خطبة بعنـــــــوان:
إنَّ ما أتخوف عليكم رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ فغيّر معناه
للدكتــــــور/ محمد حســــــن داود
(11 ذو القعدة ١٤٤٦هـ - 9 مايو ٢٠٢٥م )
العناصـــــر :
- من فضائل القرآن الكريم
- القرآن الكريم وحماية الأفكار ومواجهة الشبهات.
- خطورة تغيير وتبديل مفاهيم الآيات وتحميلها مالا تحتمل.
- واجبنا نحو القرآن الكريم.
الموضــــــوع:
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علما، له ما في السماوات وما
في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى، نعمه لا تحصى، وآلاؤه ليس لها منتهى، وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، وصفيه
من خلقه وحبيبه، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
يظل القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة،
والنعمة الباقية، والحجة البالغة، والدلالة الدامغة، يبهر ذوي النهى، وأرباب
الحجا، يحيي قلوباً ميتة، وينير عقولاً، مظلمة، ويبصر عيونا عميا، قال تعالى:
(الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى
النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) (إبراهيم: 1)
هو أساس الفضائل، وقوام الضمائر، هو حياة القلوب، وسر السعادة، قال تعالى:
(وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا
الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ
نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الشورى:
52)، دنت الملائكة لسماعه، كما جاء عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، قَالَ: بَيْنَمَا
هُوَ يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ سُورَةَ البَقَرَةِ، وَفَرَسُهُ مَرْبُوطَةٌ
عِنْدَهُ، إِذْ جَالَتِ الفَرَسُ فَسَكَتَ فَسَكَتَتْ، فَقَرَأَ فَجَالَتِ
الفَرَسُ، فَسَكَتَ وَسَكَتَتِ الفَرَسُ، ثُمَّ قَرَأَ فَجَالَتِ الفَرَسُ
فَانْصَرَفَ، وَكَانَ ابْنُهُ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا، فَأَشْفَقَ أَنْ
تُصِيبَهُ فَلَمَّا اجْتَرَّهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، حَتَّى مَا يَرَاهَا،
فَلَمَّا أَصْبَحَ حَدَّثَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ:
"اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ، اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ"، قَالَ
فَأَشْفَقْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى، وَكَانَ مِنْهَا قَرِيبًا،
فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَانْصَرَفْتُ إِلَيْهِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ،
فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ المَصَابِيحِ، فَخَرَجَتْ حَتَّى لاَ
أَرَاهَا، قَالَ: "وَتَدْرِي مَا ذَاكَ؟"، قَالَ: لاَ، قَالَ:
"تِلْكَ المَلاَئِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ، وَلَوْ قَرَأْتَ لَأَصْبَحَتْ
يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا، لاَ تَتَوَارَى مِنْهُمْ" (رواه البخاري) ولما
سمعه الجن امتلأت قلوبهم بمحبته وتقديره، وأسرعوا لدعوة قومهم إلى إتباعه قال
تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ
الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى
قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ) (الأحقاف: 29). هو روح وحياة للقلوب والأرواح، وشفاء
وعافية للأبدان، من مهر فيه كان مع الملائكة السفرة الكرام البررة، ومن قرأه كان
له بكل حرف حسنات، وكان شفيعا له يوم القيامة؛ فقد قال صلى الله عليه وسلمَ:
"اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا
لأَصْحَابِهِ". في جملته وتفصيله توجيه لإصلاح النفوس، وتهذيب السلوك، ودفع
الشبهات، طوق نجاة، من تدبره تذكر، ومن قال به صدق، ومن نطق به أصاب، ومن تمسك به
نجا، ومن اتبعه هُدي إلى صراط مستقيم، قال تعالى: (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ
يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ
الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) (الإسراء:9).
إن الناس مع مفاهيم القرآن أصناف
مختلفة: فمنهم صِنْف جد واجتهد ودرس وتعلم وسعى بكل جد حتى رزقه الله فهم كلامه،
وحُسن الإدراك لمعاني آياته فنهج الوسطية والاعتدال ونبذ الأفكار الخاطئة
المتطرفة، والمفاهيم المغلوطة؛ فهذا على خير عظيم. وشر الناس رجل يخبط في معاني
القرآن على غير هدى، ويتكلم في كتاب الله بغير بينة؛ فذلك الكذب على الله، وليس
لمقترفه من عاقبة إلّا الضلال في نفسه، والإضلال لعباد الله، وقد قال تعالى:
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ
عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى
رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (هود: 18).
إن من أشد ما خافه النبي (صَلى الله
عليه وسلم) على أمته رجل قرأ القرآن وسرى نور القرآن إليه، لكن حماسته وانفعاله
وكبره وهواه أخذوا بيده إلى مفاهيم مغلوطة وأفكار خاطئة فوقع في الزلل، وسقط في
أوحال التشدد والتنطع، والخروج عن مقاصد الشرع، وحمل القرآن ما لا يحتمله من
المعاني، ونسب إليه مالا يقصده من المفاهيم، فعن حذيفة (رضي الله عنه) قال: قال
رسول الله (صَلى الله عليه وسلم) : "إنَّ ما أَتَخوَّفُ عليكم رجلٌ قَرَأ
القرآنَ حتى إذا رُئِيَتْ بَهْجتُه عليه، وكان رِدْئًا للإِسلام، غَيَّرَه إلى ما
شاء الله، فانْسَلَخَ مِنْه ونَبَذَه وراءَ ظَهْرِه، وسَعَى على جاره بالسَّيف،
ورمَاه بالشِّرك"، قال: قلتُ: يا نبيَّ الله، أيُّهما أوْلى بالشِّرك،
المَرْمِي أم الرَّامي؟ قال: "بل الرَّامي".
مع أن الناظر في القرآن الكريم يرى أنه
كم دعا بآياته وأحكامه وتوجيهاته، إلى حماية الفكر من الزيغ، ونبذ الشبهات والتطرف
إذ إن تحقيق ذلك يعد سياجاً قوياً وحصناً منيعاً لحماية المجتمع عامة والشباب خاصة
من أي فكر هدام، فتراه يدعو الإنسان إلى نبذ الهوى وعدم اتباعه لأنه يحول بين
الشخص وبين الوصول للمعرفة الصحيحة قال تعالى: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ
أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) (المؤمنون:71). كما تراه وقد
نهى عن الغلو في الدين، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا)
(البقرة:143) ويقول صَلى الله عليه وسلم: "أيُّها النَّاسُ إيَّاكم والغلوَّ
في الدِّينِ فإنَّما أهلكَ من كانَ قبلَكم الغلوُّ في الدِّينِ" (رواه ابن
ماجه)، كما تراه وقد نهى عن القول على الله بغير علم؛ قال تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ
مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ
اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (الأنعام:144) كما تراه وقد أمر
بتدبر القرآن وفهم معانيه ؛
قال تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا )
(محمد: 24)، وقال سبحانه: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ
لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ) (ص: 29)، وغير
ذلك من أساليب القرآن التي جاءت لتحفظ الأفكار من الخطأ، والمفاهيم من الغلط،.
وهذا يوضح لنا أمرا في غاية الأهمية،
وهو أن العقول التي أجرمت بالتعدي
على نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة بتطويعها وتحميلها مالا تحتمله
وتغيير معانيها وتزييف المفاهيم لا تنتج وسطية واعتدالا وصلاحا وإصلاحا، وإنما
تنتج تطرفا، وفرقة وعنفا، وقد
صدق فيهم الوصف النبوي: " يقرأونَ القرآنَ لا يُجاوزُ
تَرَاقِيَهُمْ، يقولونَ من قولِ خيرِ البريَّةِ ، يمرقونَ من الدِّينِ كما يَمرُقُ
السهمُ من الرَّمِيَّةِ".
فهم رؤس جهال، دعاة على أبواب جهنم
اندلقت ألسنتهم بالباطل واندلعت أصواتهم بالضلال والعياذ بالله، يفتون الناس
بضلالهم وجهلهم فيضلونهم وينشرون بينهم الأقوال المتطرفة والأفكار الزائغة والمفاهيم
المغلوطة يتجرؤون على الله وعلى رسوله وعلى الإسلام والمسلمين بل والإنسانية كلها
بأفكارهم المتطرفة.
والعجب كل العجب في ظنهم أنهم يحسنون
صنعا، ويحسبون أنهم على خير، ويزعمون أنهم يصلحون، وهم في الحقيقة ما قدموا
لأنفسهم ولا للإسلام خيرا؛ بل أفسدوا في الأرض بعد إصلاحها، وأضروا البلاد
والعباد، فما أصابوا وما أحسنوا، وقد قال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ
افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ
الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ
اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (هود: 18)، فأي فساد بعد إضلال الناس وتشكيكَهم في
دينهم وصرفَهم عن الطريق المستقيم؛ قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ
الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ
الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن
تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (الأعراف: 33). فتأمل كيف عميت
أبصارهم وصمت آذانهم وقست قلوبهم فكذبوا على الله و كذبوا على رسوله وحملوا آيات
القرآن من المفاهيم المغلوطة والأفكار المتطرفة ما لا تحتملها، وكذلك أحاديث النبي
(صلى الله عليه وسلمَ)، وقد قال تعالى: (وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ
أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى
اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ
* مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (النحل: 116- 117) وما أعظم قول
الصديق (رضي الله عنه): "أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا أنا قلت في كتاب
الله بغير علم" فإن كان الأمر كذلك فكيف بمن يحرفون الكلم عن مواضعه ويفترون
الكذب على الله (تعالى) وعلى رسوله (صَلى الله عليه وسلم)، وينثرون الشبهات
والأكاذيب، ويروجون للأفكار المتطرفة، وقد قَالَ رَسُول اللَّه (صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ
مَقْعَده مِنْ النَّار "( متفق عليه). وقد قال الإمام مالك لرجل يريد أن
يجادل في الدين: "أما أنا فعلى بيّنة من ربي، فإن كنتَ ضللتَ، فاذهب فارجع
إلى الطريق، وإن كنتَ وجدتَ طريق الهداية، فاسلكها ولا تُجادل" يعني: الدين
ليس للمِراء والجدال وتحميل النصوص مالا تحتمل من أفكار ومفاهيم مغلوطة، بل إن
الدين للفهم الصحيح والعمل الصحيح.
وإنه لمن منن الله (عز وجل) أنه كما
قال النبي (صلى الله عليه وسلمَ) في الحديث الذي أخرجه الإمام البيهقي، في (السنن
الكبرى) عن عبد الرحمن الْعُذْرِيِّ، قال: قال رسول الله (صَلى الله عليه وسلم):
"يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ
تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ"،
وهذا الحديث الشريف يتضمن إشارة إلى أن الله تعالى يقيض دائما وأبدا علماء عدولا
لصون شريعته من عبث المتلاعبين بها، أو المتقولين فيها بالهوى والتشهي، وبفضل الله
(عز وجل) كان وما زال الأزهر الشريف سدا منيعا وحصنا حصينا وحماية من ظلام سراب
الأفكار الهدامة، ونورا يمحو ظلام الأفكار المتطرفة0
إن للقران علينا واجبات؛ - منها
تلاوته: قال تعالى:(إنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا
الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ
تِجَارَةً لَّن تَبُورَ) (فاطر:29) وهذه التلاوة ينبغي أن يصحبها التدبر وحضور
القلب، قال تعالى (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا
آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) (ص: 29)، روي أن عمر (رضي الله
عنه) مر بدار رجل من المسلمين، فوافقه قائما يصلي، فوقف يستمع قراءته فقرأ
(والطور) حتى بلغ (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ) قال
قسم - ورب الكعبة - حق. فنزل عن حماره واستند إلى حائط، فمكث مليا، ثم رجع إلى
منزله، فمكث شهرا يعوده الناس لا يدرون ما مرضه، رضي الله عنه.
- ومنها تعلمه وتعليمه: فعن عُثْمَان
بن عفان (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) عَنْ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ) قَالَ: " خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ"
(البخاري).
- ومن واجبنا نحو القرآن أن نعمل به،
فهذا صلب الأمر، فقد قال صَلى الله عليه وسلم: يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ تَقْدُمُهُ سُورَةُ
الْبَقَرَةِ ، وَآلُ عِمْرَانَ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ ظُلَّتَانِ
سَوْدَاوَانِ بَيْنَهُمَا شَرْقٌ، أَوْ كَأَنَّهُمَا حِزْقَانِ مِنْ طَيْرٍ
صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا" (رواه مسلم). ولما نزل قوله تعالى:
(لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ) (آل عمران: 92)،
قام سيدنا أبو طلحة الى أجمل حديقة عنده وأحبّها اليه وتصدق بها؛ فعَنْ إِسْحَاقَ
بْنِ عَبْد اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ
(رَضِي اللَّه عَنْه) يَقُولُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الْأَنْصَارِ
بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ
وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ قَالَ
أَنَسٌ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى
تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
(صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا
مِمَّا تُحِبُّونَ ) وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ وَإِنَّهَا
صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا
رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ
رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي
الْأَقْرَبِينَ"، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ،
فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ.
- كذلك أن نحل حلاله ونحرم حرامه قال
تعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ
أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) (البقرة: 121). عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ
الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) (سورة البقرة آية 121) ، قَالَ:
"يُحِلُّونَ حَلالَهُ ، وَيُحَرِّمُونَ حَرَامَهُ ، وَلا يُحَرِّفُونَهُ عَنْ
مَوَاضِعِهِ ".
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا
ونور صدورنا وذهاب همومنا وغمومنا، اللهم ذكرنا منه ما نُسينا، وعلمنا منه ما
جهلنا و ارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، واحفظ اللهم مصر من كل مكروه
وسوء، واجعلها اللهم أمنا أمانا سخاء رخاء يا رب العالمين
=== كتبه
===
محمد حســـــــن داود
إمام وخطيب ومـــدرس
دكتوراة في الفقه المقارن
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة pdf جوجل درايف ---- اضغط هنا