recent
آخر المشاركات

خطبة الجمعة القادمة: النبي القدوة (صلى الله عليه وسلم) في حياته وبيته للشيخ / محمد حسـن داود (8 ربيع الأول 1443هـ - 15 أكتوبر 2021م)

 

خطبة بعنوان:
النبي القدوة (صلى الله عليه وسلم)
 في حياته
وبيته
للشيخ / محمد حســــن داود
8 ربيع الأول 1443هـ   -   15 أكتوبر 2021م


العناصــــــر:      مقدمة :
-
 صور مـن جوانب حياة النبي (صلى الله عليه وسلم).            
- مواقف مـــن حيـاة النبي (صلى الله عليه وسلم) مع زوجاته.
- مواقف مـــن هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) في معاملة الابناء والأحفاد.
- دعوة إلى التأسي بالنبي (صلى الله عليه وسلم).

الموضوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب21) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي" (رواه الترمذي)، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

لقد كانت كل جوانب حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) مشرقة عظيمة، وكان في كل جانب مثلًا أعلى وأسوةً حسنةً، إذ اتصف بأنبل الصفات، وأرفع القيم، وأجمل الخصال، وأحسن الأخلاق، فكان أكمل الناس خَلقًا وخُلقًا، وأعظمهم إنسانيةً ورحمةً، وأرجحهم عقلاً، وأكثرهم أدباً، وأوفرهم حلماً، وأكملهم قوةً وشجاعةً، وأكرمهم نفسًا، وألينهم كلامًا، وأحسنهم قولًا، وأجملهم حديثًا؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا)، قَالَ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا"(رواه البخاري)، كان أصدق الناس حديثًا وأكثرهم أمانةً، أجود الناس وأكرم الناس؛ إن أُرسلت إليه صدقة، كانت للفقراء، وإن أُهديت إليه هدية أشركهم فيها، لا يبخل بمال ولا طعام، فعَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ (رضي الله عنها)، أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) "مَا بَقِيَ مِنْهَا؟" قَالَتْ: مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلَّا كَتِفُهَا، قَالَ" بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا " (رواه الترمذي)، بل كان يؤثر المحتاج على نفسه، ويعطيه العطاء وإن كان في حاجة إليه، فعَنْ سَهْلٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) "أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ، فِيهَا حَاشِيَتُهَا"، أَتَدْرُونَ مَا البُرْدَةُ؟ قَالُوا: الشَّمْلَةُ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: نَسَجْتُهَا بِيَدِي فَجِئْتُ لِأَكْسُوَكَهَا، " فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ"، فَحَسَّنَهَا فُلاَنٌ، فَقَالَ: اكْسُنِيهَا، مَا أَحْسَنَهَا، قَالَ القَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، لَبِسَهَا النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ، وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لاَ يَرُدُّ، قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ لِأَلْبَسَهُ، إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِي، قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ "(رواه البخاري) كان يحفظ المعروف، ويعرف لكل ذي فضل فضله، إذ يقول في أبى بكر (رضي الله عنه): "إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ" (رواه البخاري) كان رحيما بالصغير موقرا للكبير، فهو القائل: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا ويُوَقِّرْ كَبِيرَنَا" (رواه أبو داود والترمذي) متواضعا مع الصغير والكبير، فلا يستنكف أن يمشى في حاجاتهم فعنْ أَنَسٍ "أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً،" فَقَالَ يَا أُمَّ فُلَانٍ، انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ، حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ " فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا" (رواه مسلم) دائما مع الصحابة (رضي الله عنهم) في أفراحهم وأتراحهم، في قوتهم وضعفهم، فعَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)" يَأْتِي ضُعَفَاءَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَزُورُهُمْ وَيَعُودُ مَرْضَاهُمْ، وَيَشْهَدُ جَنَائِزَهُمْ "(مستدرك الحاكم)

ومن يطالع سيرته صلى الله عليه وسلم يجد الهدي النبوي في معاملته لزوجاته مثالا يحتذى به؛ فهو صلى الله عليه وسلم القائل: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي" (رواه الترمذي). لقد عاش صلى الله عليه وسلم مع زوجاته حياة طيبة، تمثل تطبيقا عمليا لقول الله (سبحانه وتعالى) (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم21) وإن أول ما يلتفت إليه النظر هذه العواطف النبيلة، والمشاعر الغامرة، وحبه الشديد لزوجاته، فكان يقول عن أم المؤمنين خديجة (رضي الله عنها)" إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا"(رواه مسلم) ولما سأله عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ (رضي الله عنه):أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: "عَائِشَةُ" قال: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: "أَبُوهَا" ( رواه مسلم )

