recent
آخر المشاركات

خطبة بعنــــوان: الرزق وأسبابه الخفية (2) التقـــــــــوى - للدكتـــــور/ محمد حســــن داود (27 محرم 1446هـ - 2 أغسطس 2024م)

 

خطبة بعنــــوان:
الرزق وأسبابه الخفية (2)
التقـــــــــوى
للدكتـــــور/ محمد حســــن داود
(27 محرم 1446هـ -  2 أغسطس 2024م)

العناصـــــر :    ...  مقدمة.
-  تقوى الله (عز وجل) من أسباب الرزق الخفية.
- مكانة التقوى ودرجتها ودعوة الإسلام إليها.

- أثر التقوى على العبد في الدنيا والآخرة.
- دعوة إلى تحقيق معاني التقوى.

الموضــــــوع: الحمد لله رب العالمين، جعل التقوى مناط الفوز والفلاح، وسبب السعادة والنجاح، ومعدن الخيرات، ومصدر البركات، وسببا في قبول الصالحات، ومن أبواب مضاعفة الحسنات، والرفعة في الدرجات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، أزكى الناس سيرة، وأتقاهم علانية وسريرة، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد

تحدثنا في الخطبة السابقة عن صلة الرحم، كسبب من أسباب الرزق الخفية، واليوم بمشيئة الله (عز وجل) مع سبب آخر؛ وهو: "التقوى".

فالتقوى أصلح ما يكون للعبد، وأعظم ما يكون للأجر، هي زاد القلوب والأرواح؛ طريق وصول إلى الله (عز وجل)، وسبب لمحبته، هي جماع الخيرات، ومنبع البركات، وباب خفي لسعة الأرزاق؛ قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) (الأعراف:96)، وقال سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (الطلاق: 2-3)، قال ابن عباس (رضي الله عنهما) "أي من حيث لا يرجو ولا يأمل". وقال السعدي (رحمه الله) : " أي: يسوق الله الرزق للمتقي، من وجه لا يحتسبه، ولا يشعر به".  ولله در القائل:

عليك بتقوى الله إن كنت غافلا *** يأتيك بالأرزاق من حيث لا تدري
فكيف تخاف الفقـر والله رازق *** فقد رزق الطير والحوت في البحر

ولك أن ترى هذا واقعا ملموسا: فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ: اسْقِ ‌حَدِيقَةَ ‌فُلَانٍ. فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ، فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ، مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ. لِلِاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ. فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ، لِمَ تَسْأَلُنِي عَنِ اسْمِي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ: اسْقِ ‌حَدِيقَةَ ‌فُلَانٍ لِاسْمِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟ قَالَ: أَمَّا إِذْ قُلْتَ هَذَا فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ" وفي مقابل ذلك تعلمون قصة أصحاب الجنة...

 - وهذه هي التقية السيدة هاجر أم سيدنا إسماعيل (عليه السلام) لما أطاعت أمر ربها حين سكنت واد غير ذي زرع عند بيت الله المحرم، وأصابها العطش والجوع هي وولدها؛ رزقها الله من حيث لا تحتسب بطاعتها وتقواها؛ إذ فجر لها بئر زمزم ماء طيبا.

- وهذه هي التقية السيدة مريم (عليها السلام) حين اتقت ربها، وأطاعت أمره، سيق إليها رزقها من غير حساب، فكانت فاكهة الصيف تأتيها في الشتاء، وفاكهة الشتاء تأتيها في الصيف، قال تعالى: (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (آل عمران: 37).

- يقول نَافِعٌ: خَرَجْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ أَصْحَابٌ لَهُ فَوَضَعُوا سُفْرَةً لَهُمْ، فَمَرَّ بِهِمْ رَاعٍ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ : هَلُمَّ يَا رَاعِي فَأَصِبْ مِنْ هَذِهِ السُّفْرَةِ، فَقَال: إِنِّي صَائِمٌ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ الشَّدِيدِ حَرُّهُ وَأَنْتَ بَيْنَ هَذِهِ الشِّعَابِ فِي آثَارِ هَذِهِ الْغَنَمِ، وَبَيْنَ هَذِهِ الْجِبَالِ تَرْعَى هَذِهِ الْغَنَمَ وَأَنْتَ صَائِمٌ ؟ فَقَالَ الرَّاعِي: أُبَادِرُ أَيَّامِيَ الْخَالِيَةَ. فَعَجِبَ ابْنُ عُمَرَ وَقَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنَا شَاةً مِنْ غَنَمِكَ، نَجْتَرِزُهَا نُطْعِمُكَ مِنْ لَحْمِهَا مَا تُفْطِرُ عَلَيْهِ وَنُعْطِيكَ ثَمَنَهَا؟ قَالَ : إِنَّهَا لَيْسَتْ لِي إِنَّهَا لِمَوْلايَ. قَالَ : فَمَا عَسَيْتَ أَنْ يَقُولَ لَكَ مَوْلاكَ إِنْ قُلْتَ: أَكَلَهَا الذِّئْبُ؟ فَمَضَى الرَّاعِي وَهُوَ رَافِعٌ إِصْبَعَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، وَهُوَ يَقُولُ : فَأَيْنَ اللَّهُ ؟ . قَالَ : فَلَمْ يَزَلِ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ : قَالَ الرَّاعِي فَأَيْنَ اللَّهُ ! فَمَا عَدَا أَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَبَعَثَ إِلَى سَيِّدِهِ فَاشْتَرَى مِنْهُ الرَّاعِيَ وَالْغَنَمَ ، فَأَعْتَقَ الرَّاعِيَ وَوَهَبَ لَهُ الْغَنَمَ . فانظر: كانت التقوى سببا في عتق هذا العبد وتملكه الغنم.

