recent
آخر المشاركات

خطبة بعنــــوان: الحمد في القرآن والسنة - للشيخ / محمد حســــن داود (17 محرم 1445هـ - 4 أغسطس 2023م)

 

خطبة بعنــــوان:
الحمد في القرآن والسنة
للشيخ / محمد حســــن داود
(17 محرم 1445هـ - 4 أغسطس 2023م)



العناصــــــر:      مقدمة
- مكانة الحمد ودعوة القرآن والسنة إليه.
- الحمد في حياة الأنبياء (عليهم الصلاة والسلام).
- فضل الحمد وأثره على العبد.
- دعوة إلى ملازمة الحمد في السراء والضراء

الموضوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: ( هُوَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ) (القصص 70)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "إِنَّ أفْضَلَ عِبادِ اللَّهِ يَوْمَ القيَامَةِ الحَمَّادُونَ" (رواه الطبراني في الكبير)، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد

فإنَّ الله (سبحانه وتعالى) هو المستحق للحمد على الإطلاق؛ كما قال سبحانه عن نفسه: ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الفاتحة 2) فقد تكررت هذه الآية "بلفظها" في ستة مواضع من القرآن الكريم، وتكررت كلمة "الحمد لله" في القرآن في ثلاثة وعشرين موضعا، افتتح الله تعالى بها خمس سور، وهي: سورة الفاتحة، قال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، وسورة الأنعام، قال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) وسورة الكهف، قال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا)، وسورة سبأ، قال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) وسورة فاطر، قال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۚ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، كما اختتم بها أيضا أربع سور من كتابه العزيز، وهي: سورة الصافات، قال تعالى: (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وسورة الإسراء، قال تعالى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا)، وسورة الزمر، قال تعالى: (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، وسورة النمل، قال تعالى (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).

فهو سبحانه له جميع المحامد كلها، وليس ذلك لأحد إلا له، لا نحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه، فمن أسمائه الحسنى "الحميد"، وقد ذكر هذا الاسم في أكثرَ من خمسةَ عشَر موضعًا من القرآن، منها قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (فاطر15).

والحمد من أعظم ما مدح الله (عز وجل) به نفسه، قال تعالى: ( لَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ) (الروم 18).

وهو أحب الكلام إلى الله، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(: "أَلا أُخْبِرُكَ بِأَحَبِّ الْكَلامِ إِلَى اللَّهِ ؟ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِأَحَبِّ الْكَلامِ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ: إِنَّ أَحَبَّ الْكَلامِ إِلَى اللَّهِ: "سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ "، وعَنْ أَبِي ذَرٍّ أيضا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) سُئِلَ : أَيُّ الْكَلامِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : "مَا اصْطَفَى اللَّهُ لِمَلائِكَتِهِ أَوْ لِعِبَادِهِ : سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ" (رواهما مسلم)، وروى الإمام أحمد في مسنده، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ أُنْشِدُكَ مَحَامِدَ حَمِدْتُ بِهَا رَبِّى تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ " أَمَا إِنَّ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ الْحَمْدَ".

والحمد أفضل الدعاء كما أن لا إله إلا الله أفضل الثناء، فقد قال صلى اللهُ عليه وسلم: "أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ "(رواه الترمذي).

والحمد لله : هي أول كلمة نطق بها آدم (عليه السلام) : فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ بِإِذْنِهِ، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا آدَمُ، اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ الْمَلائِكَةِ، إِلَى مَلإٍ مِنْهُمْ جُلُوسٍ، فَقُلْ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ ، قَالُوا : وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ بَنِيكَ بَيْنَهُمْ" (رواه الترمذي).

ولقد ملأ الحمد حياة الأنبياء (عليهم الصلاة والسلام)، فقد قال تعالى لنوح (عليه السلام) (فإذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (المؤمنون 28)، وعن إبراهيم (عليه السلام)، قال: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ) (إبراهيم 39)، وعن داود وسليمان (عليهما السلام)، قال: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ۖ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) ( النمل 15) ولسيد ولد آدم (صلى اللهُ عليه وسلم) قال: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ) (الإسراء 111)، وقال ( قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ) (النمل 59) .

ولقد كان النبي (صلى اللهُ عليه وسلم) يحمد الله (عز وجل) في كل أحواله، وعلى كل أحيانه؛ حتى إذا أوى إلى فراشه قالَ: "الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وَكَفَانَا وَآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لا كَافِيَ له وَلَا مُؤْوِيَ" (رواه مسلم)، وإذَا أصْبَحَ قَالَ: "الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أحْيَانَا بَعْدَ ما أمَاتَنَا، وإلَيْهِ النُّشُورُ" (رواه البخاري) وإذا استجدَ ثوبًا ليلبسه: سمَّاهُ باسمِهِ، عِمامةً، أو قميصًا، أو رِداءً، ثمَّ يقولُ: "اللَّهمَّ لَكَ الحمدُ أنتَ كسوتَنيهِ، أسألُكَ خيرَه، وخيرَ ما صُنعَ لَه، وأعوذُ بِكَ من شرِّه، وشرِّ ما صُنِعَ لَهُ"، وكذلك إذا عطس أو ركب دابته أو طعم أو شرب، فكان يحمد الله في كل وقت ومكان، فهو صلى اللهُ عليه وسلم إمام الحمادين ، وبيده لواء الحمد يوم القيامة؛ إذ يقول: " أنا سيِّدُ ولدِ آدمَ يومَ القيامةِ ولا فخرَ، وبيدي لِواءُ الحمدِ ولا فخرَ، وما مِن نبيٍّ يَومئذٍ آدمَ فمَن سِواهُ إلَّا تحتَ لِوائي".

أمَّا الملائكة، فقد قال جل وعلا عنهم: (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الزمر 75)، وقال:(وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) (الشورى5)، وقال: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ) ( غافر 7).

كما أن أهل الجنة يقولون فيها:(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) (فاطر 34) ويقولون: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاَ أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ) (الأعراف 43)، وآخر دعواهم كما قال تعالى: ( وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) (يونس 10).

إن الحمد لله نعمة في حق العبد، فمن وفق للحمد فقد وفق لأعظم النعم، إذ يقول النبي (صلى اللهُ عليه وسلم): "مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي أَعْطَاهُ أَفْضَلَ مِمَّا أَخَذَ"، فالحمد فضائله كثيرة لا تحصى، وثماره وآثاره على الحمادين لا تعد ولا تستقصَى، وثوابه عند الله (جلَّ وعلا) جزيل، ومن ذلك:

- أنه أفضل ما يأتي به العبد يوم القيامة: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : " مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي : سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ" (رواه مسلم).

- تُفتح لها أبواب السماء: فعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ : اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَنْ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : عَجِبْتُ لَهَا فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ " قَالَ ابْنُ عُمَرَ: "فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ ذَلِكَ" (رواه مسلم).

- والحمد لله تملأ الميزانَ، فعن أبي مالكٍ الأشعري (رضي الله عنه) أن النبي (صلى اللهُ عليه وسلم) قال : "الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ" (رواه مسلم)

والحمادون ون أفضل عباد الله يوم القيامة، كما قال صلى اللهُ عليه وسلم: "إِنَّ أفْضَلَ عِبادِ اللَّهِ يَوْمَ القيَامَةِ الحَمَّادُونَ" (رواه الطبراني في الكبير).

والحمد لله مضاعفة في الحسنات ورفعة في الدرجات، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  (صلى اللهُ عليه وسلم)  جَالِساً فِي الْحَلْقَةِ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ  (صلى اللهُ عليه وسلم) وَالْقَوْمِ، فَقَالَ الرَّجُلُ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. فَرَدَّ النَّبِيُّ (عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ) عَلَيْهِ " وَعَلَيْكُمُ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ". فَلَمَّا جَلَسَ الرَّجُلُ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا أَنْ يُحْمَدَ وَيَنْبَغِي لَهُ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ  (صلى اللهُ عليه وسلم) " كَيْفَ قُلْتَ؟ " فَرَدَّ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ. فَقَالَ النَّبِيُّ  (صلى اللهُ عليه وسلم)  "وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَدِ ابْتَدَرَهَا عَشَرَةُ أَمْلاَكٍ كُلُّهُمْ حَرِيصٌ عَلَى أَنْ يَكْتُبَهَا فَمَا دَرَوْا كَيْفَ يَكْتُبُوهَا حَتَّى يَرْفَعُوهَا إِلَى ذِي الْعِزَّةِ فَقَالَ اكْتُبُوهَا كَمَا قَالَ عَبْدِى " (رواه أحمد)، وعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ، قَالَ: " كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ "، قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: "مَنِ المُتَكَلِّمُ" قَالَ: أَنَا، قَالَ: "رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ" (رواه البخاري).

والحمد لله من أسباب المغفرة، تسقط الذنوب عن العبد كما يتساقط ورق الشجر: فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "مَا عَلَى الأَرْضِ رَجُلٌ يَقُولُ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، إِلا كُفِّرَتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ، وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ" (رواه أحمد)، وعَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَرَّ بِشَجَرَةٍ يَابِسَةِ الْوَرَقِ ، فَضَرَبَهَا بِعَصَاهُ فَتَنَاثَرَ الْوَرَقُ فَقَالَ: إِنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ ، وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، لَتُسَاقِطُ مِنْ ذُنُوبِ الْعَبْدِ كَمَا تَسَاقَطَ وَرَقُ هَذِهِ الشَّجَرَةِ ( رواه الترمذي).

وفي الجنة بيتا يسمى بيت الحمد: فعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: "إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ " (رواه الترمذي).

إن أمر المؤمن كله خير، كما قال النبي (صلى الله عليه وسَلم): "عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ؛ وإنْ أصَابتْهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ " ( رواه مسلم)، فحري بنا ملازمة الحمد في السراء والضراء، فعَنْ عَائِشَةَ (رضي الله عنها)  قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى اللهُ عليه وسلم) إِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ قَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ" (رواه ابن ماجه) وقال صلى اللهُ عليه وسلم: "أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى إِلَى الْجَنَّةِ الْحَمَّادُونَ الَّذِينَ يَحْمَدُونَ اللهَ عَلَى السَّرَّاءِ، وَالضَّرَّاءِ".

اللهم اجعلنا من أهل الحمد
واحفظ مصر من كل مكروه وسوء.

=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
باحث دكتوراه في الفقه المقارن

 لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر      -----      اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word   رابط مباشر (نسخة أخرى)  اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة     pdf   رابط مباشر     -----        اضغط هنا 


لتحميــل الخطبة  word   جوجل درايف    -----       اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة  word جوجل درايف (نسخة أخرى) اضغط هنا 

لتحميــل الخطبة    pdf    جوجل درايف     ----         اضغط هنا

 

 

google-playkhamsatmostaqltradent