لَحْمًا خَيْرًا مِنْ لَحْمِهِ، وَدَمًا خَيْرًا مِنْ دَمِهِ، ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ
الْعَمَلَ " رواه الحاكم والبيهقي)
وقد يكون الابتلاء بالولد أو بالحرمان منه أو بفقده بعد
رزقه, لينظر من ابتلى به هل سيشكر بحسن تربيتهم ورعايتهم ذكورا كانوا أو إناثا،
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ كَانَتْ لَهُ أُنْثَى فَلَمْ
يَئِدْهَا وَلَمْ يُهِنْهَا ، وَلَمْ يُؤْثِرْ وَلَدَهُ عَلَيْهَا - يَعْنِي
الذُّكُورَ - أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ " . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) أم
أنه سيضيع الأمانة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: " كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا
أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُوْلُ " مستدرك الحاكم) وقد يكون الابتلاء بعدم
الإنجاب قال تعالى (لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا
يَشَاءُ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ
يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ
عَلِيمٌ قَدِيرٌ ) الشورى49/50) أو يكون بفقد الولد بعد رزقه لينظر هل سيصبر على
أمر الله ويرض بقضاء الله أم سيجزع ويسخط ، ولقد قال النبي صلى الله عليه
وسلم " فمَنْ رَضِيَ فَلَهُ
الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ "
وعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ ، قَالَ
اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ : قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ،
فَيَقُولُ : قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ، فَيَقُولُ :
مَاذَا قَالَ عَبْدِي ، فَيَقُولُونَ : حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ ، فَيَقُولُ
اللَّهُ : ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ
" رواه الترمذي)
ومن أحوال سلفنا
الصالح مع الابتلاء: ما جاء عن عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ
عَبَّاسٍ "أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ بَلَى، قَالَ:
هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ"
إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ ،وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ
" فَقَالَتْ أَصْبِرُ، فَقَالَتْ إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ
لَا أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا " رواه البخاري)
جاء عن عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
انه اسْتُسْقِيَ بَطْنُهُ ، فَبَقِيَ مُلْقًى عَلَى ظَهْرِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً،
لَا يَقُومُ وَلَا يَقْعُدُ . وَقَدْ نُقِبَ لَهُ فِي سَرِيرِهِ مَوْضِعٌ
لِحَاجَتِهِ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشِّخِّيرُ ،
فَجَعَلَ يَبْكِي لِمَا رَأَى مِنْ حَالِهِ ، فَقَالَ لَهُ عِمْرَانُ: لِمَ
تَبْكِي؟ ، فَقَالَ: لِأَنِّي أَرَاكَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ الْفَظِيعَةِ ،
فَقَالَ: لَا تَبْكِ ، فَإِنَّ أَحَبَّهُ إِلَيَّ أَحَبُّهُ إِلَيْهِ ، وَقَالَ:
أُخْبِرُكَ بِشَيْءٍ ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَكَ بِهِ ، وَاكْتُمْ عَلَيَّ
حَتَّى أَمُوتَ ، إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَزُورُنِي فَآنَسُ بِهَا ، وَتُسَلِّمُ
عَلَيَّ فَأَسْمَعُ تَسْلِيمَهَا.
حكي شيخا طاعنا في السن مهشم الوجه أعمى البصر قصته
قائلا : بت ذات ليلة في وادٍ, وليس في ذلك الوادي أغنى مني, ولا أكثر مني مالاً, وحلالاً,
وعيالاً, فأتانا سيل بالليل، فأخذ عيالي ومالي وحلالي, وطلعت الشمس وأنا لا أملك إلا
طفلاً صغيراً, وبعيراً واحداً ، فهرب البعير, فأردت اللحاق به, فلم أبتعد كثيراً حتى
سمعت خلفي صراخ ابني الصغير, فالتفتُ فإذا برأس ابني في فم الذئب فانطلقت لإنقاذه فلم
أقدر على ذلك فقد مزقه الذئب بأنيابه, فعدت لألحق بالبعير فضربني بخفه على وجهي, فهشم
وجهي وأعمى بصري، فشئل
وماذا تقول بعد هذا؟ قال: " اللهم لك الحمد أن تركت لي قلباً عامراً
ولساناً ذاكراً" .
