recent
آخر المشاركات

خطبة بعنـــــــوان: الاتحاد قوة - للدكتـــــور/ محمد حســــن داود (23 محرم 1447هـ - 18 يوليو 2025م)

 

خطبة بعنـــــــوان:
الاتحاد قوة
للدكتـــــور/ محمد حســــن داود

(23 محرم 1447هـ - 18 يوليو 2025م)

العناصــــــر:     
- مكانة الاتحاد، وتعدد أساليب القرآن والسنة في الدعوة إليه.
- العبادات تنادى بالاتحاد والتآلف .
- دروس في الاتحاد من حياة الصحابة (رضي الله عنهم).
- الاتحاد قوة، والتفرق ضعف.

الموضــــــوع: الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علما، له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى، نعمه لا تحصى، وآلاؤه ليس لها منتهى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد

إن من أعظم غايات الإسلام اجتماعَ الكلمة، ووحدة الصف، فبالاتحاد والتآلف والتماسك تنال الأمم مجدها، وتصل إلى مبتغاها، وتنجو من الفتن، وتتقدم، وترتقي، وتنال قوتها ومكانتها، وتعيش حياة آمنة مطمئنة، ومن ذلك ما من نبي إلا وبُعث بالألفة، ونبذ الفرقة؛ كما قال الإمام البغوي (رحمه الله) في (معالم التنزيل): "بعث الله الأنبياء كلهم بإقامة الدين والألفة والجماعة وترك الفرقة والمخالفة".

وإن من ينظر القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة يجد تنوع الأساليب في الدعوة إلى التماسك والترابط والتآلف والاتحاد؛ فتجد الأمر صريحاً به كما في قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إخْوَانًا) (آل عمران: 103) وقوله جل وعلا: (وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (الأنعام: 153) وقول سيدنا النبي (صلى الله عليه وسلمَ): "إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ولا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ" (رواه مسلم).

كذلك يجد أن الله (سبحانه وتعالى) خاطب عباده بصيغ تحثهم على الوحدة والاصطفاف، فيقول تعالى: (يا بني آدم) و (يا أيها الذين امنوا) و ( يا أيها الناس) في دلالة قرآنية، وإشارة إلهية، إلى أهمية الوحدة والتماسك والترابط.

كما أن الناظر في جميع العبادات يرى فيها النداء بالوحدة، والاصطفاف؛ فالصلاة من شأنها اجتماع الأجساد والقلوب في مكان واحد، وفى وقت واحد، خلف إمام واحد، قبلتهم واحدة، ابتغاء وجه الله الواحد، يناجونه جميعا: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) فكان فضلها في جماعة فوق فضلها للمنفرد؛ إذ يقول النبي (صلى الله عليه وسلمَ): "صلاةُ الجَمَاعَةِ أَفْضَلُ من صَلاَةِ الفَذِّ بِسَبْعٍ وعِشرين دَرَجَة" (متفق عليه). أما الصدقة فمن شأنها أنها تبعث روح التعاون والألفة والمحبة بين إفراد المجتمع الواحد، وإذا عم الود والمحبة كانت الوحدة ونبذ الفرقة. كما أن الصيام من شانه الشعور بالفقير من جانب، ومن آخر تهذيب النفس عن كل قول أو فعل يدعو إلى الفرقة، فقد قَالَ سيدنا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ " (رواه البخاري). وفى الحج ترى المسلمين يجتمعون أجسادا وقلوبا من جميع أقطار الأرض على اختلاف ألوانهم وألسنتهم في مكان واحد بلباس واحد ابتغاء وجه الله الواحد، قال تعالى: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) (الحج: 27) .

كذلك تجد دعوة الإسلام إلى كل ما من شأنه توثيق المودة، وكل ما من أثره تحقيق المحبة والألفة في أسمى المعاني؛ فتجد الدعوة إلى التعاون؛ إذ يقول جل وعلا: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: 2) وتجد الدعوة إلى بر الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن العشرة بين الزوجين، ورعاية الأبناء، وحسن الجوار، والإصلاح بين الناس، وإجابة السؤال، وتفريج الكرب، وتقديم الخير للمجتمع، فقد قال سيدنا النبي (صَلى الله عليه وسلم) "أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ". كما تجد الدعوة إلى إفشاء السلام؛ فعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ (رضي الله عنه)، قَالَ:" لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) المَدِيْنَةَ، انْجَفَلَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَكُنْتُ فِيْمَنِ انْجَفَلَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ، عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوْا السَّلاَمَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلاَمٍ ".

