خطبة بعنــوان:
عناية الإســـلام بالنشء
للشيخ/
محمد حســن داود
(19 ذو الحجة 1444هـ - 7 يوليو 2023م)
العناصـــــر : مقدمة.
- النشء هم أجيال المستقبل.
- جملة من مظاهر عناية الإسلام بالنشء.
- دعوة إلى الاهتمام بحقوق النشء ورعايتهم .
الموضـوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في
كتابه العزيز: (لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ
لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا
وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ) (الشورى49-50)،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله،
القائل في حديثه الشريف " كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُوْلُ
" (رواه أبو داود والنسائي) اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
لما كانت مرحلة
الطفولة، مرحلة أساسية في بناء شخصية وسلوك الفرد، الذي بدوره هو جزء من المجتمع، كان
اهتمام الإسلام بأمرها اهتماما بالغا، فمع أن الأبناء نعمة ومنة وهبة من الله (عز
وجل)، مع أنهم زهرة الحياة الدنيا وزينتها، وبهجة النفوس وقرة الأعين، إذ يقول الله
(جل وعلا): (لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ
لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا
وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ) (الشورى49-50)،
ويقول سبحانه: (لْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ
الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا )الكهف46) هم أيضا جيل
الغد و رجال المستقبل.
ومن ثم كانت
عناية الإسلام بالنشء، حتى وضع الضوابط والتوجيهات التي على أثرها ينال الطفل حقه في
الرعاية والنشأة الكريمة؛ ومن ذلك:
- إتمام فترة الرضاعة:
قال تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ
أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا
وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ) (البقرة233) ولقد أثبتت البحوث الصحية والنفسية في
الوقت الحاضر أن إتمام فترة الرضاعة ضرورية لنمو النشء نموا سليما من الوجهتين الصحية
والنفسية، فمع أن إرضاع الأم للطفل غذاء، إلا أنه يكون ممزوجا بعطفها وحنانها ودفء
أحضانها، وفي ذلك غذاء عاطفي رفيع؛ الحاجة إليه ليست أقل من الحاجة إلى الطعام والشراب.
- كذلك من مظاهر
العناية بالنشء: تسميته باسم حسن، فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ " (رواه أبو
داود ).
فلقد حث الإسلام
على انتقاء الأسماء الطيبة للأطفال ولعل من جوانب العلة في ذلك؛ مراعاة الجانب النفسي
عند الطفل، وهذا الجانب يمثل أساسا من أهم الأسس التي تبنى شخصية الفرد من طفولته ويظهر
هذا جليا فيما روى أن عمر ابن الخطاب، (رضي الله عنه): جاءه رجل يشكو إليه عقوق ابنه،
فأحضر عمر الولد وابنه وأنَّبه على عقوقه لأبيه، ونسيانه لحقوقه، فقال الولد: يا أمير
المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال عمر:
أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه الكتاب (أي القرآن)، قال الولد: يا أمير المؤمنين
إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك، أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي، وقد سماني جُعلاً
(أي خنفساء)، ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحداً. فالتفت عمر إلى الرجل وقال له: جئت
إليَّ تشكو عقوق ابنك، وقد عققته قبل أن يعقك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك ".
إذ إن الطفل يتأثر
نفسياً باسمه وكنيته، وتتأثر رؤيته لنفسه بذلك، فنجد بعض الأطفال يعانون من أسمائهم؛
لأنها تحمل معان سيئة، فتسبب لهم حرجاً عظيماً، بينما لو منحه أبواه اسماً جميلاً،
ذا معنى ومغزى، انعكس ذلك عليه بهجة وسعادة، و في الغالب أيضا سعيا إلى الصفات الحميدة
التي يحملها هذا الاسم؛ ولقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يحب الأسماء الجميلة،
ويبدل غيرها؛ فغير اسم عاصية: وقال أنت جميلة، وسمى حربا: سلماً، وشعب الضلالة: شعب
الهدى، ولما رأى سهيل بن عمرو مقبلاً يوم صلح الحديبية قال سهل أمركم؛ وفي صحيح البخاري،
عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ:" أَنَّ أَبَاهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ
(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: حَزْنٌ قَالَ: أَنْتَ
سَهْلٌ ، قَالَ: لَا أُغَيِّرُ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِي، قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ:
فَمَا زَالَتْ الْحُزُونَةُ فِينَا بَعْدُ".
- ومن صور العناية
بالنشء نفسيا ووجدانيا: الإحسان والرحمة وإدخال السرور عليهم وعدم الغلظة معهم, فعَنْ
عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم)، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله
عليه وسلم) قَالَ: يَا عَائِشَةُ: "إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُك الرِّفْقَ،
وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى
مَا سِوَاهُ" (رواه مسلم)، ويقول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الرِّفقَ لا
يَكُونُ في شيءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيءٍ إِلَّا شَانَهُ"
(رواه مسلم)
ولقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يحسن إلى
الأطفال ويرفق بهم فعَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ ، قال : " بَيْنَا رَسُولُ
اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ, إِذْ أَقْبَلَ الْحَسَنُ
وَالْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمَا السَّلَام), عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَمْشِيَانِ
وَيَعْثُرَانِ فَنَزَلَ وَحَمَلَهُمَا , فَقَالَ : " صَدَقَ اللَّهُ (إِنَّمَا
أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) (سورة التغابن آية 15)، رَأَيْتُ هَذَيْنِ
يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ فِي قَمِيصَيْهِمَا, فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى نَزَلْتُ فَحَمَلْتُهُمَا"
(رواه النسائي ) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، أَبْصَرَ
النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، يُقَبِّلُ الْحَسَنَ، فَقَالَ: إِنَّ
لِي عَشْرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ وَاحِدًا مِنْهُمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): إِنَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمْ، لَا يُرْحَمْ"
(رواه مسلم)، وعَنْ عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) قَالَتْ: "جَاءَ أَعْرَابِيٌّ
إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ: تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ؟
فَمَا نُقَبِّلُهُمْ ،فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "أَوَأَمْلِكُ
لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ " (رواه البخاري).
- كذلك من مظاهر
عناية الإسلام بالنشء وجدانيا ومعنويا: نهي المصطفى (صلى الله عليه وسلم) عن الدعاء
على الأولاد: فعن جابر (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
"لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا
تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنْ
اللَّهِ تبارك وتعالى سَاعَةَ نَيْلٍ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ " (رواه
أبو داود)، بل كان أنبياء الله وخيرته من خلقه يسألون الله لذريتهم الصلاح والهداية،
قال تعالى حكاية عن الخليل إبراهيم (عليه السلام): (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ
وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) (إبراهيم40) كما أن من صفات عباد الرحمن كما ذكرها الله تعالى
في سورة الفرقان أنهم يتوجهون إلى الله في دعائهم أن يرزقهم صلاح الذرية التي تقر بها
أعينهم وتدخل السرور على نفوسهم، قال تعالى: ( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا
وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) (الفرقان
74) وها هو الرجل الصالح الذي أنعم الله عليه بنعمه، يتذكر نعم الله عليه، ويقول شاكرا
لنعم الله، وأفضاله: ( رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ
عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي
ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (الأحقاف 15).
- كذلك من مظاهر
عناية الإسلام بالنشء رعايته سلوكيا واجتماعيا؛ فعلى الوالدين غرس المثُل الطيبة والقيم
النبيلة في نفوس الأبناء، وتأصيل الأخلاق الحميدة التي جاء بها ديننا الحنيف، فهناك
فرق كبير بين من يغرس في ولده مسئولية خدمة المجتمع، والتضحية من أجل الوطن، ونشر المحبة والود والرحمة
والسلام، ومن يغرس عكسه من حب المنكرات وإشاعتها والله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ
عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ
مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم6).
وإن الناظر في
سنة المصطفى (صلى الله عليه وسلم) يرى مدى اهتمامه بتوجيه الأطفال وتربيتهم على
الأخلاق والقيم، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ: دَعَتْنِي أُمِّي
يَوْمًا وَرَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا، فَقَالَتْ:
هَا تَعَالَ أُعْطِيكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)"
وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ ؟". قَالَتْ: أُعْطِيهِ تَمْرًا، فَقَالَ لَهَا
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : "أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا
كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ "(رواه أبو داود) كما كان (صلى الله عليه وسلم) لا
يترك فرصة أو موقفا، تهيأ الصغير فيه إلى تعليم أو تأديب، إلا وجهه برفق وحب، فعن عُمَرَ
بْنَ أَبِي سَلَمَةَ يَقُولُ: كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي
رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) " يَا غُلَامُ: سَمِّ اللَّهَ
وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ" فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ.
(رواه البخاري)
فلقد اهتم
النبي (صلى الله عليه وسلم) بالنشء إيمانيا وأخلاقيا، وهذا يظهر جليا في أقواله وأفعاله
صلى الله عليه وسلم، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَوْمًا، فَقَالَ: "يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ
كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا
سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ
أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ
إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ
بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ
الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ"، كذلك من وصاياه في تربية الصغار تعويدهم على
الصلاة لتتعلق قلوبهم بفرائض الله تعالى وليحرصوا على طهارة القلب والبدن، وفي ذلك
يقول الرّسول (صلى الله عليه وسلم): " مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ
أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ سِنِينَ
، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ " (رواه أبو داود )
- ومن الأمور الهامة
التي أكد النبي (صلى الله عليه وسلم) عليها، العدل والتسوية بين الأولاد، فحذر الآباء
من إثارة الغيرة بين الأبناء، بتفضيل بعضهم على بعض، بأي صورة من صور التفضيل المادي
أو المعنوي، لما في ذلك من أثر سيء على الطفل فحينما أراد احد الصحابة، أن يشهد رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) على هبة لأحد أولاده، فترى كيف كان رد الرسول (صلى الله
عليه وسلم)؛ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ (رضي الله عنه) قَالَ : انْطَلَقَ بِي
أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ
: يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ
مَالِي ، فَقَالَ : أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ
؟ قَالَ: لَا. قَالَ : " فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي " ثُمَّ قَالَ
: " أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً " قَالَ:
بَلَى . قَالَ: " فَلا إِذًا " (رواه مسلم).
ومن العدل والمساواة
أيضا عدم التفريق بين الذكور والإناث في المعاملة، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا) ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)
: " مَنْ وُلِدَتْ لَهُ أُنْثَى فَلَمْ يَئِدْهَا وَلَمْ يُهِنْهَا وَلَمْ يُؤْثِرْ
وَلَدَهُ - يَعْنِي الذَّكَرَ - عَلَيْهَا ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهَا الْجَنَّةَ
" (مستدرك الحاكم) وعن أَنس (رضي اللَّه عنه) عن النَّبيّ (صَلّى اللهُ عَلَيْهِ
وسَلَّم) قَالَ: "مَنْ عَالَ جَارِيتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَومَ القِيامَةِ
أَنَا وَهُو كَهَاتَيْنِ" وَضَمَّ أَصَابِعَهُ" (رواه مسلم).
إن الأبناء أمانة
فحافظوا عليها وقوموا على حقها بالرعاية، واعلموا أنكم مسئولون عنهم يوم القيامة، إمام
الله (عز وجل)، فمن أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها، فقد قال (صلى الله عليه وسلم):
"كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ
عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ،
وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ
رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ
أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ"
(متفق عليه).
ربنا هب لنا من
أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما
واحفظ مصر من كل مكروه وسوء
=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
باحث دكتوراه في الفقه المقارن
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة pdf جوجل درايف ---- اضغط هنا