recent
آخر المشاركات

خطبة الجمعة القادمة: نداءا ت القرآن الكريم للرسول (صَلى الله عليه وسلم) - للشيخ / محمد حســــن داود (2 جمادى الآخرة 1445هـ - 15 ديسمبر 2023م)

 

خطبة بعنــــوان:
نداءات القرآن الكريم للرسول (صَلى الله عليه وسلم)
للشيخ / محمد حســــن داود
(2 جمادى الآخرة 1445هـ - 15 ديسمبر 2023م)


العناصــــــر:      مقدمة
- من مظاهر تكريم النبي (صلى الله عليه وسلمَ).
- نداء الله (عز وجل) لنبيه (صلى اللهُ عليه وسلم) في القرآن الكريم.
- صور ونماذج
من نداءات القرآن الكريم للرسول (صَلى الله عليه وسلم).
- من واجبنا تجاه النبي (صلى الله عليه وسلمَ).

الموضـــــوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: ( لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (النور: 63) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "أنا سيدُ ولدِ آدمَ ولا فخر، وأنا أولُ من تنشقُّ الأرضُ عنه يومَ القيامةِ ولا فخر، وأنا أولُ شافعٍ وأولُ مشفَّعٍ ولا فخر، ولواءُ الحمدِ بيدي يومَ القيامةِ ولا فخرَ"، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد

فلقد كرم المولى (جل وعلا) نبيه (صلى الله عليه وسلمَ) تكريما ما ناله أحدا من العالمين، حيث أقسم بالضحى والليل ما قلاه، بل اجتباه، وإليه هداه، ووجده يتيما فآواه، ووجده عائلا فأغناه، قال جل في علاه: (وَالضُّحَى* وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى* مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى* وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى* وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى* أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى* وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى* وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى) الضحى: 1- 8)، شرح صدره،  ورفع ذكره، قال تعالى: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) (الشرح: 1-4)، وجعل طاعته من طاعته، فقال: (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) (النساء: 80)، فهو صلى الله عليه وسلمَ كما قال عن نفسه: "أنا سيدُ ولدِ آدمَ ولا فخر، وأنا أولُ من تنشقُّ الأرضُ عنه يومَ القيامةِ ولا فخر، وأنا أولُ شافعٍ وأولُ مشفَّعٍ ولا فخر، ولواءُ الحمدِ بيدي يومَ القيامةِ ولا فخرَ".

وَمِمَّا زَادَنِي شَـــــــرَفًا وَتِيهًا *** وَكِدْت بِأَخْمَصِي أَطَأُ الثُّرَيَّا
دُخُولِي تَحْتَ قَوْلِك يَا عِبَادِي *** وَأَنْ صَيَّرْت أَحْمَدَ لِي نَبِيَّا

وإن من مظاهر التكريم، وجوانب التعظيم؛ أن حذر المؤمنين من جعل النداء له مساويا لنداء بعضهم بعضا، أو أن يرفعوا أصواتهم فوق صوته، وعد ذلك من محبطات الأعمال؛ قال تعالى: ( لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (النور: 63) وقال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ) (الحجرات: 2).

وإنما علمنا القرآن الكريم كيف يكون نداء النبي (صلى الله عليه وسلمَ)، فعنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "كَانُوا يَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ، يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَنَهَاهُمُ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) عَنْ ذَلِكَ، إِعْظَامًا لِنَبِيِّهِ، (صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ)، قَالَ: فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَا نَبِيَّ اللَّهِ".

ولم لا؟! وعندما ناداه الله (عز وجل) في القرآن الكريم لم يجعل النداء له باسمه، بل ناداه بأحب الأسماء إليه، باللقب الدال على تعظيمه وتكريمه، بعز النبوة وشرف الرسالة، فكان من النداء: (يا أيها النبي)، و(يا أيها الرسول) في ثلاثة عشر موضعا، وفي موضعين بوصف حاله كـ (يا أيها المزمل) ،و (يا أيها المدثر)؛ بينما نادى المولى (سبحانه وتعالى) كل الأنبياء والرسل (عليهم الصلاة والسلام) بأسمائهم؛ فقال تعالى: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ) (مريم: 12)، وقال عز وجل: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ) (البقرة: 35 )، وقال جل وعلا: (إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (آل عمران: 55)، وقال سبحانه: (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى) (طه: 17)، وقال عز وجل: (وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (الصافات: 104- 105)، وقال جل وعلا: ( يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً) (مريم: 7)، وقال تعالى: ( يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ) (ص: 26).

