recent
آخر المشاركات

خطبة بعنــــوان: مفهوم العرض والشرف للشيـخ/ محمد حسـن داود

 

خطبة بعنــــوان:
مفهوم العرض والشرف
للشيـخ/ محمد حسـن داود

لتحميل الخطبة : word  ( رابط مباشر) اضغط هنا

ولتحميل الخطبة : word  (نسخة أخرى، برابط مباشر)اضغط هنا

ولتحميل الخطبة : pdf    ( رابط مباشر) اضغط هنا

ولتحميل الخطبة : word  ( جوجل درايف) اضغط هنا

ولتحميل الخطبة : word  (نسخة أخرى، جوجل درايف)اضغط هنا

ولتحميل الخطبة : pdf    ( جوجل درايف) اضغط هنا

العناصر:

- حفظ العرض من مقاصد الشريعة الإسلامية.
- حصون وضعها الإسلام للحفاظ على العرض.

الموضـــــوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ  يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) النحل90( وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ" رواه مسلم) اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فإن من أجل مقاصد الشريعة الإسلامية "حفظ العرض" فلقد حرم الإسلام الاعتداء عليه، إذ يقول الله (جل وعلا) ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ  يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) النحل90) ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم) "كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ" رواه مسلم).

والناظر في القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، يرى مدى الاهتمام وقدر العناية التي منحها الإسلام للعرض؛ فقد جاءت الآيات والأحاديث تحض على حمايته وتضع الحصون والتدابير والوسائل والسبل لحفظه، ومن ذلك :

- تحريم الزنا، فقد قال تعالى ( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ) النور33) وقال جل وعلا (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً) الإسراء32)، فالزنا قبيح متناهي القبح، ومما يدل على شناعتهِ وسوء أثره أن قرنه الله( عز وجل) مع الشركِ وقتل النفس بغير حق، قال تعالى (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً* إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) الفرقان 68- 70).

- ولم يقتصر الأمر عند تحريم الزنا، بل نهى عن كل ما قرب إليه، ومن ذلك أمر الإسلام بغض البصر، فلا يفتح الإنسان له المجال ولا يترك له العنان، قال تعالى (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ  ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) النور30)، وقال عز وجل (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا)النور31) (عَنْ وعن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ (رضي الله عنه)  أَنَّ النَّبِيَّ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: "اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ : اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ ، وَأَدُّوا إِذَا ائْتُمِنْتُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ" رواه أحمد)  ولله در القائل:

كلُّ الحوادثِ مبدأُها مــــن النظر *** ومُعظَمُ النارِ مِنْ مُستَصْغرِ الشَرِرِ
كْم نظرةٍ فعلتْ في قلب صاحبها *** فِعْلَ السهامِ بلا قوسٍ ولا وتــــــــرِ
والمرءُ ما دامَ ذا عيـــــنٍ يُقَـلِبُها *** في أَعينِ الغِيرِ موقوفٌ على خَطـرِ
يَســــــــرُّ مُقلَتَهُ ما ضرَّ مُهجَـتَهُ *** لا مرحباً بسرورِ عادَ بالضــــــــررِ

- تحريم القذف: فقد قال الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) النور23)، ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم) "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ"، قيل: يا رسول الله وما هنّ؟ قال: "الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِناتِ الْغافِلاتِ".

- كما نهى ديننا الحنيف عن الغمز واللمز والسباب والفسوق والسخرية، صيانة للأعراض، يقول الحق سبحانه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الحجرات : 11) وقال تعالى: (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ) الهمزة 1).

- النهي عن سوء الظن بالغير: فقد قال الله (جل وعلا) ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾الحجرات 12) ولقد جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أن النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ " رواه البخاري ومسلم) ولقد ضرب لنا الرعيل الأول من الصحابة (رضي الله عنهم) أروع الامثلة في حسن الظن بالغير ففي حادثة الإفك يسأل النبي (صلى الله عليه وسلم) أسامة بن زيد (رضي الله عنه) ماذا يقول في أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) فيقول "هم أهلُك يا رسول الله، والله لا نعلم إلا خيراً". وما أروع موقف أبو أيوب الأنصاري، فلما ذكرت له زوجته، ما يقول أهل الإفك، قال" يا أم أيوب، أكنتِ تفعلين ذاك؟ قالت: لا، والله، قال: فعائشة والله خير منك وأطيب".

- النهي عن الغيبة: فقد قال الله تعالى (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ الحجرات 12) وعن سعيد بن زيد (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "إِنَّ مِنْ أَرْبَى الرِّبَا الاسْتِطَالَةَ فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ" رواه أحمد، وأبو داود) فيما ينبغي أن نعلم أن المُغتاب لا يضر بغِيبته إلا نفسه، ولا ينقص بها إلا صحيفة حسناته، ولا يُسوِّد بها إلا وجهه، فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم)"  لمَّا عُرِجَ بي مَرَرْتُ بِقومٍ لهُمْ أَظْفَارٌ من نُحاسٍ، يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وصُدُورَهُمْ، فقُلْتُ: مَنْ هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ قال : هؤلاءِ الذينَ يأكلونَ لُحُومَ الناسِ، ويَقَعُونَ في أَعْرَاضِهِمْ ". وعن أبي بكرة: نفيع بن الحارث، " مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِقَبْرَيْنِ. فَقَالَ: " إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيُعَذَّبُ فِي الْبَوْلِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُعَذَّبُ فِي الْغِيبَةِ " رواه ابن ماجه)

- النهي عن السخرية: فقد قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) الحجرات 11) فلقد نهى الله تعالى عن السخرية بالآخرين مهما كانت صفاتهم وأوضاعهم، فلعلَّ مَن يُسخَر منه ويُنظَر إليه نظرة احتقار وازدراء واستخفاف؛ خير عند الله وأحب إليه ممن تطاول على الناس فسخر منهم؛ ولنا العبرة فيما جاء عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ : " مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٍ: " مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا ؟ " ، فَقَالَ : رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ ، هَذَا وَاللَّهِ حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ آخَرُ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا ؟ " ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ ، هَذَا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا " رواه البخاري) .

- النهى عن تتبع عورات الناس: فمن تتبع عورة مسلم تبع الله عورته، فـعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَال : صَعدَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم) المنْبَرَ فَنَادَى بصَوْتٍ رَفيعٍ، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا المُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ المُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ"

- كما أن من حصون حفظ العرض وصيانة الشرف، ما أودعه الله ( عز وجل) في العقل، والفطرة، حتى تجد أن هناك قبل الإسلام من رفعوا من مكانة العرض وأعلوا من شأنه، حتى يقول عنترة بن شداد متفاخرا بغض نظره عن جارته:

وأغض طرفي ما بدت لي جارتي *** حتى يواري جارتي مأواها

(اللهم أهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، وأحفظ مصر وجيشها وشعبها من كل مكروه وسوء)

===== كتبه =====
محمد حســــن داود
إمام وخطيب ومدرس


google-playkhamsatmostaqltradent