خطبة بعنــــــــــــوان:
الحقوق والحرمات في خطبة حجة الوداع
للشيخ /
محمد حســــن داود
6 ذو الحجة 1442هـ - 16 يوليو2021م
العناصـــــر : مقدمة.
- حرص الإسلام على تحقيق مبدأ المساواة .
- حرمة الدماء والأموال والأعراض في الإسلام .
- وصية الإسلام بالنساء .
- حق الميراث.
- دعوة إلى اغتنام يوم عرفة ويوم النحر.
الموضــــــوع:
الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا
خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ
عَلِيمٌ خَبِير) (الحجرات13) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن
سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "يَا أَيُّهَا
النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا
فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا
لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا
بِالتَّقْوَى"، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان
إلى يوم الدين، وبعد
فلقد عنيت خطبة حجة الوداع بإقامة
المبادئ الإنسانية، والترسيخ لعظيم القيم الإنسانية، وكريم المبادئ الأخلاقية،
والمثل العليا، والقيم الفضلى، وبيان الحقوق والحرمات، ومن ذلك:
أن قرر النبي (صلى الله عليه وسلم) في
خطبته مبدأ المساواة بين البشر: فسمع صوته هناك الغني والفقير، والأبيض والأسود،
إذ يقول صلى الله عليه وسلم "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ
وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى
عَجَمِيٍّ، وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلاَ أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ،
وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلاَّ بِالتَّقْوَى". فالتفاضل أمام الله
(جل وعلا) يكون بالتقوى، قال تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم
مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )
(الحجرات13).
- حرمة الدماء والأموال والأعراض:
فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ (رضي الله عنه) قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ (صلى الله عليه
وسلم) يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ: أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ
وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ
اسْمِهِ، قَالَ: أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قُلْنَا: بَلَى قَالَ: أَيُّ شَهْرٍ
هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ
سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَالَ: أَلَيْسَ ذُو الْحَجَّةِ؟ قُلْنَا:
بَلَى، قَالَ: أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ،
فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ:
أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ
وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ
هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ ..." (رواه
البخاري) وعن حِذْيَمِ بْنِ عُمَرَ السَّعْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ فِي خِطْبَتِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ:
"اعْلَمُوا أَنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ
كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، كَحُرْمَةِ شَهْرِكُمْ هَذَا، وَكَحُرْمَةِ بَلَدِكُمْ
هَذَا"
فلقد أكد الإسلام على حرمة الدم
البشرى، قال تعالى (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ
بِالْحَقِّ ) (الأنعام15) وعن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ (رَضِيَ اللهُ عنهُ) قالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ):" أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ
النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، في الدِّمَاءِ". وعليه فان للدم المعصوم عند
الله شأن عظيم، وحرمة عظيمة لك أن تتدبر مداها حينما تسمع قول الله (جل وعلا)
(مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ
نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ
جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) (المائدة32)
فلقد اعتبر الإسلام النفوس كلها واحدة، من اعتدى على إحداها فكأنما اعتدى عليها جميعا،
ومن قدم لإحداها خيرا فكأنما قدم الخير للإنسانية جميعها.
وكما دعا النبي (صلى الله عليه وسلم)
في خطبة الوداع إلى حفظ الدماء وبين رعاية الإسلام لهذا الحق، دعا إلى حفظ الأموال
وجرم الاعتداء عليها؛ قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ
أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ
مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)
(النساء 29) فمن شدة اهتمام الشريعة الإسلامية وعنايتها بحق المال، حرمت مجرد
المماطلة بقضاء الديون ما دام المدين قادرا على ردها، فقال صلى الله عليه وسلم:"
مَطْلُ الغنيِّ ظُلمٌ " فضلا عن نهي الإسلام عن الغش والتدليس والسرقة وغير
ذلك من صور أكل أموال الناس بالباطل؛ إذ رتب على ذلك العواقب الوخيمة، فقد قال
رسول الله (صلى الله عليه وسلم)" لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ
إِلَّا كَانَتْ النَّارُ أَوْلَى بِهِ" (رواه الترمذي)
كذلك أكد النبي (صلى الله عليه وسلم)
في خطبة حجة الوداع على حفظ الأعراض وصيانتها، وإذا رجعت إلى كتاب الله وسنة رسوله،
لعلمت إلى أي مدى كانت رعاية الإسلام للأعراض والنهى الصريح عن الاعتداء عليها؛
فلقد حرم الإسلام السب والشتم والغيبة والنميمة والقدح في الأعراض؛ إذ يحسبه البعض
هينا وهو عند الله عظيم، قال تعالى (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ
أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا
اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) (الحجرات 12) وقال سبحانه (إِنَّ
الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي
الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النور24) وفى الحديث النبوي
" اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ". قيل يَا رَسُولَ اللَّهِ،
وَمَا هُنَّ قَالَ: "الشِّرْكُ باللَّهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ
الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بالحَقِّ، وأَكْلُ الرِّبا، وأَكْلُ مالِ اليَتِيمِ،
والتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ
الغافِلاتِ"، كما أن الإسلام صيانة للأعراض وحفاظا عليها حرم الزنا وكل ما
كان إليه سبيل، فقال تعالى ( وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً
وَسَاء سَبِيلاً ) (الإسراء 32) إذ اقترن حال الزاني بحال المشرك في كتاب الله
تعالى، دلالة على عظم هذا الجرم فقال تعالى ( ٱلزَّانِى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ
زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ
مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ ) (النور3) وفى آية أخرى قرنه الله
(عز وجل) بالموبقات: الشرك، وقتل النفس؛ قال تعالى (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ
مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ
إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا *
يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا *
إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ
اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)
(الفرقان68-70).
