خطبة بعنوان:
قيمة الاحتـــــــــــرام
للشيخ /
محمد حســـن داود
3صفر 1443هـ - 10سبتمبر 2021م
العناصــــــر: مقدمة :
- قيمة الاحترام، مكانتها
ودرجتها ودعوة الإسلام إليها.
- النبي (صلى الله عليه وسلم) مثلا أعلى في كل القيم النبيلة.
- من صور الاحترام، واحترام القيم.
- أثر الاحترام ودعوة إلى تحقيقه.
الموضوع: الحمد
لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً) (البقرة
83) وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في
حديثه الشريف: "إنَّ مِن خِيَارِكُمْ أحْسَنَكُمْ أخْلَاقًا" (رواه البخاري)
اللهم صل
وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
إن من القيم النبيلة الراقية، والاخلاق
الكريمة الطيبة التي دعا اليها الإسلام وحث عليها: " قيمة الاحترام" فالاحترام
صفة أخلاقية حميدة وقيمة انسانية نبيلة، وهو أساس التواصل والتعامل بين الناس، كما
أنه دليل على الرقي والتحضر، يتصف به كبار الهمم، وعالي القمم، فالمرء لن يسع الناس
بماله وأملاكه، وانما يسعهم باحترامه لهم وأخلاقه.
ومن ينظر القرآن الكريم يجد الأمر بهذه
القيمة الانسانية الراقية واضحا جليا في غير موضع، إذ يقول تعالى: (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ
حُسْناً) (البقرة 83) وقال (عز وجل): (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)
(الإسراء53)، وفي مقابل ذلك تجد نهي الإسلام عن كل ما يذهب بمعاني الاحترام كالاحتقار
أو التصغير أو السخرية أو الغمز واللمز، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ
مِنْ نِسَاءٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ
وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ
لَمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا
كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ
بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) (الحجرات 11، 12)، ويقول
النبي (صلى الله عليه وسلم): "بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ
الْمُسْلِمَ"( رواه مسلم).
ولقد جمع الله (سبحانه وتعالى) للحبيب النبي
(صلى الله عليه وسلم)، صفات الجمال والكمال البشري، فتألقت روحه الطاهرة بعظيم الشمائل
والخصال، وكريم الصفات والأفعال، وعظيم القيم وأطيبها إذ يقول الله (سبحانه وتعالى)
في حقه (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ )(القلم4)، فكان في تقدير الناس واحترام
القيم مضرب الأمثال؛ كما دعا النبي (صلى الله عليه وسلم) بفعله مثل دعوته بقوله
إلى تحقيق هذه القيمة الراقية، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: "خَدَمْتُ النَّبِيَّ (صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ قَطُّ، وَمَا قَالَ
لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَهُ، وَلَا لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ لِمَ تَرَكْتَهُ"
(رواه الترمذي) ولما قام هذا الأعرابي فَبَالَ في المسجد، فَهَمّ الصحابة يتناولونه،
فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "دَعُوهُ وَهَرِيقُوا
عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ
مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ" (رواه البخاري) وها هو معاوية
بن الحكم السلمي، يقول: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ)، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ فَرَمَانِي
الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ، مَا شَأْنُكُمْ؟ تَنْظُرُونَ
إِلَيَّ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ
يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ)، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ
أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللهِ، مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي،
قَالَ: "إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ،
إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ" (رواه مسلم)
ولما رأى أبا مسعود البدري يضرب عبدا له ، كما قال البدري: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا
لِي بِالسَّوْطِ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِي، "اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ"،
فَلَمْ أَفْهَمِ الصَّوْتَ مِنَ الْغَضَبِ، قَالَ: فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ
رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: "اعْلَمْ،
أَبَا مَسْعُودٍ، اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ"، قَالَ: فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ
يَدِي، فَقَالَ: "اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ، أَنَّ اللهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ
عَلَى هَذَا الْغُلَامِ"، قَالَ: فَقُلْتُ: لَا أَضْرِبُ مَمْلُوكًا بَعْدَهُ
أَبَدًا(رواه مسلم) وتموت تلك المرأة التي كانت تقم المسجد وتنظفه فيدفنها الصحابة
بعد الصلاة عليها، ولم يعلموه، ثم يعلم رسول الله بعد ذلك بموتها، فيقول لهم:
"أَفَلاَ كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي؟"، فكأنهم صغّروا أمرها، فقال: "دلوني
على قبرها"، فدلوه، فصلى عليها، ثم قال: "ِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ
ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلَاتِي
عَلَيْهِمْ" ولما مرت جنازة وهو صلى الله عليه وسلم جالس، فقام، إذ ببعض الصحابة
يقولون يا رسول الله إنها جنازة يهودي، فيقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "أَلَيْسَتْ
نَفْسًا". حتى مع الصغار، فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ (رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ): أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أُتِيَ بِشَرَابٍ،
فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ، فَقَالَ لِلْغُلاَمِ:
"أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلاَءِ؟"، فَقَالَ الغُلاَمُ: لاَ وَاللَّهِ
يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا، قَالَ: فَتَلَّهُ رَسُولُ
اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِي يَدِهِ. (رواه البخاري)
وعلى هذه القيمة الطيبة الراقية كان
الصحابة (رضي الله عنهم) فعَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ
فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ،إِلَّا
حَدِيثًا كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَأُتِيَ بِجُمَّارَةٍ،
فَقَالَ: " إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً مَثَلُهَا كَمَثَلِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ
" فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا أَصْغَرُ
