recent
آخر المشاركات

خطبة بعنـــــــوان : اغتنام مواسم الطاعات والخيرات - للشيخ / محمد حســـن داود


خطبة بعنـــــــوان :
اغتنام مواسم الطاعات والخيرات
للشيخ / محمد حســـن داود
ولتحميل الخطبة : word  اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : pdf     اضغط هنا 

العناصــــر :
- خصائص وفضائل عشر ذي الحجة .
- أعمال يتقرب بها العبد إلى الله جل وعلا في هذه العشر .
- دعوة إلى اغتنام الأوقات، والاستزادة من الخيرات في مواسم الطاعات.
الموضــــــوع :  الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ )آل عمران133) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف  " مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ " يَعْنِي الْعَشْرَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: " وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ "رواه البخاري) اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
من فضل الله جل وعلا على عباده، أن جعل لهم مواسم للطاعات، مواسم للخيرات، تحمل النفحات والبركات، تضاعف فيها الأجور، وتكثر فيها الحسنات، وترفع فيها الدرجات، ولا شك أن من أعظمها شرفا، وارفعها قدرا، وأكثرها فضلا " العشر الأول من شهر ذي الحجة "، فهي عشر مباركة؛ إذ أقسم الله بها في كتابه، وهذا وحده يكفيها شرفاً وفضلاً، ففيه الإشارة إلى تعظيم الله تعالى لها، والتنويه بشأنها وفضلها، قال تعالى (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْر) الفجر1-2) والليالي العشر هي عشر ذي الحجة (قاله بن عباس، وغيره) كما شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم أنها أفضل أيام الدنيا، فقال" أفضل أيام الدنيا أيام العشر". كما أنها من جملة أربعين موسى عليه السلام؛ فهي العشر المذكورة في قوله تعالى ( وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) الأعراف 142)
ومن جملة فضلها أن فيها يوم النحر، وهو افصل أيام العام ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " أَعْظَمُ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ " رواه أبو داود والنسائي) ومن جملة فضلها أن فيها يوم عرفه، اليوم الذي أتم الله فيه النعمة وأكمل فيه الدين، قال تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة3) فقد جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فقال: يا أمير المؤمنين، إنكم تقرءون آية في كتابكم، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال: وأي آية؟ قال قوله: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي )فقال عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والساعة التي نزلت فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، نزلت عَشية عَرَفَة في يوم جمعة ". وهو اليوم الذي اخذ الله فيه الميثاق من آدم وذريته بنعمان؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ اللهَ أخذ الميثاقَ من ظهرِ آدمَ ، عليه السَّلامُ، بنَعمانَ يومَ عرفةَ، فأخرج من صلبِه كلَّ ذرِّيَّةٍ ذرأها فنثرها بين يدَيْه، ثمَّ كلَّمهم قبلًا، قال ﴿ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾الأعراف172، 173 )" وما أعظم فضل هذا اليوم إذ يعتق الله فيه من الرقاب، و يباهى الملائكة بأهل عرفة، فقد قال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِى المَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ : مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ ".
ومن جملة فضلها أنها مكان لاجتماع أمهات العبادة؛ قال ابن حجر في الفتح : " والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره" وعليه فهي مدرسة تربوية أخلاقية عظيمة فالعبادات كلها طريق لحسن الأخلاق ومكارمها، أما ترى أن الله جل وعلا، قال في الصلاة (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ) العنكبوت45) وقال جل وعلا في عموم الصدقات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )البقرة264) وفى الصيام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليسَ الصيامُ منَ الأكْلِ والشرْبِ ، إِنَّما الصيامُ منَ اللغوِ والرفَثِ " وفى الحج قال تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) البقرة 197) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول " مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" رواه البخاري ومسلم) وما أعظم ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم عن بعثته " كما جاء في مسند الإمام احمد ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ " .
ولقد وجه القران الكريم كما وجهت السنة النبوية إلى اغتنام فضائل هذه الأيام بالطاعات والعبادات والقربات إلى رب البريات، قال تعالى ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ) الحج28) ( الأيام المعلومات أيام العشر) وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ. قَالُوا: وَلا الْجِهَادُ، قَالَ: وَلا الْجِهَادُ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ" رواه البخاري)، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ " يَعْنِي الْعَشْرَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: " وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ "رواه البخاري) قال ابن رجب الحنبلي في لطائف المعارف، " وقد دلت هذه الأحاديث على أن العمل في أيام ذي الحجة أحب إلى الله من العمل في أيام الدنيا من غير استثناء شيء منها، وإذا كان أحب إلى الله فهو أفضل عنده" اهـ) ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم ومن سار على دربهم يغتنمون بالعبادات فضل هذه الأيام حتى ورد أن سعيد بن جبير رضي الله عنه كان "إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادا شديدا حتى ما يكاد يَقْدِرُ عليه"
وان من أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله في هذه الأيام :
- التوبة إلى الله : فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة، بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة، قال تعالى ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور31) وهاهو إمام التائبين وسيد المستغفرين صلى الله عليه وسلم ، يقول كما في صحيح مسلم "يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، تُوبُوا إِلَى اللَّهِ ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّة". فإذا كان المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يستغفر الله تعالى ويتوب إليه مرات ومرات ويناجيه أن يغفر له، فما بالنا نحن بمعاصينا وغفلتنا، أفلا نستغفر آناء الليل وأطراف النهار دون عدد ولا حساب ،عسى ربنا جل وعلا أن  يغفر لنا.
- المحافظة على أداء الفرائض والواجبات، على الوجه المطلوب شرعًا، ففي الحديث القدسي  " وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا ، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ ، وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ " رواه البخاري) .
- الصيام؛ فما أعظم فضله وأجره إذ يقول النبي صلى الله عليه وسلم "مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا" رواه البخاري ) ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة؛  فعَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ امْرَأَتِهِ , عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحَجَّةِ وَيْوَمَ عَاشُورَاءَ وَثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ " رواه احمد وأبو داود ) وفى صيام يوم عرفه يقول صلى الله عليه وسلم " صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، ... " رواه مسلم )
- الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى ؛ فلقد شرع الله عز وجل ذكره في هذه العشر على الخصوص،  فقال سبحانه ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ )  الحج 28) وعَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ ، وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ ، مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ " مسند احمد) قال البخاري "  كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرها. وقال: وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً ". وما عظم اجر ذلك وقد جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ انه قَالَ " جَاءَ الْفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ قَالَ أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَاخْتَلَفْنَا بَيْنَنَا فَقَالَ بَعْضُنَا نُسَبِّحُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَنَحْمَدُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَنُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ تَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ حَتَّى يَكُونَ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ".
- ذبح الأضاحى للمستطيع يوم النحر، وأيام التشريق ، تقرباً إلى الله عز وجل،فقد قال تعالى (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ)الحج36،37) وقال تعالى (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)الكوثر2) وعَنْ أَنَسٍ،قَالَ" ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا، يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ". وكفى في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم "مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ, أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا, وَأَشْعَارِهَا, وَأَظْلَافِهَا, وَأَنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الْأَرْضِ, فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا". ففيها أسمى معاني الشكر لله عز وجل على نعمه، و فيها إحياء لسنة سيدنا إبراهيم عليه السلام ،وتأسيا بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، غير أنها من أوسع أبواب التكافل الاجتماعي، كما أنها طريق إلى توثيق الروابط وتوطيد العلاقة وزرع المحبة وتحقيق الأخوة وقد قال الله تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ )الحجرات 10) وقال النبي صلى الله عليه وسلم " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى " رواه مسلم).
- الدعاء؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" رواه الترمذي )فلا تبخلوا على أنفسكم بالدعاء في هذه الأيام ، فما من شيء أكرم على الله تعالى منه ؛فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الدُّعَاءِ " رواه احمد ) فسألوا الله حاجتكم كلها، قليلها وكثيرها، دقيقها وجليلها، قريبها وبعيدها، ولا تستبطئوا الإجابة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ فَيَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي" رواه البخاري ومسلم (وأعلموا أن الدعاء نافع بكل حال، فثمرته مرجوة حتى وان لم تتحقق في الدنيا ،فلقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا " ، قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ ؟ ، قَالَ :" اللَّهُ أَكْثَرُ "رواه الترمذي واحمد )
- كما يتأكد في هذه العشر بر الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، وإجابة السائل، وإعانة المحتاج، وتفريج الكرب، وقضاء الحاجات، فقد قال الله تعالى (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ )البقرة 197)
إن اللبيب العاقل دائما يسارع ويبادر إلى الخيرات، ويغتنم مواسم الطاعات ،  فقد قال الله جل وعلا (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ )آل عمران133) ويقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ" .  فنافس ما دمت في فسحة ونفس، فالصحة يفجؤها السقم، والقوة يعتريها الوهن، والشباب يعقبه الهرم، فقد قال صلى الله عليه وسلم" بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا: هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلا فَقْرًا مُنْسِيًا، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا، أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا، أَوْ الدَّجَّالَ؛ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ؛ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ"، وقال أيضا " اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ : شَبَابُكَ قَبْلَ هَرَمِكَ ، وَصِحَّتُكَ قَبْلَ سِقَمِكَ ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ ، وَفَرَاغُكَ قَبْلَ شُغْلِكَ ، وَحَيَاتُكَ قَبْلَ مَوْتِكَ "
تزود من معاشك للمعــــــاد * * * وقم لله واعمل خيـر زاد
أترضى أن تكون رفيق قوم * * * لهم زاد وأنت بغير زاد ؟

===== كتبه =====
محمد حســـــــن داود
إمام وخطيب ومدرس
google-playkhamsatmostaqltradent