-
وما أروع ما قاله النبي (صلى الله عليه وسلم) في خطبته الجامعة ،في أمر
النساء، حيث أوصى بهن خيرا، فقال صلى الله عليه وسلم " فَاتَّقُوا اللهَ فِي
النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ
فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ". فلقد اهتم الإسلام بالمرأة أيما اهتمام ورفع
مكانتها، وأكرمها بما لم تكرم بمثله وأنصفها بما لا تجد له مثيلاً في القديم ولا
الحديث؛ فقد كرمها في جميع مراحل حياتها، وجعل لمن حفظ لها حقها الفضل والأجر؛ وقد
لخص أحدهم ذلك في قوله " ما رأيت كالأنثى فضلاً؛ تُدخِلُ أباها الجنةَ طفلة،
وتُكملُ نصف دين زوجها شابة ، والجنةُ تحت قدميها أُمّاً "
كرمها بنتا حين نهي عن وأدها، واستنكر
تلك الفعلة الشنعاء قال تعالى (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ
قُتِلَتْ) (التكوير 8، 9)، بل نهى حتى عن الشعور بالحزن لقدوم الأنثى، قال تعالى (وَإِذَا
بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ*
يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ
أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ) (النحل58، 59)، كرمها
بنتا حين جعل لها حق الموافقة على شريك حياتها، فعن أبى هريرة قال، قال النَّبِيَّ
(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى
تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، قَالُوا: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: أَنْ تَسْكُتَ" (رواه البخاري)
كرمها بنتا حين جعل لها الحق في التعليم وفى النشأة والتربية الحسنة والحفاظ عليها
وعدم التعدي على حقوقها، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا)، قَالَ
: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) " مَنْ
وُلِدَتْ لَهُ أُنْثَى، فَلَمْ يَئِدْهَا، وَلَمْ يَنْهَهَا، وَلَمْ يُؤْثِرْ
وَلَدَهُ يَعْنِي الذَّكَرَ عَلَيْهَا، أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهَا الْجَنَّةَ
"
وكرم الإسلام المرأة زوجة حين أولاها
مسئولية تربية الأولاد وتنشأتهم؛ لأن الأولاد هم أمل الأمة، وعمادها في المستقبل
،كما كرمها زوجة حين أوصى الرجال بهن خيرا وشدد على عدم التعدي علي حقوقهن، قال
تعالى (وَعَاشِـرُوهُــنَّ بِالْمَعْــرُوفِ) (النساء19) وعن أبي هريرة (رضي الله
عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ
مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ" (رواه مسلم)
إن الإسلام لم يغفل عن تكريم المرأة
طرفة عين؛ فهذه مرحلة جديدة من مراحل حياتها، يبين الإسلام فيها مكانة المرأة إذا
صارت أما، فيأمر ببرها وإكرامها، ويكفى في ذلك كله أن جعل الله تعالى بر الوالدين
والإحسان إليهما، في المرتبة الثانية بعد توحيده تعالى وعبادته، ومن النصوص في
جملة ذلك قوله تعالى ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا
أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا
قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل
رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (الإسراء23، 24) وعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ
بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: "أُمُّكَ" قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "ثُمَّ
أُمُّكَ" قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "ثُمَّ أُمُّكَ" قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ: "ثُمَّ أَبُوكَ" (رواه البخاري)
ومما أكد عليه النبي (صلى الله عليه
وسلم) في خطبته حق الميراث، فقال إنَّ اللهَ قد قسم لكلِّ وارثٍ نصيبَهُ من
الميراثِ، فلا تجوزُ وصيةٌ لوارثٍ". فلقد حدد الله تعالى أنصبة الميراث في
كتابه الكريم، وتولى القسمة سبحانه بنفسه، ووصى بالوفاء بهذا الحق لصاحبه، ورتب
الوعيد الشديد لكل من سولت له نفسه الاعتداء على تلكم الحقوق، فقال تعالى (تِلْكَ
حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن
تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن
يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً
فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ )النساء(13/14)
= إننا ما زلنا بفضل الله (عز وجل) في عشر ذي الحجة، ومن فضلها أن
فيها يوم عرفة ويوم النحر؛ ففي صيام يوم عرفة يقول النبي (صلى الله عليه
وسلم):"
صِيامُ يومِ عَرَفَةَ، إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التي
قَبلَهُ، والسنَةَ التي بَعدَهُ، وصِيامُ يومِ عاشُوراءَ، إِنِّي أحْتَسِبُ على
اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التِي قَبْلَهُ". وفي الدعاء فيه يقول (صلى الله
عليه وسلم): " خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا
قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ
لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ" (رواه الترمذي) وفي يوم النحر يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) " أَعْظَمُ الأَيَّامِ عِنْدَ
اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ" (رواه أبو داود والنسائي) وعن أحب الأعمال إلى الله (عز وجل) فيه، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم)
"مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ, أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ
مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا,
وَأَشْعَارِهَا, وَأَظْلَافِهَا, وَأَنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ
قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الْأَرْضِ, فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا".
فما أحوجنا أن نغتنم الأيام بصالح
الأعمال، وأن نعيش بالقلب والجوارح هذه التعاليم الدينية، والقيم الإنسانية،
والمبادئ الأخلاقية في اسمي معانيها فتستقيم حياتنا.
نسأل الله أن يرزقنا فعل الخيرات وترك المنكرات
وأن يحفظ مصر وجيشها من كل مكروه وسوء
=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
ماجستير في الدراسات الإسلامية
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا