خطبة بعنــوان :
نبي الرحمة (صلى الله عليه وسلم)
فــــــي ذكـــــــــرى مولـــــــــــــده
للشيخ / محمد حســــــن داود
لتحميل الخطبة : word ( رابط مباشر) اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : word (نسخة أخرى، برابط مباشر)اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : pdf ( رابط مباشر) اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : word ( جوجل درايف) اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : word (نسخة أخرى، جوجل درايف)اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : pdf ( جوجل درايف) اضغط هنا
العناصـــــر :
- صور من رحمة النبي (
صلى الله عليه وسلم)
- دعوة إلى تحقيق معاني الرحمة.
الموضـــــوع : الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه
العزيز: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)الأنبياء107)، وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل
في حديثه الشريف " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ
" مستدرك الحاكم) اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان
إلى يوم الدين، وبعد
لقد جمع الله (سبحانه وتعالى) للحبيب النبي
(صلى الله عليه وسلم)، صفات الجمال والكمال البشري، فتألقت روحه الطاهرة بعظيم الشمائل
والخصال، وكريم الصفات والأفعال، حتى أبهرت أخلاقه القريب والبعيد، وشملت رحمته الغريب
والصديق، ولقد صور لنا القران الكريم هذا جليا واضحا إذ يقول الله (سبحانه وتعالى)
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)الأنبياء107) ويقول جل وعلا
(لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ
عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)التوبة 128) ويقول حبيبنا، صلى الله عليه
وسلم، عن نفسه "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ"
مستدرك الحاكم) فالنبي (صلى الله عليه وسلم) أكمل الناس خَلقا وخُلقا وأعظمهم إنسانية
ورحمة، حريصا علينا، رءوفا بنا، يسجد يوم القيامة تحت عرش الرحمن فلا يرفع رأسه حتى
يقال له" يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَهْ
وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ" فيقول صلى الله عليه وسلم: "يارب أُمَّتِى أُمَّتِى"
.
ولقد تجلت عظمة رحمته صلى الله عليه وسلم
بجميع أمته في الكثير من المواقف، إذ كان يترك العمل وهو يحبه، خشية أن يفرض عليهم
فيشق عليهم أداؤه، اذ تقول أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) " كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) لَيَدَعُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ
خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ " البخاري ومسلم)
فانظر في سنته وسيرته تراه ينقطع عن الخروج إلى صلاة التراويح جماعة في رمضان، خشيةَ
أن تفرض، و تأخر في الردِّ على من سأل عن تكرار الحج في كل عام خشية أن يفرض بهذه الصورة،
و لما فرضت الصلاة، ظل النبي ( صلى الله عليه وسلم) يسأل الله التخفيف، رحمة بأمته
صلى الله عليه وسلم حتى كانت خمس في العمل و خمسين في الأجر.
ولقد رق قلب النبي (صلى الله عليه وسلم)
لجميع أبناء أمته حتى بكى خوفا عليهم أن يصيبهم من الله عذاب، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، " أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):
تَلَا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ
كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي) سورة إبراهيم آية 36 الآيَةَ
)، وَقَالَ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَام) (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ
وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ سورة المائدة آية
118)، فَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ
أُمَّتِي، أُمَّتِي، وَبَكَى، فَقَالَ اللَّهُ(عَزَّ وَجَلَّ): يَا جِبْرِيلُ،
اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ ؟ فَأَتَاهُ
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَسَأَلَهُ، فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللَّهُ : يَا
جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ ، فَقُلْ : إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا
نَسُوؤُكَ " رواه مسلم) بل بلغت رحمته صلى الله عليه أن يؤثر أمته على نفسه بدعوته
المستجابة شفاعة لهم ورحمة بهم، إذ يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" لِكُلِّ
نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ؛ وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ
دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ
اللَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا" متفق عليه)
ما أعظم إنسانية ورحمة النبي (صلى الله
عليه وسلم) التي لم تترك بشرا إلا وكان له منها نصيب فكان رحيما بالآباء والأمهات،
رحيما بالأطفال، رحيما بالمخالف له رحيما بالخدم والعبيد، إذ يقول أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ "خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ
فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ وَلَا لِمَ صَنَعْتَ وَلَا أَلَّا صَنَعْتَ " رواه البخاري
مسلم)وفى رحمته بالآباء والأمهات والأطفال ترى أروع الأمثلة وأعظمها،
إذ يقول أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (رضي الله عنه) "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ
بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهّ عليه وسلم)" مما يشير لنا جميعا
إلى أن الرحمة في حياتنا يجب أن تشمل الصغير والكبير، فقد قال صلى الله عليه وسلم
" لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا ويُوَقِّرْ كَبِيرَنَا
"(رواه أبو داود والترمذي) وعنْ أَنَسٍ "أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا
شَيْءٌ، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً،" فَقَالَ
يَا أُمَّ فُلَانٍ، انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ، حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ"
فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا " رواه
مسلم ) ويأتي أبو بكر (رضي الله عنه) بأبيه عام الفتح إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم، إذ بالنبي صلى الله عليه وسلم يقول له : " هلا تركت الشيخ
في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه" فيجيب أبو بكر رضي الله عنه " هو أحق أن
يمشي إليك يا رسول الله من أن تمشي إليه " وما أعظم رحمته صلى الله عليه وسلم
إذ يوصى بالنساء خيرا، أما كانت، فعَنْ مُعَاوِيَةَ السُّلَمِيِّ (رَضِيَ اللهُ عَنْه)
قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ
الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ؟ قَالَ:
“وَيْحَكَ، أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟” قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: "ارْجِعْ فَبَرَّهَا،
والْزَمْ رِجْلَهَا، فَثَمَّ الْجَنَّةُ" أو زوجة كانت، فقد قال صلى الله
عليه وسلم "وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ،
وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ،
وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا "
رواه البخاري) أو بنتا كانت ، فقد قال" مَنْ كَانَتْ لَهُ أُنْثَى فَلَمْ يَئِدْهَا
وَلَمْ يُهِنْهَا وَلَمْ يُؤْثِرْ وَلَدَهُ عَلَيْهَا - يَعْنِي الذُّكُورَ - أَدْخَلَهُ
اللَّهُ الْجَنَّةَ "(رواه أبو داود) أو أختا كانت، فعن أبي سعيد الخدري قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "من كَانَ لَهُ ثَلاثُ بَنَاتٍ
أَوْ ثَلاثُ أَخَوَاتٍ أَوْ ابْنَتَانِ أَوْ أُخْتَانِ فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ وَاتَّقَى
اللَّهَ فِيهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةُ " رواه الترمذي).
كما تظهر لنا عظمة رحمته وإنسانيته صلى
الله عليه وسلم، لما مرض هذا الغلام الذي كان يخدمه، (وكان لم يسلم قبلها) عاده
النبي (صلى الله عليه وسلم) ، ولما مرت جنازة فقام لها صلى الله عليه
وسلم، فقيل له إنها جنازة يهودي، فقال: " أليسَتْ نفسًا؟ " ولما أصيب
في أحد، قال له الصحابة ادع عليهم، فكان جوابه "اللهم أهد قومي فإنهم لا
يعلمون" شعب الإيمان للبيهقي) ولما قيل له يا رسول الله ادع الله على
دوس، فَقَالَ " اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ "رواه البخاري) ولما منَّ الله (عز وجل) عليه بفتح مكة،
ودخل فاتحًا، توجه إلى أهل مكة قائلا: "مَا تظنون أَنِّي صَانِعٌ بِكُمْ" قَالُوا: خَيْرًا, أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ،
فقال صلى الله عليه وسلم: "اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ".
