recent
آخر المشاركات

خطبة بعنوان: الأمـــــل حيـــــاة - للشيخ/ محمد حسـن داود

 خطبة بعنوان:
الأمـــــل حيـــــاة
للشيخ/ محمد حسـن داود


ولتحميل الخطبة : word  ( رابط مباشر) اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : word  (نسخة أخرى، برابط مباشر) اضغط هنا 
ولتحميل الخطبة : pdf    ( رابط مباشر) اضغط هنا
العناصـــــر :
- الأمل ومكانته، ودعوة القرآن الكريم إليه.
- الأمل في حياة الأنبياء، وفي سنة النبي (صلى الله عليه وسلم).
- الأمل والإيمان.
- الأمل الصادق يحتاج إلى عمل.
- دعوة إلى الأمل ونبذ اليأس والإحباط .
- فضل صيام يوم عاشوراء.

الموضـــــوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً)الشرح:5، 6). وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف "يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا، وَلاَ تُنَفِّرُوا" متفق عليه) اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد

لقد جعل الله (سبحانه وتعالى) الحياة الدنيا متقلبة الأحوال، لا تستقيم على حال، ولا تصفو لمخلوق من الكدر، فكما فيها الخير فيها الشر، وكما فيها السرور فيها الحزن، لكن يأتي الأمل شعاعا يضيء دياجير الظلام، يحطم جدران الحزن والألم، فما أغرى التاجر أن يغامر بماله الا أمله في الأرباح، وما جعل الإنسان يسعى ويعمل إلا أمله في الرزق، وما دفع الزارع أن يلقى البذور في الطين إلا أمله في حصاد الثمار، وما بعث في الطالب الجد والاجتهاد إلا أمله في النجاح، وما حبب المريض في الدواء المر إلا أمله في الشفاء، وما كان العبد في مخالفة لهواه وطاعة لمولاه إلا لأمله في الفوز بجنة الله ورضاه، وما أكثر المذنب من الندم والرجاء إلا أمله في العفو والغفران، يقول الشاعر:

اعلِّلُ النفس بالآمالِ أرقُبُها  ***  ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأمَلِ

فالأمل قوة عظيمة تشرح الصدر للعمل، وتبعث النشاط في الروح والبدن، تدفع الكسول إلى الجد، والمجد إلى المداومة، هو للإنسان شعاع يضيء الظلمات، وينير المعالم، ويوضح السبل، تنمو به شجرة الحياة، يرتفع به صرح العمران، يذوق به المرء طعم السعادة، يستشعر به بهجة الحياة، وكفى أنه يبعث في القلوب حسن الظن بالله، ولقد جاء في الحديث القدسي: "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فله" (رواه ابن حبان) والناظر في القران الكريم يرى دعوته إلى الأمل والتفاؤل ونبذ اليأس والإحباط جلية في اسمي وارقي المعاني ومن ذلك قوله تعالى: (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) الطلاق7)

ولقد ضرب لنا الأنبياء (عليهم الصلاة والسلام) أروع الأمثلة في التحلي بالأمل، امرأ يدعونا إلى أن نمتثل هذه القيمة النبيلة، فهذا نبي الله زكريا (عليه السلام)، مع انه بلغ من الكبر عتيا إلا انه لم يفقد الأمل في الإنجاب، فتوجه إلى الله داعيا أن يتحقق الأمل (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا) مريم 4-5) فكانت الاستجابة ( يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ) مريم 7) وهذا سيدنا أيوب (عليه السلام)، رغم ما كان به من داء إلا انه لم يفقد الأمل في الشفاء، قال تعالى: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ)الأنبياء 83 /84) وهذا سيدنا يونس (عليه السلام)، وهو في ظلمات الليل والبحر وبطن الحوت، لم يكن ليفقد الأمل وهو على يقين تام بأن الله (جل وعلا) يسمعه ويراه ويعلم ما به؛ قال تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ)الأنبياء87، 88) وهذا نبي الله يعقوب (عليه السلام)، يفقد ابنه يوسف (عليه السلام)، ثم أخاه، فيصبر على محنته وبلواه، إذ لم يترك لليأس مجالا فيثبطه، بل تفاءل ورجا أن يجد لمحنته مخرجا، فقال بقلب مملوء باليقين، وإحساس الصابرين المتفائلين (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) يوسف 83)، وما أجمله من تفاؤل وأمل، تعززه الثقة بالله حين قال (يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) يوسف87) ثم تأتى البشارة، قال الله (جل وعلا): (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ * قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ * فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) يوسف94-96).

كما ملأ الأمل والتفاؤل حياة النبي صلى الله عليه وسلم، حتى رسّخه مبدأً ساميًا، وقيمة نبيلة، حرى بنا أن نعلى من مكانتها في قلوبنا، بل في جميع مناحي حياتنا، فعن ابنِ عَبَّاسٍ (رضي اللهُ عنهما) قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ (صلى اللهُ عليه وسلم) يَتَفَاءَلُ وَلَا يَتَطَيَّرُ، وَيُعْجِبُهُ الاسْمُ الْحَسَنُ" رواه أحمد) وعن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ (رضي اللهُ عنه): أَنَّ النَّبِيَّ (صلى اللهُ عليه وسلم): قَالَ: "يُعْجِبُنِي الْفَأْلُ الصَّالِحُ الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ" رواه البخاري ومسلم) وعن ما كان في الغار ساعة الهجرة؛ يقول أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ (رضي الله عنه)، انَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ  (رضي الله عنه) حَدَّثَهُ ، قَالَ : " نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رُءُوسِنَا وَنَحْنُ فِي الْغَارِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ ، فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ : مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا " رواه مسلم) كما كان النبي (صلى الله عليه وسلم) حريصا على أن يبث روح الأمل في قلوب أصحابه مما يدعونا إلى التحلي بهذه القيمة العظيمة؛ فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) "يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا" متفق عليه)  وقال: " وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ " رواه مسلم ) .

إن الأمل والإيمان بينهما علاقة وطيدة ورباط وثيق؛ فالمؤمن أوسع الناس أملا وأكثرهم تفاؤلا واستبشارا، إذا أَعْسَرَ أو ضاق به أمر، لم ينقطع أمله في اليُسْر والفرج؛ فقد قال تعالى ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً)الشرح5/6) ويقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" ولقد جاء في الأثر عن ابن مسعود (رضي الله عنه): ( لو كان العُسْرُ في جُحرٍ لتَبِعَهُ اليُسْر، حتى يَدخُلَ فيه فَيُخْرِجَه، ولن يغلِبَ عُسرٌ يُسرَيْن) . وإذا سعى، لم ينقطع أمله في الرزق ؛ قال تعالى (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) هود6) وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : " إِنَّ رَوْحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعِيَ أَنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَهَا ، فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ وَلا يَحْمِلَنَّ أَحَدَكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ يَطْلُبَهُ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِنَّ اللَّهَ لا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلا بِطَاعَتِهِ "رواه أبو نعيم في حلية الأولياء) . وإذا مرض؛ فلا ينقطع أمله في الأجر والعافية قال تعالى: (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ )الشعراء78-80) وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : " إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ" رواه أبو داود). وعَنْ ‏عَائِشَةَ (رضي الله عنها) ‏قَالَتْ: ‏سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ "‏ ‏مَا مِنْ شَيْءٍ يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ حَتَّى الشَّوْكَةِ تُصِيبُهُ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً أَوْ ‏‏حُطَّتْ ‏عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ " رواه مسلم) . وإذا دعا الله لم ينقطع أمله في الإجابة؛ قال تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ )البقرة186) وعَنْ سَلْمَانَ (رضي الله عنه)، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ لَيَسْتَحِي مِنَ الْعَبْدِ أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهِ فَيَرُدَّهُمَا خَائِبَتَيْن" مستدرك الحاكم ). وإذا اقترف ذنباً، لم ينقطع أمله في العفو والمغفرة؛ قال تعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)الزمر53). وإذا تقرب إلى الله لم ينقطع أمله في محبته، ففي الحديث القدسي: "وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ..." رواه البخاري) . وإذا حدث له ما يحبسه عن ما داوم عليه من صالحات وقربات إلى رب البريات لم ينقطع أمله في الأجر، فعن أبي مُوسَى الأَشْعري (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " إَذا مَرِضَ العَبْدُ أَو سَافَرَ كُتِبَ له ما كان يَعْمَلُ صَحِيحًا مقيمًا " رواه البخاري) . فكان المؤمن على خير في كل الأحوال، لحسن ظنه بالله الواحد المتعال، وتفاؤله لبلوغ الآمال .

غير أن الأمل بلا عمل أمل أجوف أو أعرج، وأمانٍ كاذبة خاطئة فان الآمال الصادقة هي المقرونة بالعمل والأخذ بأسباب التقدم والرقى وهذا مما وجهنا اليه النبي صلى الله عليه وسلم، وحثنا عليه في كل وقت وفي كل أمر حتى في اقل الأمور، فعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ (رضي الله عنه) قال: قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ (يعنى ناقته) وكأن هذا الرجل كان يظن أن الأخذ بالأسباب ينافي التوكل على الله تعالى، فوجهه النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى أن الأخذ بالأسباب أمر مطلوب، وهو من التوكل على الله (عز وجل)، فقال له" اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ " . ولقد كان سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يقول: " لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول: " اللهم ارزقني وقد علمت أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة " . ويقول الشاع

وليسَ أخُـــــو الحاجاتِ مَنْ باتَ نَائِما *** ولكــــــنْ أخُــــوها مَنْ يبِيتُ على وَجَل
الجَدُّ في الجدِّ والحِرمانُ في الكَسَــــلِ *** فانصبْ تُصِبْ عنْ قريبٍ غايةَ الأمـــــلِ

يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إنّ حُسن الظنّ بالله من حسن عبادة الله" رواه الحاكم وصححه) فمن حسن عبادة الله (سبحانه وتعالى)، التفاؤل، الأمل، مهما كانت الأحوال، فإن الإسلام كما مدح الأمل وأهله؛ ذم اليأس والإحباط وأهله؛ إذ أن اليأس آفة، إذا أصابت مجتمع أهلكته وأخذت خيراته وإذا تملكت من فرد أوهنت قوته وعزيمته وأذهبت همته، وكفى فيه قوله تعالى على لسان سيدنا إبراهيم (عليه السلام)( قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ﴾الحجر 6) وما جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْكَبَائِرُ ؟ قَالَ : "الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالإِياسُ مِنْ رُوحِ اللَّهِ، وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ" كما ذم النبي (صلى الله عليه وسلم) من يسلب الأمل من قلوب الناس ويثبطهم ويزرع اليأس في قلوبهم؛ فقَالَ:" إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ "وفي رواية أخرى" فَهُوَ أَهْلَكَهُمْ" رواه مسلم) فتحلوا دائما بالأمل وألزموه بالعمل.

إن من مواسم الطاعات التي ينبغي للإنسان أن يغتنمها: شهر الله المحرم؛ ‏فقد قال النبي: (‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) "‏أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ" رواه مسلم) وفي هذا إشارة إلى اغتنام هذا الشهر بالأعمال الصالحة على اختلاف ألوانها، وخاصة الصيام فيستحب الإكثار منه في هذا الشهر عامة، وصيام يوم عاشوراء خاصة؛ فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) قَالَ: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ" رواه البخاري) وفي فضله يقول النبي (صلى الله عليه وسلم)" صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ "مسلم)

( نسأل الله أن يحفظ مصر وجيشها وشعبها، وان يهدنا لأحسن الأخلاق)

===== كتبه =====
محمد حســـــــن داود
إمام وخطيب ومدرس

google-playkhamsatmostaqltradent