recent
آخر المشاركات

خطبة بعنـوان: الاستقامة والمداومة على الطاعة - للشيخ / محمد حســـــــن داود (3 شوال 1445هـ - 12 أبريل 2024م)

خطبة بعنـوان:
الاستقامة والمداومة على الطاعة
للشيخ / محمد حســـــــن داود
(3 شوال 1445هـ -  12 أبريل 2024م)



العناصــــــر:      مقدمة :
- فلنجعل أيامنا كلها رمضان.
- أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.
- كان كمن صام الدهر كله.
- أثر الاستقامة والمداومة على الطاعة
- اغتنام الأيام بالصالحات والبعد عن المعاصي والسيئات.

الموضوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَولِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) (فصلت:30-32)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "أَحَبُّ العَمَلِ إِلى اللهِ مَا دَاوَمَ عَلَيهِ صَاحِبُهُ وَإِنْ قَلَّ" (رواه مسلم )، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد

فبالأمس القريب كنتم في شهر رمضان، تصومون نهاره، وتقومون ما تيسر من ليله، وتتقربون إلى ربكم بفعل الطاعات، وهجر الذنوب، وترك السيئات، ثم مضت تلك الأيام، فمن أحسن فليحمد الله وليواصل الإحسان، فقد قال الله (جل وعلا): (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل 97) ومن كان على غير ذلك من الطاعة فليرجع إلى الله، وليصلح العمل ما دام في وقت الإمكان، فقد قال الله (عز وجل): (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر53) وعَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا" (رواه مسلم) .

إننا وفي هذه الأيام الطيبة إن كنا بالأمس ودعنا شهر رمضان، فينبغي أن لا نودع ما تعلمناه في هذه المدرسة الرمضانية من معان إيمانية وسلوك وآداب أخلاقية، بل يجب أن تبقى آثاره واقعا لا انفكاك منه على الدوام، فنجعل أيامنا كلها رمضان، نصوم فيها عن المحرمات، ونجتهد وننافس في الطاعات، فالعمر كله فرصة للخيرات ومغنم للحسنات؛ وطريق للاستقامة على الطاعة والعبادة؛ فلقد قال الله (جل وعلا): (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران133) ويقول عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه): " ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يزد فيه عملي". وقال عمر بن عبد العزيز (رضي الله عنه): "إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما". ولقد سُئِل بشر الحافي (رحمه الله) عن أناس يتعبدون في رمضان ويجتهدون، فإذا انسلخ رمضان تركوا، قال: " بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان "،

ومن ثم فإن الفطن من لا يفرق بين رمضان وغيره في الطاعة والاستقامة على أمر الله (عز وجل): فقد قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوفٌ عَلَيهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأحقاف:13-14)، وعن سفيان بن عبد الله (رضي الله عنه) قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْ لِي فِي الإِسْلاَمِ قَوْلاً لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ غَيْرَكَ، قَالَ: "قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ ثم اسْتَقِمْ". يقول الحسن البصري: " استقاموا على أمر الله فعملوا بطاعته واجتنبوا معصيته "

استقامت قلوبهم فكانت عامرة بالإيمان بالله، والخوف منه، ورجائه (تبارك وتعالى)، وحسن التوكل عليه والثقة به، ومحبته، وإذا استقام القلب على هذه الحال تبعته الجوارح كلها في الاستقامة، كما قال النبي (صلى الله عليه وسلمَ) : "ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ، صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ، فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وهي القَلْبُ"، ومن استقامت جوارحه استقامت أعماله، والنبي (صلى اللهُ عليه وسلم) يقول: " لا يَسْتَقِيمُ إِيمانُ عبدٍ حتى يَسْتَقِيمَ قلبُهُ، ولا يَسْتَقِيمُ قلبُهُ حتى يَسْتَقِيمَ لسانُهُ ".

