recent
آخر المشاركات

خطبة بعنــــوان: متطلبات الولاء والانتماء للوطن- للشيـخ/ محمد حسـن داود

 

خطبة بعنــــوان:
متطلبات الولاء والانتماء للوطن
للشيـخ/ محمد حسـن داود


لتحميل الخطبة : word  ( رابط مباشر) اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : word  (نسخة أخرى، برابط مباشر)اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : pdf    ( رابط مباشر) اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : word  ( جوجل درايف) اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : word  (نسخة أخرى، جوجل درايف)اضغط هنا

ولتحميل الخطبة : pdf    ( جوجل درايف) اضغط هنا

العناصــــــــــر
- حب الوطن والانتماء اليه والوفاء لله.
- متطلبات الولاء والانتماء للوطن.

الموضـــــوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) الروم 30) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بحذافيرها " رواه البخاري في الأدب المفرد والترمذي في السنن) اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد

إن من أعظم النعم وأجلها، أن يكون للإنسان وطن يعيش تحت ظلاله، ويتنفس هواءه، يجد فيه معنى السكينة، وحقيقة الطمأنينة، فيه تتصل أمجاد الأجداد بالأحفاد، وتتلاحم قلوب الأهل والأحباب، فالوطن نعمة جليلة ومنة عظيمة؛ من أراد أن يعرف علو قدرها وسمو مكانتها، فلينظر في كتاب الله (جل وعلا)، فقد قرن خروج الجسد من الوطن بخروج الروح من الجسد، قال تعالى (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً ) النساء66)؛ من أراد أن يعرف علو قدرها وسمو مكانتها، فليتدبر جيدا قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بحذافيرها " رواه البخاري في الأدب المفرد والترمذي في السنن) من أراد أن يعرف علو قدرها وسمو مكانتها، فلينظر إلى حال من فقدها، وليتدبر قيمتها في ميزان من حرمها؛ فهي مهد الصبا ومدرج الخطى ومرتع الطفولة، وملجأ الكهولة، ومنبع الذكريات، وموطن الآباء والأجداد، ومأوى الأبناء والأحفاد، فكم زلزلت بحب الأوطان مكامن وجدان، وأطلق حبها قرائح شعراء، و سكبت في حبها محابر أدباء، وضحى من اجلها بالغالي والنفيس الأوفياء، وإننا لنجد في سيرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسمى الأمثلة لحب الوطن، وترجمته في الواقع عملا وبناء، حماية ودفاعا وتضحية، فلقد وجه المصطفى (صلى الله عليه وسلم) إلى إجادة الانتماء للوطن، وحسن الولاء والانتماء له، وإخلاص الوفاء له، داعيا إلى ترجمة هذا الحب إلي عمل وجد، من اجل الوطن، وحفاظ عليه، ودفاع عنه ؛ إذ يلقى درسا بليغا يقرع كل الآذان، ويتردد صداه في كل زمان ومكان, وذلك عندما خرج مهاجرا، ووصل أطراف مكة، التفت إليها، وقال "وَاللهِ إِنَّي أَعْلَمُ أَنَّكِ خَيْرُ أَرْضِ اللهِ وَأَحَبَّهَا إِلَى اللهِ، وَلَوْلاَ أَنَّ أَهْلَكِ أَخْرَجُوُنِي مِنْكِ مَا خَرَجْتُ" وفي رِوَاية "مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ وَأَحَبَّكِ إِليَّ، وَلَوْلاَ أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُوُنِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ"، بل انظر إلى حاله صلى الله عليه وسلم حينما وطأت قدمه وطنه الثاني (المدينة) إذ يتوجه إلى الله داعيا أن يحبب إليهم المدينة كما حبب إليهم مكة، كما في صحيح البخاري عَنْ عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا)، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) " اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ، كَمَا حَبَّبْتَ إِلَيْنَا مَكَّةَ، أَوْ أَشَدَّ ". فلقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يعيش هذا الحب والانتماء الوطني بكل وجدانه وجوارحه؛ فقد جاء في (البخاري ومسلم) عن عائشة (رضي الله عنها): أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يقول في الرقية: " باسم الله، تُرْبَةُ أَرْضِنا، ورِيقَةُ بَعْضِنا، يَشْفَى سقيمُنا بإذن ربنا "، وعن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ)، انه قَالَ" كَانَ رَسُولُ اللهِ(صلى الله عليه وسلم) إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَأَبْصَرَ دَرَجَاتِ المَدِينَةِ أَوْضَعَ نَاقَتَهُ - أَيْ أَسْرَعَ بِهَا - وَإِنْ كَانَتْ دَابَّةً حَرَّكَهَا "، وما أعظم ما جاء عن انس (رضي الله عنه) في حب النبي (صلى الله عليه وسلم) لوطنه ودفاعه عنه، انه رضي الله عنه قال " وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ المَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَانْطَلَقَ النَّاسُ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَدْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَى الصَّوْتِ، وَهُوَ يَقُولُ : لَنْ تُرَاعُوا لَنْ تُرَاعُوا وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ ، فِي عُنُقِهِ سَيْفٌ ، فَقَالَ : لَقَدْ وَجَدْتُهُ بَحْرًا . أَوْ : إِنَّهُ لَبَحْرٌ " ولقد اثر، أن العرب كانت إذا غزتْ وسافرتْ حملتْ معها من تُربة بلدها رملاً وعفراً تستنشقه عند نزْلةٍ أو زكام أو صُداع "الرسائل للجاحظ) ولقد قيل لأعرابي: كيف تصنعون في البادية إذا اشتد القيظ حين ينتعل كل شيء ظله؟ قال "يمشي أحدنا ميلا، فيرفض عرقا، ثم ينصب عصاه، ويلقي عليها كساه، ويجلس في فيه يكتال الريح، فكأنه في إيوان كسرى" أي حب هذا؟ حتى يقول(أنا في وطني بهذه الحالة ملك مثل كسرى في إيوانه) يا له من حب، ويا له من وفاء، ويا له من انتماء، فللمولى سبحانه الحمد على نعمة الوطن، هذه النعمة التي لا تقدر بالأموال، ولا تساوم بالأرواح، بل تبذل الأموال لأجلها وترخص الأرواح في سبيل الدفاع عنها، فالمخلصون يؤمنون بضرورة تقديم كل ما بوسعهم، وبأقصى جهدهم، وبأعظم طاقتهم، لخدمة الوطن وبنائه، وحمايته، والدفاع عنه، والتضحية بالمال والنفس في سبيل أمنه واستقراره.

ومن ثم فإن الولاء والانتماء للوطن يتطلب حب الوطن والاعتزاز به، وغرس هذا الحب والاعتزاز في قلوب الابناء منذ الصغر.

كما يتطلب المحافظة على منشآت الوطن ومنجزاته، والقيام بالواجبات والمسئوليّات، واحترام ثقافته، والمحافظة على مرافِقه ومواردِ الاقتصادِ فيه، والمحافظة على أمواله وثرواته، فالمال العام اشد حرمة من المال الخاص وذلك لكثرة الحقوق المتعلقة به، وتعدد الذمم المالكة له.

كما يتجلى في احترام أنظمته وقوانينه, وطاعة ولى الأمر؛ فقد قال رسول الله (صلي الله عليه وسلم)" مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي" رواه البخاري) .

كما يظهر في مناهضة الأفكار المتطرفة، ففي مناهضتها توجيها للعقول والقلوب إلى الوسطية والاعتدال والسلم والسلام والمحبة والمودة.

كما أن الولاء والانتماء للوطن يحتم على الانسان الدفاع عنه وحمايته والحفاظ عليه وكذلك التصدي للشائعات والأراجيف والأباطيل التي يقصد بها ملء القلوب من الفتن والمصائب، وشحْن القلوب بالأحقاد، فمروج الشائعات لئيم الطبع، مريض النفس، منحرف التفكير، فلزم علينا الحذر أن نكون ممن يعاونهم دون أن ندرى. فليكن منهج كل واحد منا عند الحديث قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) "وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ". وليكن منهج كل واحد منا في سمعه قول الله عز وجل(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)الحجرات6)

كما يتجلى في العمل والإنتاج من اجله، فالقوة الاقتصادية ضرورية في تقدم الأوطان، وهى عماد أول من أعمدة البناء، وعامل أول من عوامل القوة، كما يحتم إتقان العمل و إخلاص كل عامل في عمله.

كما يظهر بالمشاركة الايجابية في بنائه، بنشر روح المحبة والأخوة والتكافل والتراحم بين أبنائه فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) " أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ".

كما يظهر في حسن الخلق: إذ أن الأخلاق الحسنة الطيبة والسلوك الحسنة من شأنها أن تبني مجتمعًا قويا متماسكا لا تنال منه يد الأعداء، وما أجمل قول الشاعر

إنّما الأمم الأخلاق ما بقيت** فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

كما يتجلى في الوحدة والتماسك والترابط؛ فليست ثمة قضية أجمع عليها العقلاء قديما وحديثا مثلما أجمعوا على عظم شأن التماسك والوحدة وخطر التفرق، وأن الوحدة قوة تتضاءل إلى جانبها كل القوى المتفرقة؛ فالاتحاد يصنع التقدم والنجاح، وينهض بالأمم والحضارات، ومن ذلك أكد الإسلام على أهمية الوحدة، قال تعالى ( وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) الأنعام 153)

إن من اجل علامات صدق الولاء والانتماء للوطن: التمسك به، والاعتزاز بالانتماء إليه، وصون مقوماته وإنجازاته، والعمل الدءوب لأجل رفعته وعزته، والتنافس في خدمته كل حسب طاقاته وقدراته، كذلك أن يكون كل منا قدوة صالحة في نفسه، وبين أهله وبني وطنه، ولا يكون معول هدم أو إفساد ، بل يكون أول من يحافظ على وطنه ويدافع عنه، فالولاء والانتماء للوطن مسئولية مشتركة بين الجميع.

الإخوة الأخيار: إننا ونحن في شهر أكتوبر وحديثا عن الانتماء والولاء والوفاء للوطن، لا ينبغي لنا أبدآ على مدار الايام والشهور والسنين أن تنسى قلوبنا من المحبة والسنتنا من الدعاء شهداء الوطن، من قدموا أرواحهم دفاعا عن الوطن الحبيب الغالي، وتحقيقا لعزة البلاد، و كرامة العباد على مر التاريخ؛ وفاء لهم واعترافا بفضلهم وتقديرا لحسن صنيعهم؛ فلا شك أن من اقل حقوق هؤلاء الشهداء علينا جميعا تخليد أسماءهم، وذكراهم ،ليس في سجلات التاريخ فحسب، بل في كل قلب وعلى كل لسان، ليس من قبيل سرد البطولات التي قاموا بها فحسب، بل من أجل أن يكونوا أيضا نموذجا للاقتداء بهم، وحافزا للأجيال بعدهم على التضحية من أجل الوطن، ورفعته ،وتقدمه، وقد قال رسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):" عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". رواه الترمذي والطبراني والبيهقي)

(نسأل الله أن يحفظ مصر وجيشها وشرطتها وشعبها من كل مكروه وسوء)

===== كتبه =====
محمد حســــن داود
إمام وخطيب ومدرس

 

 

google-playkhamsatmostaqltradent