recent
آخر المشاركات

خطبة الجمعة القادمة: كيف نستقبل الشهر الكريم - للشيخ / محمد حســـــــــــن داود (29 شعبان 1443هـ - 1 أبريل 2022م)

 

خطبة بعنـــــوان:
كيف نستقبل الشهر الكريم
للشيخ / محمد حســـــــــــن داود
29 شعبان 1443هـ - 1 أبريل 2022م


العناصــــــر:      مقدمة :
- رمضان شهر الرحمات والخيرات والبركات.
- يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر.
- حسن استقبال شهر رمضان، وصور لاستقباله.
- دعوة إلى اغتنام أيام الشهر الكريم.

الموضـوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة 185) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَاب، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَاب، وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ "(رواه الترمذي) اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد

فمن فضل الله (جل وعلا) أن جعل لنا مواسم للطاعات، مواسم للخيرات، تحمل النفحات والبركات، تتضاعف فيها الأجور، وتكثر فيها الحسنات، ترفع فيها الدرجات، وتغفر فيها السيئات، ولا شك أن من أعظمها شرفا، وارفعها قدرا وأكثرها فضلا: "شهر رمضان"، شهر المرابح، كرمه زاهر، وفضله ظاهر، بالخيرات زاخر، زين الشهور، وبدر البدور، درة الخاشعين، وحبيب العابدين، وأنيس الذاكرين، وفرصة التائبين إلى رب العالمين.

أَهْلاً بِصَوْمَعَةِ الْعُبَّـــــادِ مُـذْ بَزَغَتْ *** شَمْسٌ وَمَجْمَعِ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالْقِيَــمِ
هَذِي الْمَـآذِنُ دَوَّى صَوْتُهَـــا طَرَبًا *** تِلْكَ الْجَـوَامِـعُ فِيْ أَثْوَابِ مُبْتَسِــــــمِ
نُفُوْسُ أَهْلِ التُّقَى فِيْ حُبِّكُمْ غَرِقَتْ *** وَهَزَّهَا الشَّوْقُ شَوْقُ الْمُصْلِحِ الْعَلَمِ

كم هفت إليه أرواحنا في شوق وحنين، ودعونا الله لبلوغه متضرعين، وها هو أطلت علينا روح بركاته، وعبير نسماته، فبشرى لمن أدركوه، وطوبى لمن اغتنموه، حق للمسلمين أن يفرحوا بقدومه ،ويبشرون بعضهم بعضا بمجيئه، ويتزينوا بالأعمال الصالحة فور وصوله، فهو شهر تكثر فيه أبواب الطاعات والعبادات، وتفتح فيه أبواب الرحمات والخيرات والبركات، عن أبي هُرَيْرَةَ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ هُوَ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، إِذَا كَانَ يَوْمُ صِيَامِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَرِحَ بِصَوْمِهِ " وعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أيضا، قَالَ: لَمَّا حَضَرَ رَمَضَانُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): " قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا، فَقَدْ حُرِمَ " (رواه أحمد). وقال صلى الله عليه وسلم: " إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَاب، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَاب، وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ " (رواه الترمذي ).

فيا باغي الخير أقبل، هذا نسيم القبول هب، هذا سيل الخير صب، هذا باب الخير مفتوح لمن أحب.

يا باغي الخير أقبل، فأنت على عتبات شهر الصيام،قال تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(البقرة183) ويقول صلى الله عليه وسلم"مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

أقبل، فأنت على عتبات شهر القرآن، وقد قال تعالى (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ) (البقرة 185)، وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: "الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ "، قَالَ: " فَيُشَفَّعَانِ " (رواه أحمد)

 أقبل، فأنت على عتبات شهر القيام، وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ "(رواه البخاري ومسلم).

أقبل، فأنت على عتبات شهر الدعاء، وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) "ثلاثُ دَعواتٍ لا تُرَدُّ: دعوةُ الوالِدِ لِولدِهِ، ودعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المسافِرِ".

