recent
آخر المشاركات

خطبة الجمعة القادمة: عناية القرآن بالزمن وحديثه عن الأيام والسنين - للشيخ/ محمد حســــن داود (6 جمادى الآخرة 1444هـ - 30 ديسمبر 2022م)

خطبة بعنــــوان:
عناية القرآن بالزمن وحديثه عن الأيام والسنين
للشيخ/ محمد حســــن داود

(6 جمادى الآخرة 1444هـ - 30 ديسمبر 2022م)



 

العناصـــــر :            مقدمة.
- الزمن في القرآن الكريم. 
- حث القرآن الكريم والسنة النبوية على اغتنام الأيام والسنين.
- حرص السلف الصالح علي الأوقات.
- مخاطر إضاعة الأيام والسنين والأوقات وعدم اغتنامها.
- دعوة إلى اغتنام الأوقات بالأعمال الصالحة.

الموضـــــوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (سورة العصر) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ, وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ, وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ, وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغُلِكَ, وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ" (رواه الحاكم في المستدرك، والبيهقي في شعب الإيمان) اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد

فإن المتدبر في كتاب الله (عز وجل) يجد مدى عنايته بالزمن، إذ أقسم الله (عز وجل) به في كتابه العزيز بيانا لشأنه ومكانته، وحثا على اغتنام إقباله قبل إدباره، وتنبيها من الغفلة عن الانتفاع به رُقيا وتقدما وعملا وإنتاجا ومسارعة الى الخيرات والقربات والطاعات، قال تعالى: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) (الفجر1-3) وقال سبحانه: (وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) (الضحى 1-5) وقال جل وعلا: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (سورة العصر) وقال تعالى: (وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ) (المدثر34) وقال عز وجل: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ) (الليل1-2).
كما يجد في القرآن الكريم ربط أداء الفرائض بأوقات محدودة، مما يعظم قدر الزمن والوقت؛ ففي الصلاة يقول تعالى:(إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) (النساء103)،ولما سئل النبي (صلى الله عليه وسلم) عن أفضل الأعمال: قال: "الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا"، وفي الزكاة يقول عز وجل:(وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) (الأنعام141)، وفي الصيام يقول جل وعلا: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (البقرة185)، وفي الحج يقول سبحانه: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) (البقرة 197).
كما يجد أن الله (سبحانه وتعالى) جعل مرور الزمان والأيام والسنين آية من آياته الدالة على كمال قدرته، فقد قال سبحانه (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا) (الإسراء 12) 
الكون كله من حولنا يذكرنا بعظيم شأن الزمن ويدعونا إلى التمسك بنفعه، قال تعالى (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ )(يس38-39)، فطلوع الشمس وغروبها، والقمر الذي قدره الله منازل كل يوم تراه أصغر أو أكبر من اليوم الذي قبله، وحركة الكون والكواكب والأرض، كل ذلك يذكرنا بمكانة الوقت.
كذلك الناظر في القرآن الكريم يجد دعوة القرآن الي النظر في الأزمان السابقة والاعتبار بما كان فيها، كما في قوله تعالى: ﴿أَفَلَمۡ یَسِیرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَیَنظُرُوا۟ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ﴾ (غافر ٨2)
كذلك يجد دعوته إلى اغتنام الأيام والسنين بالعمل الصالح، فقد قال تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (الحجر 99)، وما أعظم قول عمر بن عبد العزيز:" إِنَّ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ يَعْمَلَانِ فِيكَ، فَاعْمَلْ فِيهِمَا" أي يعملان ضعفا في بدنك، وانحناء في ظهرك، وشيبا في رأسك، وضعفا في قوتك، وعشى في بصرك، وثقلا في سمعك، إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما. ولله در القائل:
دَقّاتُ قَلبِ المَرءِ قائِلَةٌ لَهُ *** إِنَّ الحَياةَ دَقائِقٌ وَثَواني