الْقَوْمِ، فَسَكَتُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):
" هِيَ النَّخْلَةُ " (رواه أحمد)
- إن من أعظم صور الاحترام: احترام الذات،
بأن يصون الانسان نفسه عن كل ما تعاب به، ويبعدها عن كل ما يقلل من شأنها، وقد قال
النبي (صلى الله عليه وسلم)"لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ"
(رواه الترمذي)
- وإن أجدر الناس بالاحترام: الولدين؛ فلهما
منزلة سامية، ودرجة عالية، حيث قرن الله (سبحانه وتعالى) ذكرهما بذكره، وشكرهما بشكره،
وجاء الأمر بطاعتهما بعد الأمر بعبادته، قال تعالى ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ
حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي
وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا
لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا)
(لقمان14/15) وقال أيضا ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا
تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ
لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي
صَغِيرًا ) (الاسراء23/24)
- احترام حقوق
الناس ووقتهم وخصوصياتهم وأسرارهم وأحوالهم، وقد قال تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا
وَإِثْمًا مُبِينًا) (الأحزاب 58) وعَنْ ابْنِ عُمَرَ
قَال : صَعدَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم) المنْبَرَ فَنَادَى بصَوْتٍ رَفيعٍ،
فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى
قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا المُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ،
فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ المُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ،
وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ"
(رواه الترمذي)، وكذلك احترام بيوتهم ومن ذلك شرع الاسلام الاستئذان، قال تعالى (يأَيُّهَا
الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُواْ
وَتُسَلّمُواْ عَلَى أَهْلِهَا ذالِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
* فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمُ
وَإِن قِيلَ لَكُمْ ارْجِعُواْ فَارْجِعُواْ هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ
عَلِيمٌ) (النور27/28) ومنه أيضا: أن يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد،
والصغير على الكبير، والقليل على الكثير؛ فعن أبى هريرة (رضي الله عنه) قال: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )" يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ
عَلَى المَاشِي، وَالمَاشِي عَلَى القَاعِدِ، وَالقَلِيلُ عَلَى الكَثِيرِ" (متفق
عليه) وعند الترمذي: " وَيُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الكَبِيرِ".
- نعم فمن أجل مظاهر الاحترام: احترام الكبير
سنا أو مقاما: فقد قال رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ): " أَنْزِلُوا
النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ" (رواه أبو داود) وعن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله
عليه وسلم)" لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرِ الْكَبِيرَ وَيرْحَمِ الصَّغِيرَ،
وَيَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ" (رواه بن حبان) وعلى
هذا كان الصحابة (رضي الله عنهم) فعَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي
مَعَ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، فَصِرْنَا إِلَى مَضِيقٍ فَتَقَدَّمَنِي ثُمَّ قَالَ
لِي" لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّكَ أَكْبَرُ مِنِّي بِيَوْمٍ مَا تَقَدَّمْتُكَ
"(رَوَاهُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي الْجَامِعِ). وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ "لَقَدْ كُنْتُ عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) غُلَامًا فَكُنْتُ أَحْفَظُ عَنْهُ
فَمَا يَمْنَعُنِي مِنْ الْقَوْلِ إِلَّا أَنَّ هَا هُنَا رِجَالًا هُمْ أَسَنُّ مِنِّي
"(رواه مسلم)
- الاحترام المتبادل بين الزوجين: فقد
قال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا
إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ )(الروم 21)
- احترام المعلم وتوقيره: فالعلماء هم ورثةُ
الأنبياءِ، وفي الحديثِ: "فضلُ العالمِ على العابِدِ، كفَضْلِي علَى أدْناكُم"(رواه
الترمذي).
- احترام الطرقات: فالطريق في الإسـلام
له احترام وآداب وحقوق، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عن النبي (صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، قَالَ : " إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ
" ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ
فِيهَا ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَإِذَا
أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ " ، قَالُوا : وَمَا
حَقُّهُ ؟ ، قَالَ : " غَضُّ الْبَصَرِ ، وَكَفُّ الْأَذَى ، وَرَدُّ السَّلَامِ
، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ " (رواه مسلم) وان
كان الإسلام قد حث على إماطة الأذى عن الطريق، وعد ذلك من شعب الإيمان، كما جاء عن
أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال " الْإِيمَانُ
بِضْعٌ وَسَبْعُونَ – أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ – شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا
إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ
شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ "(متفق عليه) فقد نهي عن إلقاء القاذورات أو التخلي
فيه، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ
" اتَّقُوا اللاعِنَيْنِ " قَالُوا : وَمَا اللاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ
؟ قَالَ : "الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَفِي ظِلِّهِمْ
".
إن احترام الإنسان
للناس وتوقيره لهم يرفع مقامه ويعلي شأنه عند الله (سبحانه وتعالى) فقد قال النبي
(صلى الله عليه وسلم)" إنَّ مِن خِيَارِكُمْ أحْسَنَكُمْ أخْلَاقًا" (رواه
البخاري) كما يرتفع المرء عالياً في عيون الناس ويحبونه ويوقرونه لاحترامه لهم، والواقع خير شاهد،
فما أحوجنا الى تحقيق معاني قيمة الاحترام واحترام القيم، لما في ذلك من تحقيق
المحبة والمودة والألفة والتقدم والرقي.
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها
إلا أنت
واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت
واحفظ مصر وجيشها من كل مكروه وسوء
=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
ماجستير في الدراسات الإسلامية
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا