recent
آخر المشاركات

(الصدقة: قصص ومواقف وأقوال وأشعار) جمع وترتيب : الشيخ/ محمد حسن داود

 

(الصدقة: قصص ومواقف وأقوال وأشعار)
جمع وترتيب : الشيخ/ محمد حسن داود

=========================



أولا:  الصدقة قصص ومواقف 

 (1) لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون.

عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قال: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: (لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) (آل عمران: 92) قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ (تَبَارَكَ وَتَعَالَى) يَقُولُ: (لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) (آل عمران: 92) وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ" فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ" (متفق عليه).

(2) اسق حديقة فلان.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا : اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا ، وَيَقُولُ الْآخَرُ : اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا " وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ ، فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ ، فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ ، فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ ، فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ ، فَقَالَ لَهُ : يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا اسْمُكَ ، قَالَ : فُلَانٌ لِلِاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ ، فَقَالَ لَهُ : يَا عَبْدَ اللَّهِ لِمَ تَسْأَلُنِي عَنِ اسْمِي ؟ ، فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ ، يَقُولُ : اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ لِاسْمِكَ فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا ، قَالَ : أَمَّا إِذْ قُلْتَ هَذَا ، فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا ، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ " (رواه مسلم ).

 (3) من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا.

عَنْ ابن مَسْعُودٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا) (البقرة: 245) ، قَالَ أَبُو الدَّحْدَاحِ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ اللهَ يُرِيدُ مِنَّا الْقَرْضَ، قَالَ: "نَعَمْ يَا أَبَا الدَّحْدَاحِ" ، قَالَ: أَرِنِي يَدَكَ، فَنَاوَلَهُ يَدَهُ، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ أَقْرَضْتُ رَبِّي حَائِطِي، وَفِي حَائِطِي سِتَّمِائَةٍ نَخْلَةٍ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْحَائِطِ فَنَادَى يَا أُمَّ الدَّحْدَاحِ، وَهِيَ فِي الْحَائِطِ، فَقَالَتْ: لَبَّيْكَ، فَقَالَ: اخْرُجِي فَقَدْ أَقْرَضْتُهُ رَبِّي" (رواه الطبراني في الكبير).

 (4) لعل الله يصلح بها حال أحدهم.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ): أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: " قَالَ رَجُلٌ: لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ زَانِيَةٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، عَلَى زَانِيَةٍ؟ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ غَنِيٍّ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، عَلَى سَارِقٍ وَعَلَى زَانِيَةٍ وَعَلَى غَنِيٍّ، فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ: أَمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارِقٍ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ، وَأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عَنْ زِنَاهَا، وَأَمَّا الغَنِيُّ فَلَعَلَّهُ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ " (رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري)

 

 

(5) قد قبلها الله منه وزوجه بها عروسا في الجنة

عن ابن عباس قال: قحط الناس في زمان أبي بكر، فقال أبو بكر: لا تمسون حتى يفرج الله عنكم. فلما كان من الغد جاء البشير إليه قال: قدمت لعثمان ألف راحلة براً وطعاماً، قال: فغدا التجار على عثمان فقرعوا عليه الباب فخرج إليهم وعليه ملاءة قد خالف بين طرفيهما على عاتقه فقال لهم: ما تريدون؟ قالوا: قد بلغنا أنه قد قدم لك ألف راحلة براً وطعاماً، بعنا حتى نوسع به على فقراء المدينة، فقال لهم عثمان: ادخلوا. فدخلوا فإذا ألف وقر قد صب في دار عثمان، فقال لهم: كم تربحوني على شرائي من الشام؟ قالوا العشرة اثني عشر، قال: قد زادوني، قالوا: العشرة أربعة عشر، قال: قد زادوني. قالوا: العشرة خمسة عشر، قال: قد زادوني، قالوا: من زادك ونحن تجار المدينة؟ قال: زادني بكل درهم عشرة، عندكم زيادة؟ قالوا: لا!! قال: فأشهدكم معشر التجار أنها صدقة على فقراء المدينة قال عبد الله بن عباس: فبت ليلتي فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي وهو على برذون أشهب يستعجل؛ وعليه حلة من نور؛ وبيده قضيب من نور؛ وعليه نعلان شراكهما من نور، فقلت له: بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد طال شوقي إليك، فقال صلى الله عليه وسلم: إني مبادر لأن عثمان تصدق بألف راحلة، وإن الله تعالى قد قبلها منه وزوجه بها عروسا في الجنة، وأنا ذاهب إلى عرس عثمان". (الرياض النضرة في مناقب العشرة ، للطبري)