- وانظر أيضا: هذه الفتاة التي تعلمون خبرها جيدا، لما دعتها أمها أنْ تخلط اللبن بالماء قبل بَيعِه للناس؛ فراجعت أمها قائلةً: يا أمَّاه، ألاَ تَخافِين من عمر؟ تعني: أمير المؤمنين، فقالت لها أمُّها: إنَّ عمر لا يَرانا، فقالت الفتاة: إنْ كان عمر لا يَرانا فرَبُّ عمر يَرانا. هذا كله وعمر يسمع ما يقال، فلما كان الصباح أرسل إلى الفتاة وزوجها ابنه عاصم، فكان من هذه الذرية عمر بن عبد العزيز (رحمه الله).

- وانظر أيضا، هذه القصة العجيبة: فقد كان المبارك أجيرا عند صاحب بستان، وفي يوم خرج صاحب البستان ومعه نفر من أصحابه إلى البستان وأمر المبارك أن يحضر لهم رمانا حلوا، فجمع لهم، فلما أكل منه وجده حامضا، فقال للمبارك: أما تعرف الحلو من الحامض؟ فقال المبارك: لم تأذن لي أن آكل حتى أعرف الحلو من الحامض. فظن صاحب البستان أن المبارك يخدعه، وقال له: أنت منذ كذا وكذا سنة تحرس البستان وتقول هذا؟ ثم سأل بعض الجيران عنه فشهدوا له بالخير والصلاح وأنهم ما عرفوا أنه أكل رمانة واحدة؛ فزوجه ابنته، ورزقه الله منها أولادا كان منهم عبد الله بن المبارك (رحمه الله).  فانظر كيف أنه لما اتقى الله في عمله وعف عن رمانة؛ سيق إليه بستان الرمان كله ومعه صاحبته.

إن تقوى الله (عز وجل) تستلزم فعل الطاعات والبعد عن المعاصي والسيئات، فيجعل العبد بينه وبين عذاب الله (عز وجل) وقاية، ولمكانتها ودرجتها: أوصى الله (عز وجل) بها الأولين والآخرين من عباده: قال تعالى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ) (النساء: 132)، وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:21).

- وكانت وصية الأنبياء جميعهم إلى أقوامهم: ففي قوم نوح (عليه السلام) قال تعالى: (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ) (الشعراء:106) وفي قوم هود (عليه السلام) قال سبحانه: (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ) (الشعراء:124) وفي قوم صالح (عليه السلام) قال عز وجل: (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ) (الشعراء:142) وفي قوم لوط (عليه السلام) قال جل وعلا: (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ) (الشعراء:161) وفي قوم شعيب (عليه السلام)  قال تعالى: (إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ) (الشعراء:177)، وفي قوم إبراهيم (عليه السلام) قال سبحانه: (وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (العنكبوت:16).

- كذلك هي وصية النبي (صلى الله عليه وسلمَ) لأمته: إذ يقول: "أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ"، ويقول: "اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ" (رواه الترمذي وحسنه)، وكان من دعائه صلى اللهُ عليه وسلم: "اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا. أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا".

- كما قرن الله (عز وجل) بها العبادات والطاعات: ففي الصيام؛ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة: 183). وفي الحج؛ قال عز وجل: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)(الحج: 32). وفي الهدي يقول سبحانه: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ) (الحج: 7).

- فهي أفضل ما يتزود به العبد؛ قال تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ) (البقرة: 197).

- وهي أجمل ما يتزين به؛ قال تعالى: (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) (الأعراف: 26).

إذا المرء لم يلبس ثيابًا من التُقى*** تقلَّب عُريانًا وإن كان كاسيَا

إن لتقوى الله (عز وجل) فوائد نافعة، وثمار يانعة، وآثار يافعة، فمن اتقى الله (عز وجل) وفقه الله للقول السديد، ولكل عمل صالح رشيد، فهي شجرة طيبة، إذا نبت أصلها في القلب، كما قال النبي (صلى الله عليه وسلمَ): "التَّقْوَى ههُنَا" وأشار إلى صدره؛ امتدت فروعها إلى الجوارح، فنبذت الشرور والمفاسد والآثام، وأثمرت عملا صالحا وقولاً حسنا وسلوكاً قويما وفعلاً كريما؛ فمن تحقق في قلبه تقوى الله (جل وعلا) واستحضر عظمته، استقام على الطاعة، وقد قال الله (تعالى): (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) (طه: 123).

فتقوى الله (عز وجل) كنز عزيز لئن ظفرت به فكم تجد فيه من جوهر شريف، وخير كثير، ورزق كريم، وفوز كبير، وغنم جسيم، فكأن خيرات الدنيا والآخرة جمعت فجعلت تحت هذه الخصلة التي هي التقوى، ومن ذلك:

- أنها وسيلة للنجاة من مكر الشيطان ووساوسه، وحيله ودسائسه، قال تعالى:  (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) (الأعراف: 201).

- أنها الأساس الذي ترفع به أقدار الناس، والمعيار الذي يتفاضلون به أمام الله (عز وجل)؛ فقد قال تعالى: ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) (الحجرات: 13).

- سبب للعناية والمعية والعون من الله (عز وجل)؛ قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل:128).

- تطرد الخوف وتذهب الحزن: قال تعالى: (فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (الأعراف: 35).

- باب النجاح وسر الفلاح في كل الأمور: قال تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آل عمران: 200).

- سر من أسرار قبول الأعمال، قال تعالى: (قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (المائدة: 27).

- سبب لتيسير كل عسير؛ وتفريج كل كرب وقضاء الحوائج؛ والنجاة من الشدائد: قال تعالى: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) (الطلاق: 4)، ولقد علمتم قصة أصحاب الغار، فبفضل تقواهم لله (عز وجل) فرج عنهم كربهم.

- فيها تكفير السيئات والرفعة في الدرجات: قال تعالى: ( ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ) (الطلاق: 5).

- بها النجاة يوم القيامة من النار؛ قال تعالى: (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ) (مريم: 72)، وقال سبحانه: ( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) (الليل: 17).

- وهي سبب للفوز برحمة الله (عز وجل)، قال تعالى: (وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ) (الأعراف: 156).

- كما أنها طريق مستقيم موصل إلى جنة النعيم، قال تعالى: ( تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا) (مريم: 63)، وقال عز وجل: ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران: 133)، وقال سبحانه: ( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ) (ق: 31)، ويقول النبي (صلى اللهُ عليه وسلم): "أتدرونَ ما أكثرُ ما يُدخلُ الناسُ الجنّةَ ؟ قالوا: اللهُ ورسولهُ أعلمُ، قال: فإن أكثرَ ما يُدخلُ الناسُ الجنةَ تَقْوى اللهِ وحُسْنُ الخلقِ"

إذا أنت لم ترحل بزادٍ من التُّقى *** ولاقيت يوم الحشر من قد تزوَّدا
ندمـــت على أن لا تكون كمثله *** وأنك لم تُرصد كما كان أرصــدا

إن تقوى الله (عز وجل) هي أكرم ما أسررتم، وأعظم ما ادخرتم، وأزين ما أظهرتم، فقد قال تعالى: (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) (آل عمران: 15). فكل زاد ينفد إلا زاد التقوى، وكل لباس يبلى إلا لباس التقوى، ومن حقق معانيها ابتعد عن كل الذنوب صغيرها وكبيرها، فقد سُئل عُمر بن الخطَّاب (رضي الله عنه) عنها، فقال للسَّائل: "أما سلكت طريقاً ذا شوك؟ قال: بلى، قال: فما عملت؟ قال: شمَّرت واجتهدت، قال: فذلك التَّقوى.

خَلِّ الذُنوبَ صَغيرَها وَكَبيرَها فَهـــوَ التُقـــــــــى
كُن فَوقَ ماشٍ فَوقَ أَرضِ الشَوكِ يَحذُرُ ما يَرى
لا تَحقِرَنَّ صَغيرَةً إِنَّ الجِبالَ مِنَ الحَصــــــــــى

فاللهم اكتبنا من عبادك المتقين، واحفظ اللهم مصر من كل مكروه وسوء

=== كتبه ===
محمد حســـــــن داود

إمام وخطــيب ومدرس
دكتوراه في الفقه المقارن

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر      -----      اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf   رابط مباشر     -----      اضغط هنا 




google-playkhamsatmostaqltradent