recent
آخر المشاركات

خطبة بعنـوان : في رحاب الإسراء والمعراج - للشيخ / محمد حســـن داود


خطبة بعنـــــــوان :
في رحاب الإسراء والمعراج
للشيخ / محمد حســـن داود


ولتحميل الخطبة : word  اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : pdf     اضغط هنا
العناصـــــر :
1- في طيات المحن منح .     2- الله جل وعلا لا ينسى أولياءه ولا يضيع أحباءه.
3- حسن الظن بالله .           4- شرف العبودية لله .
5- ثمرات الأخذ بالأسباب .    6- الصلاة هدية الإسراء والمعراج .
7- مكانة المسجد الأقصى.     8- الحفاظ على مال اليتيم وفضل رعايته .
الموضــوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) الإسراء 1) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
تظل السيرة النبوية منبعا عذبا وموردا صافيا ينهل منه المسلمون الدروس والعبر في كل زمان ومكان، ونحن إذ تعود علينا الأيام بذكرى " الإسراء والمعراج " تلك الآية الباهرة، والمعجزة العظيمة، يجدر بنا أن نقف منها على بعض الدروس والعبر؛ وان كانت معجزة الإسراء والمعراج حافلة بالدروس، إلا أن من أعظمها :
- أن في طيات المحن منح ، فبعد أن من الله تعالى على المؤمنين ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم، إذ يقول جل وعلا ( لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) آل عمران 164) بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو قومه إلى عبادة الله وحده، فمنهم من امن بدعوته ومنهم من تعهده بالإيذاء وإلقاء الافتراءات والأكاذيب، وهكذا تواترت الابتلاءات على النبي صلى الله عليه وسلم ،وتضاعفت بوفاة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، وبوفاة عمه أبي طالب، إذ يفقد في عام واحد مدافعا قويا خارج البيت، ومن يهون عليه المصاعب ويخفف عنه الآلام داخل البيت، وتشمت قريش، وتستغل موت عمه فتزيد من الإيذاء والتضييق عليه، حتى خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، املا أن يجد قبولا بينهم، لكن كانت المفاجأة، أن كان ردهم قاسيا، إذ أغروا به غلمانهم وصبيانهم فتبعوه يسبونه ويصيحون به ويرمونه بالحجارة، حتى أصيب صلى الله عليه وسلم في قدميه، فسالت منها الدماء، فرجع صلى الله عليه وسلم إلى مكة ولم يدخلها إلا في جوار المطعم بن عدى.
في ظل هذه الأجواء الكالحة، والظروف الحرجة، ومن هذه المحنة، كانت المنحة؛ إذ يمن الله عز وجل على نبيه بهذه المعجزة العظيمة، تصديقا له وتثبيتا لقلبه وتسرية عن نفسه، معجزة لعلو مكانتها خلد الله جل وعلا ذكرها في موضعين من القران؛ قال تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) الإسراء 1) وقال سبحانه (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ﴾ النجم 1-14) وكأن لسان الحال يقول: إن كنت يا نبي الله فقدت مؤانسة الزوج فأنت مؤانس بالملأ الأعلى ، وان كنت فقدت حماية العم فأنت محاط بحماية الرب، لا تظن أن جفاء بعض أهل الأرض يعني جفاء أهل السماء، فإن كان من أهل الأرض من لا يعرفون قدرك؛ فإن أهل السماء يعرفون منزلتك.