كان صلى الله عليه وسلم لينا لطيفا مع زوجاته محققا قول الله تعالى ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾(النساء19) فعَنْ عَائِشَةَ (رضي الله عنها)، أَنَّهَا سُئِلَتْ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِذَا خَلا فِي بَيْتِهِ، قَالَتْ: " كَانَ أَلْيَنَ النَّاسِ وَأَكْرَمَ النَّاسِ وَكَانَ رَجُلا مِنْ رِجَالِكُمْ إِلا أَنَّهُ كَانَ ضَحَّاكًا بَسَّامًا ". وفى صورة من أجمل صور التعاون ونشر المحبة والألفة تراه صلى الله عليه وسلم، لا يأنف أن يقوم ببعض عمل البيت فيساعد أهله، فقد سئلت أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها)؛ مَا كَانَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ:" كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ - تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ " (رواه البخاري) وفى مسند الإمام احمد؛ قَالَتْ: كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ، وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ "، وفى رواية له أيضا؛ قالت: "كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ " .

كان صلى الله عليه وسلم يملأ المكان والزمان مع أهل بيته فرحا وسرورا، يفرح لفرحهن ويحزن لحزنهن، يتلطف بهن ويشفق عليهن، فتراه يلاطف السيدة عائشة فيناديها يا "عائش" وتراه "يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ وَتَضَعُ أم المؤمنين صَفِيَّةُ (رضي الله عنها) رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ" (رواه البخاري عن أنس) وتراه يسابق السيدة عائشة إذ تقول "سَابَقَنِي النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَسَبَقْتُهُ، فَلَبِثْنَا حَتَّى إِذَا أَرْهَقَنِي اللَّحْمُ سَابَقَنِي فَسَبَقَنِي، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):"هَذِهِ بِتِلْكَ"(رواه ابن حبان ) ولما رأى "انجشة" الحادي يسرع بهن في السير إذ به يقول له: "‏رُوَيْدَكَ يَا ‏أَنْجَشَةُ ‏سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ".

كما كان صلى الله عليه وسلم يراعى شعورهن ويعرف أحوالهن فيراعيها، إذ يقول لأم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) " إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ، قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ" (رواه البخاري)

كما كان صلى الله عليه وسلم وفيا أعظم ما يكون الوفاء لزوجاته، إذ يقول عن أم المؤمنين خديجة (رضي الله عنها) " مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) خَيْرًا مِنْهَا، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ" (رواه أحمد)

كان حنونا ودودا، حسن العشرة، حياة زوجاته معه حياة كريمة مليئة بالمحبة والوئام، فكان يكرم ولا يهين، يوجه وينصح، ولا يعنف أو يجرح؛ فعَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ (رضي الله عنها) أنها قَالَتْ: "مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" (رواه مسلم) بل كان يتحمل غضب إحداهن دون تعنت ولا تجبر، ويقابل ذلك بالعفو والصفح واللين والصبر والكلمة الطيبة؛ فعَنِ النُّعْمَان بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: جَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَسَمِعَ عَائِشَةَ وَهِيَ رَافِعَةٌ صَوْتَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ: يَا ابْنَةَ أُمِّ رُومَانَ وَتَنَاوَلَهَا أَتَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ: فَحَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ جَعَلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ لَهَا يَتَرَضَّاهَا: "أَلَا تَرَيْنَ أَنِّي قَدْ حُلْتُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَكِ" قَالَ: ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ يُضَاحِكُهَا، قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْرِكَانِي فِي سِلْمِكُمَا كَمَا أَشْرَكْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا" (رواه أحمد)

- أما في معاملة الأبناء والأحفاد؛ فلقد ضرب لنا النبي (صلى الله عليه وسلم) أروع الأمثلة وأزكاها وأطيبها في معاملة الأبناء والأحفاد؛ إذ اجتمعت في قلبه عظم رحمة النبوة، وخصال عطف الأبوة، وسمو جوانب الإنسانية؛ فقد تجلت معاملته صلى الله عليه وسلم لأولاده وأحفاده، في كثير من المظاهر والمواقف: إذ يظهر فرحه صلى الله عليه وسلم بولادة ابنه إبراهيم ، فلما جاءه أبو رافع، يبشره به وهب له عبدا، مكافأة على بشارته، كما تراه يختار لهم الأسماء الحسنة؛ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) : "وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلَامٌ ، فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ " (رواه مسلم) وعَنْ عَلِيٍّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: لَمَّا وُلِدَ الْحَسَنُ سميته حربا، فجاء رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَقَالَ " أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟"، قَالَ: قُلْتُ: حَرْبًا، قَالَ: "بَلْ هُوَ حَسَنٌ"، فَلَمَّا وُلِدَ الْحُسَيْنُ سَمَّيْتُهُ حَرْبًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَقَالَ: "أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟"، قَالَ: قُلْتُ: حَرْبًا، قَالَ: "بَلْ هُوَ حُسَيْنٌ"، فَلَمَّا وُلِدَ الثَّالِثُ سَمَّيْتُهُ حَرْبًا، فَجَاءَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَقَالَ: "أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟ "، قُلْتُ: حَرْبًا، قَالَ: "بَلْ هُوَ مُحَسِّنٌ " (رواه أحمد)