أقبل، فأنت على عتبات شهر العتق من النار، وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ"( رواه أحمد وابن ماجه)

ويا باغي الشر أقصر، فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ" (رواه الترمذي).

إن شهر رمضان هبة ربانية، وفرصة إيمانية، تري الصحابة (رضي الله عنهم) يستقبلونه وهم مشحوذة هممهم، متوقدة عزائمهم، مهيأة نفوسهم، إذ انطلقوا في مضمار خيراته يتسابقون، وفي نيل بركاته يتنافسون، استغفارا وذكرا، صلاة وشكرا، راجين رحمة الله، قارعين أبواب طاعته ومغفرته، وسيرا على هدي نبينا (صلى الله عليه وسلم) فعن أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها): "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَجْتَهِدُ فِي رَمضانَ مَالا يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ" (رواه مسلم).

- ومن ثم؛ فإن من حسن استقبال هذا الشهر: استقباله بالطاعات والعبادات، فهو ساحة للمسارعة إلى الخيرات، والتنافس في الطاعات، والمسابقة إلى رضا الله (سبحانه وتعالى)، ولقد  قال الله (جل وعلا): (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) (آل عمران133) ويقول رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) نَفَحَاتٌ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ"، ويقول الحسن البصري (رحمه الله): "إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه، يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا".

وليس معنى هذا ان نترك فيه الكسب والسعي، فهو شهر عمل مع العبادة وطاعة مع السعي، إذ إن الإسلام دين يدعو الناس ويحثهم على عمارة دنياهم وأخراهم على السواء، يدعو إلى التوزان بين ما ينفع الناس في معاشهم ومعادهم، فإغفال أحدهما بُعد عن التوازن وشرود، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (الجمعة 9- 10) فكان سيدنا عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ انْصَرَفَ فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَجَبْتُ دَعْوَتَكَ وَصَلَّيْتُ فَرِيضَتَكَ، وَانْتَشَرْتُ كَمَا أَمَرْتَنِي، فَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ". ولقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يسأل ربه أن يعمر دنياه وأخراه، فما أكثر ما كان يدعو بهذا الدعاء القرآني الكريم: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (البقرة1-2)، وكان من دعائه أيضا: "وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي" (رواه مسلم).

- كذلك من حسن استقبال شهر رمضان أن نجدد التوبة إلى الله (جل وعلا)، وقد قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (التحريم8) فمن فضل الله تعالى، وكرمه ،ورحمته ،وعفوه، انه سبحانه يقبل التوبة عن عباده، إذ يقول: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر53)، ويقول: (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ) (التوبة 104)، بل يبسط يده بالعفو، بالمغفرة، بقبول التوبة، ليتوب إليه من أساء ؛فعَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا" (رواه مسلم) بل يفرح بتوبة عبده إليه؛ فعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "كَيْفَ تَقُولُونَ بِفَرَحِ رَجُلٍ انْفَلَتَتْ مِنْهُ رَاحِلَتُهُ تَجُرُّ زِمَامَهَا بِأَرْضٍ قَفْرٍ لَيْسَ بِهَا طَعَامٌ وَلَا شَرَابٌ؟ وَعَلَيْهَا لَهُ طَعَامٌ وَشَرَابٌ، فَطَلَبَهَا حَتَّى شَقَّ عَلَيْهِ ثُمَّ مَرَّتْ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ، فَتَعَلَّقَ زِمَامُهَا فَوَجَدَهَا مُتَعَلِّقَةً بِهِ؟"، قُلْنَا: شَدِيدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "أَمَا وَاللَّهِ لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنَ الرَّجُلِ بِرَاحِلَتِهِ"( رواه مسلم)، وها هو إمام التائبين وسيد المستغفرين صلى الله عليه وسلم، يقول كما في "صحيح مسلم": "يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، تُوبُوا إِلَى اللَّهِ ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّة". وعَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: "إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ "(رواه أبو داود) فإذا كان المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يستغفر الله (سبحانه وتعالى) ويتوب إليه ويناجيه، أفلا نستغفر آناء الليل وأطراف النهار، لعلنا نكون من أهل الفلاح، وقد قال الله (جل وعلا): (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور31).

إِلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّـــــــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَـــــــــــــد كانَ مِنّي
وَما لي حيلَةٌ إِلّا رَجائــــي *** وَعَفوُكَ إِن عَفَوتَ وَحُسنُ ظَنّي
فَكَم مِن زِلَّةٍ لي في البَرايا *** وَأَنتَ عَلَيَّ ذو فَضـــــــــلٍ وَمَنِّ
إِذا فَكَّرتُ فـي نَدَمي عَلَيها *** عَضَضتُ أَنامِلي وَقَرَعتُ سِنّي
يَظُنُّ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ النـــاسِ إِن لَم تَعفُ عَنّي

- كذلك من حسن استقبال هذا الشهر: استقباله بالتكافل والتراحم، فقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) أجود الناس وكان أجود ما يكون في هذا الشهر، فالواجب علينا أن نقتدي برسولنا الكريم في كل أعماله ولا سيما في الجود والإنفاق، خاصة في شهر الجود والكرم.

هذا شهر رمضان قد أظلكم فاعرفوا حقه، فهو منحة من رب العالمين لعباده، فأروا الله من أنفسكم خيرا، فقد فاز وربح من اغتنمه بالعبادات والطاعات، فعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ،(رضي الله عنه) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "احْضَرُوا الْمِنْبَرَ" فَحَضَرْنَا فَلَمَّا ارْتَقَى دَرَجَةً قَالَ: "آمِينَ"، فَلَمَّا ارْتَقَى الدَّرَجَةَ الثَّانِيَةَ قَالَ: "آمِينَ" فَلَمَّا ارْتَقَى الدَّرَجَةَ الثَّالِثَةَ قَالَ: "آمِينَ"، فَلَمَّا نَزَلَ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْنَا مِنْكَ الْيَوْمَ شَيْئًا مَا كُنَّا نَسْمَعُهُ قَالَ: "إِنَّ جِبْرِيلَ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ): عَرَضَ لِي فَقَالَ: بُعْدًا لِمَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يَغْفَرْ لَهُ قُلْتُ: آمِينَ، فَلَمَّا رَقِيتُ الثَّانِيَةَ قَالَ: بُعْدًا لِمَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ قُلْتُ: آمِينَ، فَلَمَّا رَقِيتُ الثَّالِثَةَ قَالَ: بُعْدًا لِمَنْ أَدْرَكَ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ عِنْدَهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ قُلْتُ: آمِينَ " (رواه الحاكم في المستدرك).

وَافَاكَ ضَيْفًا فَالتَزِمْ تَعْظِيمَهُ *** وَاجْعَلْ قِرَاهُ قِرَاءَةَ القُـــــــرْآنِ
صُمْهُ وَصُنْهُ وَاغْتَنِمْ أَيَّامَهُ *** وَاجْبُرْ ذَمَا الضُّعَفَاءِ بِالإِحْسَانِ
للَه قوم أخلصوا فخلّصـــوا
*** من آفة الخســـــران والخذلان

نسأل الله أن يبارك لنا في شعبان، وان نكون من أهل المغفرة والعتق من النار في رمضان، وان يتقبل منا صالح الأعمال، وأن يحفظ مصر من كل مكروه وسوء.

=== كتبه ===
محمد حســــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
ماجستير في الدراسات الإسلامية

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر      -----        اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر (نسخة أخرى)  اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf   رابط مباشر     -----         اضغط هنا 


لتحميــل الخطبة  word   جوجل درايف    -----        اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word جوجل درايف (نسخة أخرى)  اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf    جوجل درايف     ----         اضغط هنا
google-playkhamsatmostaqltradent