إن أجر الأعمال الصالحة وفضلها ليس مقصورا على رمضان فحسب، كما أن أبواب الخير ليست متسعة في رمضان فحسب، فطرق الخير كثيرة، وأبواب البر في كل وقت مشرعة مفتحة، والأعمال الصالحات واسعة الميادين، فإن كنا قد ودعنا شهر رمضان الكريم، فينبغي أن لا نودع أبواب الخير، فحرى بمن صلى وصام وتصدق وقام، وذكر الله وأسهر ليله بقراءة القرآن، أن يداوم على الطاعات والقربات، فقد قال تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (الحجر 99) ويقول النبي (صلى الله عليه وسلمَ) "أَحَبُّ العَمَلِ إِلى اللهِ مَا دَاوَمَ عَلَيهِ صَاحِبُهُ وَإِنْ قَلَّ" (رواه مسلم ) وتلك كانت صفة عمل النبي (صَلى الله عليه وسلم) فكان إذا عمل عملا أَثبَتَهُ، فلما سُئِلَت السيدة عائشة (رضي الله عنها) " يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كيف كان عَمَلُ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنْ الْأَيَّامِ ؟ قَالَتْ " لاَ ، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً " (رواه البخاري ) وعنها أيضا أنها قالت " كان النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهَا " (رواه مسلم).

ولقد تنوعت إشارة النبي (صلى الله عليه وسلمَ) ودعوته إلى المداومة على العمل الصالح ومن ذلك ما جاء في المداومة على التوبة، إذ يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إلى اللهِ، فإنِّي أَتُوبُ في اليَومِ إلَيْهِ مِئَةَ مَرَّةٍ" (رواه مسلم)، وفي المداومة على الصلاة فرضا ونفلا؛ عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ . قَالَ: فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا " (متفق عليه ) وعن رَبِيعَة بْن كَعْبٍ الأَسْلَمِيُّ ، قَالَ : " كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ ، فَقَالَ لِي: سَلْ، فَقُلْتُ : أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ، قَالَ: فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ " (رواه مسلم) وفى الدعاء ؛ يقول النبي (صَلى الله عليه وسلم) لسيدنا معاذ:  "أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لا تَدَعَنَّ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ أّنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلى ذِكُرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ "(رواه أبو داود والنسائي) وفى ذكر الله (جل وعلا) وتسبيحه والثناء عليه؛ عنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ " أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ، قَالَ" لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ " (رواه الترمذي) وفي التحلي بحسن السلوك والأخلاق، ونبذ ذميمها، يقول النبي (صلى الله عليه وسلمَ)" عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ، وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ، حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ، وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ، حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا " (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)

وبهذا المنهج النبوي الكريم والتوجيه المـحمدي العظيم، أخذ كثير من الصحابة والسلف الصالح، فكانوا يعرفون بأعمال صالحة مدى أعمارهم كلها لا يتركونها ولا يفرطون فيها، فهذا بلال (رضي الله عنه)؛ يقول له النبي (صلى الله عليه وسلمَ): "يَا بِلَالُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ  (أي تحريك نعليك) بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ " قَالَ: "مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طُهُورًا فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ". ويقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَلَقَّتِ الْمَلَائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَقَالُوا: أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا، قَالُوا: تَذَكَّرْ، قَالَ: كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ، وَيَتَجَوَّزُوا عَنِ الْمُوسِرِ، قَالَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَجَوَّزُوا عَنْهُ " (رواه مسلم ).

فما أعظم أن نمتثل أمر الله سبحانه وهدى النبي (صَلى الله عليه وسلم( فنسارع إلى الخيرات ونداوم على الطاعات ونكثر من القربات، فقد قال الله (تعالى): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون)(الحج 77)، لا سيما الصيام، والنبي (صلى الله عليه وسلمَ) يقول: " مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا".

