خطبة بعنــوان :
ثمـــــرات الإيمـــــان
للشيخ / محمد حســن داود
العناصـــــــر:ثمـــــرات الإيمـــــان
للشيخ / محمد حســن داود
- الإيمان ومكانته.
- الإيمان أركانه وحقيقته .
- من ثمرات الإيمان (باب الفلاح في الدنيا والاخرة - سر الحياة الطيبة - تحصيل مـعية الله الخاصة - سمو الاخلاق – تحقيق الاستقرار النفسي والرضا - الثبات أمام الفتن - مراقبة الله عز وجل – حسن التوكل على الله - من اسباب الرزق -تحقيق المحبة والألفة - الفوز بالجنة )
- الايمان وضبط النفوس وحفظ الجوارح .
- الإيمان أركانه وحقيقته .
- من ثمرات الإيمان (باب الفلاح في الدنيا والاخرة - سر الحياة الطيبة - تحصيل مـعية الله الخاصة - سمو الاخلاق – تحقيق الاستقرار النفسي والرضا - الثبات أمام الفتن - مراقبة الله عز وجل – حسن التوكل على الله - من اسباب الرزق -تحقيق المحبة والألفة - الفوز بالجنة )
- الايمان وضبط النفوس وحفظ الجوارح .
الموضـــــوع: الحمد لله رب العالمين، القائل
في كتابه العزيز (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ
الرَّحْمَنُ وُدًّا) مريم96) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا
ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف " أكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا
أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا " رواه الترمذي) اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه،
ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
فإن الإيمان بالله هو المنهج الإلهي الذي
ارتضاه الله لعباده، هو الطريق الموصل إليه سبحانه، بعث به الأنبياء والرسل عليهم السلام،
فبذلوا جهدهم وطاقاتهم من أجله؛ ومن ثم كانت الهداية إلى الإيمان اجل النعم وأعظمها،
قال تعالى: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ
بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ) الحجرات17) فهو سكينة
النفس وهداية القلب، هو منار السالكين وأمل الصالحين، هو بشرى المتقين ومنحة الصادقين،
ودليل العارفين، ووصية الانبياء أجمعين، قال تعالى: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ
وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ
وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )البقرة132)
والايمان، كما جاء في الحديث: "أَنْ
تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ،
وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ". إذا فللأيمان حقيقة تدل عليه، فعن
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
خَرَجَ يَوْمًا فَاسْتَقْبَلَهُ شَابٌّ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: حَارِثَةُ
بْنُ النُّعْمَانِ، فَقَالَ لَهُ: "كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثَةُ؟" قَالَ:
أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ:” انْظُرْ مَا تَقُولُ، فَإِنَّ لِكُلِّ حَقٍّ حَقِيقَةً، فَمَا حَقِيقَةُ
إِيمَانِكَ؟ " قَالَ: فَقَالَ: عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا، فَأَسْهَرْتُ
لِيَلِي وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرْشِ رَبِّي بَارِزًا،
وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ كَيْفَ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا، وَكَأَنِّي
أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ كَيْفَ يَتَعَادَوْنَ فِيهَا، فَقَالَ: فَقَالَ لَهُ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْصَرْتَ فَالْزَمْ، مَرَّتَيْنِ،
عَبْدٌ نَوَّرَ اللهُ الْإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ " شعب الإيمان) وعن أنس بن
مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ثَلَاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ حَلَاوَةَ
الإيمَانِ: أنْ يَكونَ اللَّهُ ورَسولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا سِوَاهُمَا، وأَنْ يُحِبَّ
المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ، وأَنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ كما
يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّارِ" رواه البخاري).
إن شجرة الإيمان إذا ثبتت وقويت أصولها
وخالطها العمل الصالح، تفرعت فروعها الطيبة، وزهت أغصانها الزاكية، وأينعت أفنانها
الحسنة، فأثمرت سلوكا حسنا، وأخلاقا كريمة، وأعمالا طيبة، وعادت على صاحبها، بل وعلى
غيره بكل خير في الدنيا والآخرة؛ فالإيمان هو نور الحياة الذي يضيء للمسلم طريقه؛ الى
الخير يدفعه، ومن الشر يمنعه، ولقد بينت نصوص الكتاب والسنة ما للإيمان من أثار عظيمة،
وفضائل كبيرة، وثمرات
كثيرة:
- فهو باب الفلاح في الدنيا والاخرة؛ ولقد قال الله جل وعلا (الم * ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ
هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ
وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى
مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) البقرة1-5) وقال
سبحانه (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) المؤمنون1) .
- سر الحياة الطيبة والاطمئنان، فقد قال
تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ
حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
النحل 97) وقال سبحانه (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ
أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )الرعد28) و قال عز وجل (الَّذِينَ
آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم
مُّهْتَدُونَ)الانعام82) ولقد
ضرب لنا القرآن الكريم نموذجا حيا لأم مؤمنة صار إيمانها مصدر طمأنينة قلبها رغم أن
حالها يستدعى الخوف والقلق، قال تعالى(وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ
فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ) القصص7) إذا خافت؛ ألقته في اليم!
فمع أن إلقاءه في اليم بحد ذاته مصدر خوف عظيم، وقلق كبير، لكن إيمانها بالله أوثق
واصدق في قلبها من خوفها فقد قال تعالى(وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ
إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ )القصص7) فكانت النتيجة في قوله تعالى
(فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ
وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)القصص13)
- تحصيل مـعية الله الخاصة، قال سبحانه (وأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ
) الأنفال19) فاذا كان الله مع العبد فما الذي يحزنه؛ والله جل وعلا يقول حكاية عن نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ
إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) التوبة
40) ومن كان الله معه فمما يتحير والله جل وعلا يقول حكاية عن نبيه موسى عليه
السلام (إِنَّ
مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) الشعراء62) وما أعظم قول الله سبحانه وتعالى في الحديث
القدسي:" وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ
عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ،
فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي
يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا،
وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ
عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ
وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ" رواه البخاري)
- وبالإيمان تسمو الأخلاق وتعلو؛ فالمؤمن
أمين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :" لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ
لَهُ". ويقول أيضا:" ألَا أُخْبِرُكُم مَنِ المُسلِمُ؟ مَن سَلِمَ المُسلِمونَ
مِن لِسانِه ويَدِه، والمُؤمِنُ مَن أمِنَه الناسُ على أمْوالِهِم وأنْفُسِهم، والمُهاجِرُ
مَن هَجَرَ الخَطايا والذُّنوبَ، والمُجاهِدُ مَن جاهَدَ نَفْسَه في طاعةِ اللهِ".
يتحلى بالحياء؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :" إنَّ الحياءَ و الإِيمانَ
قُرِنا جَميعًا ، فإذا رُفِعَ أحدُهُما رُفِعَ الآخَرُ". يحب لأخيه ما يحب لنفسه؛
فعَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ
حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ".يألف ويؤلف؛ فقد قال النبي
صلى الله عليه وسلم: "إنَّ المُؤْمِنَ يَأْلَفُ، وَلاَ خَيْرَ فِيمَنْ لاَ يَأْلَفُ
وَلاَ يُؤْلَفُ" رواه الحاكم)، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: "أكملُ المؤمنين إيمانا أحاسنهم أخلاقا، الموطَّئون أكنافًا،
الَّذين يألَفُون ويُؤلَفُون، وليس منَّا مَنْ لا يألَفُ ولا يُؤْلَف" رواه الطبراني في الأوسط) لا يجلس مجالس اللغو، فقد قال
تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) المؤمنون 3) ليس بلعان ولا بذيء؛
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلا
بِاللَّعَّانِ وَلا الْفَاحِشِ وَلا الْبَذِيءِ " رواه أحمد) ليس له من الشح نصيب؛
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :" ولا يجتَمعُ الشُّحُّ والإيمانُ في قلبِ
عبدٍ أبدًا" رواه النسائي) بل يجمع خير الخصال وافضل السمات واطيب الصفات؛ فقد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ
خُلُقًا " رواه الترمذي) ويقول صلى الله عليه وسلم " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ
خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ " وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ
مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ
السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً، يَرْفَعُ النَّاسُ
إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ، وَهُوَ مُؤْمِنٌ" رواه البخاري) وعن أَبي هريرة
رضي الله عنه: أَن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ
لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، قِيلَ: مَنْ يا رسولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذي لا
يأْمنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ).
- وبالإيمان يتحقق
الاستقرار النفسي والصبر والرضا بقضاء الله تعالى؛ قال تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ
مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ
وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا
لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ
وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)
البقرة155-157) وقال سبحانه (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن
يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) التغابن11)
وعن ابن عباس رضي الله عنه، في قوله تعالى: ( ومن يؤمن بالله يهد قلبه ) "يهد
قلبه لليقين ، فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه" .