فلقد كان أول أساس وضعه سيدنا النبي (صلى الله عليه وسلمَ) في المدينة أن دعا الجميع إلى الاتحاد فصاروا بالاتحاد أعوانا، وأصبحوا بالوحدة قوة ومنعة، وتحولت حياتهم من تنازع وفرقة إلى اجتماع وألفة، وتبدلت اهتماماتهم من صراع إلى بناء حضارة تعلو بالوحدة، فنزع الله (تعالى) من نفوسهم النزاع والاختلاف، وألف بينهم بالمحبة والصفاء، قال تعالى: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (الأنفال:62-63) فاتحدت قلوبهم، وتآلفت نفوسهم، وتجانست أرواحهم، فكانوا كما قال صلى الله عليه وسلم :"المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا". قال الطبري، في (جامع البيان): " جمع بين قلوب المؤمنين من الأوس والخزرج، بعد التفرق والتشتت، على دينه الحق، فصيَّرهم به جميعًا بعد أن كانوا أشتاتًا، وإخوانًا بعد أن كانوا أعداء". مر شاس بن قيس، (وكان شيخا قد عسا في الجاهلية عظيم الكفر شديد الضغن على المسلمين شديد الحسد لهم) على نفر من أصحاب رسول الله (صَلى الله عليه وسلم) من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه، فغاظه ما رأى من جماعتهم وألفتهم، فأمر فتى من يهود أن يعمد إليهم فيذكرهم بيوم  بُعَاث (وهو آخر أيام القتال بينهم، وكان قد قتل فيه المئات) ففعل، فتنازعوا وتفاخروا وتعالت الأصوات حتى تهيؤا للقتال، فبلغ ذلك الحبيب النبي (صلى الله عليه وسلمَ) فخرج إليهم فقال: "يَا معشر المسلمين، بدعوى الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ بَعْدَ أَنْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ وَقَطَعَ بِهِ عَنْكُمْ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَلَّفَ بَيْنَكُمْ، فَتَرْجِعُونَ ‌إِلَى ‌مَا ‌كُنْتُمْ ‌عَلَيْهِ ‌كُفَّارًا؟ "؟! فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم، فألقوا السلاح وبكوا وعانق بعضهم بعضا.

من جانب آخر: ما أعظم المؤاخاة بينهم وبين المهاجرين؛ فلقد وضعت الفترة الأولى مِنْ قدوم الحبيب النبي (صلى الله عليه وسلمَ) إلى المدينة، كلا مِنَ المهاجرين والأنصار أمام مسئولية خاصة مِنَ الوحدة والتماسك والأخوة، وكانت هذه المؤاخاة أقوى في حقيقتها مِن أخوة الرَحِم، وكان الأنصار على مستوى هذه المسئولية، فواسوا إخوانهم المهاجرين، وآثروهم على أنفسهم، وانظر مثالا من ذلك؛ فعَنْ أَنَسٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ:" قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْمَدِينَةَ فَآخَى النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ؛ وَكَانَ سَعْدٌ ذَا غِنًى فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ أُقَاسِمُكَ مَالِي نِصْفَيْنِ وَأُزَوِّجُكَ. قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ" (رواه البخاري).

 فعلى هذا المنهج النبوي الكريم صار الصحابة الأخيار الأطهار يدعون إلى الاصطفاف وينهون عن الفرقة والاختلاف فعَنْ ابْنِ عُمَرَ (رضي الله عنهما) قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ: إِنِّي قُمْتُ فِيكُمْ كَمَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فِينَا، ثم ذكر خطبة جاء فيها: "عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مِنْ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمْ الْجَمَاعَةَ، مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ، فَذَلِكُمْ الْمُؤْمِنُ" (رواه الترمذي). ويقول سيدنا ابن مسعود (رضى الله عنه): "عليكم بالجماعة فإنها حبل الله الذي أمر به، وإن ما تكرهون في الجماعة والطاعة خير مما تحبون في الفرقة " وقال سيدنا ابن عباس (رضي الله عنهما): "الجماعة الجماعة، فإنما هلكت الأمم الخالية لتفرقها".

