recent
آخر المشاركات

خطبة الجمعة القادمة: ضوابط بناء الأســرة وسبل الحفاظ عليها - للشيخ/ محمد حســـــن داود (18 جمادى الاخرة 1443هـ - 21 يناير 2022م)

 

خطبة بعنــــوان:
ضوابط بناء الأســرة وسبل الحفاظ عليها
للشيخ/ محمد حســـــن داود
18 جمادى الاخرة  1443هـ - 21 يناير 2022م


العناصــــــر:      مقدمة :
- مكانة الأسرة ومدى عناية الإسلام واهتمامه بها.
- بناء الاسرة وسبل الحفاظ عليها .
- دعوة إلى الحفاظ على الأسرة.

الموضوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الروم21). وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: " خيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِى" (رواه ابن ماجه)، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فان الأسرة هي نواة المجتمع الأولى وأول لبناته والركيزة الأساسية لبنائه، إذ تقع من المجتمع موقع الرأس من الجسد، ومن ثم أولى الإسلام الأسرة اهتماما بالغا، حتى قال الله (جل وعلا) في الزوجين (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ) (البقرة 187) وإن هذا من أبلغ الوصف لحقيقة الرابطة الزوجية, فاللباس من صفته أنه يقي صاحبه المكروه من برد وحر, كما يستره عن أعين الناس.  كما قال الله (جل وعلا)، داعيا إلى تنمية الود والحب بين الزوجين ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الروم21)، ومن يتدبر القرآن والسنة يجد أن الاسلام قد دلنا على ضوابط  بناء الاسرة، وسبل الحفاظ عليها، ومن ذلك:

- اشتراط الباءة في النكاح: فعن ابن مسعود (رضي الله عنه) قَالَ " كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) شَبَابًا لَا نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ" (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) ومن الباءة مؤن النكاح والقدرة على بناء أسرة مستقرة والوعي بالمسئولية، ويوضح ذلك قول الله (جل وعلا) (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ (النور 33) وأيضا ما كان من دعوة النبي (صلى الله عليه وسلم) غير المستطيع على المؤنة إلى الصيام، فلو وقف الأمر على الجسد فحسب، ما دعاه النبي إلى الصيام وفى هذا توجيه أن الزواج ليس مجرد عقد وإنما هو مسئولية وتكليف.

- كذلك حثنا الإسلام على انتقاء أركان الأسرة بما يحقق لها استقرارها ونجاحها وسعادتها، فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) " تَخَيَّروا لِنُطَفِكُم" (رواه ابن ماجة والحاكم والبيهقي) ومن ذلك أن حث صلى الله عليه وسلم، على اختيار الزوجة الصالحة، فقال صلى الله عليه وسلم "تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ" (رواه البخاري ومسلم) وعَنْ عَبْدِ الّلهِ بْنِ عَمْرٍو أَنّ رَسُولَ اللّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ "الدّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدّنْيَا المَرْأَةُ الصّالِحَةُ" (رواه مسلم)  ويقول أيضا "مَا اسْتَفَادَ الْمُؤْمِنُ بَعْدَ تَقْوَى اللَّهِ خَيْرًا لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ، إِنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِنْ نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِنْ أَقْسَمَ عَلَيْهَا أَبَرَّتْهُ، وَإِنْ غَابَ عَنْهَا نَصَحَتْهُ فِي نَفْسِهَا، وَمَالِهِ " (رواه بن ماجة)

ولما كان اختيار الزوج حق أصيل للزوجة، فقد حث النبي (صلى الله عليه وسلم) الزوجة وكذلك وليها على اختيار الزوج على نفس المعيار والأساس؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)" إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ" (رواه الترمذي) ولا ريب في أن هذا الاختيار وذاك الأساس من شأنه أن يعود بالتربية الحسنة واكتساب الأخلاق الحميدة من الوالدين لما لهما من تأثير على أخلاق الطفل وسلوكه ومما يزيد هذا الكلام قيمة بيان ربنا في القرآن الكريم أن الذرية لها تأثر كبير بآبائها، يقول الحق سبحانه (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْض وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (آل عمران34)

ورحم الله من قال:    وَيَنشَأُ ناشِئُ الفِتيانِ مِنّا *** عَلى ما كانَ عَوَّدَهُ أَبــــوهُ.

ومن قال:   الأم مـــدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعباً طيب الأعراق.

- كذلك أكد الإسلام على حسن العشرة بين الزوجين، فعماد الحياة الأسرية: المودة والرحمة والحب والألفة، قال تعالى (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْـمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّـهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) (النساء19) ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم) "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا" (رواه البخاري) وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال" خيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِى" (رواه ابن ماجه) ولم يقف الإسلام في توجيه الرجل إلى حسن العشرة فحسب ،رعاية للأسرة وحماية لها، بل حث المرأة على مثل ذلك، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) "لَا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ، وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا" (رواه احمد) وقال أيضا "أَيُّما امرأَةٍ ماتَتْ وزوْجُهَا عَنْهَا راضٍ دخَلَتِ الجَنَّةَ" (رواه الترمذي)

