خطبة بعنــــوان:
الأســرة سكـــن ومــودة
للشيخ/
محمد حســـــن داود
14 ربيع ثان 1443هـ - 17 نوفمبر2021م
العناصــــــر: مقدمة
:
- مكانة الأسرة ومدى عناية الإسلام واهتمامه بها.
- حسن العشرة من أهم أسس استقرار الأسرة.
- من عوامل وسبل تحقيق المودة والرحمة وحسن العشرة.
- دعوة إلى الحفاظ على الأسرة.
الموضوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه
العزيز: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً
لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الروم21). وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: " خيْرُكُمْ
خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِى" (رواه ابن ماجه) ، اللهم صل
وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فان الأسرة هي نواة المجتمع الأولى
وأول لبناته والركيزة الأساسية لبنائه، إذ تقع من المجتمع موقع الرأس من المسجد
تؤثر عليه سلبا وإيجابا، ومن ثم أولى الإسلام الأسرة اهتماما بالغا حيث تكفل بتنظيم
بنائها ورعاية أفرادها، وبيان العوامل والأسس التي تحافظ على استقرارها
واستمرارها؛ حتى قال الله (جل وعلا) في الزوجين (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ
لِبَاسٌ لَّهُنَّ) (البقرة187) وإن هذا من أبلغ الوصف لحقيقة الرابطة الزوجية,
فاللباس من صفته أنه يقي صاحبه المكروه من برد وحر, كما يستره عن أعين الناس. كما
قال الله (جل وعلا)، داعيا إلى تنمية الود والحب بين الزوجين ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ
أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ
بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الروم21) وما زال الإسلام يؤكد على مكانة الأسرة ووجوب الحفاظ
علي العقد الذي جمع بين الزوجين حتى وصفه بالميثاق الغليظ، فقال الله تعالى
(وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ
قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا
مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ
وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ) (النساء20، 21) .
لقد أكد الإسلام على حسن العشرة بين
الزوجين، فعماد الحياة الأسرية المودة والرحمة والحب والألفة والتسامح، قال تعالى
(وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْـمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ
شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّـهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) (النساء19) ويقول النبي (صلى
الله عليه وسلم) "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا" (رواه البخاري)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) , قال" خيْرُكُمْ
خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِى" (رواه ابن ماجه) ولم يقف
الإسلام في توجيه الرجل إلى حسن العشرة فحسب رعاية للأسرة وحماية لها، بل حث
المرأة على مثل ذلك فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " لَا يَصْلُحُ
لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ، وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ،
لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ
عَلَيْهَا" (رواه احمد) وقال أيضا "أَيُّما امرأَةٍ ماتَتْ وزوْجُهَا
عَنْهَا راضٍ دخَلَتِ الجَنَّةَ" (رواه الترمذي) ، وقال أيضا: "أَلَا أُخْبِرُكَ
بِخَيْرِ مَا يَكْنِزُ الْمَرْءُ؟ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا
سَرَّتْهُ، وَإِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ"
(رواه أبو داود)
وإن من أجل عوامل الحفاظ على هذا
الميثاق الغليظ، وتحقيق معاني المودة والرحمة وحسن العشرة:
- معرفة كل منهما طبيعة الآخر، أي أن
يدرس كلا من الزوجين طباع الآخر، وما يحب وما يكره، وما يسعده ويحزنه...الخ،
فعندما جاء الوحي إلى النبي (صلى الله
عليه وسلم) في غار حراء، رجع النبي إلى السيدة خديجة (رضي الله عنها) وفؤاده يرجف
وحكي لها ما حدث، فانظر ماذا قالت؛ قَالَتْ "وَاللهِ لَنْ يُخْزِيكَ اللهُ
أَبَداً، إِنَّكَ لِتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحَمِلُ الكَلَّ، وتُعِينُ عَلَى
نَوائِبِ الدَّهْرِ"، فقد ذكرت رضي الله عنها صفات زوجها، وميزاته وهذا يعني
أنها كانت ترقب زوجها، وتعلم طباعه جيدا، فقد عددت ما فيه من أمور لا يطلع عليها
إلا من عاشر الإنسان وعرفه معرفة تامة، وتدبر قول النبي (صلى الله عليه وسلم) لأم المؤمنين
عائشة (رضي الله عنها) " إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً وَإِذَا
كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ:
أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ،
وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ، قَالَتْ: قُلْتُ:
أَجَلْ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ" (رواه البخاري)
ومما يدخل في معرفة كل طرف للآخر:
معرفة الرجل لطبيعة المرأة وتكوينها العاطفي، إذ يعتريها أمورا خاصة تغير من
مزاجها النفسي والعصبي، ولذا نبه الاسلام إلى هذه الأعذار لتكون راسخة في أذهان
الرجال، فرفع الله (عز وجل) عن النساء الصوم والصلاة عند المحيض والنفاس، رحمة بها
ومراعاة لحالها وتخفيفا عنها في هذه الأوقات، فما بال بعض الأزواج يتغافلون؟!
