خطبة بعنوان:
فضائل العشر ومفهوم العمل الصالح
للشيخ / محمد حســــن داود
29 ذو القعدة 1442هـ - 9 يوليو2021م
العناصـــــر : مقدمة.
- خصائص وفضائل عشر ذي الحجة
.
- مفهوم العمل الصالح والحرص عليه أيام
العشر.
- أعمال يتقرب بها العبد إلى الله (عز
وجل) في هذه العشر.
- دعوة إلى اغتنام مواسم الخيرات
بالأعمال الصالحات.
الموضــــــوع:
الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ *
وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي
حِجْرٍ ) (الفجر 1- 5) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا
محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: " مَا مِنْ أَيَّامٍ
الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ
" يَعْنِي الْعَشْرَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ؟ قَالَ: " وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ
بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ "(رواه البخاري)،
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
فمن فضل الله (جل
وعلا)، أن جعل لنا مواسم للطاعات، مواسم للخيرات، تحمل النفحات والبركات، تضاعف فيها
الأجور، وتكثر فيها الحسنات، وترفع فيها الدرجات، ولا شك أن من أعظمها شرفا، وأرفعها
قدرا، وأكثرها فضلا "العشر الأول من شهر ذي الحجة"، فهي عشر مباركة؛ إذ أقسم
الله بها في كتابه، وهذا وحده يكفيها شرفاً وفضلاً، ففيه الإشارة إلى تعظيم الله لها،
والتنويه بشأنها وفضلها، قال تعالى (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ
وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ )
(الفجر 1- 5)،(والليالي العشر: هي عشر ذي الحجة)، كما شهد لها الرسول (صلى الله عليه
وسلم) أنها أفضل أيام الدنيا، فقال" أفضل أيام الدنيا أيام العشر" ، ومن
جملة فضلها أن فيها يوم النحر، وهو أفصل أيام العام ، كما قال النبي (صلى الله عليه
وسلم): " أَعْظَمُ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ ، ثُمَّ يَوْمُ
الْقَرِّ " (رواه أبو داود والنسائي) ، كذلك من جملة فضلها: أن فيها يوم عرفه؛
اليوم الذي أتم الله فيه النعمة؛ وأكمل فيه الدين، ففيه نزل قول الله (سبحانه
وتعالى): ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة3)، وفيه يباهى الله
(سبحانه وتعالى) الملائكة بأهل عرفة، فقد قال رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم):"
إِنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: انْظُرُوا
إِلَى عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا"، كذلك من جملة فضلها: اجتماع أمهات
العبادة فيها؛ قال ابن حجر: " والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان
اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره"
(فتح الباري؛ لابن حجر العسقلاني)
ولقد وجه القرآن
الكريم، كما وجهت السنة النبوية إلى اغتنام هذه الأيام، بالطاعات والعبادات والقربات
إلى رب البريات، قال تعالى (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ
) (الحج28) ( الأيام المعلومات أيام العشر) وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (رضي الله عنهما)
عَنِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم)أَنَّهُ قَالَ: "مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ
أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ" قَالُوا: وَلا الْجِهَادُ، قَالَ: "وَلا الْجِهَادُ،
إِلا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ"
وفي رواية: " مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ
مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ " يَعْنِي الْعَشْرَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: " وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ
"(رواهما البخاري).
والعمل الصالح
أعم وأوسع من أن يحصر في فعل أو قول؛ اذ يشمل كل ما فيه طاعة الله (جل وعلا) والتقرب اليه، فمنه الطاعات
والعبادات؛ ولقد قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ ) (الحج 77) وفي
الحديث القدسي " وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ
عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا
أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به،
ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي
لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شيءٍ
أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وأنا أكْرَهُ
مَساءَتَهُ" رواه البخاري)، ومنه ما ينتفع به الناس؛ ولقد قال تعالى (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا
فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا
إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة148) وقال جل وعلا (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا
مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن
يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا
عَظِيمًا ) (النساء114) ويقول
النبي (صلى الله عليه وسلم) " مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ
أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ " ويقول صلى الله عليه وسلم " أَحَبُّ النَّاسِ
إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ
سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَطْرُدُ
عَنْهُ جُوعًا، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي
حَاجَةٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ يَعْنِي
مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ شَهْرًا "، فطرق الخير كثيرة، وأبواب البر مشرعة مفتحة،
والأعمال الصالحات واسعة الميادين، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) قَالَ: قَالَ
رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم): "كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ
كُلُّ يَومٍ تَطْلُعُ فِيْهِ الشَّمْسُ: تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِيْنُ
الرَّجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُ لَهُ عَلَيْهَا أَو تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ
صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَبِكُلِّ خُطْوَةٍ تَمْشِيْهَا إِلَى
الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيْطُ الأَذى عَنِ الطَّرِيْقِ صَدَقَةٌ" (رواه البخاري
ومسلم) وما زال الإسلام يؤكد على سعة مفهوم العمل الصالح حتى أن النبي (صلى الله
عليه وسلم) قال: " لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى
أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ" (رواه مسلم) ومنه أيضا مكارم الاخلاق وحسن السلوك، فعن ابي
الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال :" ما
مِن شيءٍ يوضَعُ في الميزانِ أثقلُ من حُسنِ الخلقِ، وإنَّ صاحبَ حُسنِ الخلقِ
ليبلُغُ بِهِ درجةَ صاحبِ الصَّومِ والصَّلاةِ " (رواه الترمذي)
وإن من أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله في هذه الأيام :
- المداومة
على التوبة والإكثار من الاستغفار: فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة، بالتوبة
الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة،
قال تعالى ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ ) (النور31)
- الصيام؛ فما أعظم فضله وأجره إذ يقول النبي (صلى
الله عليه وسلم "مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ
عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا" (رواه البخاري ) ولقد كان النبي صلى الله عليه
وسلم يصوم تسع ذي الحجة ؛ فعَنْ هُنَيْدَةَ
بْنِ خَالِدٍ، عَنِ امْرَأَتِهِ, عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، قَالَتْ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم) َصُومُ تِسْعَ ذِي الْحَجَّةِ، وَيْوَمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلاثَةَ أَيَّامٍ
مِنْ كُلِّ شَهْرٍ " (رواه احمد وأبو داود )
- الإكثار من ذكر الله (سبحانه وتعالى)
؛ فلقد شرع الله عز وجل
ذكره في كل الأوقات، وفي هذه العشر على الخصوص، فقال سبحانه ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ
فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ) (الحج 28) وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: " مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ،
وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ، مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ،
فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ " (رواه
احمد) قال الإمام البخاري " كان ابن عمر
وأبو هريرة (رضي الله عنهما) يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهكما".
