recent
آخر المشاركات

 

خطبة بعنــــوان:
من دروس الإســـــراء
الفـــــــرج بعــــــد الشــــدة

للشيخ / محـمـد حســــن داود

(21 رجب 1445هـ - 2 فبراير 2024م)



العناصــــــر:
- مقدمات بين يدي الإسراء والمعراج.
- الفرج بعـد الشدة
من دروس الإسـراء.
- الفرج بعـد الشدة قصص ومواقف.
- الإسراء والمعراج منح وعطايا.

 الموضوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) (الإسراء 1)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" (رواه أحمد)، اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد

تظل السيرة النبوية منبعا عذبا وموردا صافيا، ينهل منه المسلمون الدروس والعبر في كل زمان ومكان، ونحن إذ تعود علينا الأيام بذكرى "الإسراء والمعراج" تلك المعجزة العظيمة، يجدر بنا أن نقف منها على بعض الدروس والعبر؛ وإن كانت حافلة بالدروس إلا أن من أعظمها: أن بعد الشدة فرج، ومع العسر يسر، وفي طيات المحن منح.

فبعد أن مَنَّ الله (تعالى) على المؤمنين ببعثة النبي (صَلى الله عليه وسلم)، دعا قومه إلى عبادة الله وحده، فمنهم من استجاب، ومنهم من تعهده بالإيذاء والافتراءات والأكاذيب، وهكذا تواترت الابتلاءات على النبي (صَلى الله عليه وسلم)، وتضاعفت بوفاة أم المؤمنين خديجة (رضي الله عنها وهي التي جاءها الرسول (صلى الله عليه وسلمَ) في أول ساعات الوحي نزولا فطمأنته وآزرته وأعانته، وسارعت فصدقته، وهي التي قال في حقها: "ما أبدَلَني اللهُ (عزَّ وجلَّ) خَيرًا منها، قد آمَنَتْ بي إذ كفَرَ بي الناسُ، وصدَّقَتْني إذ كذَّبَني الناسُ، وواسَتْني بمالِها إذ حرَمَني الناسُ، ورزَقَني اللهُ (عزَّ وجلَّ) ولَدَها إذ حرَمَني أولادَ النِّساءِ". وكذلك وفاة عمه أبو طالب وهو الذي كفله واحتضنه وهو صغير، ثم دافع عنه حين بعث، إذ يفقد الحبيب النبي (صَلى الله عليه وسلم) في عام واحد مدافعا قويا خارج البيت، ومن يهون عليه المصاعب ويخفف عنه الآلام داخل البيت، فتزيد قريش من الإيذاء والتضييق عليه، حتى خرج النبي (صَلى الله عليه وسلم) إلى الطائف، يأمل أن يجد قبولا بينهم، لكن كان ردهم قاسيا، إذ أغروا به غلمانهم وصبيانهم فتبعوه يسبونه ويصيحون به ويرمونه بالحجارة، حتى أدموا عقبيه، فرجع صلى الله عليه وسلمَ مهموما مغموماً رافعاً أكف الضراعة إلى الله (تعالى) داعيا: "اللّهُمّ إلَيْك أَشْكُو ضَعْفَ قُوّتِي، وَقِلّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النّاسِ يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ أَنْتَ رَبّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبّي، إلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهّمُنِي؟ أَمْ إلَى عَدُوّ مَلّكْتَهُ أَمْرِي؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي، وَلَكِنّ عَافِيَتَك هِيَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِك الّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظّلُمَاتُ وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَك، أَوْ يَحِلّ عَلَيّ سُخْطُكَ لَك الْعُتْبَى حَتّى تَرْضَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلّا بِك" (سيرة ابن هشام)، ولم يدخل مكة إلا في جوار المطعم بن عدى.

في ظل هذه الأجواء والظروف الحرجة، وبعد الشدة كان الفرج، ومن هذه المحنة كانت المنحة؛ إذ يمن الله (عز وجل) على نبيه بهذه المعجزة العظيمة، تصديقا له وتثبيتا لقلبه وتسرية عن نفسه، معجزة لعلو مكانتها خلد الله (جل وعلا) ذكرها في موضعين من القرآن الكريم؛ قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) (الإسراء 1) وقال سبحانه: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ) (النجم 1-14)

