recent
آخر المشاركات

خطبة بعنوان : خطورة الشائعات وتزييف الوعي للشيخ / محمد حسن داود


خطبة بعنـــــــوان :
خطورة الشائعات وتزييف الوعي
للشيخ / محمد حســن داود
ولتحميل الخطبة : word  اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : pdf     اضغط هنا 
العناصــــــر:
-  تاريخ الشائعات قديم .
- خطورة واثر الشائعات وتزييف الوعي على الفرد والمجتمع .
- دعوة الإسلام إلى نبذ الشائعات والأكاذيب، والتحلي بحفظ اللسان .            
- عواقب الشائعات على صاحبها ومروجها .                        
- منهج الإسلام في محاربة الشائعات وضرورة التمسك بهذا المنهج .

الموضـوع:
 الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) الحجرات6) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله،القائل في حديثه الشريف " وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ " متفق عليه) اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
إن للحق طريق الاستقامة، وللباطل طرقه المعوجة، فالباطل لا يفتر في استخدام كل وسيلة تعوق الحق عن مواصلة طريقه؛ ومن طرق أهل الباطل، صناعة الشائعات وترويجها وتزييف الوعي؛ فهي حيلة المفسدين، ولقد قال الله جل وعلا (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ )البقرة205) وقال جل وعلا ( إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ) القصص77).
ومن ينظر في سطور التاريخ والسير، يجد أن تاريخ الشائعات قديم قدم الزمان، ينشب مخالبها ويروجها ضعاف النفوس والمغرضون شرار الناس، حتى أن الأنبياء عليهم السلام لم يسلموا منها، فقد أثيرت حولهم الشائعات، والأكاذيب، والافتراءات، قال تعالى ( كَذَٰلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ) الذاريات 52/53) فهذا أول الرسل: نوح عليه السلام، قد توجهت إليه سهام الشائعات من قومه بعدة أكاذيب؛ قال الله تعالى ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ * فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ * إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ )المؤمنون 23-25) وهذا نبي الله هود عليه السلام يشاع عنه الكذب والسفاهة قال تعالى (وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ )الأعراف 65/66) وهذا موسى عليه السلام يحمل دعوة ربه إلى فرعون وقومه فكان أول رد لفرعون أن أطلق الشائعات والقي الأكاذيب حوله، قال تعالى (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) غافر26 ) ولقد لاقى النبي صلى الله عليه وسلم من كيل الشائعات الكثير والكثير فقالوا شاعر، وقالوا مجنون، قال تعالى (وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ )الصافات36) وتارة يقولون كاهن، وأخرى يقولون ساحر، ومع انه كان يلقب بينهم قبل بعثته بالصادق الأمين؛ إلا أنهم بعد بعثته قالوا عنه كذاب، قال تعالى (وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ) ص4). وفي تحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام تولى الأعداء التشكيك في صحة التحويل وقاموا ينفثون سمومهم ويروجون الشائعات والافتراءات؛ فالمشركون قالوا: كما رجع إلى قبلتنا يوشك أن يرجع إلى ديننا، وأما اليهود فقالوا: خالف قبلة الأنبياء، وأما المنافقون فقالوا: ما يدري محمد أين يتوجه؟ إن كانت القبلة الأولى حقا فقد تركها، وإن كانت الثانية هي الحق فقد كان على باطل، وكثرت أقاويل السفهاء وأطلقوا أباطيلهم وإشاعاتهم ،قال تعالى (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) البقرة 142)
 يا لها من حيل تتكرر على اختلاف الأزمان، ففي أوقات السعي والجد والعمل والبناء والتقدم؛ كثيرا ما يظهر المرجفون والمنافقون وأصحاب الأهواء، بإطلاق الشائعات والأراجيف والأباطيل ومحاولات تزييف الوعي سعيا إلى ملء القلوب بالفتن وشحنها بالأحقاد وطمعا في الهدم والتفكك .
إن الأراجيف والشائعات سلاح لا تراه إلا بيد المغرضين وأصحاب الأهواء والأعداء والعملاء، والمنافقين؛ غايتهم منها كسر التآلف والتكاتف وإثارة الأحقاد ونشر الظنون السيئة، وترويج السلبيات بين أبناء المجتمع وخلخلة الصفوف وإضعاف تماسكها والنيل من وحدة أبناء المجتمع وإضعاف نموه وقوته، فالشائعات من أكثر ما يضر بأمن واستقرار المجتمعات، وهي من أعظم الوسائل المؤدية إلى الفتنة والوقيعة بين الناس، فكم أقلقت من أبرياء، وكم هدمت من بيوت، وفرقت من اسر، وشردت أطفال ،وكم ضيعت من أموال، وكم تسببت في جرائم، وكم فككت علاقات وصداقات، وتسببت في طلاق ومشكلات،وكم أوهنت من عزيمة وأضعفت من همة؛ ففي معركة أحد، عندما أشيع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قتل، كانت تلك الشائعة كالصاعقة في قلوب المسلمين، حتى أن بعضهم فترت همته وماتت عزيمته فألقى السلاح وترك القتال، واستمرت هذه الشائعة في أرض المعركة تصطلي نارها نفوس كل من كان بعيدا في موقعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى أن رآه كعب بن مالك رضي الله عنه ، فنادي بأعلى صوته "يا معشر المسلمين أبشروا، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم"، ألا وإن من خطورتها؛ أنها سبب في شق الصف، ولقد قال الله جل وعلا في المنافقين وهم أهل الشائعات ومروجيها ( لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)التوبة47) هذا غيض من فيض؛ فخطورة الشائعات أكثر من أن تكتب في سطور أو تجمع في كلمات.