- أن ينفق الرجل على بيته فقد قال
تعالى ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ
فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ) (الطلاق7) ويقول جل وعلا (وَعَلَى
الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) (البقرة233 ) وعَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ)" دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدِينَارٌ
أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ
وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ
عَلَى أَهْلِكَ" (رواه مسلم ) وعنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ (رضي الله
عنه) " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ لَهُ وَإِنَّك لَنْ
تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلَّا أُجِرْت عَلَيْهَا حَتَّى
مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِك "(متفق عليه)، وفي مقابل ذلك: يقول صلى الله عليه وسلم:
" كَفي بِالمرْءِ إِثْماً أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يقُوتُ" (رواه أبو داود)
- أن يحفظ كل من الزوجين سر الآخر,
فعَنْ أبى
سعيد الخدري, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) :إِنَّ مِنْ
أَعْظَمِ الأَمَانَةِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِى إِلَى
امْرَأَتِهِ وَتُفْضِى إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا" وعنه أيضا أن النبي
(صلى الله عليه وسلم) قال: "إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ
مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي
إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا" (رواه مسلم)
- ولاشك أن من حسن العشرة، بل ومن
عوامل الحفاظ على الميثاق الغليظ، التشاور بين الزوجين إذ يشيع روح المحبة والمودة
والتفاهم، ويبعث الثقة والطمأنينة في النفس، كما يشعر كل طرف أن الآخر يحترم عقله
ويقدره، والتشاور بين الزوجين مبدأ إسلامي أصيل هدفه الوصول إلي الرضا النفسي
والشعور بالاستقرار، كما انه مدخل للتفاهم وتجديد الحب، والعون على تخطى المشكلات،
واستمرار الحياة الزوجية، أما غيابه فهو باب لضياع الحب والتفاهم، كما أن غيابه
يؤدى إلى كثرة الخلافات والصدامات، وفقدان الثقة بين الطرفين، ولقد قال تعالى
(فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍۢ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍۢ فَلَا جُنَاحَ
عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوٓاْ أَوْلَٰدَكُمْ فَلَا جُنَاحَ
عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ ءَاتَيْتُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ
وَٱعْلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) البقرة233) فإذا كان القرآن
الكريم يذكر التراضي والتشاور بين الزوجين في أمور إرضاع الأطفال وفطامهم فما
بالنا بما هو أعظم من ذلك في شئون الحياة وأكثر دواماً وأجدر؟ و لعل الجميع يعلم ما كان من النبي (صلى
الله عليه وسلم) يوم صلح الحديبية إذ شاور السيدة أم سلمة (رضي الله عنها) ورضي رأيها.
