خطبة بعنوان :
أكل السحت، وسوء عاقبته في الدنيا
والآخرة
للشيخ / محمد حســـــن داود
لتحميل الخطبة : word اضغط هنــــا
لتحميل الخطبة : pdf اضغط هنــــا
الموضـــــوع : الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه
العزيز يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ
مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ
)( البقرة 172) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا
عبده ورسوله،القائل في حديثه الشريف " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ
مِنْ سُحْتٍ ، النَّارُ أَوْلَى بِهِ " رواه احمد) اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى
آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
فإن الإسلام لا يرضى لمجتمعاته أن يتغالب الناس فيها بغش أو تدليس أو
خديعة، طلبا للمال وجمعا له، بل حث الإسلام على أكل الحلال الطيب بطرقه المشروعة التي
لا يهضم بها حق، ولا يؤكل فيها نصيب بالباطل ، قال تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ
وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ )البقرة 172) وقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم " نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحِ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ
" رواه البخاري في الأدب المفرد) و عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ
" مَنْ أَكَلَ طَيِّبًا وَعَمِلَ فِي سُنَّةٍ وَأَمِنَ النَّاسُ بَوَائِقَهُ دَخَلَ
الْجَنَّةَ "، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا فِي أُمَّتِكَ الْيَوْمَ
كَثِيرٌ قَالَ " وَسَيَكُونُ فِي قُرُونٍ بَعْدِي "مستدرك الحاكم ) ونهى
وحذر من أكل الحرام بكل صوره وألوانه، قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن
تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا
* وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا)(النساء29/30)
فأكل الحرام يعمي البصيرة، ويوهن الدين، ويقسي القلب، ويظلم الفكر، ويقعد الجوارح عن
الطاعات، ويوقع في حبائل الدنيا وغوائلها، ويكون سبب تعاسة صاحبه في الدنيا وفى الآخرة
؛فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ"
تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ ،إِنْ أُعْطِيَ
رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ"
البخاري)
ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم في قمة الحذر وفي غاية الخوف من أن تصل
إلى أجوافهم ولو لقمة من الحرام؛ إذ يقول عمر رضي الله عنه " كنَّا نَدَعُ تسعةَ
أعشار الحلال؛ مخافةَ الوقوع في الحرام " وقال
الحسن البصري رحمه الله "ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال
مخافة الحرام". اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فهو القائل " إِنِّي
لأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي فِي بَيْتِي،
فَأَرْفَعُهَا لآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً،فَأُلْقِيهَا "
فانظر إلى أبى بكر رضي الله عنه إذ تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها " كَانَ
لِأَبِي بَكْرٍ غُلَامٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ
خَرَاجِهِ، فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ
أَتَدْرِي مَا هَذَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا هُوَ ،قَالَ كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ
فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ فَلَقِيَنِي
فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ، فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ
فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ "، ورُوي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه شرب
لبنًا فأعجبه، فقال للذي سقاه: من أين لك هذا؟ فقال: مررت بإبل الصدقة وهم على ماء
فأخذت من ألبانها، فأدخل عمر يده فاستقاء ، وروى الطبراني عن زيد بن أسلم انه قال
" مرّ ابن عمر براعي غنم فقال : يا راعي الغنم هل مِن جَزرة ؟ قال الراعي : ليس
ها هنا ربها ، فقال ابن عمر : تقول أكلها الذئب ! فرفع الراعي رأسه إلى السماء ثم قال
: فأين الله ؟ قال ابن عمر : فأنا والله أحق أن أقول فأين الله ، فاشترى ابن عمر الراعي
واشترى الغنم فأعتقه وأعطاه الغنم ".
إلا أن مما يؤسى له عظيم الأسى أن في الناس من لا يتحاشون عن أكل المال
الحرام وتحصيله من أي طريق أو وسيلة ، فليس لهم هم إلا تكديس الأموال وتضخيم الثروات،
الحلال في عرفهم ما قدروا عليه، والحرام ما تعذر وصولهم إليه، يسلكون في طلبه مسالك
معوجة، قال رسولنا صلى الله عليه وسلم" يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يُبَالِي
الْمَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ؛ أَمِنَ الحَلاَلِ أَمْ مِنَ الحَرَامِ" وعَنْ
كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ " لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتْ النَّارُ أَوْلَى
بِهِ"رواه الترمذي) ومن صور أكل
السحت:
- الاعتداء على المال العام : وهو أشد في
حرمته من المال الخاص؛ لكثرة الحقوق المتعلقة به، وتعدد الذمم المالكة له، قال تعالى
(وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ
مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ )أل عمران161) ولقد أنزله عمر بن الخطاب- رضي
الله عنه - منزلة مال اليتيم الذي تجب رعايته وتنميته وحرمة أخذه والتفريط فيه أو الاعتداء
عليه عندما قال "إني أنزلتُ نفسي مِن مال الله منزلةَ اليتيم " ومن ثم فان
استباحة المال العام أمر خطير، وذنب عظيم، وجرم كبير؛ و ضرب من الإفساد في الأرض، ولقد
قال تعالى(وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا )الأعراف 85) وعَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَوْمَ خَيْبَرَ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ : عَامَ خَيْبَرَ ، فَلَمْ نَغْنَمْ إِلا الأَمْوَالَ
، وَالْمَتَاعَ ، وَالثِّيَابَ ، فَأَهْدَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي الضُّبَيْبِ ، يُقَالُ
لَهُ : رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
غُلامًا أَسْوَدَ ، يُقَالُ لَهُ : مِدْعَمٌ ، فَتَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى وَادِي الْقُرَى ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِوَادِي
الْقُرَى بَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ ، فَأَصَابَهُ ، فَقَتَلَهُ ، فَقَالَ النَّاسُ :
هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: " كَلا ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَ يَوْمَ
خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ ، لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ ، لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ
نَارًا " ، فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ ذَلِكَ ، جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ
" رواه النسائي ) .
- الرشوة : فهي داء وبيل، ومرض
خطير،سبب رئيس في ضياع الحقوق وتبديل الحق وإسناد الأمور إلى غير أهلها، يقول
الحسن البصري رحمه الله " إِذَا دَخَلَتِ الرِّشْوَةُ مِنَ الْبَابِ خَرَجَتِ
الأَمَانَةُ مِنَ الْكَوَّةِ "(اى النافذة) ما وقع فيها امرؤ إلا ومحقت منه البركة،
وحجبت دعوته، وذهبت مروءته، وفسدت أخلاقه، ونزع حياؤه، وساءت عاقبته، فعَنْ ثَوْبَانَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ
: " لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ ، وَالرَّائِشَ " يعنى الَّذِي
يَمْشِي بَيْنَهُمَا ) رواه احمد) وعَنْ
أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ ، قَالَ : اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ الْلَّتَبِيَّةِ
، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ ، قَالَ : هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي
بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا ، ثُمَّ
خَطَبَنَا ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ ،
فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ
، فَيَأْتِي فَيَقُولُ : هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي ، أَفَلَا
جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ ، وَاللَّهِ لَا
يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَلَأَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا
لَهُ رُغَاءٌ ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ ، ثُمَّ رَفَعَ
يَدَهُ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطِهِ ، يَقُولُ : اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ بَصْرَ
عَيْنِي وَسَمْعَ أُذُنِي " رواه البخاري)
- الغش والتدليس في التجارة : فالإسلام في تشريعاته لا يستكثر على التجار
أن تكون لهم تجاراتُهم الرابحة؛ ولكنه جعل لها طرقها المشروعة التي لا يهضم بها حق
، ولا يؤكل فيها مال بالباطل ؛ فطرق الكسب المشروع ليست بضيقة على مبتغيها حتى توسع
بحيل الكذب والغش والخديعة إذ أن التاجر مطالب بالتزام الصدق في كل شئونه،فقد قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم " التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ
وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ "رواه الترمذي) ذلك أغلى من كل مكسب، فمن كتم
عيبا في سلعة أو دلس في ثمن أو وصف أو شروط عقد، فهو غاش، والغاش للناس مرتكب لكبيرة
من كبائر الذنوب، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ، قَالَ :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " الْمُسْلِمُ
أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا فِيهِ عَيْبٌ
إِلَّا بَيَّنَهُ لَهُ " رواه ابن ماجه) ولقد مَرّ رسول الله - صلى الله عليه
وسلم- عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا.
فَقَالَ: مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟ قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ
اللَّهِ. قَالَ: أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ
غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي " رواه مسلم )
- احتكار السلع مما تشتد حاجة الناس إليه ولا يستغنون عنه ؛ فمن اجل مقاصد
هذا الدين الحنيف، حماية الإنسان من كل ما يضر بمصالح دنياه ويقف مانعا أو معرقلا عن
نيل متطلباته الضرورية، وفى ذلك قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، " لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ " مسلم) وعَنْ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ ضَرَبَهُ
اللَّهُ بِالْجُذَامِ وَالْإِفْلَاسِ " سنن ابن ماجه ) . فاحتكار السلع يحمل في طياته بذور الفرقة
والتنازع والجشع وحب الذات ولقد قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ
لِنَفْسِهِ " البخاري) حب لا أثرة فيه ولا استغلال، ولا غش ، ولا تدليس أو احتكار
وهذا ما كان عليه الصحابة و السلف من امة المصطفى صلى الله عليه وسلم ؛ فعن بعض السلف
أنه جهز سفينة حنطة إلى البصرة وكتب إلى وكيله: بع هذا الطعام في يوم تدخل البصرة فلا
تؤخره إلى غد، قال: فوافق السعر فيه سعة، قال له التجار: إن أخرته جمعة ربحت فيه أضعافاً
فأخره جمعة فربح فيه أمثاله، وكتب إلى صاحبه بذلك فكتب إليه صاحب الطعام: يا هذا قد
كنا قنعنا أن نربح الثلث مع سلامة ديننا وإنك قد خالفت أمرنا وقد جنيت علينا جناية،
فإذا أتاك كتابي فخذ المال كله فتصدّق به على فقراء أهل البصرة وليتني أنجو من الاحتكار
كفافاً لا عليّ ولا لي .
- التطفيف في الكيل : فلقد اهتم
القرآن بهذا الجانب من المعاملة، وجعله من وصاياه، قال تعالى (وأوفوا الكيل والميزان
بالقسط، لا نكلف نفسا إلا وسعها ) الأنعام152) وقال تعالى (وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا
بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا) الإسراء35) فالتطفيف من الكبائر، ونوع من
السرقة، وضرب من الخيانة، له عاقبة وخيمة، قال تعالى( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفينَ * الَّذينَ
إِذا اكْتالوا عَلى النّاسِ يَسْتَوْفونَ * وَإِذا كالوهُمْ أو وَزَنوهُمْ يُخْسِرونَ
* أَلا يَظُنُّ أولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعوثونَ * لِيَوْمٍ عَظيمٍ* يَوْمَ يَقومُ النّاسُ
لِرَبِّ الْعالَمينَ ) المطففين 1-6) .
- أكل حق الغير في الميراث : فلقد حدد الله تعالى أنصبة الميراث في كتابه الكريم، وتولى القسمة بنفسه، ووصى بالوفاء
بهذا الحق لصاحبه، و رتب الوعيد الشديد لكل من سولت له نفسه الاعتداء على تلكم الحقوق،
فقال تعالى في ختام تحديده سبحانه لتلكم الأنصبة (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ
اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ
فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ
حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ )النساء13/14
) وتكمن خطورة هذه القضية في تمزيقها لجميع الأواصر الأسرية والروابط العائلية إذ تتحول
أفراد الأسرة الواحدة اللبنة الأساسية لأي مجتمع
إلي أعداء متناحرين بدلا من أخوة متحابين؛ فحرى بكل من وقع في حق الأقارب بالتحايل
على الميراث أن يبادر بالتوبة ورد الحقوق إلى أهلها؛ ما دام في الإمكان قبل فوات الأوان
.
المسلمون :
إن كثيرا من النفوس مجبولة بحب المال، و كثيرا من الطباع مشغولة بالحرص
على طلبه، قال تعالى (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا) الفجر٢٠) وعَنْ أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ" يَكْبَرُ ابْنُ آدَمَ وَيَكْبَرُ مَعَهُ اثْنَانِ حُبُّ الْمَالِ وَطُولُ
الْعُمُرِ"رواه البخاري ومسلم) ولقد تكفل الله سبحانه بأرزاق العباد، قال تعالى(
وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا
وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) هود6) وعن عبد الله بن مسعود ، قال
حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ
: " إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ
يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَبْعَثُ
اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكًا بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَيُكْتَبُ عَمَلُهُ وَأَجَلُهُ وَرِزْقُهُ
وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ..." رواه البخاري) فلا يحملنكم حب المال أن تطلبوه من
غير حله؛ فإن في الحلال وان قل كفاية عن الحرام وان كثر، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، أَن
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " لَيْسَ
مِنْ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى الْجَنَّةِ ، إِلا قَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ ، وَلا عَمَلٌ
يُقَرِّبُ إِلَى النَّارِ ، إِلا قَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ ، لا يَسْتَبْطِئَنَّ أَحَدٌ
مِنْكُمْ رِزْقَهُ ، أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَلْقَى فِي رُوعِيَ أَنَّ
أَحَدًا مِنْكُمْ لَنْ يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَكْمِلَ رِزْقَهُ ، فَاتَّقُوا
اللَّهَ أَيُّهَا النَّاسُ ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، فَإِنِ اسْتَبْطَأَ أَحَدٌ
مِنْكُمْ رزْقَهُ ، فَلا يَطْلُبْهُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ لا يُنَالُ
فَضْلُهُ بِمَعْصِيَةٍ "المستدرك على الصحيحين )
لا تَحرِصَنَّ فَالحِرص لَيسَ بِزائِد ***
في الرِزقِ بَل يَشقى الحَريص وَيَتعَب
وَيَظــــــــــل مَلهوفاً يَروح تحيلا
*** وَالــــــــــــرِزقُ لَيسَ بِحيلَة يُستَجلَب
كَم عاجِز في النــاسِ يَأتي رِزقُه ***
رَغــــــــــــــــداً وَيحرم كيس وَيَخيب
فالمال الحلال يبارك الله فيه وإن كان قليلا، فينمو ويكون عونا لصاحبه
على طاعة الله، ولقد قال صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص " يَا عَمْرُو ، نِعْمَ
الْمَالُ الصَّالِحِ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ " رواه البخاري في الأدب المفرد) و
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ " مَنْ أَكَلَ طَيِّبًا
وَعَمِلَ فِي سُنَّةٍ وَأَمِنَ النَّاسُ بَوَائِقَهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ "، قَالُوا
: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا فِي أُمَّتِكَ الْيَوْمَ كَثِيرٌ قَالَ " وَسَيَكُونُ
فِي قُرُونٍ بَعْدِي " (مستدرك الحاكم ) و يقول
الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه" يا حبذا المال، أصون به عرضي،
وأُرضي به ربي". ويقول الفُضيل بن عياضٍ "من كان يعقِلُ ما يدخلُ جوفَه
من حِلِّه كان في حِزبِ الله المُفلِحين".
لا ترغبـنْ في كثيرِ المـالِ تكنـزهُ
*** من الحرامِ فلا ينمى وإِن كَثــُرا
واطلبْ حـلالاً وإِن قلَّتْ فواضلهُ
*** إِن الحلالَ زكيٌ حيثما ذُكِـــــرا
أما السحت فكم من المضار الجسيمة والعواقب الوخيمة التي ، ترتبت على أكله، فالحرام لا يأتي بخير وإن كان له
بريق، إن انفق منه صاحبه لم يبارك الله له فيه وان بذل منه في نفع لم يشكر على بذله؛
قال تعالى ( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ )المائدة27) وعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" مَنْ جَمَعَ مَالا حَرَامًا ، ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهِ ، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ
أَجْرٌ ، وَكَانَ إِصْرُهُ عَلَيْهِ " صحيح ابن حبان ) وقال رسول النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " لَا يَقْبَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَدَقَةً
مِنْ غُلُولٍ ، وَلَا صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ " . رواه أبو داود) وإن خلفه وراءه
انتفع به من انتفع، وتحمل جامعه الأوزار والآثام؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم"لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ
فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ
وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ "(رواه الترمذي وقال حديث
حسن صحيح) قال يحي بن معاذ " مصيبتان لم يسمع الأولون والآخرون بمثلهما للعبد
في ماله عند موته. قيل: وما هما؟ قال: يؤخذ منه كله، ويسأل عنه كله" .
ومن أعظم عقوبات أكل الحرام أن الله تعالى لا يستجيب لآكل الحرام دعوة
ولا ترفع له إلى السماء مسألة ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا ، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ
بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ ، فَقَالَ ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ
الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) (51: سورة
المؤمنون) ، وقال ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ
وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) (172: سورة البقرة) ،"
ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ ، يَمُدُّ يَدَيْهِ
إِلَى السَّمَاءِ ، يَا رَبِّ يَا رَبِّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ
، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ"
رواه مسلم ) لقد استجمع هذا الرجل من صفات الذل والمسكنة ما يدعو إلى رثاء حاله ، ويؤكد
شدة افتقاره ، تقطعت به السبل، وطال عليه المسير، وتغربت به الديار، وتربت يداه، واشْعَثَّ
رأسه، واغبرَّت قدماه، وكل ذلك من أعظم موجبات قبول دعوته، وإجابة طلبه، ولكنه قد قطع
صلته بربه، وحرم نفسه من مدد مولاه، فحيل بين دعائه والقبول،لما أكل من حرام، واكتسى
من حرام، ونبت لحمه من حرام، فردَّت يداه خائبتين ، قال وهب بن الورد " لو قمت
قيام السارية ما نفعك حتى تنظر ما يدخل بطنك أحلال أم حرام".
بل والأشد ، الإفلاس من الحسنات في الآخرة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " أَتَدْرُونَ
مَا الْمُفْلِسُ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ
، فَقَالَ : إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاةٍ
وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا
وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ
حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ
مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ " رواه مسلم
) فكل جسد نبت من سحت
فالنار أولى به كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ
مِنْ سُحْتٍ ، النَّارُ أَوْلَى بِهِ " رواه احمد) واعلموا انه من يتق الله
يرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يترك شيئا لله يعطيه الله خيرا منه، فقد قال تعالى( وَمَن
يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)
الطلاق 2/3) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا للهِ إلاَّ أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ
لَكَ مِنْهُ " رواه احمد) رُوِي عن علي رضي الله عنه أنه دخل مسجد
الكوفة فأعطى غلامًا دابته حتى يصلي، فلما فرغ من صلاته أخرج دينارًا ليعطيه الغلام،
فوجده قد أخذ خطام الدابة وانصرف، فأرسل رجلا ليشتري له خطامًا بدينار، فاشترى له الخطام،
ثم أتى فلما رآه علي رضي الله عنه، قال سبحان الله! إنه خطام دابتي، فقال الرجل: اشتريته
من غلام بدينار، فقال علي رضي الله عنه: سبحان الله! أردت أن أعطه إياه حلالا، فأبى
إلا أن يأخذه حراما. ولك أن ترى كيف يكون حال صاحب
المعصية يوم القيامة المتمتع بالحرام، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا
مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً ، ثُمَّ
يُقَالُ : يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ
قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لَا ، وَاللَّهِ يَا رَبِّ وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا
فِي الدُّنْيَا ، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ ، فَيُقَالُ
لَهُ : يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ
؟ فَيَقُولُ : لَا ، وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ ، وَلَا رَأَيْتُ
شِدَّةً قَطُّ " رواه مسلم)
المـالُ ينفدُ حِلّـهُ وحرامــــــــــهُ
*** يومـا ويبقى بعد ذاكَ آثامُــــــهُ
ليـسَ التقـيُّ بمتّقٍ لإِلـهـــــــــــهِ
*** حتى يطيـبَ شرابُهُ وطعامُــهُ
ويطيب ما يجني ويكسبُ أهلــهُ *** ويَطيب
من لفظِ الحديثِ كلامُهُ .
(نسأل الله أن يرزقنا الحلال
الطيب وان يبارك لنا فيه،
وان يباعد بيننا وبين الحرام)
=====
كتبه ======
محمد حســــــن داود
إمام وخطيــــب ومدرس
مديرية أوقاف كفر الشيخ
محمد حســــــن داود
إمام وخطيــــب ومدرس
مديرية أوقاف كفر الشيخ