وما ذكرَ اسمَ النبيِّ في القرآن الكريم مجردًا إلا في أربعةِ مواضعٍ ليست من النداءات، وهي: قوله تعالى: ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ ) (آل عمران:144)، وقوله تعالى: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رسول اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) (الأحزاب 40)، وقوله عز وجل: (والَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ) (محمد: 2)، وقوله سبحانه: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ) (الفتح:29)، يقول الإمام الزركشي (رحمه الله)، في "البرهان": "ولم يقع في القرآن النداء بـ (‌يا ‌محمد)، بل بـ (‌يا ‌أيها ‌النبي) و (يا أيها الرسول): تعظيمًا له، وتبجيلا، وتخصيصًا بذلك عن سواه".

وإن من جملة هذه النداءات:

- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا) (الأحزاب: 1)، فقد افتتحت هذه السورة بالنداء بالتقوى، مع أن فيها غير ذلك من النداءت، ولعل من ذلك أن التقوى باب قبول الصالحات، فقد قال تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (المائدة: 27)، وغاية في كل طاعة وعمل صالح، فقد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة: 21).

كما أن التقوى وصية الله للأولين والآخرين؛ قال تعالى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) (النساء: 132)، وهي وصية الرسل الكرام لأقوامهم، قال تعالى: (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ) (الشعراء: 124)، وقال: (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ) (الشعراء: 142) وعن أبي ذر، ومعاذ بن جبلٍ، (رضي الله عنهما) عن رسول الله (صلى الله عليه وسلمَ) أنه قال:  "اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ، وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمْحُهَا، وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسنٍ" (رواه الترمذي). وهي سببٌ لتيسير كل عسير، وتفريج كل كرب؛ قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) (الطلاق: 4)، وباب للفوز بالجنة، قال تعالى: (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا) (مريم: 63)، وقال سبحانه: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران: 133).

وإذا قال قائل ما السر وراء أمر الله (عز وجل) النبي (صلى الله عليه وسلمَ) بالتقوى، وهو صلى الله عليه وسلمَ قدوة في كل طاعة وعمل صالح، كان الجواب جامعا لأقوال العلماء أن الأمر بالتقوى هنا أمر بالاستزادة منها والاستدامة عليها، كما أنه أمر للمؤمنين جميعهم في خطاب النبي (صلى الله عليه وسلمَ)، ألا فلنتق الله (عز وجل)، وقد قال سبحانه: (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ) (ق: 31).

- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا) (الأحزاب: 45- 46): فقد جاء في هاتين الآيتين خمس صفات للنبي (صلى الله عليه وسلمَ)، منها : الشاهد، على أمته بالتبليغ، وكذلك سائر الأمم، قال تعالى: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) (البقرة: 143)، ومنها: المبشر للمطيعين بالجنة. ومنها: المنذر بالعذاب لمن تولى. ومنها: الدعوة إلى الله (عز وجل). ومنها: كونه سراجا منيرا. قال البغوي، في معالم التنزيل: "وذلك يقتضي أن الخلق في ظلمة عظيمة، لا نور، يهتدى به في ظلماتها، ولا علم، يستدل به في جهالاتها حتى جاء اللّه بهذا النبي الكريم، فأضاء اللّه به تلك الظلمات". وقال الزمخشرِي في الكشاف: "جلَى اللهُ بنبيِّهِ (صلى اللهُ عليه وسلم) ظلماتِ الشركِ، فاهتدَى بهِ الضالون كما يُجلَى ظلامُ الليلِ بالسراجِ المنيرِ ويهتدِى بهِ).

- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) (المزمل: 1- 4): فكان النبي (صلى اللهُ عليه وسلم) يواظب على قيامِ الليلِ، فقيام الليل كما قال النبي (صلى الله عليه وسلمَ): "دأبُ الصالحينَ قبلكمْ، وقربةٌ إلى اللهِ تعالى، ومنهاةٌ عنِ الإثمِ، وتكفيرٌ للسيئاتِ، ومطردةٌ للداءِ عنِ الجسدِ".

وقد ظن البعض أن رسولَ اللهِ (صلى اللهُ عليه وسلم) بعد أن أجزل له ربه في العطاء، حتى غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبعد أن نصره نصرا عزيزا، وفتح له فتحا مبينا، ربما يخلد إلى بعض الراحة، لكن الحقيقة أن النبي (صلى الله عليه وسلمَ) كان يكثر ويسارع إلى أبواب الطاعة والتقرب إلى الله (عز وجل)، فيعجب لذلك الصحابة، ويسألون عن السر فيه، فعَنِ الْمُغِيرَةِ "أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) صَلَّى حَتَّى انْتَفَخَتْ قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: أَتَكَلَّفُ هَذَا؟ وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ: "أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا" ( رواه مسلم)، أمرا يدعونا جميعا إلى المداومة على فعل الصالحات دون فتور أو ملل، فقد قال تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (الحجر: 99) وعَنْ عَائِشَةَ (رضي الله عنها)، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )، " سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَ: أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ " (رواه مسلم)، ومن جانب آخر أن نكثر من شكر الله (عز وجل)، فهو سبحانه القائل: (وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) (النمل: 40).

إن خصال النبي (صلى اللهُ عليه وسلم) وسجاياه الكريمة أجلّ من أن تعد أو تحصى، وأكبر من أن تستقصى؛ وإن من دلائل محبته صلى اللهُ عليه وسلم ألا يتوقف محبه عن معرفة سيرته، والبحث في مناقبه وشمائله؛ ليجعل من تلك الأخلاق مثالا له في أقواله وأفعاله، وتصرفاته وسلوكه ومعاملاته، فقد قال الله تعالى: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (الأحزاب 21)، كذلك الالتزام بأمره، واجتناب ما نهى عنه، والاقتداء بهديه، والأخذ بسنته، قَالَ الحَسَنُ الْبَصْرِيُّ (رَحِمَهُ اللهُ ) " إِنَّ مَنْ أَحَبَّ قَوْمًا اتَّبَعَ آثَارَهُمْ"، كذلك توقيره، فقد قال الله (جل وعلا): (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) (الفتح8: -9)، ولاشك أن من ذلك التأدب معه حال ذكره أو التحدث عنه.

 - هذا وقد أخبرنا النبي (صلى اللهُ عليه وسلم) أن أولى الناس به من أكثر الصلاة عليه: فقال: "أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً" (رواه الترمذي)، وعن أُبَيِّ بن كعب قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ فَقَالَ: "مَا شِئْتَ". قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ، قَالَ: "مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ"، قُلْتُ: النِّصْفَ، قَالَ: "مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ"، قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ، قَالَ: "مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ"، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا قَالَ: "إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ" (رواه الترمذي وقال حسن صحيح) وفي رواية عند الإمام أحمد: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جَعَلْتُ صَلَاتِي كُلَّهَا عَلَيْكَ، قَالَ: "إِذَنْ يَكْفِيَكَ اللَّهُ (تَبَارَكَ وَتَعَالَى) مَا أَهَمَّكَ مِنْ دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ ".

إنّ الصلاة على النّبي وسيلة *** فيها النّجاة لكلِّ عبدٍ مُسْلِمِ
صلّوا على القمر المُنير فإنّه *** نورٌ تبدّا في الغمام المُظلِمِ

فاللهم ارزقنا شفاعته ومرافقته في الجنة
واحفظ اللهم مصر من كل مكروه وسوء

=== كتبه ===
محمد حســــــــــــن داود
إمام وخطيب ومــــــــــدرس
باحث دكتوراه في الفقه المقارن

 لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر      -----      اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf   رابط مباشر     -----      اضغط هنا 


 


google-playkhamsatmostaqltradent