إن هذه الرحمة النبوية المنقطعة النظير
في البشر، لم تقف عند حدود البشر، بل امتدت لتشمل الحيوان، فعن ابن مسعود قال: كنّا
مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفر، فانطلق لحاجتِه، فرأينا حُمَّرَةً ( عصفورة
) معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمَّرةُ فجعلت تفرِّش، فجاء صلى الله عليه وسلم
فقال: " من فجع هذه بولدِها ؟ ردُّوا ولدَها إليها " وعن عبد الله بن جعفر
(رضي الله عنهما) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) دخل حائطاً لرجل من الأنصار، فإذا
فيه جمل فلما رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) حنّ وذرفت عيناه فأتاه صلى الله عليه
وسلم فمسح ظفراه فسكت، فقال صلى الله عليه وسلم : "من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟
" فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله، فقال له : " أَفَلَا تَتَّقِي
اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا فَإِنَّهُ شَكَا
إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ" رواه احمد وأبو داود)( تُدْئِبُهُ، اى
تكرهه وتتعبه) ولا يزال صلى الله عليه وسلم يوصى بالرحمة بالحيوان حتى قال " عُذِّبَتْ
امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، لَا
هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا سَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا، وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ
مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ"( متفق عليه)، وفي المقابل، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):"
بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ
مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ
"(متفق عليه)
ولم تقف رحمته صلى الله عليه وسلم عند كل
ما فيه روح، بل حتى الجماد نال من رحمته صلى الله عليه وسلم، إذ يتعاطف مع جبل
أُحُد، الصخر الأصم، ولا يريد أن ينفر منه أحد لما حدث عنده للمسلمين في غزوة احد،
أو يكرهه دون جريرة ولا جريمة؛ فقال صلى الله عليه وسلم ، وهو يشير إليه: "هَذَا
جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ". وعن حجر في مكة يقول صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي
لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ إِنِّي
لَأَعْرِفُهُ الْآنَ" رواه مسلم) ولمّا شقّ على النبي (صلى الله عليه وسلم) طول
القيام، استند إلى جذعٍ بجانب المنبر، فكان إذا خطب الناس اتّكأ عليه، ثم ما لبث أن
صُنع له منبر، فتحول إليه وترك ذلك الجذع ، فحنّ الجذع إلى النبي (صلى الله عليه وسلم
) فأنظر ماذا كان منه صلى الله عليه وسلم اذ يقول أنس بن مالك (رضي الله عنه) أَنَّ
رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ،
فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَحَنَّ الْجِذْعُ حَتَّى
أَتَاهُ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَاحْتَضَنَهُ فَسَكَنَ،
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): " لَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ،
لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " رواه أحمد).
هذه صور من حياته صلى الله عليه وسلم، تجسد
رحمته، فما أحوجنا إلى أن نعيش بالقلب والجوارح هذه الرحمة فنأخذ من مشكاته، ونقتدي
به في سيرته وسريرته، وفي سائر أحواله، حتى تستقيم دنيانا وآخرتنا ، إذ أن الأخلاق
المثلى عماد الأمم وقوام الشعوب، والأمم باقية ما بقيت أخلاقها، وتطيب الحياة بين أبنائها
وتصلح وتزدهر بالتراحم والتعاطف، لذلك ولغيره الكثير ذكرت صفة الرحمة بمشتقاتها في
القران الكريم أكثر من ثلاثمائة مرة ،وان من هذا ليتضح للجميع أن قيم الرحمة
والإنسانية، من قيم ديننا و أخلاق نبينا وهى إلى الغفران نهجنا والى الجنة طريقنا فعَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ) : " الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ
يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ" وكما
أنها مفتاح قلوب الناس؛ إذ يقول الله (جل وعلا) (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ
لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)آل عمران
159) هي أيضا مفتاح لباب رحمة الله تعالى، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ
الْعَاصِ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ
عَلَى الْمِنْبَرِ: "ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، وَاغْفِرُوا يَغْفِرْ اللَّهُ لَكُمْ
"وقال أيضا "لَا يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمُ
النَّاسَ" متفق عليه)
(اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق
لا يهدي لأحسنها إلا أنت
واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت
وأحفظ مصر وجيشها وأهلها من كل مكروه وسوء).
===== كتبه
=====
محمد حســـــــن داود
إمام وخطيب ومدرس