وختاما نوجه
رسالة إلى كل مبتلى : اعلم أن كل الناس مبتلى بالخير والشر، بالعسر واليسر،
بالسراء والضراء، فقد قال الله تعالى (
إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ
سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا
كَفُورًا)الانسان2/3) ولا يمكن لنا نحن
كبشر أن ندرك الحكمة من تنوع هذا الابتلاء
للعباد، فقد يرى الإنسان الخير في صورة شر، أو يرى الشر في صورة خير، والله تعالى
يعلم وانتم لا تعلمون ، قال الله تعالى (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ
اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )الملك14) وقال جل وعلا (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا
وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )البقرة216) ومن ثم من كان في نعمة
فهو في ابتلاء ليرى هل يشكر أم يجحد فمن شكر فله الأجر والثواب والزيادة ومن جحد
فقد زالت النعمة وباء بسخط من الله ،والله جل وعلا يقول تعالى (وَاشْكُرُوا
لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾البقرة 172)وقال تعالى(وَسَنَجْزِي
الشَّاكِرِينَ﴾آل عمران 145)وقال جل وعلا( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ
شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)الرعد
7)
ومن كان في ضراء
فهو في ابتلاء، ليرى هل يصبر أم يجزع ويقنط ويسخط ، فمن ابتلى فرضي وصبر فله
الأجر، ومن ابتلى فسخط وجزع وقنط فعليه الوزر، قال تعالى ( وَلَنَبْلُوَنَّكُم
بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ
وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم
مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ
عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ
الْمُهْتَدُونَ )البقرة155-157)، ولا يظن ظان أن المبتلى في نفسه أو ماله أو ولده
أو غير ذلك، مكروه من الله جل وعلا ،
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ الله عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
"عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا
أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ
السُّخْطُ " الترمذي وابن ماجة) ولا يظن أن الله يريد الشر بالمبتلى في المال
أو الجسد أو غير ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم" مَنْ يُرِدِ اللَّهُ
بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ " البخاري) ويقول " مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ
مِنْ نَصَبٍ، وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ، وَلَا حُزْنٍ، وَلَا أَذًى، وَلَا غَمٍّ،
حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ
"البخاري ومسلم ) وعن أبى هريرة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ الرَّجُلَ لِتَكُونَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ
الْمَنْزِلَةُ، فَمَا يَبْلُغُهَا بِعَمَلٍ، فَلا يَزَالُ اللَّهُ يَبْتَلِيهِ
بِمَا يَكْرَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ إِيَّاهَا "ابن حبان)ومن ثم فاللبيب الفطن
هو من إذا ابتلى في ماله أو جسده أو ولده صبر وأحسن الظن بالله أن يكشف عنه
الابتلاء، ولم يسخط، أو يقنط، فقد قال الله تعالى (إِنَّمَا يُوَفَّى
الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ )الزمر10)وفى الحديث القدسي "أَنَا
عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ
" .
يا صاحبَ الهمِّ إنَّ الهمَّ مُنْفَرِجٌ
*** أَبْشِرْ بخيرٍ فــــــإنَّ الفارجَ اللهُ
اليـــأسُ يَقْطَعُ أحيانًا بصاحِبِهِ *** لا تَيْئَسَنَّ فــــــــــإنَّ الكافيَ اللهُ
اللهُ يُحْدِثُ بعـــدَ العُسرِ مَيْسَرَةً *** لا تَجْزَعَنَّ فـــــــإنَّ القاسمَ اللهُ
إذا بُلِيتَ فثقْ باللهِ، وارْضَ بهِ *** إنَّ الذي يَكْشِفُ البَلْوَى هو اللهُ
واللهِ مَا لَـــكَ غيرُ اللهِ مِن أحدٍ *** فحَسْبُك اللهُ في كــــــــلٍّ لكَ اللهُ
=====
كتبه =====اليـــأسُ يَقْطَعُ أحيانًا بصاحِبِهِ *** لا تَيْئَسَنَّ فــــــــــإنَّ الكافيَ اللهُ
اللهُ يُحْدِثُ بعـــدَ العُسرِ مَيْسَرَةً *** لا تَجْزَعَنَّ فـــــــإنَّ القاسمَ اللهُ
إذا بُلِيتَ فثقْ باللهِ، وارْضَ بهِ *** إنَّ الذي يَكْشِفُ البَلْوَى هو اللهُ
واللهِ مَا لَـــكَ غيرُ اللهِ مِن أحدٍ *** فحَسْبُك اللهُ في كــــــــلٍّ لكَ اللهُ
محمد حســـــــن داود
إمام وخطيب ومدرس