إن الوحدة هي أساس السعادة، وعماد البناء والتقدم، وسبيل القوة، كما أن فيها التكافل، وفيها التغلب على التحديات التي يواجهها المجتمع. ولله در القائل

وإذا القلوبُ تآلفَت مع بعضِها *** لا بُدَّ أن يُدرِكنَ كــلَّ مُرادِي
ويدُ الإله مــــع الجماعة سُنَّةٌ
*** عمِلَت بها الآبا عن الأجدادِ

فما تمسكت أمة بالوحدة واعتصمت بحبل الله إلا نجحت وارتفعت، ومن ذلك أكد رسول الله (صلى الله عليه وسلمَ) على ضرورة الجماعة والاتحاد، وحذر من تفرق القلوب والأجساد، فقال (صَلى الله عليه وسلم): "فعليْكم بالجماعةِ فإنَّما يأْكلُ الذِّئبُ القاصيةَ" (رواه النسائي).  فكما دعانا الإسلام إلى الاصطفاف، نهانا عن الفرقة والاختلاف، فقال تعالى: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال: 46)، وقال سبحانه: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (آل عمران: 105). فاذا كان الاتحاد نعمة ورحمة، فإن الفرقة عذاب ونقمة وهلاك، إذ يقول سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلمَ)" الجماعةُ رَحمةٌ والفُرقةُ عذابٌ"، ويقول: "إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْفُرْقَةُ" (رواهما أحمد). فليست ثمة قضية أجمع عليها الناس قديما وحديثا مثلما أجمعوا على خطورة التفرق والتنازع، وأن الاجتماع قوة تتضاءل إلى جانبها كل القوى المتفرقة، وأن التفرق ضعف لا يضاهيه ضعف.

 ومن عظيم اهتمام الإسلام بنبذ الفرقة والاختلاف أن نهى عن كل ما كان إليها سبيل؛ ومن ذلك أن نهى عن الكراهية والحقد والحسد، إذ يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "لا تَحاسدُوا، وَلا تناجشُوا، وَلا تَباغَضُوا، وَلا تَدابرُوا، وَلا يبِعْ بعْضُكُمْ عَلَى بيْعِ بعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللَّه إِخْوانًا، المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم: لا يَظلِمُه، وَلا يَحْقِرُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، التَّقْوَى هَاهُنا ويُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاثَ مرَّاتٍ بِحسْبِ امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِر أَخاهُ المُسْلِمَ، كُلّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حرامٌ: دمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ" (رواه مسلم).

فالفرقة ضعف وهلاك وشتات، وذهاب للخير والبركة، وإذا كان من أثرها أنها تذهب ببركة الطعام كما جاء عن وَحْشِيٍّ بْنِ حَرْبٍ، (رضي الله عنه): أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ، (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَأْكُلُ وَلَا نَشْبَعُ، قَالَ: "فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ؟" قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ:" فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ" (رواه أبو داود) فكيف بما هو أكبر من ذلك؟. وإذا كانت قد رفعت مثل هذا الخير؛ كما جاء عن سيدنا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ (رضي الله عنه)، أَنَّ سيدنا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَتَلَاحَى رَجُلَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: "إِنِّي خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَإِنَّهُ تَلَاحَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ، فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمُ، الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالْخَمْسِ" (رواه البخاري) فكيف بغير ذلك؟ لذلك أراد حكيم أن يعطى أولاده درساً حين أحس بقرب أجله، فجمعهم حوله، وطلب منهم أن يحضروا حزمة من الحطب، ثم طلب من كل واحد منهم أن يكسر الحزمة، فلم يستطع أي واحد منهم أن يكسرها، فأخذ الحكيم الحزمة، وفرقها أعواداً، وأعطى كل واحد منهم عوداً، وطلب منهم كسر الأعواد وهي متفرقة، فكسر كل واحد منهم عوده بسهولة. فقال الأب الحكيم: يا أبنائي إياكم والفرقة، كونوا كهذه الحزمة متحدين.

كُونُـوا جميعًا يا بَنيّ إذا اعتَرى *** خَطْبٌ ولا تتفرَّقـــــوا آحادَا
تأبَى العِصِيُّ إذا اجْتمعْنَ تكسُّرًا *** وإذا افْتَرَقْنَ تكسَّرت أفْرادَا

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق واصرف عنا سيئها
 واحفظ مصر من كل مكروه وسوء يا رب العالمين

محمد حســــــن داود
إمام وخطيب ومـــدرس
دكتوراة في الفقه المقارن

 لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر      -----      اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf   رابط مباشر     -----      اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  pdf جوجل درايف    -----       اضغط هنا 

 

 

 

google-playkhamsatmostaqltradent