خطبة بعنـــــوان :
لتحميل الخطبة : word ( رابط مباشر) اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : word (نسخة أخرى، برابط مباشر)اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : pdf ( رابط مباشر) اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : word ( جوجل درايف) اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : word (نسخة أخرى، جوجل درايف)اضغط هنا
ولتحميل الخطبة : pdf ( جوجل درايف) اضغط هنا
الموضـوع: الحمد لله رب العالمين، القائل
في كتابه العزيز: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم
بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا
أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا
وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) النساء29،30)
، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله،
القائل في حديثه الشريف: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ،
النَّارُ أَوْلَى بِهِ " رواه احمد) اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه،
ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
فإن من أجل مقاصد الشريعة الإسلامية:
"حفظ المال" إذ يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) "كُلُّ الْمُسْلِمِ
عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ" رواه مسلم) فالمال قوام حياة الناس، وانتظام أمر معايشهم، وتمام مصالحهم؛ به يستغني المرء
عن ذل السؤال، ويستعين على كثيرٍ من أعمال البر والطاعة؛ فنعم المال الصالح للمرء الصالح،
كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ويقول الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف (رضي
الله عنه): " يا حبذا المال، أصون به عرضي، وأُرضي به ربي". ولله در القائل:
بالعلم والمال يبني الناس ملكهم *** لم يبن ملك على
جهل وإقلال
فلما كان المال يمثل عصب الحياة، و كانت
النفس مجبولة بحبه، والطباع مشغولة بالحرص على طلبه وتحصيله، كما قال المولى (جل وعلا)
( وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ حُبًّا جَمًّا ) الفجر20) وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):
" يَكْبَرُ ابْنُ آدَمَ وَيَكْبَرُ مَعَهُ اثْنَانِ: حُبُّ الْمَالِ، وَطُولُ
الْعُمُرِ" رواه البخاري ومسلم) أكدت الشريعة الإسلامية على أن يكون السعي من
أجله وفي طلبه من حلال؛ فقد قال الله (سبحانه وتعالى) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ
تَعْبُدُونَ ) البقرة 172) وقال عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا
أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ
وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَن يَفْعَلْ
ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ
يَسِيرًا) النساء29،30).
ومن ينظر سيرة أصحاب الحبيب النبي (صلى الله عليه
وسلم) يجد أنهم كانوا في قمة الحذر، وفي غاية الخوف، من أن تصل إلى أجوافهم ولو لقمة
من حرام، اقتداء برسول الله (صلى الله عليه وسلم) فهو القائل: "إِنِّي لأَنْقَلِبُ
إِلَى أَهْلِي فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي فِي بَيْتِي، فَأَرْفَعُهَا
لآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً، فَأُلْقِيهَا "رواه
البخاري). فهذا أبو بكر (رضي الله عنه) كما جاء في (صحيح البخاري) عَنْ أم المؤمنين
عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) قَالَتْ" كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلَامٌ يُخْرِجُ
لَهُ الْخَرَاجَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ، فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ
فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ أَتَدْرِي مَا هَذَا؟ فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ وَمَا هُوَ قَالَ كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ
وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ
فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ، فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ
فِي بَطْنِهِ ". وروى الطبراني عن زيد بن أسلم انه قال " مرّ ابن عمر براعي
غنم فقال : يا راعي الغنم هل مِن جَزرة ؟ قال الراعي : ليس ها هنا ربها ، فقال ابن
عمر : تقول أكلها الذئب ! فرفع الراعي رأسه إلى السماء ثم قال : فأين الله ؟ قال ابن
عمر : فأنا والله أحق أن أقول فأين الله ، فاشترى ابن عمر الراعي واشترى الغنم فأعتقه
وأعطاه الغنم ".
ومع هذا إلا أن مما يؤسى له عظيم الأسى أن في الناس
من لا يتحاشون عن اكتساب المال الحرام وتحصيله من أي طريق أو وسيلة، كما قال رسولنا
(صلى الله عليه وسلم): "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يُبَالِي الْمَرْءُ
مَا أَخَذَ مِنْهُ؛ أَمِنَ الحَلاَلِ أَمْ مِنَ الحَرَامِ" رواه البخاري). ومن صور ذلك :
- الغش والتدليس والاحتكار والتطفيف: وقد قال
النبي (صلى الله عليه وسلم) "التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ،
وَالصِّدِّيقِينَ، وَالشُّهَدَاءِ" رواه الترمذي)، ويقول أيضا: "إِنَّ التُّجَّارَ
يُبْعَثُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ فُجَّارًا، إِلَّا مَنْ اتَّقَى اللَّهَ، وَبَرَّ،
وَصَدَقَ" رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح)
-الغصب أو النصب وما شابه
ذلك، فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
قَالَ: "مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ، فَقَدْ أَوْجَبَ
اللهُ لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ" فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ
كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ"
رواه مسلم)
- السرقة: وقد قال الله
تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا
أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
* فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ
إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )المائدة 28،39)
- وإن من أشد صور أكل الحرام: الاعتداء على المال العام بسرقة أو
اختلاس أو رشوة أو إهمال: فهو أشد في حرمته من المال الخاص؛ لكثرة الحقوق المتعلقة
به، وتعدد الذمم المالكة له، قال تعالى (وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
)أل عمران161) ولقد أنزله عمر بن الخطاب(رضي الله عنه) منزلة مال اليتيم الذي تجب
رعايته وتنميته وحرمة أخذه والتفريط فيه أو الاعتداء عليه عندما قال "إني