وإذا اقتربنا من بيت النبوة لرأينا مدى حب النبي (صلى الله عليه وسلم) لزوجاته، فكان يقول عن خديجة (رضي الله عنها)"إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا" (رواه مسلم) ولما سئل: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ "عَائِشَةُ" كما كان صلى الله عليه وسلم لينا لطيفا مع زوجاته محققا قول الله تعالى (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف) (النساء19) فعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا سُئِلَتْ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِذَا خَلا فِي بَيْتِهِ، قَالَتْ : "كَانَ أَلْينَ النَّاسِ وَأَكْرَمَ النَّاسِ، كَانَ رَجُلًا مِنْ رِجَالِكُمْ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ ضَحَّاكًا بَسَّامًا"،  كان حنونا ودودا، يكرم ولا يهين، يوجه وينصح، ولا يعنف أو يجرح؛ فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ " مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ،" (رواه مسلم) بل كان يملأ المكان والزمان مع أهل بيته فرحا وسرورا فكان يتلطف بهن ويشفق عليهن، فتراه يلاطف السيدة عائشة فيناديها يا "عائش" وتراه " يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ وَتَضَعُ السيدة صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ "(رواه البخاري عن انس) وتراه يسابق السيدة عائشة إذ تقول " سَابَقَنِي النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَسَبَقْتُهُ، فَلَبِثْنَا حَتَّى إِذَا أَرْهَقَنِي اللَّحْمُ سَابَقَنِي فَسَبَقَنِي، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) :" هَذِهِ بِتِلْكَ "(رواه ابن حبان) وحينما سئلت السيدة عائشة (رضي الله عنها) " مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟ فقَالَتْ: كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ، وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ "(رواه احمد ) وفى رواية :" كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ ".

- معرفة كل منهما طبيعة الآخر، أي أن يدرس كلا من الزوجين طباع الآخر، وما يحب وما يكره، وما يسعده ويحزنه...الخ، فعندما جاء الوحي إلى النبي  (صلى الله عليه وسلم) في غار حراء، رجع النبي إلى السيدة خديجة (رضي الله عنها) وفؤاده يرجف وحكي لها ما حدث، فانظر ماذا قالت؛ قَالَتْ "وَاللهِ لَنْ يُخْزِيكَ اللهُ أَبَداً، إِنَّكَ لِتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحَمِلُ الكَلَّ، وتُعِينُ عَلَى نَوائِبِ الدَّهْرِ"، فقد ذكرت رضي الله عنها صفات زوجها، وميزاته وهذا يعني أنها كانت ترقب زوجها، وتعلم طباعه جيدا، فقد عددت ما فيه من أمور لا يطلع عليها إلا من عاشر الإنسان وعرفه معرفة تامة، وتدبر قول النبي (صلى الله عليه وسلم) لأم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) " إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ، قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ" (رواه البخاري)

- أن ينفق الرجل على بيته فقد قال تعالى (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ) (الطلاق7) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)" دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ" (رواه مسلم) وفي مقابل ذلك: يقول صلى الله عليه وسلم: " كَفي بِالمرْءِ إِثْماً أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يقُوتُ" (رواه أبو داود)

- أن يحفظ كل من الزوجين سر الآخر, فعَنْ أبى سعيد الخدري, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) :إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الأَمَانَةِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِى إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِى إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا" وعنه أيضا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا" (رواه مسلم)

- كذلك من أسس الحفاظ على الأسرة: الصبر على الهفوات والتسامح والتغاضي عن الزلات؛ فلا بجدر بنا أن ننسى هذا المعيار المهم عند وقوع اختلاف بين زوجين، وهو معيار تذكر الفضل، فهو أساس في التعامل بين الزوجين قال تعالى (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) (البقرة237) ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "لا يفرِك مؤمنٌ مؤمنةً، إن كره منها خُلُقاً رضيَ منها آخر" وتدبر معي ما جاء عن النعمان بن بشير (رضي الله عنه) قال: جَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَسَمِعَ عَائِشَةَ وَهِيَ رَافِعَةٌ صَوْتَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ: يَا ابْنَةَ أُمِّ رُومَانَ وَتَنَاوَلَهَا أَتَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ: فَحَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ جَعَلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ لَهَا يَتَرَضَّاهَا: "أَلَا تَرَيْنَ أَنِّي قَدْ حُلْتُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَكِ" قَالَ: ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ يُضَاحِكُهَا، قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْرِكَانِي فِي سِلْمِكُمَا كَمَا أَشْرَكْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا" (رواه أحمد)

- الشعور بعظم المسئولية الزوجية، فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) " إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، حَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ، حَتَّى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ" ومن ذلك: المشاركة في تربية الابناء؛ فعلى الزوجين المسئولية الكبرى في تحقيق التربية الصحيحة للأبناء، والحفاظ على فكرهم بعيدا عن التطرف والغلو والتشدد منذ الصغر، فهم أجيال المستقبل، ولقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم)" وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤولَةٌ عَنْهُمْ"

لقد اهتم الإسلام اهتماما كبيرا برعاية الأسرة وحمايتها واستقرارها، فالزوجين وما بينهما من وطيد العلاقة، والوالدين وما يترعرع في أحضانهما من بنين وبنات، يمثلون حاضر المجتمع و مستقبله، ومن هنا تظهر ضرورة الحفاظ على الميثاق الغليظ  وأهمية أن يعي كل من الزوجين الحقوق والواجبات والمسئولية التي على عاتقهما، فإن الشيطان حين يفلح في فك روابط أسرة فهو لا يهدم بيتاً واحداً و لا يحدث شراً محدوداً، و إنما يؤثر ذلك على المجتمع كله، لذلك كان أحب الأعمال إلى الشيطان هو هدم البيوت، فعن جَابِرِ بن عبد الله (رضي الله عنهما) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)" إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ نِعْمَ أَنْتَ" (رواه مسلم) .

ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين وأجعلنا للمتقين إماما
واحفظ مصر من كل مكروه وسوء

=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
ماجستير في الدراسات الإسلامية

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر      -----        اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر (نسخة أخرى)  اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf   رابط مباشر     -----         اضغط هنا 


لتحميــل الخطبة  word   جوجل درايف    -----        اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word جوجل درايف (نسخة أخرى)  اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf    جوجل درايف     ----         اضغط هنا


google-playkhamsatmostaqltradent