فإن كان النبي (صلى الله عليه وسلمَ) قد قطع طريقه في رحلته الى الطائف سيرا على الاقدام ففي الإسراء ركب البراق، كما جاء عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ (صَلى الله عليه وسلم) قَالَ: "أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ: وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ. يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، قَالَ، فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ...". وكان رفيقه في رحلته جبريل (عليه السلام). وإن كان في الطائف صده أهل الطائف وآذوه و سلطوا عليه الغلمان فألقوه بالحجارة حتى أدموا عقبيه، ففي الإسراء والمعراج كان في استقباله الملائكة والأنبياء بكل حفاوة؛ حيث رأي في الأولى: آدم، وفي الثانية: عيسى ويحي، وفي الثالثة: يوسف، وفي الرابعة: إدريس، وفي الخامسة: هارون، وفي السادسة: موسى، وفي السابعة إبراهيم (عليهم الصلاة والسلام). وإن كان رأى من أهل الطائف جحودا فقد رأى من أهل السماء محبة، ثم إنه رأى من آيات ربه الكبرى، ووصل سدرة المنتهى، قال تعالى: (ولَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ) (النجم 13- 16)، فأزالت الإسراء والمعراج متاعب الماضي وآلامه، وكأن لسان الحال يقول: إن كنت يا نبي الله فقدت حماية العم فأنت محاط بحماية الرب، لا تظن أن جفاء بعض أهل الأرض يعني جفاء أهل السماء، فإن كان من أهل الأرض من لا يعرفون قدرك؛ فإن أهل السماء يعرفون منزلتك.

إن الدنيا متغيرة الأحوال، لا تستقيم لأحد على حال؛ ضيق وفرج، فرح وحزن، شغل وفراغ، فقر وغنى، عافية وبلاء، صحة ومرض، وفي كل خير؛ فَعَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):" عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" (رواه مسلم)؛ والحياة الدنيا مليئة بالمحن والابتلاءات، فقد قال تعالى: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) (الأنبياء: 35)

وإن المتدبر لآيات القرآن الكريم وسنة سيد المرسلين وقصص السابقين، يجد جليا أن الشدة لا تدوم، بل يعقبها فرج ويسر، فرح وسرور، فمن المحال دوام الحال، فقد قال تعالى: (سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) (الطلاق: 7)، وقال جل وعلا : (فَإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا) (الشرح: 5-6)، ويقول النبي (صلى الله عليه وسلمَ): "وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" (رواه أحمد) وعن ابن مسعود (رضى الله عنه): " لو كان العُسْرُ في جُحرٍ لتَبِعَهُ اليُسْر، حتى يَدخُلَ فيه فَيُخْرِجَه، ولن يغلِبَ عُسرٌ يُسرَيْن". ولله در القائل

ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعا *** وعند الله منها المخـــــــرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتهـــــــا *** فرجت وكنت أظنها لا تفرج

إن من فضل الله (عز وجل) وكرمه ورحمته وعظيم جوده أن جاء قوله تعالى: (سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) (الطَّلاق: 7) بصيغة الوعد، والله ( سبحانه وتعالى) لا يخلف وعده، وأن هذه الصيغة تفيد الاستمرار، أي: أنه سبحانه وتعالى في كل عسر سيجعل للعبد منه يسرا، سبحانك ربي ما أكرمك، سبحانك ربي ما أرحمك.

فيا من داهمته الأحزان، وبات وهو سهران، وأصبح في أمره حيران، يا من أضناه الهم، وأبكاه الكرب، أنسيت من بيده الخير والضر، وهو سبحانه القائل: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) (النمل 62) ولله در القائل:

يا صاحبَ الهمِّ إنَّ الهمَّ مُنْفَرِجٌ *** أَبْشِرْ بخيرٍ فــــــإنَّ الفارجَ اللهُ
اليـــأسُ يَقْطَعُ أحيانًا بصاحِبِهِ *** لا تَيْئَسَنَّ فــــــــــإنَّ الكافيَ اللهُ
اللهُ يُحْدِثُ بعـــدَ العُسرِ مَيْسَرَةً *** لا تَجْزَعَنَّ فـــــــإنَّ القاسمَ اللهُ
إذا بُلِيتَ فثقْ باللهِ، وارْضَ بهِ *** إنَّ الذي يَكْشِفُ البَلْوَى هو اللهُ
واللهِ مَا لَـــكَ غيرُ اللهِ مِن أحدٍ *** فحَسْبُك اللهُ في كــــــــلٍّ لكَ اللهُ