كما كان صلى الله عليه وسلم رحيماً بهم، عطوفا عليهم، شفيقا بهم، لينا معهم يحبهم ويضمهم إليه، ويقبلهم رأفة بهم وشفقة ورحمة؛ فعن بُرَيْدَة بْنِ الْحُصَيْبِ الأَسْلَمِيِّ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا)، عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ، فَنَزَلَ فَأَخَذَهُمَا، فَصَعِدَ بِهِمَا الْمِنْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: " صَدَقَ اللَّهُ: (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ) (التغابن 15)، رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ "، ثُمَّ أَخَذَ فِي الْخُطْبَةِ. (رواه أبو داود)، وعَنْ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِي إِحْدَى صَلَاتِيِ الْعَشِيِّ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ وَهُوَ حَامِلٌ أَحَدِ ابْنَيْهِ الْحَسَنِ أَوِ الْحُسَيْنِ، فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَوَضَعَهُ عِنْدَ قَدَمِهِ الْيُمْنَى، فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) سَجْدَةً أَطَالَهَا، قَالَ: فَرَفَعْتُ رَأْسِي مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) سَاجِدٌ، وَإِذَا الْغُلَامُ رَاكِبٌ عَلَى ظَهْرِهِ فَعُدْتُ فَسَجَدْتُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ سَجَدْتَ فِي صَلَاتِكَ هَذِهِ سَجْدَةً مَا كُنْتَ تَسْجُدُهَا أَفَشَيْءٌ أُمِرْتَ بِهِ؟ أَوْ كَانَ يُوحَى إِلَيْكَ؟ قَالَ: "كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، وَلَكِنِ ابْنِي ارْتَحَلَنِي، فَكَرِهْتُ أَنْ أَعْجَلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ" (مستدرك الحاكم)، ولما قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ قَالَ: " مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ "( رواه البخاري) وها هو تدمع عيناه عند وفاة ابنه إبراهيم، فيقول له سيدنا عبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنه)" وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ" فيقول: ‏"‏يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ‏" ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ" ( رواه البخاري).

ولم يكن هذا الحب والعطف وحسن المعاملة للبنين فقط، بل كان صلى الله عليه وسلم، يعتني بالبنات ويهتم بهن أشد العناية والاهتمام، فهو القائل " مَنْ كَانَتْ لَهُ أُنْثَى فَلَمْ يَئِدْهَا وَلَمْ يُهِنْهَا وَلَمْ يُؤْثِرْ وَلَدَهُ عَلَيْهَا - يَعْنِي الذُّكُورَ - أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ "(رواه أبو داود) فعَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ ، قَالَ : رَأَيْتُ " النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، يَؤُمُّ النَّاسَ ، وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ وَهِيَ ابْنَةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)،عَلَى عَاتِقِهِ، فَإِذَا رَكَعَ، وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ، أَعَادَهَا " (رواه مسلم) كما كان صلى الله عليه وسلم، إذا دخلت عليه ابنته فاطمة (رضي الله عنها)، اخذ بيدها، وقبلها، وأجلسها في مجلسه، فعنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ (رضي الله عنها)، قَالَتْ: "اجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَلَمْ يُغَادِرْ مِنْهُنَّ امْرَأَةً، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِشْيَةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِابْنَتِي، فَأَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا..".

- فما أحوجنا إلى أن نعيش بالقلب والجوارح أخلاق النبي (صلى الله عليه وسلم) فنأخذ من مشكاته، ونقتدي به في سيرته وسريرته، وفي سائر أحواله، حتى تستقيم دنيانا وآخرتنا، فقد قال الله (سبحانه وتعالى): ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً )(الأحزاب21)

اللهم أهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت
 واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت
 وأحفظ مصر من كل مكروه وسوء

=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
ماجستير في الدراسات الإسلامية


لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر      -----        اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر (نسخة أخرى)  اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf   رابط مباشر     -----         اضغط هنا 


لتحميــل الخطبة  word   جوجل درايف    -----        اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word جوجل درايف (نسخة أخرى)  اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf    جوجل درايف     ----         اضغط هنا  
google-playkhamsatmostaqltradent