- كما يتضح لنا جليا درسا عظيما ألا وهو: أن الله جل وعلا، لا ينسى أولياءه ولا يضيع أحباءه ،فلما اخبر النبي قريش بالإسراء، سألوه أن ينعت لهم المسجد الأقصى كما جاء عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ قُمْتُ فِي الْحِجْرِ ، فَجَلَا اللَّهُ لِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ " رواه مسلم) وفى رواية احمد عن ابن عباس رضي الله عنه " قَالُوا : وَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْعَتَ لَنَا الْمَسْجِدَ ؟ وَفِي الْقَوْمِ مَنْ قَدْ سَافَرَ إِلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ ، وَرَأَى الْمَسْجِدَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَذَهَبْتُ أَنْعَتُ ، فَمَا زِلْتُ أَنْعَتُ حَتَّى الْتَبَسَ عَلَيَّ بَعْضُ النَّعْتِ " ، قَالَ : " فَجِيءَ بِالْمَسْجِدِ وَأَنَا أَنْظُرُ حَتَّى وُضِعَ دُونَ دَارِ عِقَالٍ أَوْ عُقَيْلٍ فَنَعَتُّهُ ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ " رواه احمد)
- ومن هاتين الروايتين تتضح لنا دعوة طيبة زكية إلى حسن الظن بالله ويتجلى ذلك،عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم " فَمَا زِلْتُ أَنْعَتُ حَتَّى الْتَبَسَ عَلَيَّ بَعْضُ النَّعْتِ " ، قَالَ : " فَجِيءَ بِالْمَسْجِدِ وَأَنَا أَنْظُرُ حَتَّى وُضِعَ دُونَ دَارِ عِقَالٍ أَوْ عُقَيْلٍ فَنَعَتُّهُ ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ " كما يتجلى لنا أيضا في مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم ربه للتخفيف عن أمته في أمر الصلاة حتى صارت خمس في الأداء وخمسون في الأجر، كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري عن انس، وفيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَبَيْنَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى قَالَ : يَا مُحَمَّدُ إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، لِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً" ) فحسن الظن بالله عبادة عظيمة، ولقد جاء في الحديث القدسي الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه " أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي "، ولمكانة هذه العبادة أكد عليها النبي صلى الله عليه وسلم أيما تأكيد، فعن جابر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بثلاث يقول " لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ"  ففي حسن الظن بالله امتثال أمره، وتحقيق عبوديته، وللعبد من ربه ما ظن به، فعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ، فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ " رواه الدرامي) فلحسن الظن بالله أثرا في تحقيق الآمال، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلا يَقُولُ : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ، إِنْ ظَنَّ خَيْرًا فَلَهُ ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ "رواه ابن حبان) يقول ابن مسعود رضي الله عنه (والذي لا إله غيره ما أعطي عبد مؤمن شيئاً خيراً من حسن الظن بالله عز وجل، والذي لا إله غيره لا يحسن عبد بالله عز وجل الظن إلا أعطاه الله ظنه، ذلك بأن الخير بيده) ولقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم، على شاب وهو في آخر لحظات عمره وسأله عن حاله كما جاء عَنْ أَنَسٍ ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ ، فَقَالَ : " كَيْفَ تَجِدُكَ " ، قَالَ : وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي أَرْجُو اللَّهَ ، وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ " رواه الترمذي وقال حسن غريب) و عَنْ حَيَّانَ أَبِي النَّضْرِ ، قَالَ : خَرَجْتُ عَائِدًا لِيَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ فَلَقِيتُ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ وَهُوَ يُرِيدُ عِيَادَتَهُ ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ ، فَلَمَّا رَأَى وَاثِلَةَ ، بَسَطَ يَدَهُ ، وَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْهِ ، فَأَقْبَلَ وَاثِلَةُ حَتَّى جَلَسَ ، فَأَخَذَ يَزِيدُ بِكَفَّيْ وَاثِلَةَ ، فَجَعَلَهُمَا عَلَى وَجْهِهِ ، فقَالَ لَهُ وَاثِلَةُ : كَيْفَ ظَنُّكَ بِاللَّهِ ؟ قَالَ : ظَنِّي بِاللَّهِ وَاللَّهِ حَسَنٌ ، قَالَ : فَأَبْشِرْ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : " قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلا : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي إِنْ ظَنَّ خَيْرًا ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا " رواه ابن حبان)
- كما يجدر بنا أن نقف قليلا عند أية سورة الإسراء لنوضح درسا من الأهمية بمكان، إلا وهو شرف العبودية لله، قال تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) فنرى أن الله تعالى وصف نبيه بالعبودية في قوله ( بعبده ) كما وصفه بهذا الوصف في مقام إنزال القرآن عليه ، قال تعالى ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ )الفرقان 1) وقال سبحانه( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً )الكهف1) فهي المكانة التي ارتضاها النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : " جَلَسَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ ، فَإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ ، فَقَالَ جِبْرِيلُ : إِنَّ هَذَا الْمَلَكَ مَا نَزَلَ مُنْذُ يَوْمِ خُلِقَ قَبْلَ السَّاعَةِ ، فَلَمَّا نَزَلَ ، قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ ، قَالَ : أَفَمَلِكًا نَبِيًّا يَجْعَلُكَ ، أَوْ عَبْدًا رَسُولًا ؟ قَالَ جِبْرِيلُ : تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ ، قَالَ : بَلْ عَبْدًا رَسُولًا " رواه احمد)وهذا يظهر لنا جليا أن العبوديةَ لله هي مرتبة سامية ودرجة عالية، وصف بها الله جل وعلا أنبياءه فقال﴿ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ﴾ ص 45) وقال ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ ﴾ص 41)وقال (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ )ص17)
- وتظل معجزة الإسراء والمعراج حاملة في طياتها الكثير والكثير من العبر والدروس منها : الأخذ بالأسباب، إذ يضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في ذلك، حين وصل بيت المقدس فربط البراق بالحلقة التي يربط بها الأنبياء ولم يترك البراق هملا ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ (وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ. يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ) قَالَ، فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ. قَالَ، فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الأَنْبِيَاءُ. ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ...". إذ أن الآمال لا تتحقق بالتكاسل وان الرقى والتقدم لم يكن أبدا طريقه الخمول، فان الآمال الصادقة هي المقرونة بالأخذ بأسباب التقدم والرقى، وهذا مما وجهنا النبي صلى الله عليه وسلم إليه وحثنا عليه في كل وقت وحين لدوام حياة مشمسة بالخير والتقدم والرقى، فعَنْ عُمَرَ بن الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُوْلَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُوا خِمَاصاً وَتَرُوْحُ بِطَاناً " رواه الترمذي وبن ماجة وغيرهما )وها هو صلى الله عليه وسلم يوجه إلى الأخذ بالأسباب حتى في اقل الأشياء فعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قال: قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ (يعنى ناقته ) وكأن هذا الرجل كان يظن أن الأخذ بالأسباب ينافي التوكل على الله تعالى، فوجهه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن الأخذ بالأسباب أمر مطلوب، وهو من التوكل على الله تعالى، فقال له صلى الله عليه وسلم " اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ " . ولقد كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : " لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول : " اللهم ارزقني وقد علمت أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة " كما ذكَرَ الإِمَامُ البَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي شُعَبِ الإِيْمَانِ أَنَّ عُمَرَ بن الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرَّ بِأَهْلِ اليَمَنِ فَقَالَ: مَا أَنْتُمْ؟ فَقَالُوا: نَحْنُ المُتَوَكِّلُوْنَ. فَقَالَ: بَلْ أَنْتُمُ المُتَّكِلُوْنَ. أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالمُتَوَكِّلِيْنَ؟ رَجُلٌ أَلْقَى حَبَّةً فِي الأَرْضِ ثُمَّ تَوَكَّلَ عَلَى رَبِّهِ" . يقول الشاعر
وليسَ أخُـــــو الحاجاتِ مَنْ باتَ نَائِما *** ولكــــــنْ أخُــــوها مَنْ يبِيتُ على وَجَل
الجَدُّ في الجدِّ والحِرمانُ في الكَسَــــلِ *** فانصبْ تُصِبْ عنْ قريبٍ غايةَ الأمـــــلِ
- كما ينبغي علينا أن نشير إلى الهدية التي رجع بها المصطفى صلى الله عليه وسلم لامته ،ألا وهى الصلاة : فهي عبادة جليلة يشترك فيها أهل السماء مع أهل الأرض، فعنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ ، قَالَ : بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابِهِ ، إِذْ قَالَ لَهُمْ : " تَسْمَعُونَ مَا أَسْمَعُ ؟ " قَالُوا : مَا نَسْمَعُ مِنْ شَيْءٍ ، قَالَ : " إِنِّي لأَسْمَعُ أَطِيطَ السَّمَاءِ ، وَمَا تُلامُ أَنْ تَئِطَّ ، وَمَا فِيهَا مَوْضِعُ شِبْرٍ إِلا وَعَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَوْ قَائِمٌ "، هي أُم العبادات وأساس الطاعات، راحة كل مهموم وفرج لكل مكروب فيها يناجى العبد مولاه وهو منه اقرب ما يكون ولذا كان صلى الله عليه وسلم يقول: أرحنا بها يا بلال . كما عند أحمد وأبو داود)و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ " هي صلة بين العبد وربه، هي رفعة في الدرجات و كفارة للسيئات " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ. قَالَ: فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا" رواه البخاري) فما أحوجنا إلى المحافظة على هذه الفريضة العظيمة التي أكرمنا الله بها في ليلة الإسراء والمعراج ،فهي أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة،عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ " رواه النسائي والترمذي )
- ومن دروس الإسراء والمعراج، مكانة المسجد الأقصى، فللمسجد الأقصى مكانة كبرى في الإسلام فلقد شرفه الله تعالى ووصف أرضه بالبركة، قال تعالى في مستهلّ سورة الإسراء ( سُبْحٰنَ الَّذِيْ أَسْرٰى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْـمَسْجِدِ الحَرَامِ إِلى الْـمَسْجِدِ الأقصى الذي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) فمن الآية يتضح انه منتهى إسراء سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، و بداية المعراج إلى الملأ الأعلى، وهو قبلة المسلمين الأولى، كما في حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قِبَلَ بيت المقدس ستة عشر شهرا او سبعة عشر شهرا، كما عظم الإسلام اجر الصلاة فيه ،وذلك لما رواه الطّبرانيّ والبزّار بإسناد جيّد عن أبي الدّرداء رضي الله عنه قال: قال رسول اللهِ صلّى الله عليه وسلّم:"فَضْلُ الصًّلاَةِ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ عَلَى غَيْرِهِ مِائَةُ أَلْفِ صَلاَةٍ، وَفِي مَسْجِدِي أَلْفُ صَلاَةٍ، وَفِي مَسْجِدِ بَيْتِ المَقْدِسِ خَمْسُمِائَةِ صَلاَةِ " وانظر دعوة سيدنا سليمان لمن دخله لا يريد إلا الصلاة فيه فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا : حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ ، وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ، وَأَلَّا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ " ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ "  رواه بن ماجه ) وهو ثاني مسجد وضع في الأرض، فعن أَبِى ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَىُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ في الأَرْضِ أَوَّلُ ؟ قَالَ : "الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ"، قُلْتُ : ثُمَّ أَىٌّ ؟ قَالَ : "الْمَسْجِدُ الأَقْصَى"، قُلْتُ : كَمْ بَيْنَهُمَا ؟ قَالَ: "أَرْبَعُونَ سَنَةً ، وَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ فَصَلِّ فَهُوَ مَسْجِدٌ" صحيح مسلم)، وهو أرض المحشر والمنشر ، فعَنْ مَيْمُونَةَ مَوْلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: " أَرْضُ الْمَحْشَرِ وَالْمَنْشَرِ ، ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ" قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: " فَتُهْدِي لَهُ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ كَمَنْ أَتَاهُ" كما أن له ارتباط وثيق وعلاقة قوية بالمسجد الحرام، فالأقصى هو ثالث الحرمين الشريفين، وفي ذلك كله توجيه للمسلمين بأن يقدروه حق قدره.
إن من اجل الدروس والعبر التي يجدر بنا أن نقف عليها ونحن في رحاب هذه المعجزة الإلهية ؛ الحفاظ على مال اليتيم، وفضل رعايته وكفالته"؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : حدثنا النَّبِيُّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ ، قَالَ : " نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ لَهُمْ مَشَافِرُ كَمَشَافِرِ الإِبِلِ , وَقَدْ وُكِّلَ بِهِمْ مَنْ يَأْخُذُ بِمَشَافِرِهِمْ ، ثُمَّ يَجْعَلُ فِي أَفْوَاهِهِمْ صَخْرًا مِنْ نَارٍ يَخْرُجُ مِنْ أَسَافِلِهِمْ ، قُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَؤُلاءِ ؟ قَالَ : هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا ، إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ". إن الناظر في نصوص القران والسنة النبوية يرى بوضوح مدى اهتمام الإسلام برعاية الأيتام؛ وكفى في ذلك أن نزلت آيات في حقهم في أوائل ما نزل من القرآن في مكة منها قوله تعالى﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ﴾الضحى 9) وما زال القران يؤكد على الإحسان إلى اليتامى ورعايتهم حتى اقترنت دعوة الإحسان إليهم بالدعوة إلى توحيد الله جل وعلا وبر الوالدين؛ قال الله تعالى( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى ...) النساء36)
لقد عنى الإسلام باليتيم من جميع جوانب الحياة،ومن ذلك : العناية النفسية التي تخفف عن اليتيم لوعة فراق والده الحاني، وانقطاع وده عنه؛ فعَنْ أَبِى أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ مَسَحَ رَأْسَ يَتِيمٍ لَمْ يَمْسَحْهُ إِلاَّ لِلَّهِ كَانَ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ مَرَّتْ عَلَيْهَا يَدُهُ حَسَنَاتٌ وَمَنْ أَحْسَنَ إِلَى يَتِيمَةٍ أَوْ يَتِيمٍ عِنْدَهُ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِى الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ وَفَرَّقَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى. رواه أحمد) كما أن أطيب المال ما أعطي منه اليتيم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ مَا أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ " متفق عليه) إذا فبجانب تلك العناية النفسية حث الإسلام على رعايته اجتماعيا وتوفير سائر ما يحتاجه من متطلبات الحياة،كالطعام والكساء والسكن والتعليم والرعاية الصحية وغير ذلك؛ فعن أَبي هريرة رضي اللَّه عنه قال : قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : "كَافِل الْيتيمِ لَهُ أَوْ لِغَيرِهِ . أَنَا وهُوَ كهَاتَيْنِ في الجَنَّةِ " وَأَشَارَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ بِالسَّبَّابةِ والْوُسْطى؛ رواه مسلم )
إن رعاية اليتيم تدل على طبع سليم، وفطرة نقية وقلب رحوم ، كما أنها تساهم في بناء مجتمع سليم خال من الحقد والكراهية ، غير أنها باب من أبواب البر بها تتنزل البركات، ويلين القلب، وتقضى الحاجات، عن أبى الدرداء رضي الله عنه، أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، يشكو قساوة قلبه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " أَدْنِ اليتيمَ منك وأَلْطِفْه وامسحْ برأسه وأَطْعِمْه من طعامك فإن ذلك يُلَيِّن قلبَك وتُدْرِك حاجتَك " رواه البيهقى) كما أنها من اجل أسباب النجاة من عذاب الآخرة، واجتياز الصراط ، ودخول الجنة؛ قال تعالى ( فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ )البلد 11-15)وقال سبحانه (  إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا *عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا *إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا )الانسان5-12)
ولقد حذر القرآن من إهانة اليتيم وإيذائه أو أكل ماله بالباطل، قال تعالي ( فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ)الضحى9) وقال تعالي ( أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ* فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ) الماعون1/2) وقال سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا )النساء 10) وعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ : حَقَّ الْيَتِيمِ ، وَحَقَّ الْمَرْأَةِ " رواه أحمد وابن ماجة والحاكم وصححه) فأكل أموال اليتامى بالباطل من السبع الموبقات كما بين المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ يقول " اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُويقاتِ , قيلَ : ومَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قالَ : الشِّرْكُ باللهِ,والسِّحرُ,وقَتْلُ النَّفْسِ الّتي حرَّمَ اللهُ إِلاّ بالحَقِّ , وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ , وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ , وَأَكْلُ الرِّبَا , وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاتِ " رواه البخاري) .
فما أحوجنا إلى تدبر هذه الدروس والعبر، فنمتثل أمر الله فيما أمر، وننتهي عن كل ما نهى عنه وزجر، حتى تستقيم حياتنا وآخرتنا.
 ( الدعـــــاء )
===== كتبه =====
محمد حســـــــن داود
إمام وخطيب ومدرس

google-playkhamsatmostaqltradent