- الصبر على الهفوات والتسامح والتغاضي
عن الزلات؛ فلا بجدر بنا أن ننسى هذا المعيار المهم عند وقوع اختلاف بين زوجين،
وهو معيار تذكر الفضل، فهو أساس في التعامل بين الزوجين قال تعالى (وَلا تَنْسَوُا
الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) (البقرة237) ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "لا
يفرِك مؤمنٌ مؤمنةً، إن كره منها خُلُقاً رضيَ منها آخر" وتدبر معي ما جاء عن
النعمان بن بشير (رضي الله عنه) قال: جَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى النَّبِيِّ
(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَسَمِعَ عَائِشَةَ وَهِيَ رَافِعَةٌ صَوْتَهَا
عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ،
فَقَالَ: يَا ابْنَةَ أُمِّ رُومَانَ وَتَنَاوَلَهَا أَتَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى
رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ: فَحَالَ النَّبِيُّ
(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ
أَبُو بَكْرٍ جَعَلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ لَهَا
يَتَرَضَّاهَا: "أَلَا تَرَيْنَ أَنِّي قَدْ حُلْتُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَكِ"
قَالَ: ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ يُضَاحِكُهَا،
قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْرِكَانِي
فِي سِلْمِكُمَا كَمَا أَشْرَكْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا" (رواه أحمد)
- الشعور بعظم المسئولية الزوجية، فقد قال
النبي (صلى الله عليه وسلم) " إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ،
حَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ، حَتَّى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ"
ومن ذلك: المشاركة في تربية الابناء؛
فعلى الزوجين المسئولية الكبرى في تحقيق التربية الصحيحة للأبناء، والحفاظ على
فكرهم بعيدا عن التطرف والغلو والتشدد منذ الصغر، فهم أجيال المستقبل، ولقد قال
النبي (صلى الله عليه وسلم)" وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ،
وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا
وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤولَةٌ عَنْهُمْ" ولعل من ذلك تحقيق معاني الصحبة
الطيبة للأبناء فصحبة الأبناء من أهم الدعائم والركائز الأساسية للأسرة الناجحة، فالكثير
من الآباء يفتقدون دور الصديق للأبناء، مع أن الصحبة المبنية على أُسس التفاهم
والصراحة والحب والاحترام والمودة، طريق مثالي للتربية الحسنة والتنشأة الطيبة،
لما لهذه الصحبة من تأثير ايجابي على سلوكيات الأبناء، والتعرف عليهم عن قرب
وتوجيههم إلى الطريق الصحيح؛ فعادة ما يحتاج الابن إلى من يأخذ منه المشورة، وفى
ظل غياب دور الصداقة من الوالدين يلجأ إلى غير والديه؛ ربما ليس لحسن خلق من يلجأ
إليه فربما كان مذموم الطباع، لكن لأن هذا الصديق لديه من الوقت ما يسمح بسماع
الابن، أو ربما كان هذا الصديق يحسن معاملة الابن، على عكس معاملة الوالد التي
تظهر فيها معالم الشدة والترهيب على كل صغيرة وكبيرة، و لعل من ذلك كان قول النبي (صلى
الله عليه وسلم): " ما كان الرِّفْقُ في شيءٍ إلَّا زانَه ، ولا نُزِعَ من
شيءٍ إلَّا شانَه".
لقد اهتم الإسلام
اهتماما كبيرا برعاية الأسرة وحمايتها واستقرارها؛ إذ إن موقع الأسرة من المجتمع
كموقع القلب من الجسد، فالزوجين وما بينهما من وطيد العلاقة، والوالدين وما يترعرع
في أحضانهما من بنين و بنات، يمثلون حاضر المجتمع و مستقبله، ومن هنا تظهر ضرورة
الحفاظ على الميثاق الغليظ وأهمية أن يعي
كل من الزوجين الحقوق والواجبات والمسئولية التي على عاتقهما، فإن الشيطان حين
يفلح في فك روابط أسرة فهو لا يهدم بيتاً واحداً و لا يحدث شراً محدوداً، و إنما
يؤثر ذلك على المجتمع كله، لذلك كان أحب الأعمال إلى الشيطان هو هدم البيوت، فعن
جَابِرِ بن عبد الله (رضي الله عنهما) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)" إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى
الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ
فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا
صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ
حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ
وَيَقُولُ نِعْمَ أَنْتَ" (رواه مسلم) .
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة
أعين وأجعلنا للمتقين إماما
واحفظ مصر من كل مكروه وسوء
=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
ماجستير في الدراسات الإسلامية
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة pdf جوجل درايف ---- اضغط هنا