وقال علقمة رضي الله عنه: "هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيسلم
ذلك ويرضى". ولقد قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ
إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ
شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ " رواهُ
مُسْلِمٌ) ولكمال الإيمان في قلوب الأنبياء كانوا هم اشد الناس بلاء؛ لكونهم أشدهم
صبرا ثم كان الامثل فالأمثل؛ فعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
" قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً ؟ ، قَالَ:
" الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى
حَسَبِ دِينِهِ ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ ، وَإِنْ كَانَ
فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ، فَمَا يَبْرَحُ البَلَاءُ بِالعَبْدِ
حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ " رواه الترمذي)
- كما أن الإيمان
هو باعث الثبات أمام الفتن، فقد قال تعالى( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ
الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ)إبراهيم:27) وقال سبحانه( وَلَمَّا
رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ
وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً )الأحزاب22)
- كما أن الايمان باعث لمراقبة الله جل
وعلا والخوف منه سبحانه؛ فقد قال تعالى ( فَاللَّهُ
أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) التوبة 13)ولعل من أهم وأعظم
ثمرات خشية الله: الامن من العذاب يوم القيام؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلا ، قَالَ :
" وَعِزَّتِي لا أَجْمَعُ عَلَى عَبْدِي خَوْفَيْنِ وَأَمْنَيْنِ ، إِذَا خَافَنِي
فِي الدُّنْيَا أَمَّنْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَإِذَا أَمِنَنِي فِي الدُّنْيَا
أَخَفْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " .وعَنْ أَنَسٍ ؛أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه
وسلم دَخَلَ عَلَى شَابٍّ ، وَهُوَ فِي الْمَوْتِ ، فَقَالَ : كَيْفَ تَجِدُكَ ؟ قَالَ
: وَاللهِ ، يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنِّي أَرْجُو اللَّهَ ، وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي
، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ
، فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ ، إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو ، وَآمَنَهُ
مِمَّا يَخَافُ. رواه ابن ماجه، والترمذي، والنسائي)
- كما أنه باعث لحسن التوكل على الله
جل وعلا؛ فقد قال سبحانه (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ )التوبة51)
وقال جل وعلا (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )المائدة23)
- من اسباب
سعة الرزق فقد قال تعالى ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا
عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ
بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) الأعراف: 96).
- وبالإيمان تتحقق
المحبة والألفة والمودة والتراحم والتكافل بين ابناء المجتمع، فقد قال تعالى(إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ )الحجرات10) وعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ "لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"
رواه البخاري) وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ
كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ" رواه
البخاري) وقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَطْعَمَ
مُؤْمِناً عَلَى جُوعٍ أَطْعَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ،
وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَقَى مُؤْمِناً عَلَى ظَمَإٍ سَقَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ كَسَا مُؤْمِناً عَلَى عُرْىٍ كَسَاهُ
اللَّهُ مِنْ خُضْرِ الْجَنَّةِ "وقال صلى الله عليه وسلم " لَيْسَ الْمُؤْمِنُ
الَّذِي يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ".
- الفوز بالجنة
وود الله سبحانه يوم القيامة،(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى
نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)الحديد12)
وقال سبحانه (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ
وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ) التوبة72) وقال جل وعلا(إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا)مريم96) يقول عز وجل (وَبَشِّرِ
الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ )البقرة )
إن الإيمان هو
سبب مباشر لضبط النفوس وحفظ الجوارح وافشاء المحبة والمودة لما يتضمنه من تهذيب للسلوك
وتنقية للقلوب، ومن ثم فوز وفلاح في الدنيا والاخرة؛ فالإيمان إذا استقر في قلب المؤمن
وذاق المؤمن حلاوته ظهرت آثاره على تصرفاته تجاه خالقه ونفسه ومجتمعه، فكانت حركاته
طاعة وسكناته طاعة واعيا بقول الله تعالى﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ
خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )الحشر18) وقوله تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
)البقرة ٨٢﴾.
فاللهم حبب إلينا
الإيمان وزينه في قلوبنا
وأحفظ مصر من كل مكروه وسوء .
وأحفظ مصر من كل مكروه وسوء .
===== كتبه
=====
محمد حســــن داود
إمام وخطيب ومدرس
محمد حســــن داود
إمام وخطيب ومدرس