إذا فالشائعات مرض فتاك وخطر مدمر إذا تملك من أسرة قطع أواصرها، وإذا تملك من مجتمع أفسده على أهله، وغيب أمانه واستقراره ومن ثم كانت دعوة الإسلام إلى حفظ اللسان عن نشر الأخبار الكاذبة وترويجها فقال الله جل وعلا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )التوبة 119)وقال جل وعلا ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )الأحزاب 70، 71) وعن عبد الله بن مسعود قال " سألتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فقلتُ : يا رسولَ اللهِ أيُّ الأعمالِ أفضلُ ؟ قال : الصَّلاةُ على ميقاتِها . قلت : ثمَّ ماذا يا رسولَ اللهِ ؟ قال: أن يسلَمَ النَّاسُ من لسانِك . وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ" البخاري)
ويكفى في ذلك رادعا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ" رواه الترمذي) ولقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا، وَصِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: "هِيَ فِي النَّارِ"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: "هِيَ فِي الْجَنَّةِ" رواه احمد) فنشر الأخبار الكاذبة وإذاعتها مما جاء فيه الوعيد الشديد ولقد قال تعالى ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾الاسراء38) وقال جل وعلا ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )ق18) وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ ، أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ".أخرجه أبو داود ) وعَنْ أَسْمَاءَ، بِنْتِ يَزِيدَ، رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشِرَارِكُمْ؟ " الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ الْمُفْسِدُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ الْبَاغُونَ لِلْبُرَآءِ الْعَنَتَ" رواه احمد ) وفى صحيح البخاري عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ , قَالَ : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ , فَقَالَ : مَنْ رَأَى مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا ؟ , قَالَ : فَإِنْ رَأَى أَحَدٌ قَصَّهَا ، فَيَقُولُ : مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَسَأَلَنَا يَوْمًا , فَقَالَ : , هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا ؟ , قُلْنَا : لَا ، قَالَ : لَكِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي ، فَأَخَذَا بِيَدِي فَأَخْرَجَانِي إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ ، فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ وَرَجُلٌ قَائِمٌ بِيَدِهِ كَلُّوبٌ مِنْ حَدِيدٍ ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : عَنْ مُوسَى ، إِنَّهُ يُدْخِلُ ذَلِكَ الْكَلُّوبَ فِي شِدْقِهِ حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ ، ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِدْقِهِ الْآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ هَذَا فَيَعُودُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ ، قُلْتُ : مَا هَذَا ؟ , قَالَا : انْطَلِقْ"... (حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم)" قُلْتُ : طَوَّفْتُمَانِي اللَّيْلَةَ فَأَخْبِرَانِي عَمَّا رَأَيْتُ ، قَالَا : نَعَمْ ، أَمَّا الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يُحَدِّثُ بِالْكَذْبَةِ فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الْآفَاقَ فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ "
ونظرا لما يشهده العالم من تطور كبير في وسائل التواصل والتكنولوجيا؛ لا شك أن الشائعات أصبحت أوسع وأكثر انتشارا، مما يحتم علينا أن نكون لها أكثر وعيا، ومنها أكثر حذرا؛ فلقد وضع الإسلام منهجا حكيما لوقاية المجتمع من خطر الشائعات ولعل من اجل ملامحه:
