خطبة بعنـــــــوان :
الأسباب الظاهرة والباطنة لرفع البلاء
ووجوب طاعة ولي الأمر
للشيخ / محمد حســـن داود
الأسباب الظاهرة والباطنة لرفع البلاء
ووجوب طاعة ولي الأمر
للشيخ / محمد حســـن داود
ولتحميل الخطبة : word ( رابط مباشر) اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : word (نسخة أخرى، برابط مباشر)اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : pdf ( رابط مباشر) اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : word ( جوجل درايف) اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : word (نسخة أخرى، جوجل درايف)اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : pdf ( جوجل درايف) اضغط هنا
العناصـــــر :
- الابتلاء من سنن الله تعالى في خلقه .
- وجوب طاعة ولي الأمر.
- من الاسباب الظاهرة لرفع البلاء .
- من الاسباب الباطنة لرفع البلاء .
- الابتلاء من سنن الله تعالى في خلقه .
- وجوب طاعة ولي الأمر.
- من الاسباب الظاهرة لرفع البلاء .
- من الاسباب الباطنة لرفع البلاء .
الموضـــــوع:
الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز ( وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ
فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ )الانبياء35) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف " مَا مِنْ
عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ بِسْمِ اللَّهِ
الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ
السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ "رواه الترمذي
وقال: حسن صحيح غريب ) اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان
إلى يوم الدين، وبعد
إن من سنن الله تعالى في خلقه: أن يبتلي
عباده بشتى أنواع البلاء، فقد قال الله تعالى ( وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً
وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ )الانبياء35) ومن ينظر كتاب الله جل وعلا، وسنة نبيه صلى الله
عليه وسلم، يجد لدفع البلاء ورفعه أسباب، منها ظاهرة وأخرى باطنة،
- فأما الظاهرة فمنها ما هو لأهل العلم
والاختصاص، ويتحتم علينا الأخذ بتوجيهاتهم وها أنا وأنت نأخذ عنهم هذه التوجيهات من
المصادر الرسمية لمؤسسات الدولة دون أن ننظر او ننساق خلف المواقع المشبوهة أو الصفحات
المجهولة، فطاعة ولى الأمر واجبة، ولقد قال الله جل وعلا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) النساء 59)
- ومنها العناية بالنظافة؛ فهي جزء من حياة
المسلم، وطابع لا غنى له عنه؛ ولا أدل على حرص الإسلام على الطهارة من دخولها في صلب
الأحكام الشرعية وجعلها مفتاحا، بل وشرطا، لركن من أركان الإسلام، إذ يقول المولى جل
وعلا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ
إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ... ) المائدة6) وعَنْ عَلِيٍّ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"
مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ ..." رواه أبو داود) وما اعظم مكانتها في قول
النبي صلى الله عليه وسلم "الطَّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ " رواه مسلم )
ولم يكتف الإسلام بدعوة الإنسان إلى النظافة عند الصلاة وفقط، بل استكمل الصورة لتشمل
جميع الاوقات، ولتشمل الجسد والملبس والبيت والشارع والبيئة المحيطة؛ فقد قال الله
تعالى (وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ )المدثر4) وقال سبحانه (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ
عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)الأعراف 31) وقال صلى الله عليه وسلم " طَهِّرُوا أَفْنِيَتَكُمْ
" رواه الطبراني) وعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ ، قَالَ : قُلْتُ :
" يَا رَسُولَ اللَّهِ ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ ، قَالَ
: أَمِطِ الأَذَى عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ " الأدب المفرد للبخاري) .