أنزلتُ نفسي مِن مال الله منزلةَ اليتيم " ومن ثم فان استباحة المال العام
أمر خطير، وذنب عظيم، وجرم كبير؛ و ضرب من الإفساد في الأرض، ولقد قال تعالى: (وَلَا
تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا )الأعراف 85) وعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، (رضي
الله عنه) قال: افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ، وَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً،
إِنَّمَا غَنِمْنَا البَقَرَ وَالإِبِلَ وَالمَتَاعَ وَالحَوَائِطَ، ثُمَّ
انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِلَى
وَادِي القُرَى، وَمَعَهُ عَبْدٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ، أَهْدَاهُ لَهُ
أَحَدُ بَنِي الضِّبَابِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ، حَتَّى أَصَابَ ذَلِكَ
العَبْدَ، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "بَلْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ،
إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمِ، لَمْ
تُصِبْهَا المَقَاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا" فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ
سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِشِرَاكٍ أَوْ
بِشِرَاكَيْنِ، فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "شِرَاكٌ - أَوْ شِرَاكَانِ - مِنْ نَارٍ"
رواه البخاري)، وعَنْ ثَوْبَانَ، (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: "لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ
وَالرَّائِشَ الَّذِي يَمْشِي بَيْنَهُمَا" مستدرك الحاكم)
لقد تكفل الله (سبحانه وتعالى) بأرزاق
العباد، فقال تعالى ( وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ
رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ
مُّبِينٍ ) هود6) فلا يحملن أحدكم حب المال أن يطلبه من غير حله؛ فإن في الحلال وإن
قل كفاية عن الحرام وإن كثر، فعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَن رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ: "لَيْسَ مِنْ عَمَلٍ يُقَرِّبُ
إِلَى الْجَنَّةِ، إِلا قَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ، وَلا عَمَلٌ يُقَرِّبُ إِلَى
النَّارِ، إِلا قَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، لا يَسْتَبْطِئَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ
رِزْقَهُ، أَنَّ جِبْرِيلَ (عَلَيْهِ السَّلامُ) أَلْقَى فِي رُوعِيَ أَنَّ
أَحَدًا مِنْكُمْ لَنْ يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَكْمِلَ رِزْقَهُ،
فَاتَّقُوا اللَّهَ أَيُّهَا النَّاسُ ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، فَإِنِ
اسْتَبْطَأَ أَحَدٌ مِنْكُمْ رزْقَهُ، فَلا يَطْلُبْهُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ،
فَإِنَّ اللَّهَ لا يُنَالُ فَضْلُهُ بِمَعْصِيَةٍ "مستدرك الحاكم)
فالمال الحلال يبارك الله فيه وإن كان
قليلا، فينمو ويكون عونا لصاحبه على طاعة الله، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ) قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ
وَسَلَّمَ) " مَنْ أَكَلَ طَيِّبًا وَعَمِلَ فِي سُنَّةٍ وَأَمِنَ النَّاسُ
بَوَائِقَهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ "، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا
فِي أُمَّتِكَ الْيَوْمَ كَثِيرٌ قَالَ " وَسَيَكُونُ فِي قُرُونٍ بَعْدِي
" (مستدرك الحاكم ) ويقول الفُضيل بن عياضٍ "من كان يعقِلُ ما يدخلُ جوفَه من
حِلِّه كان في حِزبِ الله المُفلِحين".
لا ترغبـنْ في كثيرِ المـالِ تكنـزهُ
*** من الحرامِ فلا ينمى وإِن كَثــُرا
واطلبْ حـلالاً وإِن قلَّتْ فواضلهُ *** إِن الحلالَ زكيٌ حيثما ذُكِـــــرا
أما السحت فكم من المضار الجسيمة
والعواقب الوخيمة التي ترتبت على أكله، فالحرام لا يأتي بخير وإن كان له بريق، فلا
نفع لصاحبه من إنفاقه ولا شكر له على بذله، فقد قال تعالى (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ
اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)المائدة27) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : "مَنْ جَمَعَ مَالا
حَرَامًا ، ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ أَجْرٌ، وَكَانَ
إِصْرُهُ عَلَيْهِ " صحيح ابن حبان ) وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " لَا يَقْبَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ،
وَلَا صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ". رواه أبو داود) وإن خلفه وراءه انتفع به من
انتفع، وتحمل جامعه الأوزار والآثام؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا
تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا
أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ
وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ "(رواه الترمذي وقال
حديث حسن صحيح) قال يحي بن معاذ " مصيبتان لم يسمع الأولون والآخرون بمثلهما
للعبد في ماله عند موته. قيل: وما هما؟ قال: يؤخذ منه كله، ويسأل عنه كله" .
ومن أعظم عقوبات أكل الحرام ما جاء؛ عنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : "أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ
يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ
الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ
وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) سورة المؤمنون 51) ،
وقال ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ
وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) سورة البقرة 172) ،"
ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ
إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ
حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ
لِذَلِكَ" رواه مسلم )، بل الأشد من ذلك قول النبي (صلى الله عليه وسلم) " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ، النَّارُ
أَوْلَى بِهِ " رواه احمد) فما أعظم أن نتحرى الحلال الطيب،
فـ المـــــــــالُ ينفدُ حِلّـهُ
وحرامهُ *** يومـا ويبقى بعد ذاكَ آثامُــــــهُ
ليـسَ التقــــــــيُّ بمتّقٍ
لإِلـهـهِ *** حتـــــى يطيـبَ شرابُهُ وطعامُهُ
ويطيب ما يجني ويكسبُ أهلهُ *** ويَطيب
من لفظِ الحديثِ كلامُهُ
(نسأل الله أن يرزقنا الحلال الطيب وان يبارك لنا فيه، وان يباعد
بيننا وبين الحرام، وأن يحفظ مصر وجيشها وشعبها من كل مكروه وسوء)