وقال: وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى
ترتج منى تكبيراً. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي
فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً "، وكانت ميمونة: "تكبر يوم النحر"
- ذبح الأضاحي، تقرباً إلى الله (عز وجل)،
فقد قال تعالى (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الكوثر2)، وقال تعالى ( لَن يَنَالَ
اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ) (الحج36،37)
وكفى في فضلها قول النبي (صلى الله عليه وسلم)
"مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ, أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ
إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا, وَأَشْعَارِهَا,
وَأَظْلَافِهَا, وَأَنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ
مِنَ الْأَرْضِ, فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا".
- الدعاء؛ فقد قال رسول الله (صلى الله
عليه وسلم) " خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ
أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ
لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"
(رواه الترمذي) فلا تبخلوا على أنفسكم بالدعاء في هذه الأيام ، فما من شيء أكرم على
الله تعالى منه ؛فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ) ، قَالَ : " لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الدُّعَاءِ
" (رواه احمد ) فسألوا الله حاجتكم كلها،
قليلها وكثيرها، دقيقها وجليلها، قريبها وبعيدها، ولا تستبطئوا الإجابة، فعَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَال:
"يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ فَيَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ
يُسْتَجَبْ لِي" (متفق عليه (وأعلموا
أن الدعاء نافع بكل حال، فثمرته مرجوة حتى وان لم تتحقق في الدنيا ،فلقد قال النبي
(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ
لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا
إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا
لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا" ،
قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ ؟ ، قَالَ :" اللَّهُ أَكْثَرُ " (رواه
الترمذي وأحمد)
- كما يتأكد في هذه العشر بر الوالدين،
وصلة الأرحام، وحسن الجوار، وإجابة السائل، وإعانة المحتاج، وتفريج الكرب، وقضاء
الحاجات، فقد قال الله تعالى (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ )
(البقرة 197)
= إن اللبيب العاقل دائما يسارع ويبادر
إلى الخيرات، ويغتنم بالعمل الصالح مواسم الطاعات، ففيه تفريج الكربات فقد قال الله (جل وعلا) حكاية عن سيدنا
يونس (عليه السلام) (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي
بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) الصافات (143، 144) وفيه الحياة الطيبة، قال تعالى
(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ
حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
)(النحل 97) وفيه مغفرة الذنوب، فقد قال تعالى ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ (المائدة 9) وفيه الفوز
بالجنة ونعيمها فقد قال الله تعالى ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا
مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ
مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (البقرة
25) فنافس ما دمت في فسحة ونفس، فالصحة يفجؤها
السقم، والقوة يعتريها الوهن، والشباب يعقبه الهرم، فقد قال صلى الله عليه وسلم"
اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابُكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتُكَ قَبْلَ سِقَمِكَ،
وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغُكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتُكَ قَبْلَ مَوْتِكَ
"
فَبَـــادِرْ شَبَابَـــكَ أَنْ
يَهْرَمَــا *** وَصِحَّـــةَ جِسْمِـــكَ أَنْ تَسْقَمَا
وَأَيَّامَ
عَيْشِكَ قَبْلَ الْمـَمَــاتِ *** فَمَا دَهْرُ مَنْ عَاشَ أَنْ يَسْـلَمَا
وَوَقْـتَ
فَـرَاغِــكَ بَـــادِرْ بهِ *** لَيَــــالِيَ شُغْلِكَ فِي بَـعْضِ مَا
وَقَــدِّمْ
فَكُـــلُّ امْـرِئٍ قـَــادِمٌ *** عَلَى
بَعْضِ مَا كَانَ قَدْ قَدَّمَـــــا
نسأل الله أن يجعلنا من السابقين إلى
الطاعات والقربات
وأن يحفظ مصر من كل مكروه وسوء
=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
ماجستير في الدراسات الإسلامية
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا