خطبة بعنــــوان:
أحوال الفـــرج والشــــدة
للشيخ/
محمد حســــــن داود
7 ربيع ثان 1443هـ - 12 نوفمبر2021م
العناصــــــر: مقدمة
:
- الدنيا لا تستقيم لأحد على حال، وفي كل خير.
- الفرج بعد الشدة، صور ونماذج.
- مفاتيح الفرج .
- رسالة إلى كل مبتلى.
الموضوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه
العزيز: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ
يُسْرًا ) (الشرح 5، 6)، ويقول سبحانه (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا)
(الطلاق 7). وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل
في حديثه الشريف: "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ
وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ
خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" (رواه
مسلم)، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،
وبعد:
فإن الدنيا متغيرة الأحوال، لا تستقيم
لأحد على حال؛ ضيق وفرج، فرح وحزن، شغل وفراغ، فقر وغنى، عافية وبلاء، صحة ومرض، وفي كل خير؛ فَعَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ):" عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ
ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا
لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" (رواه مسلم)؛
وإن المتدبر لآيات القرآن الكريم وسنة سيد
المرسلين وقصص السابقين، ليجد جليا أن الشدة لا تدوم، بل يعقبها فرج ويسر، فرح
وسرور، قال تعالى: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا
) (الشرح 5، 6)، ويقول سبحانه (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ) (الطلاق
7). ويقول النبي (صلى
الله عليه وسلم): "وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا"(رواه أحمد)
وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتـــى
*** ذَرعاً وَعِندَ اللَهِ مِنها المَخرَجُ
ضاقَت
فَلَمّا اِستَحكَمَت حَلَقاتُها *** فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفـرَجُ
فيا من داهمته الأحزان، وبات وهو سهران،
وأصبح في أمره حيران، يا من اضناه الهم، وأبكاه الكرب، أنسيت من بيده الخير والضر،
وهو سبحانه القائل (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ
وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)
(النمل 62) ولله در القائل:
يا صاحبَ الهمِّ إنَّ الهمَّ مُنْفَرِجٌ
*** أَبْشِرْ بخيرٍ فــــــإنَّ الفارجَ اللهُ
اليـــأسُ يَقْطَعُ أحيانًا بصاحِبِهِ *** لا تَيْئَسَنَّ فــــــــــإنَّ الكافيَ
اللهُ
اللهُ يُحْدِثُ بعـــدَ العُسرِ مَيْسَرَةً *** لا تَجْزَعَنَّ فـــــــإنَّ القاسمَ
اللهُ
إذا بُلِيتَ فثقْ باللهِ، وارْضَ بهِ *** إنَّ الذي يَكْشِفُ البَلْوَى هو اللهُ
واللهِ مَا لَـــكَ غيرُ اللهِ مِن أحدٍ *** فحَسْبُك اللهُ في كــــــــلٍّ لكَ اللهُ
فكم مر بالخليل إبراهيم (عليه السلام) من
عسر، إذ تُشْعل النار ليلقى فيها حيا؛ فكان اليسر والفرج في لحظات إلقائه؛ قال تعالى
( قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا
يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ) (الأنبياء:68، 69)، وهذا يعقوب (عليه الصلاة والسلام), يفارقه أحب أولاده
إليه, ثم يتبعه ابنه الثاني بعد سنين, ثم تبيض عيناه من كثرة البكاء لفقدهما، شدة
بعد شدة، لكن الكرب لا يدوم، فكان الفرح أن جمعه الله بولديه ورد إليه بصره، قال
تعالى (فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (يوسف
96)، وهذا يوسف (عليه السلام), أُلقي في غيابة الجب, وبيع بثمن بخس دراهم معدودة, ثم
لاقى في حياته شدة بعد شدة وكرب بعد كرب, لكن كانت العاقبة (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ
فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ
وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (يوسف 21) وهذا يونس (عليه السلام) من السفينة
بين الناس، إلى بحر متلاطم الأمواج, فالتقمه الحوت, فإذا هو في ظلمات ثلاث (فَنَادَى
فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)
(الأنبياء 87), فكان الفرج والسرور، إذ يقول الله تعالى (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ
مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) (الأنبياء 88) وهذا
أيوب (عليه السلام) يمكث في المرض سنين حتى اشتد كربه وعظم عسره، فكان اليسر من الله
تعالى متتابعا بعافية وأهل ومال؛ قال تعالى (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ
مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا
وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) (الأنبياء:84) وهذا زكريا (عليه السلام), طال عيشه ولم يرزق بالولد,
كبر سنه, ورَقَّ عظمه, وهَزُل لحمه, واشتعل رأسه شيبًا, لكنه ما ترك الدعاء
والتضرع, (قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ
الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ
أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا
وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) (آل عمران 38)
إن الناظر في كتاب الله (عز وجل) وسنة
رسوله (صلى الله عليه وسلم) يجد أن الله قد جعل الله لنا الكثير من الأسباب التي تعد
مفاتيحا وأبوابا للفرج ، منها:
- حسن الظن بالله؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ (جَلَّ وَعَلا) يَقُولُ:
أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ"
(رواه ابن حبان) فالمؤمن دائما يحسن الظن بالله، إذا سعى أحسن الظن بالله أن يرزقه
الحلال؛ قال تعالى (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا
وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ )(هود6) وإذا
ضاق به أمر أحسن الظن بالله أن يدبر له وأن يفرج عنه، وإذا دعاه أحسن الظن بالله أن
يستجيب له، وإذا أذنب ذنبا فتاب وندم أحسن الظن بالله أن يقبل توبته، قال تعالى (قُلْ
يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ
اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
)(الزمر53) وإذا مرض أحسن
الظن بالله أن يرزقه الأجر والعافية قال تعالى(الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ
* وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ )
(الشعراء78-80) حتى في آخر لحظاته في الدنيا لا ينبغي للمؤمن إلا أن يحسن الظن بالله،
فعن جابر (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبل وفاته بثلاث
يقول" لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ"
(رواه مسلم).
إلهي أنتَ ذو فَضلٍ ومَـنِّ *** وإني ذو خطايا فاعف عني
وظني
فيكَ يا ربي جميلٌ *** فحقق يا إلهي حُسنَ ظنــــي
- تحقيق معاني تقوى الله (عز وجل) فهي
باب النجاة ومِفتاح التَّيسيرِ وطريق السعادة والرزق الوفير والأجر الجزيل؛ قال تعالى
(وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ
وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (الزمر61)، ويقول سبحانه ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل
لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) (الطلاق 2، 3)
- التوكل على الله والأخذ بالأسباب؛ قال
تعالى (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ
قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (الطلاق 3)
- تحقيق معاني الصبر جميعها؛ فقد قال تعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ
مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة153).
- الإكثار من العمل الصالح على وجه
العموم، وفعل المعروف والإكثار من الصدقة على وجه الخصوص؛ فقد قال تعالى (مَنْ عَمِلَ
صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (النحل97)، وعن أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي
مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ
تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ" (رواه الطبراني في الكبير) ولقد علمتم أمر أصحاب الغار،
وكيف كانت أعمالهم الصالحة مفتاح يسر وفرج.
- الإكثار من الدعاء؛ فالله قريب ممن دعاه؛
قال تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ
إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)
(البقرة186)، ويقول سبحانه (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الشَّاكِرِينَ) (الأنعام63) وما أعظم هذه الوصية الغالية من النبي (صلى الله عليه
وسلم) لمن أراد أن يحفظه الله في الشدائد والمحن، ويدفع عنه ما يكره من الرزايا والنقم،
إذ يقول لسيدنا عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما): "احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ،
احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ
فِي الشِّدَّةِ.."(مستدرك الحاكم) تعرف إلى الله بالطاعات والعبادات وصالح
الأعمال في الرخاء، يعرفك بالفرج والتيسير والعون وقت الشدة؛ تعرف إلى الله (عز
وجل) بالدعاء وقت الرخاء، يجيبك إن تدعوه وقت الشدة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):
"مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالْكَرْبِ
فَلْيُكْثِرِ الدُّعَاءَ فِي الرَّخَاءِ " (رواه الترمذي)
- الإكثار من الاستغفار؛ فقد قال تعالى
على لسان سيدنا نوح (عليه السلام ) (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ
غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ
وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً) (نوح 10 –
12)
- الإكثار من الصلاة على سيدنا رسول الله
( صلى الله عليه وسلم) فعن أُبى بن كعب (رضى الله عنه) قال" قُلْتُ يَا رَسُولَ
اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي فَقَالَ
مَا شِئْتَ قَالَ قُلْتُ الرُّبُعَ قَالَ مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ
قُلْتُ النِّصْفَ قَالَ مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قَالَ قُلْتُ
فَالثُّلُثَيْنِ قَالَ مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قُلْتُ أَجْعَلُ
لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا قَالَ إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ "
(رواه الترمذي وقال حسن صحيح) وفي رواية عند الإمام أحمد: " قَالَ رَجُلٌ يَا
رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جَعَلْتُ صَلَاتِي كُلَّهَا عَلَيْكَ قَالَ إِذَنْ
يَكْفِيَكَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَا أَهَمَّكَ مِنْ دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ
" .
إنّ الصلاة على النّبي وسيلة *** فيها النّجاة
لكلِّ عبدٍ مُسْلِـمِ
صلّوا على القمر المُنير فإنّه *** نورٌ تبدّا في الغمام المُظلِمِ
اعلم أن كل الناس مبتلى بالخير والشر، بالعسر
واليسر، بالسراء والضراء، فقد قال الله تعالى (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ
فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)(الأنبياء 35)، ولا يمكن لنا نحن كبشر أن ندرك الحكمة
من تنوع هذا الابتلاء للعباد، فقد يرى الإنسان الخير في صورة شر، أو يرى الشر في صورة
خير، والله تعالى يعلم وأنتم لا تعلمون، ولا يظن ظان أن الابتلاء في النفس أو
الولد أو المال -أو غير ذلك- بما لا يحبه الإنسان، علامة غضب من الله (جل وعلا)، فعَنْ
أبي هريرة، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "مَنْ
يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ" (رواه مسلم)، وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
(رَضِيَ الله عَنْهُ)، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهُ
قَالَ: "إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا
أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ
السَّخَطُ" (رواه الترمذي وابن ماجة)، ومن ثم فاللبيب الفطن هو من إذا ابتلى
لم يسخط أو يقنط بل يصبر ويرضي ويأخذ بمفاتيح الفرج، قال تعالى (وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ
بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ
يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (يونس
107)
افزع إلى الله واقرع بابَ رحمتهِ *** فهو
الرجاءُ لمن أعيت بهِ السُبلُ
وإن أصابكَ عُسْرٌ فانتظرْ فرجًــا *** فالعسرُ باليسرِ مقرونٌ ومتصــلُ
اللهم فرج همومنا ويسر أمورنا
واحفظ مصر من كل مكروه وسوء
=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
ماجستير في الدراسات الإسلامية
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة pdf جوجل درايف ---- اضغط هنا