ولقد علم السلف الصالح أن الزمن والوقت هو العمر، فكانوا في أشد الحرص عليه، مكثرين من النصح فيه، يقول الحسن البصري (رحمه الله): " أَدْرَكْتُ أَقْوامًا كَانُوا عَلَى أَوْقَاتِهِمْ أَشَدَّ حِرْصًا مِنْكُمْ عَلَى دَرَاهِمِكُمْ وَدَنَانِيرِكُمْ"
فقد قيل لسفيانَ الثوري: اجلس معنا نتحدث، قال: "كيف نتحدثُ والنهارُ يعملُ عملَه". ونقل عن عامر بن قيس (من التابعين) أن رجلاً قال له: تعال أكلمك، قال: "أمسك الشمس" يعني أوقفها لي واحبسها عن المسير لأكلمك، فإن الزمن سريع المضي لا يعود بعد مروره، فخسارته لا يمكن تعويضها واستدراكها، وعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ مَسْعُودٍ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) أَنَّه كَانَ يَقُولُ: "مَا نَدِمْتُ عَلَى شَيْءٍ نَدَمِي عَلَى يَوْمِ غَرَبَتْ شَمْسُه نَقَصَ فِيهِ أَجْلِي، وَلَمْ يَزْدَدْ فِيهِ عَمَلِي"، ومن ثم فإن كانت الحكمة تقول الوقت من ذهب، فالحق أن نقول: "الوقت أثمن من الذهب" إذ إن الوقت هو عمر الإنسان، هو حياته، هو رأس ماله ،يقول الحسن البصري (رحمه الله) "يا ابن آدم، إنَّما أنت أيَّام، كلَّما ذهب يومٌ ذهب بعضُك".

ولقد ذكر لنا القرآن الكريم موقفين للإنسان يندم فيهما على ضياع الأيام والسنين والأوقات حيث لا ينفعه الندم، الموقف الأول: ساعة الاحتضار؛ حيث يستدبر الإنسان الدنيا وما فيها، ويستقبل الآخرة بما أَعد لها من عمل، ويتمنى لو أعطي مهلة من الزمن، ويؤجل إلى أجل قريب ليصلح ما أفسد ويتدارك ما فات، وفي هذا يقول ربنا تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ * وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المنافقون8-11) ويقول سبحانه: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (المؤمنون 99- 100) 
نعم لا شك أن العبد في هذا الوقت يتذكر أوقاته وحسناته وسيئاته ويتمنى لو زاد العمر دقائق يزيد بها أعماله عملا صالحا وإن قل، فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَرَّ بِقَبْرٍ، فَقَالَ : "مَنْ صَاحِبُ هَذَا الْقَبْرِ؟ " فَقَالُوا : فُلانٌ، فَقَالَ: " رَكْعَتَانِ أَحَبُّ إِلَى هَذَا مِنْ بَقِيَّةِ دُنْيَاكُمْ "(رواه الطبراني)  
والموقف الثاني: يكون في الآخرة: يوم توفى كل نفس ما عملت، وتجزى بما كسبت ويدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، هنالك يتمنى أهل النار لو يعودون مرة أخرى إلى الحياة الدنيا ليجتهدوا في كل عمل صالح، ولكن هيهات هيهات لما يطلبون فقد انتهى زمن العمل وجاء زمن الجزاء، يقول تعالى: ( وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ ) (فاطر37). 