-  وجوب التثبت من الأخبار عند انتشارها في المجتمع، قال تعالى﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) الحجرات6) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النَّبيِّ r،انه قال" التَّأنِّي مِن الله، والعَجَلة مِن الشَّيطان" رواه البيهقي وأبو يعلى ) وفى مستدرك الحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " التُّؤَدَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ خَيْرٌ إِلَّا فِي عَمَلِ الْآخِرَةِ ". وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأشجِّ -أشجِّ عبد القيس -" إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ، وَالأَنَاةُ " رواه مسلم) قال الطفيل بن عمرو " كُنْتُ رَجُلاً شَاعِراً، سَيِّداً فِي قَوْمِي، فَقَدِمْتُ مَكَّةَ، فَمَشَيْتُ إِلَى رِجَالاَتِ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: إِنَّكَ امْرُؤٌ شَاعِرٌ سَيِّدٌ، وَإِنَّا قَدْ خَشِيْنَا أَنْ يَلْقَاكَ هَذَا الرَّجُلُ، فَيُصِيْبَكَ بِبَعْضِ حَدِيْثِهِ، فَإِنَّمَا حَدِيْثُهُ كَالسِّحْرِ، فَاحْذَرْهُ أَنْ يُدْخِلَ عَلَيْكَ وَعَلَى قَوْمِكَ مَا أَدْخَلَ عَلَيْنَا، فَإِنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ المَرْءِ وَأَخِيْهِ، وَبَيْنَ المَرْءِ وَزَوْجَتِهِ، وَبَيْنَ المَرْءِ وَابْنِهِ. فَوَاللهِ مَا زَالُوا يُحَدِّثُوْنِي شَأْنَهُ، وَيَنْهَوْنِي أَنْ أَسْمَعَ مِنْهُ، حَتَّى قُلْتُ: وَاللهِ لاَ أَدْخُلُ المَسْجِدَ إِلاَّ وَأَنَا سَادٌّ أُذُنَيَّ. قَالَ: فَعَمَدْتُ إِلَى أُذُنَيَّ، فَحَشَوْتُهَا كُرْسُفاً ( قطناً)، ثُمَّ غَدَوْتُ إِلَى المَسْجِدِ، فَإِذَا بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَائِماً فِي المَسْجِدِ، فَقُمْتُ قَرِيْباً مِنْهُ، وَأَبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُسْمِعَنِي بَعْضَ قَوْلِه. فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَاللهِ إِنَّ هَذَا لَلْعَجْزُ، وَإِنِّي امْرُؤٌ ثَبْتٌ، مَا تَخْفَى عَلَيَّ الأُمُوْرُ حَسَنُهَا وَقَبِيْحُهَا، وَاللهِ لأَتَسَمَّعَنَّ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ أَمْرُهُ رُشْداً أَخَذْتُ مِنْهُ، وَإِلاَّ اجْتَنَبْتُهُ. فَنَزَعْتُ الكُرْسُفَةَ، فَلَمْ أَسْمَعْ قَطُّ كَلاَماً أَحْسَنَ مِنْ كَلاَمٍ يَتَكَلَّمُ بِهِ. فَقُلْتُ: يَا سُبْحَانَ اللهِ! مَا سَمِعْتُ كَاليَوْمِ لَفْظاً أَحْسَنَ وَلاَ أَجْمَلَ مِنْهُ. فَلَمَّا انْصَرَفَ تَبِعْتُهُ، فَدَخَلْتُ مَعَهُ بَيْتَهُ، فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ قَوْمَكَ جَاؤُوْنِي، فَقَالُوا لِي: كَذَا وَكَذَا، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالُوا، وَقَدْ أَبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ أَسْمَعَنِي مِنْكَ مَا تَقُوْلُ، وَقَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهُ حَقٌّ، فَاعْرِضْ عَلَيَّ دِيْنَكَ. فَعَرَضَ عَلَيَّ الإِسْلاَمَ، فَأَسْلَمْتُ.
- عدم الإصغاء إلى الشائعة وعدم ترديدها، أو إذاعتها فقد ذم القرآن الكريم قوم كونهم ( سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ )المائدة٤١) فكيف بمن يردده ويخوض مع الخائضين؛ ففي ترديد الشائعات انتشار لها ومساهمة في ترويجها من حيث تدري أو لا تدري، وذلك فيه مساعدة المغرضين بقصد أو بغير قصد، قال الله جل وعلا (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ)النور15) ويقول رسولنا الكريم  صلى الله عليه وسلم " كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ" وعَنْ المغيرة ابن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال" مَن حَدَّثَ بحديثٍ، وهو يَرى أنَّه كَذِبٌ؛ فهو أحَدُ  الكاذِبَيْنِ"رواه مسلم).
- رد الأمر إلى أهل الاختصاص والاستعانة بهم في بيان الحقائق، قال تعالى (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) النساء84)
- حسن الظن بالآخرين؛ قال تعالى ﴿ لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ ﴾ النور 12) ويقول الحق سبحانه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾الحجرات 12) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا "رواه البخاري ومسلم) وما أروع موقف أبو أيوب النصارى لما ذكرت له ذوجته، ما يقول أهل الإفك، قال" يا أم أيوب، أكنتِ تفعلين ذاك؟ قالت: لا، والله، قال: فعائشة والله خير منك وأطيب " .
- التماسك والترابط بين أفراد المجتمع، فان من اجل أساليب مواجهة الشائعات وقهرها؛ التماسك والترابط والوحدة، والثقة الكاملة في القيادات وحماة الوطن، ومن ثم فالواجب على كل مخلص لوطنه أن يحذر الوقوع في مخالب الشائعات فليكن منهجه في حديثه قول الرسول صلى الله عليه وسلم "وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ" متفق عليه) وليكن منهجه في سمعه قول الله عز وجل(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)الحجرات6) بل وجب عليه التصدي لها وتكذيبها، دفاعا عن وطنه وأمنه واستقراره .

اللهم احفظ مصر وجيشها وشرطتها وشعبها
وأهدنا لأحسن الأخلاق ، واصرف عنا سيئها

===== كتبه =====
محمد حســـــــن داود
إمام وخطيب ومدرس
google-playkhamsatmostaqltradent