- التكافل والتراحم؛ فقد قال الله تعالى
(هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) الرحمن60)،وقال سبحانه (إِنَّ رَحْمَتَ
اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) الأعراف56)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"إن الصدقة تطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء" ويقول ايضا " داووا مرضاكم
بالصدقة "، ومن ينظر سنة النبي صلى الله عليه وسلم يجد مدي التأكيد على
التكافل والتراحم؛ فعن
أَبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه قَالَ:" بينَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم إِذ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ، فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ
يَمِينًا وَشِمَالًا، فَقَال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ
ظَهرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلى مَنْ لا ظَهْرَ لَهُ، وَمَن كانَ لَهُ فَضْلٌ مِن زَادٍ
فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَن لا زَادَ لَهُ، فَذَكَرَ مِن أَصْنَافِ المَالِ مَا ذَكَرَ
حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لا حَقَّ لأحدٍ مِنَّا في فَضْلٍ" رواه مسلم) وما أعظم
مدح النبي صلى الله عليه وسلم للأشعريين اذ يقول:" إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا
أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ ، جَمَعُوا
مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ
وَاحِدٍ ، بِالسَّوِيَّةِ ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ" رواه مسلم) فوقت
الابتلاء هو اكثر الاوقات التي تظهر فيها معادن الناس، ويظهر فيها الراحمون ممن قست
قلوبهم فاحتكروا ما يحتاج الناس اليه من طعام ودواء او غير ذلك، ولقد قال النبي صلى
الله عليه وسلم " لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا
خَاطِئٌ " رواه مسلم ) فالاحتكار سلوك ذميم يحمل في طياته بذور الهلاك لما يسببه
من غلاءٍ في الأسعار، وتضييق على الفقراء، ونشر الشحناء والأحقاد بين الناس، كما
أنه دليل على الأنانية وحبة الذات وتقديم النفس على حساب الآخرين، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم" لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ
" رواه البخاري) حب لا انانية فيه أو احتكار، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" مَنِ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللَّهِ،
وَبَرِئَ اللَّهُ مِنْهُ ". و عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنِ
احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ ضَرَبَهُ اللَّهُ بِالْجُذَامِ وَالْإِفْلَاسِ
" رواه بن ماجه ).
وكما يتحتم علينا أن نأخذ بالأسباب الظاهرة،
يتحتم أيضا ألأخذ بالأسباب الباطنة؛ ومن ذلك :
- الرجوع الى الله جل وعلا، وتحقيق التقوى
فقد قال تعالى ( وَبَلَوْنَاهُم بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
)الاعراف 168) وقال جل وعلا (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ
مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) الطلاق2).
-الدعاء والتضرع الي الله سبحانه
وتعالى، أن يرفع عنا البلاء وأن يدفع عنا الشدائد، فقد قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا
فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء
لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ) الأعراف94) وقال جل وعلا (وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ
مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ
* فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ
لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) الأنعام42،43)
- التوكل على الله عز وجل، فقد قال الله
تعالى (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ
قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق3)، وقال سبحانه(وَمَن يَتَوَكَّلْ
عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) الأنفال 49) وحقيقة التوكل على الله
جل وعلا: تفويض الأمر إليه سبحانه واليقين بأنه سبحانه هو الدافع للبلاء والرافع له،
وأنه على كل شيء قدير، له الخلق والأمر، يقول للشيء كن فيكون، سبحانه ما شاء كان، وما
لم يشأ لم يكن؛ وذلك مع الأخذ بأسباب العافية ورفع البلاء ودفعه؛ فها هو صلى الله عليه
وسلم يوجه إلى الأخذ بالأسباب حتى في اقل الأشياء؛ فعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قال: قَالَ
رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ
(يعنى ناقته ) وكأن هذا الرجل كان يظن أن الأخذ بالأسباب ينافي التوكل على الله تعالى،
فوجهه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن الأخذ بالأسباب أمر مطلوب، وهو من التوكل على
الله تعالى، فقال له صلى الله عليه وسلم " اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ " فاذا
كان النبي صلى الله عليه وسلم يوجه الى الاخذ بالأسباب في شيء قليل مثل هذا فكيف بالأمر
وقت الشدة؟؟؟
- حسن الظن بالله جل وعلا؛ ففي الحديث القدسي
" أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي "رواه البخاري) ولمكانة هذه العبادة أكد
عليها النبي صلى الله عليه وسلم أيما تأكيد، فعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بثلاث يقول " لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا
وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ" ففي
حسن الظن بالله امتثال أمره، وتحقيق عبوديته، وللعبد من ربه ما ظن به، وعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
أنه قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلا يَقُولُ : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي
بِي، إِنْ ظَنَّ خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ " رواه ابن حبان)
يقول ابن مسعود رضي الله عنه " والذي لا إله غيره ما أعطي عبد مؤمن شيئاً خيراً
من حسن الظن بالله عز وجل، والذي لا إله غيره لا يحسن عبد بالله عز وجل الظن إلا أعطاه
الله ظنه، ذلك بأن الخير بيده) ولقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم، على شاب وهو في
آخر لحظات عمره وسأله عن حاله كما جاء عَنْ أَنَسٍ ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ ، فَقَالَ : " كَيْفَ
تَجِدُكَ " ، قَالَ : وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي أَرْجُو اللَّهَ ،
وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلَّا أَعْطَاهُ
اللَّهُ مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ "الترمذي وقال حسن غريب)
- الصبر على البلاء؛ فقد قال تعالى (وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ
لِّلصَّابِرِينَ ) النحل126)، وقال سبحانه (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ
وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ
* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ
رَاجِعُونَ)البقرة 155، 56)
- صنائع المعروف على اختلاف الاشكال والالوان؛ فعن أم سلمة رضي الله
عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" صَنائِعُ المعروفِ تَقِي مَصارعَ السُّوءِ،
والصَّدقةُ خُفيًا تُطفِئُ غضَبَ الرَّبِّ، وصِلةُ الرَّحِمِ زيادةٌ في العُمُرِ، وكلُّ
مَعروفٍ صَدَقةٌ، وأهلُ المعروفِ في الدُّنيا هُمْ أهلُ المعروفِ في الآخِرَةِ، وأهْلُ
المُنكَرِ في الدُّنيا هُمْ أهلُ المُنكَرِ في الآخِرَةِ" ولقد ذكر الامام الشوكاني في كتابه "البدر الطالع بمحاسن من بعد
القرن السابع "قصة عجيبة ونكتة غريبة في بلد شامى الحرجة تسمى الحمرة وذلك أنه
كان فيها رجل من الزرعة وكان ذا دين وصدقة فاتفق أنه بنى مسجدا يصلى فيه وجعل يأتى
ذلك المسجد كل ليلة بالسراج وبعشائه فإن وجد في المسجد من يتصدق عليه أعطاه ذلك العشاء
وإلا أكله وصلى صلاته واستمر على ذلك الحال... اتفق هذا مع شدة ونضب ماء الآبار وكانت
له بير فلما قل ماؤها أخذ يحتفرها هو وأولاده فخربت تلك البير والرجل في أسفلها خرابا
عظيما حتى انه سقط ما حولها من الارض اليها فأيس منه أولاده ولم يحفروا له وقالوا قد
صار هذا قبره .... وكان ذلك الرجل عند خراب البئر في كهف فيها فوقعت الى بابه خشبة
منعت الحجارة من أن تصيبه فأقام في ظلمة عظيمة ثم إنه بعد ذلك جاءه السراج الذى كان
يحمله الى المسجد وذلك الطعام الذى كان يحمله كل ليلة وكان به يفرق ما بين الليل والنهار
واستمر له ذلك مدة ست سنين والرجل مقيم في ذلك المكان على تلك الحال ثم انه بدا لأولاده
أن يحفروا البئر لإعادة عمارتها فحفروها حتى انتهوا الى أسفلها فوجدوا أباهم حيا فسألوه
عن حاله فقال لهم ذلك السراج والطعام الذى كنت أحمل الى المسجد يأتينى على ما كنت أحمله
تلك المدة فعجبوا من ذلك، فصارت قضية موعظة يتوعظ بها الناس في أسواق تلك البلاد .
- التحلِّي بمكارمِ الأخلاق وجميل الصفات؛ إذ يقول
الامام العيني في قول أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم
" كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ،
وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى
نَوَائِبِ الحَقِّ": فيه أن مكارم الأخلاق وخصال الخير سبب للسلامة من مصارع الشر
والمكاره" عمدة القاري)
- التحصين بذكر الله جل وعلا ؛ فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال
: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :" مَنْ قَالَ : بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ
فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثُ
مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ ) رواه
أبو داود) وعند الترمذي" مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ
كُلِّ لَيْلَةٍ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ
وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَضُرَّهُ
شَيْءٌ "رواه الترمذي وقال: حسن صحيح غريب ) وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال:" جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله
عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي البَارِحَةَ،
قَالَ : أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ
مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرَّكَ ) رواه مسلم )وفي رواية للترمذي: " مَنْ
قَالَ حِينَ يُمْسِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ
شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ حُمَةٌ تِلْكَ اللَّيْلَةِ". وعن عبد الله بن خبيب رضي الله عنه قال :"خَرَجْنَا فِي لَيْلَةِ مَطَرٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ لَنَا ، فَأَدْرَكْنَاهُ فَقَالَ
: أَصَلَّيْتُمْ ؟ فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا . فَقَالَ :" قُلْ ". فَلَمْ أَقُلْ
شَيْئًا . ثُمَّ قَالَ : "قُلْ ". فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا . ثُمَّ قَالَ
:" قُلْ ". فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَقُولُ ؟ قَالَ : قُلْ
: ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبِحُ
ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) رواه
أبو داود والترمذي، وقال النووي إسناده صحيح).
اللهم عافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وقنا واصرف عنا شر ما
قضيت، واصرف عنا وبلادنا البلاء، واحفظ مصر من كل مكروه وسوء
===== كتبه =====
محمد حســـــــن داود
إمام وخطيب ومدرس
محمد حســـــــن داود
إمام وخطيب ومدرس