إن بركة الأعمار والأوقات ليست بطول أيامها وسنواتها مع تضييعها، وإنما بركتها في اغتنامها بصالح الأعمال، فعن أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ، قَالَ: "مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ"، قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قَالَ: "مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ": (رواه الترمذي) فاللبيب الفطن يعلم أن أنفاسه معدودة، وساعاته في الدنيا محدودة، وأن عمره هو رأس ماله، ولا يمكن أن يَسعد إذا أهمل هذا العمر، فيغتنمه في الطاعات ويزينه بفعل الصالحات، فقد قال الله (سبحانه وتعالى) (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (ال عمران 133)، ويقول سبحانه (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) (الزلزلة7- 8) ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم) :"لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: عَنْ عُمْرهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ عَلِمهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ" (رواه الطبراني) ويقول الحسن البصري: "ما من يوم يمرُّ على ابن آدم إلا وهو يقول: يا ابن آدم، أنا يوم جديد، وعلى عملك شهيد، وإذا ذهبت عنك لم أرجع إليك، فقدِّم ما شئت تجده بين يديك، وأخِّر ما شئت فلن يعود إليك أبداً". ورحم الله من قال:                  
إِنَّا لَنَفْــــــــــــــرَحُ بِالْأَيَّامِ نَقْطَعُهَا *** وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِي مِنَ الْأَجَـــلِ
فَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ مُجْتَهِدًا *** فَإِنَّمَا الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ فِي الْعَمَلِ
وانظروا معي إلى هذا الرجل الذي جاء يسأل النبي  (صلى الله عليه وسلم): فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فقَالَ له النبي (صلى الله عليه وسلم): "وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا". قَالَ: لاَ شَيْءَ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَقَالَ: "أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ" (رواه البخاري) فلقد سأل الرجل عن الزمن الذي تقوم فيه الساعة، وأجابه رسول الله عن عمله في أيامه وزمنه، فالزمن سيمر ولكن ماذا عملت فيه، والساعة آتية لا ريب فيها ولكن ماذا أعددت لها، ولما سأله رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الأَسْلَمِيُّ مرافقته في الجنة فدله على اغتنام أيامه وأوقاته، فقال " فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ " ويتضح لنا أثر هذا الحرص على الأيام والسنين والأوقات فيما جاء عن بُرَيْدَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) "سَمِعَ خَشْخَشَةً أَمَامَهُ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا : بِلالٌ ، فَأَخْبَرَهُ وَقَالَ : بِمَ سَبَقْتَنِي إِلَى الْجَنَّةِ ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحْدَثْتُ إِلا تَوَضَّأْتُ، وَلا تَوَضَّأْتُ إِلا رَأَيْتُ أَنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ رَكْعَتَيْنِ أُصَلِّيهُمَا ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بِهَا " (رواه ابن حبان) .
وقد قيل أن الفضيل بن عياض (رحمه الله) قال لرجل: "كم عمرك؟ فقال الرجل: ستون سنة، قال الفضيل: إذًا أنت منذ ستين سنة تسير إلى الله تُوشِك أن تَصِل، فقال الرجل: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، فقال الفضيل: يا أخي، هل عرفتَ معناه، قال الرجل: نعم، عرفت أني لله عبد، وأني إليه راجع، فقال الفضيل: يا أخي، مَن عرف أنه لله عبد وأنه إليه راجع، عرف أنه موقوف بين يديه، ومَن عرف أنه موقوف عرف أنه مسؤول، ومَن عرف أنه مسؤول فليُعدَّ للسؤال جوابًا، فبكى الرجل، فقال: يا فضيل، وما الحيلة؟ قال الفضيل: يسيرة، قال الرجل: وما هي يرحمك الله؟ قال الفضيل: أن تتقيَ الله فيما بقي، يَغفِر الله لك ما قد مضى وما قد بقي.

ان الأيام تتسارع، والأزمنة تتلاحق والأوقات تتقارب والصحة يفجؤها السقم، والقوة يعتريها الوهن، والشباب يعقبه الهرم، ولقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) " بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا: هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلا فَقْرًا مُنْسِيًا، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا، أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا، أَوْ الدَّجَّالَ؛ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ؛ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ"، وقال أيضا " اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ, وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ, وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ, وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغُلِكَ, وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ " (رواه الحاكم في المستدرك، والبيهقي في شعب الإيمان)

فَبَـــادِرْ شَبَابَـــكَ أَنْ يَهْرَمَــا  ***  وَصِحَّـــةَ جِسْمِـــكَ أَنْ تَسْقَمَا
وَأَيَّامَ عَيْشِكَ قَبْلَ الْمـَمَــاتِ  ***  فَمَا دَهْرُ مَنْ عَاشَ أَنْ يَسْـلَمَا
وَوَقْـتَ فَـرَاغِــكَ بَـــادِرْ بهِ  ***  لَيَــــالِيَ شُغْلِكَ فِي بَـعْضِ مَا
وَقَــدِّمْ فَكُـــلُّ امْـرِئٍ قـَــادِمٌ  *** عَلَى بَعْضِ مَا كَانَ قَدْ قَدَّمَـــــا

اللهم أصلح لنا أوقاتنا واجعل خير أعمارنا أواخرها وخير أيامنا يوم نلقاك
واحفظ
مصر من كل مكروه وسوء

=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
باحث دكتوراه في الفقه المقارن


للتحميــل word   رابط مباشر      -----        اضغط هنا 

للتحميــل word   رابط مباشر (نسخة أخرى)  اضغط هنا 

للتحميــل pdf   رابط مباشر     -----         اضغط هنا 


للتحميــل word   جوجل درايف    -----        اضغط هنا 

للتحميــل word جوجل درايف (نسخة أخرى)  اضغط هنا 

للتحميــل pdf    جوجل درايف     ----         اضغط هنا

 


google-playkhamsatmostaqltradent