recent
آخر المشاركات

خطبة الجمعة القادمة : الأبعاد الإنسانية ومخاطر تجاهلها - للشيخ / محمد حســــن داود (26 ربيع الآخر 1445هـ - 10 نوفمبر 2023م)

 

خطبة بعنــــوان:
الأبعاد الإنسانية ومخاطر تجاهلها
للشيخ / محمد حســــن داود
(26 ربيع الآخر 1445هـ - 10 نوفمبر 2023م)

العناصــــــر:      مقدمة
- تكريم الإسلام للإنسان.
- الإنسانية من قيم الإسلام.
- من الأبعاد والقيم الإنسانية في الإسلام.
- دعوة إلى تحقيق القيم الإنسانية وعدم تجاهلها.

الموضوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (سورة الحجرات: الآية13)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلاَ أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلاَّ بِالتَّقْوَى" (رواه أحمد)، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فلقد جاء الإسلام بأنبل القيم وأفضل السمات، وأحسن الخلق وأجمل الصفات، فهو دين في جوهره ورسالته وأحكامه وتشريعاته وجملته وتفصيله؛ يجمع ولا يفرق، يوحد ولا يشتت، يقوي ولا يضعف، يبنى ولا يهدم، فهو دين الإنسانية، دين يحترم الإنسان وآدميته، قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) (سورة الاسراء: الآية70)، ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم) "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلاَ أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلاَّ بِالتَّقْوَى"(رواه أحمد).

وإنك لتعجب حينما تعلم أن العبادات كلها تدعوا في طياتها إلى معاني الإنسانية السامية؛ فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، قال تعالى (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ)(العنكبوت45)، والزكاة في جوانبها معاني المودة والرحمة والألفة والمحبة، وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلمَ) " وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ"، والصيام يدعو النفس إلى حفظ الحقوق، إذ يقول رَسُولُ اللَّهِ (صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"(رواه البخاري)، وكذلك الحج يدعو إلى اجتناب الرفث والفسوق والجدال والخصام، مما يسمو بمعاني الإنسانية في القلوب، فقد قال تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) ( سورة البقرة: الآية 197)، ولك أن تتدبر معنى قول النبي (صَلى الله عليه وسلم) "إِنَّمَا بُعِثتُ لأُتَمِّمَ صالِحَ الأخْلاقِ" (الأدب المفرد للبخاري) في دلالة على أن الدين كله إنسانية.

وها هي أم المؤمنين خديجة (رضي الله عنها)، تذكر شيئا من جوانب وأبعاد الإنسانية في حياة النبي (صلى الله عليه وسلمَ)، فتقول له: "إِنَّكَ لِتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحَمِلُ الكَلَّ، وتُعِينُ عَلَى نَوائِبِ الدَّهْرِ".

- ومن القيم الإنسانية التي دعا إليها الإسلام:

- حسن القول مع الناس: إذ يقول الله (جل وعلا): (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) (البقرة83) ويقول سبحانه: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (الإسراء53)، ويقول النبي (صَلى الله عليه وسلم): "الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ" (متفق عليه)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه)، أنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ" (متفق عليه) وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود (رضي الله عنه) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلَا اللَّعَّانِ، وَلَا الْفَاحِشِ، وَلَا الْبَذِيءِ" (رواه الترمذي).

- كما بين النبي (صَلى الله عليه وسلم) أن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا مع الناس، فقال صلى الله عليه وسلم "أَكْمَلُ المُؤمِنِينَ إِيمَاناً أَحسَنُهُم خُلُقاً" (رواه أبو داود)، وقال في حب الخير للغير "لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"، وفي جار بات شبعان وجاره إليه جائع: " ليْسَ الْمُؤْمِنُ بِالَّذِي يَشْبَعُ، وَجَارُهُ جَائِعٌ" (قال القاري في المرقاة: "ليس المؤمن" أي: الكامل).

- وأن خير الناس وأحبهم إلى الله (عز وجل) أنفعهم للناس، فقال صَلى الله عليه وسلم: "أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ"، وقال: " خَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ.

- وعظم الإسلام أجر كل ما كان فيه نفع للناس ولو قل، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: "بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ" (رواه البخاري).

- كما جعل أفضل الإسلام، بل وتمامه، أن يسلم الناس من يد العبد ولسانه، فعن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرِو بْنِ الْعاصِ (رضي الله عنه) إِنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ"(رواه أحمد).

- وعد الاعتداء على أية نفس اعتداء على الإنسانية كلها، كما عد تقديم الخير لنفس كتقديم الخير للبشرية كلها، قال تعالى (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ) (المائدة32).

ولم يقف الأمر عند النهي عن الاعتداء بل أمتد إلى الحث على مراعاة مشاعر الناس، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) (الحجرات11-12) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) "لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ " (رواه مسلم)، وتدبر قوله صلى الله عليه وسلم " إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ صَاحِبِهِمَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ" وقد جاء أن بعض الصحابة كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ ، فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى حَبْلٍ مَعَهُ، فَأَخَذَهُ فَفَزِعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم)َ: "لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا ". كما جاء أن ابن مسعود (رضي الله عنه) كان على شجرة فهبت الريح فكشفت ساقيه فضحك الصحابة من دقتهما, أي من نحالتهما, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): " مَا يُضْحِكُكُمْ " ؟ قَالُوا: دِقَّةُ سَاقَيْهِ . قَالَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ  لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مُنْ أُحُدٍ ".

- كذلك من القيم الإنسانية: التكافل، وتقديم أنواع الخير من الصلة والبر، فيشمل إطعام الجوعى، وكساء العراة، ومداواة المرضى، وإجابة السائل، وقضاء الحوائج، وتفريج الكرب، وقد قال النبي (صَلى الله عليه وسلم): "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى".

- الرحمة بالضعفاء وأصحاب الهمم ومعرفة قدر كبار السن والتأدب معهم؛ فقد قال النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):"هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلا بِضُعَفَائِكُمْ" (رواه البخاري) ويقول أيضا: "إِنَّ مِنْ إِجْلاَلِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ"(رواه أبو داود) فهو منهج الأنبياء، وخلق الأصفياء من الناس، فهذا نبينا (صًلى الله عليه وسلم)، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَقَالَ: "يَا أُمَّ فُلَانٍ انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ، حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ" فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا" (رواه مسلم)

ومنها: الإنسانية في التعامل مع الأطفال: فلقد كان النبي (صلى الله عليه وسلمَ) يحب الأطفال ويداعبهم ويسلم عليهم ويقبلهم ويضاحكهم؛ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). وعنه أيضا: أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) "فَمَرَّ بِصِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ" (رواه مسلم)، وعنه أيضا، قال:" كانَ رَسولُ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ) أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكانَ لي أَخٌ يُقَالُ له: أَبُو عُمَيْرٍ، قالَ: أَحْسِبُهُ، قالَ: كانَ فَطِيمًا، قالَ: فَكانَ إذَا جَاءَ رَسولُ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ) فَرَآهُ، قالَ: أَبَا عُمَيْرٍ ما فَعَلَ النُّغَيْرُ(طائر صغير كالعصفور) قالَ: فَكانَ يَلْعَبُ بهِ". (رواه مسلم).

- حتى في الحروب تجد النبي (صلى الله عليِه وسلم) ينهاهم عن قتل الشيوخ والأطفال والنساء.

- ولم تقف هذه المظاهر الإنسانية في الحضارة الإسلامية عند حدود البشر، بل امتدت لتشمل الحيوان؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّه بن مسعود، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِي سَفَرٍ فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ فَرَأَيْنَا حُمَرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا فَجَاءَتِ الْحُمَرَةُ فَجَعَلَتْ تَفْرِشُ فَجَاءَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا" (رواه أبو داود) وعن أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ" (رواه البخاري) .

- ولم تقف جوانب الإنسانية عند كل ما فيه روح، بل طال الأمر كل خلق الله، فتراه صلى الله عليه وسلمَ يقول عن جبل أحد: "هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ" (رواه البخاري). ولمّا اتخذ منبرا، وترك الجذع الذي كان يخطب إليه ويتكأ عليه، حنّ الجذع إليه، فعن أنس بن مالك (رضي الله عنه) أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ، فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَحَنَّ الْجِذْعُ حَتَّى أَتَاهُ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَاحْتَضَنَهُ فَسَكَنَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "لَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ، لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " (رواه أحمد).

إن الإسلام يدعونا في كل قول وفعل إلى التحلي بالقيم السامية النبيلة، إلى تحقيق معاني الانسانية؛ حتى ننعم بحياة هادئة مستقرة في تواد وألفة، فما أحوجنا أن نعيش بالقلب والجوارح، هذه القيم النبيلة طاعة لله (عز وجل) واقتداء بالنبي (صلى الله عليه وسلم)، واستقامة لحياتنا ودنيانا، وفوزا في آخرتنا.

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق، واصرف عنا سيئها
واحفظ مصر من كل مكروه وسوء.

=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
باحث دكتوراه في الفقه المقارن

 لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر      -----      اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf   رابط مباشر     -----      اضغط هنا 


 

google-playkhamsatmostaqltradent