 (6) إنهم إخوة بعضهم من بعض.

عَنْ مالك الداراني : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَخَذَ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ فَجَعَلَهَا فِي صُرَّةٍ ، فَقَالَ لِلْغُلَامِ : اذْهَبْ بِهَا إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ ، ثُمَّ تَلْبَثُ سَاعَةً فِي الْبَيْتِ حَتَّى تَنْظُرَ مَا يَصْنَعُ ، فَذَهَبَ بِهَا الْغُلَامُ ، فَقَالَ : يَقُولُ لَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ : اجْعَلْ هَذِهِ فِي بَعْضِ حَاجَتِكَ ، فَقَالَ : وَصَلَهُ اللَّهُ وَرَحِمَهُ ، ثُمَّ قَالَ : تَعَالَيْ يَا جَارِيَةُ اذْهَبِي بِهَذِهِ السَّبْعَةِ إِلَى فُلَانٍ ، وَبِهَذِهِ الْخَمْسَةِ إِلَى فُلَانٍ ، وَبِهَذِهِ الْخَمْسَةِ إِلَى فُلَانٍ ، حَتَّى أَنْفَذَهَا . فَرَجَعَ الْغُلَامُ إِلَى عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأَخْبَرَهُ ، فَوَجَدَهُ قَدْ أَعَدَّ مِثْلَهَا لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، فَقَالَ : اذْهَبْ بِهَا إِلَى معاذ ، وَتَلَهَّ فِي الْبَيْتِ سَاعَةً حَتَّى تَنْظُرَ مَا يَصْنَعُ ، فَذَهَبَ بِهَا إِلَيْهِ فَقَالَ : يَقُولُ لَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ : اجْعَلْ هَذِهِ فِي بَعْضِ حَاجَتِكَ ، فَقَالَ : رَحِمَهُ اللَّهُ وَوَصَلَهُ . تَعَالَيْ يَا جَارِيَةُ اذْهَبِي إِلَى بَيْتِ فُلَانٍ بِكَذَا ، اذْهَبِي إِلَى بَيْتِ فُلَانٍ بِكَذَا ، فَاطَّلَعَتِ امرأة معاذ ، فَقَالَتْ : وَنَحْنُ وَاللَّهِ مَسَاكِينُ فَأَعْطِنَا - وَلَمْ يَبْقَ فِي الْخِرْقَةِ إِلَّا دِينَارَانِ - فَدَحَا بِهِمَا إِلَيْهَا ، وَرَجَعَ الْغُلَامُ إِلَى عمر فَأَخْبَرَهُ فَسُرَّ بِذَلِكَ ، وَقَالَ : إِنَّهُمْ إِخْوَةٌ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ " . (حلية الأولياء).

 (7) داووا مرضاكم بالصدقة _ أ _

سأل رجل عبد الله بن المبارك (رحمه الله تعالى) عن قرحة خرجت في ركبته منذ سبع سنين وقد عالجها بأنواع العلاج وسأل الأطباء فلم ينتفع ، فقال له ابن المبارك : " اذهب واحفر بئراً في مكان يحتاج الناس فيه إلى الماء فإني أرجو أن تنبع هناك عين ويمسك عنك الدم" ففعل الرجل ذلك فشفاه الله تعالى .

 (8) داووا مرضاكم بالصدقة _ ب _

هذه قصة يرويها صاحبها حيث يقول: " لي بنت صغيرة أصابها مرض في حلقها، فذهبت بها للمستشفيات وعرضتها على كثير من الأطباء ، ولكن دون فائدة ، فمَرَضها أصبح مستعصياً ، وأكاد أن أكون أنا المريض بسبب مرضها الذي أرَّق كل العائلة ، وأصبحنا نعطيها الدواء للتخفيف فقط من آلامها حتى يئسنا من كل شيء إلا من رحمة الله (سبحانه وتعالى). إلى أن جاء الأمل وفتح باب الفرج ، فقد اتصل بي أحد الصالحين وذكر لي حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " داووا مرضاكم بالصدقة" فقلت له : " قد تصدقت كثيراً " فقال : " تصدق هذه المرة بنية شفاء ابنتك " ، وفِعلاً تصدقت بصدقة متواضعة لأحد الفقراء ولم يتغير شيء فأخبرته فقال : " أنت ممن لديهم نعمة ومال كثير ، فلتكن صدقتك بحجم مالك" ، فذهبت للمرة الثانية وملأت سيارتي بأشهى أنواع الطعام ووزعتها على كثير من المحتاجين ، ففرحوا بصدقتي ووالله لم أكن أتوقع أبداً أن آخر دواء أخذته ابنتي هو الذي كان قبل صدقتي ، فشُفِيت تماماً بحمد الله .

                                       (9) الحسنة بعشر أمثالها

طرق فقيرٌ باب أحد العلماء ليلاً فسأل العالم امرأته فقالت: ليس عندنا إلا عشر بيضات قال: ادفعيهنَّ إليه فأعطتهن إياه إلا بيضةً واحدة، أبقتها لأولادها وبعد وقت طرق الباب رجلٌ وأعطى الشيخ صرةً بها تسعون دينارًا فسأل العالمُ امرأته عما أعطت الفقير؟ قالت: تسع بيضات فقال: وهذه تسعون دينارًا والحسنة بعشر أمثالها.

 (10) صنائع المعروف تقي مصارع السوء _ أ _

ذكر الامام الشوكاني في كتابه (البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع )قصة عجيبة ونكتة غريبة في بلد شامى الحرجة تسمى الحمرة وذلك أنه كان فيها رجل من الزرعة وكان ذا دين وصدقة فاتفق أنه بنى مسجدا يصلى فيه وجعل يأتى ذلك المسجد كل ليلة بالسراج وبعشائه فإن وجد في المسجد من يتصدق عليه أعطاه ذلك العشاء وإلا أكله وصلى صلاته واستمر على ذلك الحال... اتفق هذا مع شدة ونضب ماء الآبار وكانت له بير فلما قل ماؤها أخذ يحتفرها هو وأولاده فخربت تلك البير والرجل في أسفلها خرابا عظيما حتى انه سقط ما حولها من الارض اليها فأيس منه أولاده ولم يحفروا له وقالوا قد صار هذا قبره .... وكان ذلك الرجل عند خراب البئر في كهف فيها فوقعت الى بابه خشبة منعت الحجارة من أن تصيبه فأقام في ظلمة عظيمة ثم إنه بعد ذلك جاءه السراج الذى كان يحمله الى المسجد وذلك الطعام الذى كان يحمله كل ليلة وكان به يفرق ما بين الليل والنهار واستمر له ذلك مدة ست سنين والرجل مقيم في ذلك المكان على تلك الحال ثم انه بدا لأولاده أن يحفروا البئر لإعادة عمارتها فحفروها حتى انتهوا الى أسفلها فوجدوا أباهم حيا فسألوه عن حاله فقال لهم ذلك السراج والطعام الذى كنت أحمل الى المسجد يأتينى على ما كنت أحمله تلك المدة فعجبوا من ذلك فصارت قضية موعظة يتوعظ بها الناس في أسواق تلك البلاد .

(11) صنائع المعروف تقي مصارع السوء _ ب _

يذكر أن رجل تصدق بأحب ماله إليه وكانت ناقة إلى جار فقير الحال له سبع بنات , فرح الجار الفقير فكان يشرب هو و بناته من لبنها، ولما جاء الصيف بجفافه وقحطه, تشققت الأرض فخرج هذا الرجل مع أناس يرتحلون يبحثون عن الماء والكلأ في الدحول( و هي حفر في الأرض توصل إلى محابس مائية) و دخل إلى أحدها ليُحضر الماء حتى يشرب ـ وأولاده الثلاثة خارج الدحل ينتظرون ـ فضاع تحت الدحل ولم يعرف الخروج.

وانتظر أبناؤه يومًا ويومين وثلاثة حتى يأسوا قالوا: لعل ثعبانًا لدغه ومات, لعله تاه تحت الأرض وهلك, فذهبوا إلى البيت وقسموا الميراث فقام أوسطهم وقال: أتذكرون ناقة أبي التي أعطاها لجاره, إن جارنا هذا لا يستحقها, فأخذوا بعيرًا أجربًا ليعطوه للجار بدل الناقة فقال الجار: إن أباكم أهداها لي, أتغدى من لبنها. فقالوا: أعد لنا الناقة خيرٌ لك, وخذ هذا الجمل قال: أشكوكم إلى أبيكم, قالوا: اشكِ إليه فإنه قد مات, قال: مات, كيف مات؟ ولما لا أدري؟ قالوا: دخل دِحلاً في الصحراء ولم يخرج, قال: اذهبوا بي إلى هذا الدحل ثم خذوا الناقة وافعلوا ما شئتم ولا أريد جملكم .. فذهبوا به إلى المكان الذي دخل فيه صاحبه الوفي وأحضر حبلاً وأشعل شعلةً ونزل يزحف حتى وصل إلى مكان يحبوا فيه , وإذا به يسمع أنين الرجل فوضع يده فإذا هو حي يتنفس بعد أسبوع من الضياع, حمله خارج الدحل وأعطاه التمر وسقاه وحمله على ظهره وجاء به إلى داره, ودبت الحياة في الرجل من جديد, وأولاده لا يعلمون, قال: أخبرني بالله عليك أسبوعًا تحت الأرض وأنت لم تمت.

قال: سأحدثك حديثًا عجبًا, بعد ثلاثة أيام فقدت الأمل و سلمت أمري إلى الله وإذا بي أحس بلبن يتدفق على لساني فاعتدلت فإذا بإناء في الظلام لا أراه يقترب من فمي فأرتوي ثم يذهب كل يوم ثلاث مرات, ولكن منذ يومين انقطع لا أدري ما سبب انقطاعه؟

فقال له لو تعلم سبب انقطاعه لتعجبت! ظن أولادك أنك مت و سحبوا الناقة التي كان يسقيك الله منها.

 (12) صنائع المعروف تقي مصارع السوء _ ج _

كان لامرأة ابن، فغاب عنها غيبة طويلة، وأيست من رجوعه، فجلست يوما تأكل، فحين كسرت اللقمة وأهوت بها إلى فيها، وقف بالباب سائل يستطعم فامتنعت عن أكل اللقمة وحملتها مع تمام الرغيف فتصدقت بها وبقيت جائعة يومها وليلها.

فما مضت إلا أيام يسيرة حتى قدم ابنها فأخبرها بشدائد عظيمة مرت به وقال: أعظم ما جرى عليّ أني كنت منذ أيام أسلك طريقا في فلاة إذ خرج عليّ أسد فانقض عليّ من على ظهر حمار كنت أركبه، وفر الحمار هاربا، ونشبت مخالب الأسد في مرقعة كانت عليّ وثياب تحتها وجبة، فما وصل إلى بدني كبير شيء من مخالبه إلا أني تحيرت ودهشت وذهب أكثر عقلي والأسد يحملني حتى أدخلني كهفا وبرك عليّ ليفترسني، فرأيت رجلا عظيم الخلق أبيض الوجه والثياب وقد جاء حتى قبض على الأسد من غير سلاح وشاله وخبط به على الأرض وقال: "قم يا كلب، لقمة بلقمة"، فقام الأسد يهرول، وثاب إليّ عقلي، فطلبت الرجل فلم أجده، وجلست بمكاني ساعات إلى أن رجعت إليّ قوتي ثم نظرت إلى نفسي فلم أجد بها بأسا فمشيت حتى لحقت بالقافلة التي كنت فيها فتعجبوا لما رأوني فحدثتهم حديثي، ولم أدر ما معنى قول الرجل: "لقمة بلقمة". فنظرت المرأة فإذا هو وقت أخرجت اللقمة من فيها فتصدقت بها.

 

(13) لمن يعتبر

حكي أن جماعة من التابعين خرجوا لزيارة أبي سنان ، فلما دخلوا عليه وجلسوا عنده قال قوموا بنا نزور جارا لنا مات أخوه ونعزيه فيه ، قال محمد بن يوسف الفريابي : فقمنا معه ودخلنا على ذلك الرجل فوجدناه كثير البكاء والجزع على أخيه فجعلنا نعزيه ونسليه وهو لا يقبل تسلية ولا عزاء ، فقلنا له : أما تعلم أن الموت سبيل لا بد منه ؟ قال : بلى ولكن أبكي على ما أصبح وأمسى فيه أخي من العذاب ؛ فقلنا له قد أطلعك الله على الغيب ؟ قال : لا ، ولكن لما دفنته وسويت عليه التراب وانصرف الناس جلست عند قبره وإذا صوت من قبره يقول آه أفردوني وحيدا أقاسي العذاب؛ قد كنت أصوم؛ قد كنت أصلي ، قال فأبكاني كلامه فنبشت عنه التراب لأنظر ما حاله؛ وإذا القبر يلمع عليه نارا وفي عنقه طوق من نار؛ فحملتني شفقة الأخوة ومددت يدي لأرفع الطوق من رقبته فاحترقت أصابعي ويدي؛ ثم أخرج إلينا يده فإذا هي سوداء محترقة ، قال: فرددت عليه التراب وانصرفت. فكيف لا أبكي على حاله وأحزن عليه ؟! فقلنا فما كان أخوك يعمل في الدنيا ؟ قال كان لا يؤدي الزكاة من ماله ، قال فقلنا هذا تصديق قوله ( وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُم بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ )آل عمران180) وأخوك عجل له العذاب في قبره إلى يوم القيامة (الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيتمي ؛ والكبائر للذهبي).

ثانيا : من أقوال الصحابة والسلف الصالح في الصدقة

- عن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أنه قال: "إن الأعمال تباهت فقالت الصدقة: أنا أفْضَلُكم"

- عن عثمان بن عفان (رضي الله عنه) أنه قال: "تاجِرُوا الله بالصدقة تَربَحوا".

- عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) أنه قال: "مَن آتاه الله منكم مالاً فلْيَصِلْ به القرابة، ولْيُحسن فيه الضِّيافة، ولْيفكَّ فيه العانِيَ والأسيرَ وابن السبيل، والمساكين والفقراء والمجاهدين، ولْيَصبر فيه على النائبة؛ فإنَّ بِهذه الخصال يُنَال كرم الدنيا وشرف الآخرة".

- عن سلمان الفارسي (رضي الله عنه) أنه قال: "إذا مات السَّخِي، قالت الأرض والحَفَظة: رَبِّ تجاوَزْ عن عبدك في الدُّنيا بسخائه، وإذا مات البخيل قالت: اللهمَّ احْجب هذا العبدَ عن الجنَّة، كما حجَبَ عبادك عمَّا جعَلْتَ في يديه من الدنيا".

- عن عمر بن عبدالعزيز (رضي الله عنه) أنه قال "الصَّلاة تُبَلِّغك نصف الطريق، والصَّوم يبلِّغك باب المَلِك، والصدقة تُدْخِلك عليه".

- عن يحيي بن معاذ (رحمه الله) أنه قال: "ما أَعْرف حبَّةً تزن جبال الدنيا إلا مِن الصدقة".

- عن الإمام البيهقي (رحمه الله): أنه قال "استَنْزِلوا الرِّزق بالصدقة".

- كان الفضيل بن عيّاض (رحمه الله تعالى) يقول:" نعم السائلون؛ يحملون أزوادنا إلى الآخرة بغير أجرة! حتى يضعوها في الميزان بين يدي الله تعالى".

- كان سفيان الثوري (رحمه اللهتعالى)  ينشرح إذا رأى سائلاً على بابه، ويقول: "مرحباً بمن جاء يغسل ذنوبي".

- عن يحيى بن معاذ (رحمه الله تعالى) أنه قال : "ما أعرف حبة تزن جبال الدنيا إلا من الصدقة"

 

ثالثا: الصدقة في واحة الشعر :

قال الإمام الشافعي :

وَإِن كَثُرَت عُيوبُكَ في البَرايا *** وَسَرَّكَ أَن يَكونَ لَها غِطاءُ

تَسَتّــــــَر بِالسَخاءِ فَكُلُّ عَيبٍ *** يُغَطّيهِ كَما قيـــــــلَ السَخاءُ

وقال أيضا:

الناس بالناس مادام الوفـــاء بهم *** والعسر واليســـر ساعات وأوقات

وأكرم النـاس ما بين الورى رجل *** تقضى على يـــــده للناس حاجات

لا تقطعن يد المعــــروف عن أحد *** إن كنت تقـــــــــــدر فالأيام تارات

واشكر صنيعة فضل الله إذ جعلت *** إليــــــك لا لك عند الناس حاجات

قــــــد مات قوم وماتت فضائلهم *** وعاش قوم وهم في الناس أموات

وقال أبو الفتح البستي :

قدم لنفسك خيــــــــــــرا *** وأنت مـالك مـــــالك

من قبل أن تصبح فردا *** ولون حـالك حــــالك

ولسـت والله تــــــــدري *** أي المـــسالك سالك

إما لجـنة عــــــــــــدن *** أو في المهالك هالـك

 

 

وقال آخر :

بـادروا بزكـاة المـال إن بهــــــــــا ***  للنفس والمال تطهيراً وتحصينـاً

ألم تروا أن أهل المـال في وجــــل ***   يخشـون مصرعهـم إلا المزكينا

فهل تظنـون أن الله أورثكــــــــــم  ***  مالاً لتَشْقَوا بـه جمعاً وتخزينــــاً

أو تقصروه على مرضاة أنفسكم  *** وتحرموا منـه معتَّراً ومسكينـــــــاً

ما أنتم غيـر أقـوام سيسألكـــــم   ***  إلهكـم عن حسـاب المستحقينــــا

ولن تنالوا نصيبـاً من خلافتـــه   *** إلا بأن تنفقـوا ممـا تحبـونـــــــــا

وقال آخر:

ويُظهرُ عيبَ المرءِ في النَّاسِ بخلُه *** ويستــرُه عنهم جميعًا سخاؤُه

تغطَّ بأثوابِ السَّخـــــــاءِ فإنَّنــــــي *** أرى كلَّ عيبٍ والسَّخاءُ غطاؤه

========================

جمع وترتيب :

الشيخ/ محمد حسن داود


لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر      -----      اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf   رابط مباشر     -----      اضغط هنا 


 

 

google-playkhamsatmostaqltradent