فكم مر بالخليل إبراهيم (عليه السلام) من عسر، إذ تُشْعل النار ليلقى فيها حيا؛ فكان اليسر والفرج في لحظات إلقائه؛ قال تعالى: ( قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ) (الأنبياء:68، 69)،  وهذا يونس (عليه السلام) من السفينة بين الناس، إلى بحر متلاطم الأمواج، فالتقمه الحوت، فإذا هو في ظلمات ثلاث (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (الأنبياء 87)، فكان الفرج والسرور، إذ يقول الله تعالى (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) (الأنبياء 88) وهذا أيوب (عليه السلام) يمكث في المرض سنين حتى اشتد كربه وعظم عسره، فكان اليسر من الله تعالى متتابعا بعافية وأهل ومال؛ قال تعالى (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) (الأنبياء:84) ، وهذه أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها)، في حادثة الإفك تبكي أياماً متواصلة، حتى انقطع دمعها، وكان لا يأتيها النوم، ثم جاءها فرج الله بتبرئتها من فوق السبع الطباق، وفرج الله همها، وأذهب كربها بآيات تتلى إلى يوم الدين. وتدبر قول أم سلمة (رضي الله عنها): سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صَلى الله عليه وسلم) يَقُولُ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللهُ: إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَخْلَفَ اللهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا، قَالَتْ: ‌فَلَمَّا ‌مَاتَ ‌أَبُو ‌سَلَمَةَ ‌قُلْتُ: ‌أَيُّ ‌الْمُسْلِمِينَ ‌خَيْرٌ ‌مِنْ ‌أَبِي ‌سَلَمَةَ؟ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلمَ)، ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا، فَأَخْلَفَ اللهُ لِي رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلمَ)" (رواه مسلم).

إن الشدائد مهما تعاظمت لا تدوم على أصحابها، ولا تخلد على مصابها، بل إنها أقوى ما تكون اشتدادا وامتدادا أقرب ما تكون انفراجا، فيأتي العون من الله والإحسان عند ذروة الشدة والامتحان، وهكذا نهاية كل ليل غاسق فجر صادق، فكل كرب ينزل بالمؤمن فإن معه فرجا لا محالة، ومن علم ذلك وأيقن به فعليه أن يصبر على قضاء الله ولا يسلم قلبه لليأس والقنوط، بل يطلب من الله الرعاية، ويسأله العناية، ويتوكل عليه ويأخذ بالأسباب فإن كان مريضا أخذ بأسباب الشفاء، وإن كان فقيرا أخذ بأسباب الكسب الحلال، وفي كل أموره لا يغفل عن الدعاء، ففي هذه الرحلة المباركة (الإسراء والمعراج) يضرب لنا النبي (صَلى الله عليه وسلم) أروع مثال في الأخذ بالأسباب حين ركب البراق واقتدى في المسيرة بجبريل (عليه السلام) ثم ربط البراق قبل الصعود إلى السماء ولم يتركه هملا .

فيا من ابتلي بالمصائب، وأصابته الشدائد؛ ثق بربك وأيقن بمولاك، واعلم أن خلاصك بيد الله؛ فتوجه إليه بالسؤال، وارج منه النوال، واسأله كشف البلاء، مخلصا إليه اللجوء والدعاء،

افزع إلى الله واقرع بابَ رحمتهِ *** فهو الرجاءُ لمن أعيت بهِ السُبلُ
وإن أصابكَ عُسْرٌ فانتظرْ فرجًــا *** فالعسرُ باليسرِ مقرونٌ ومتصــلُ

إن الإسراء والمعراج معجزة إلهية متكاملة، كانت ولا زالت معجزة بكل المقاييس والمعايير، وقفت أمامها العقول حائرة والأبصار متأملة، وكما كان فيها دروسا وعبرا كان فيها للأمة نصيبا كبيرا من المنح والعطايا والخيرات، منها :

- الصلاة: فهي عبادة جليلة يشترك فيها أهل السماء مع أهل الأرض، هي أُم العبادات وأساس الطاعات، راحة لكل مهموم وفرج لكل مكروب فيها يناجى العبد مولاه وهو منه أقرب ما يكون ولذا كان (صَلى الله عليه وسلم) يقول:" أرحنا بها يا بلال". كما يقول صَلى الله عليه وسلم: "أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ".

- ومنها ما جاء في حديث الإسراء والمعراج الذي رواه البخاري ومسلم، وفيه: "وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرا، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ شَيْئا، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً".

- ومنها: ما جاء في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ المَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ " (رواه الترمذي)

- ومنها: ما جاء في قول ابن مسعود: "فَأُعْطِيَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ثَلَاثًا: أُعْطِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَأُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَغُفِرَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللهِ مِنْ أُمَّتِهِ شَيْئًا، الْمُقْحِمَاتُ " (رواه مسلم).

ومنها: لما صعد صَلى الله عليه وسلم إلى السماء السادسة ورأى موسى (عليه السلام)، وبعد أن سلم عليه، بكى موسى، فقيل له: "ما يبكيك؟"، فقال: "أَبْكِي لِأَنَّ غُلاَمًا بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي" (رواه البخاري).

فاللهم أجعلنا ممن يدخلون الجنة بلا حساب ولا سابقة عذاب
واحفظ اللهم مصر من كل مكروه وسوء

=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
باحث دكتوراه في الفقه المقارن

 لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر      -----      اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf   رابط مباشر     -----      اضغط هنا 


 

 

google-playkhamsatmostaqltradent