وإن من رحمة الله (تعالى) بعبادِه أن تابع عليهم مواسِمَ الخير، فلا يكاد ينتهي موسم حتى يحل موسم آخر، يناشد الهمم أن تتقرب إلى الله، فتخرج الأمة من بر إلى بر، ومن خير إلى خير، يتزود فيه العِباد من الطاعة، فترفع لهم الدرجات، وتضاعف لهم الحسنات؛ فما ودع المسلمون رمضان حتى نفحتهم ستة شوال، فبصيامها يستكمل العبد أجر صيام الدهر كله كما قال صلى الله عليه وسلمَ: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدّهْرِ " وتفسير ذلك في قوله صَلى الله عليه وسلم: "صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ فَذَلِكَ صِيَامُ سَنَةٍ ".  غير أن الصائمين لرمضان إذا وفوا أجورهم، ثم عاودوا الصيام في شوال فيكون ذلك شكراً لهذه النعمة، فلا نعمة أعظم من مغفرة الذنوب، ولقد كان بعض السلف إذا وفق لقيام ليلة أصبح في نهارها صائماً، ويجعل صيامه شكراً على التوفيق .

إن للاستقامة على أمر الله والمداومة على الطاعات فضل كبير وأجر عظيم، ومنه:

- الحياة الطيبة؛ وما أدراك ما الحياة الطيبة؟! إنها السعادة الحقيقية؛ سعادة الروح، وصفاء النفس، والسكينة والطمأنينة؛ وقد قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) (النحل: 97)، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)(الأنفال: 24)، وقال عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)(الأحقاف: 13).

- سعة الرزق وبركته، قال تعالى: (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا) (الجن:16).

- بها يصل العبد إلى محبة الله (جل وعلا) ففي الحديث القدسي: " وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ" (رواه البخاري).

- ثبات الأجر عند العجز: فقد روى البخاريُّ عن أبي موسى الأشعري (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صَلى الله عليه وسلم): " إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا ". قال ابن حجَر: (هذا في حقِّ مَن كان يَعمل طاعةً فمُنِع مِنها، وكانت نيَّتُه لولا المانعُ أن يَدوم عليها). وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله (صلى الله عليه وسلمَ) قال:" مَا مِنِ امْرِئٍ تَكُونُ لَهُ صَلاَةٌ بِلَيْلٍ فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَ صَلاَتِهِ وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ "(رواه أبو داود والنَّسائي ). وعن انس (رضي الله عنه) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ :"إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟! قَالَ: " وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ "( رواه البخاري).

- حسن الخاتمة، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَولِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) (فصلت:30-32)

فما أعظم أن نمتثل أمر الله (سبحانه) وهدى النبي (صَلى الله عليه وسلم) فنسارع إلى الخيرات ونداوم على الطاعات ونكثر من القربات، فقد قال الله (تعالى): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون)(الحج 77)، وكما علَى المسلم أَن يحرِص على أبواب الخير ولو كانت قليلةً، فعليه أن يحذَرَ أبواب الذنوب ولو كانت حقيرةً؛ فقد قال النبي (صَلى الله عليه وسلم): "إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّمَا مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَقَوْمٍ نَزَلُوا فِي بَطْنِ وَادٍ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ، وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ حَتَّى أَنْضَجُوا خُبْزَتَهُمْ، وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذْ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْهُ" وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ هَذِهِ، وَلَكِنْ قَدْ رَضِيَ مِنْكُمْ بِالْمُحَقَّرَاتِ" (رواهما أحمد).

خَلِّ الذُّنُوبَ حَقِيـــــــــرَهَا *** وَكَثِيرَهَا فَهُـــوَ التُّقَى
كُنْ مِثْلَ مَاشٍ فَوْقَ أَرْ ضِ *** الشَّوْكِ يحْذَرُ مَا يَــرَى
لَا تَحْقِرَنَّ صَغِيـــــــــــــرَةً *** إِنَّ الْجِبَالَ مِنَ الْحَصَى

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
واحفظ اللهم مصر من كل مكروه وسوء

=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
باحث دكتوراه في الفقه المقارن

 لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر      -----      اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf   رابط مباشر     -----      اضغط هنا 




google-playkhamsatmostaqltradent