خطبة بعنــــوان:
اسم الله الرحيـــــم
ودعوة للتراحـــــم
للشيخ / محمد حســــن داود
(2 صفر 1445هـ - 18 أغسطس 2023م)
- ورحمتي
وسعت كل شيء.
-
من صور رحمة الله (عز وجل) بعباده.
-
من أسباب الفوز برحمة الله (سبحانه وتعالى).
- دعوة للتراحم.
الحمد
لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ
فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم
بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ) (الأعراف 156)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف:" إنَّ
اللَّهَ كَتَبَ كِتابًا قَبْلَ أنْ يَخْلُقَ الخَلْقَ: إنَّ رَحْمَتي سَبَقَتْ
غَضَبِي، فَهو مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ" (رواه البخاري) اللهم صل
وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
فإن معرفة أسماء الله (سبحانه وتعالى) وما تتضمنه من
معان جليلة، وأسرار حكيمة من أعظم ما
يقوي الإيمان في قلب العبد؛ وقد قال ابن رجب الحنبلي: " فمن كانَ باللَّه
أعرفَ كانَ له أخشعَ"، حيث يزداد الإيمان وتزداد مراقبة الله
(سبحانه) في السر والعلن، وإن من أسماء الله (سبحانه وتعالى) "الرحمن"،
و"الرحيم" ومن صفاته" الرحمة"، قال تعالى: (قُلْ لِمَنْ مَا
فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ
لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ) (الأنعام12).
فلقد تتابعت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على بيان
سعة رحمة الله (عز وجل) قال تعالى: (فَلَوْلَا
فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (البقرة 64)،
وقال سبحانه: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ
يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ)
(الأعراف 156) وقال سبحانه: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ) (الحشر22) وقال تعالى: (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو
رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (الأنعام
147).
وعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ: "إنَّ اللَّهَ
كَتَبَ كِتابًا قَبْلَ أنْ يَخْلُقَ الخَلْقَ: إنَّ رَحْمَتي سَبَقَتْ غَضَبِي،
فَهو مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ" (رواه البخاري) وعن أَبَي
هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
يَقُولُ: "جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ
تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا وَأَنْزَلَ فِي الْأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا؛ فَمِنْ
ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا
عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ" (رواه البخاري)، وعَنْ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِسَبْيٍ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ تَبْتَغِي إِذَا
وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ، فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا
وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ): "أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي
النَّارِ؟" قُلْنَا: لَا وَاللَّهِ وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا
تَطْرَحَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "لَلَّهُ
أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا" (رواه مسلم(... وإن من صور رحمة الله (سبحانه وتعالى) بعباده:
- سعة كرمه وجوده وفضله،
وكثرة نعمه ومننه: فقد قال تعالى: (وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا
تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (النحل18) وقال سبحانه (وَمَا
بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) (النحل 53) سبحانه، شمل بخيره الناس أجمعين،
وعم بجوده العالمين قال تعالى (إِنَّ
اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) (غافر61)
- أنه لا يكلف نفسا إلا
وسعها، يريد بعباده اليسر: قال تعالى: (لاَ
يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) (البقرة 286)، وقال سبحانه: (يُرِيدُ
اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (البقرة 185)، وقال تعالى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا
عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ) (الفتح 17).
- أنه تكفّل برزق عباده
جميعا، ولم يَكِل أحدا إلى أحد، قال تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ
إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا
كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (هود 6).
- أن سَخّر لعباده ما في
السماء والأرض جميعًا منه: وذلك لقيام مصالح الحياة وانتظام المعيشة، قال تعالى:
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي
فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ
إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ)(الحج 65)
- مغفرة الذنوب وقبول
التوبة؛ قال جل وعلا: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ
أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر53) وفي الحديث
القدسي: " يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ
خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا
مَغْفِرَةً " (رواه الترمذي)
أن العبد إذا أراد
السيئة، فتركها خوفا من الله وطمعا في رحمته كتبت له حسنة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
(رضي الله عنه) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ:
"يَقُولُ اللَّهُ إِذَا أَرَادَ عَبْدِي أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَلَا
تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا
بِمِثْلِهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِي فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، وَإِذَا
أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً،
فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ
ضِعْفٍ " (رواه البخاري)
-أن تعددت مكفرات الذنوب، حتى كانت الفرائض من بينها؛ ففي
الصلاة يقول رسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): الصَّلواتُ الخَمْسُ،
والجُمُعةُ إِلى الجُمُعَةِ، كفَّارةٌ لِمَا بَيْنهُنَّ، مَا لَمْ تُغش الكبَائِرُ
رواه مسلم)، وفى صيام رمضان: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا
غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" وفى الحج: "منْ حجَّ فَلَم
يرْفُثْ، وَلَم يفْسُقْ، رجَع كَيَومِ ولَدتْهُ أُمُّهُ " (متفقٌ عَلَيْهِ)
ولعل من أجل الأسباب التي تكون بابا للفوز برحمة الله (عز وجل):
- طاعة الله (عز وجل) ورسوله (صلى اللهُ عليه
وسلم) ففيها النجاة والفوز والفلاح في الدارين، فقد قال تعالى (وَأَطِيعُوا
اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) (آل عمران 132)، وقال سبحانه
(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ ) (النور 56) وقال جل وعلا: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )
(التوبة71)
- تحقيق معاني تقوى الله (عز وجل)، قال تعالى: (وَاتَّقُوا
اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات 10) .
- اتباع القرآن الكريم والعمل به، والتخلق
بأخلاقه والإنصات لتلاوته، قال تعالى (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ
فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأنعام155)،وقال سبحانه
(وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ)(الأعراف 204).
- كثرة الاستغفار: فالاستغفار من أعظم ما استنزلت
به الخيرات واستدفعت به المكروهات، فهو باب
الخيرات والبركات، وسبب للفوز بالرحمات، قال تعالى حكاية عن نوح (عليه السلام) (
فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء
عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ
جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (نوح10-12)، وقال سبحانه (وَمَن
يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ
اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا) (النساء110).
- الدعاء بالرحمة: ففي القرآن الكريم (رَبَّنَا
لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ
رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) ( آل عمران8) (رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً
وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا )( الكهف10) ولقد كان من دعائه صلى اللهُ
عليه وسلم "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ"(رواه
ابن ماجه) ولما سمع هذا الأعرابي يدعو قائلا: " اللهم ارحمني ومحمداً ولا
ترحم معنا أحداً، قال له: "لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا" يريد رحمة الله
(رواه البخاري).ولقد كان من دعاء سيدنا عمر بن عبد العزيز (رضي الله عنه)
"اللهم إن لم أكن أهلا أن أبلغ رحمتك، فإن رحمتك أهل أن تبلغني".
- الإحسان: قال تعالى (وَأَحْسِنُوا إِنَّ
اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، أحسنوا بالمعنى العام الشامل لكل صور الإحسان
وصنوفه، أحسنوا في عبادة الله (عز وجل) بأن تعبدوه كأنكم ترونه، ولقد قال النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): " الإحسانُ
أن تعبدَ اللهَ كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يَراك" أحسنوا ببذل المال
وقضاء الحاجات وإجابة أهل السؤال، أحسنوا ببر الوالدين وصلة الأرحام، أحسنوا بحسن
الجوار، أحسنوا فلا تقولوا إلا حسنا، أحسنوا بالبعد عن كل سيئة، والمبادرة إلى كل
طاعة، فقد قال عز وجل (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)
(الأعراف 56)
- التحلي بالسماحة، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) قَالَ:
" رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا
اقْتَضَى"(رواه البخاري).
- التحلي بالصبر على اختلاف صنوفه وصوره: فقد قال
تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ
الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ
إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ
رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ
وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) ( البقرة: 155- 157).
- قيام الليل: فقد قال
سبحانه (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ
الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ
وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ) (الزمر
9).
- رحمة الخلق: فرحمة
الخلق، من قيم ديننا وأخلاق نبينا وهى إلى الغفران نهجنا والى الجنة طريقنا، فعَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو(رضي الله عنه)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ،
ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ" وعَنْ أَبِي
أُمَامَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) " مَنْ رَحِمَ وَلَوْ ذَبِيحَةَ عُصْفُورٍ
رَحِمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "
وكما أنها مفتاح قلوب الناس؛ إذ يقول الله (جل وعلا) (فَبِمَا رَحْمَةٍ
مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا
مِنْ حَوْلِكَ) (آل عمران 159) هي أيضا مفتاح لباب رحمة الله (تعالى)، فعَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ : " ارْحَمُوا
تُرْحَمُوا، وَاغْفِرُوا يَغْفِرْ اللَّهُ لَكُمْ " وقال أيضا " لَا يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمُ
النَّاسَ " (متفق عليه).
فحرى بنا أن نتراحم فيما بيننا، بكل صنوف الخير
وألوانه فالرحمة لا تنزع إلا من شقي، كما قال رسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ) "لاَ تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلاَّ مِنْ شَقِيٍّ " (رواه أبو
داود) ومن لا يرحم لا يرحم، فعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): " مَنْ لَا يَرْحَمْ
النَّاسَ، لَا يَرْحَمْهُ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ)" (رواه مسلم) وإذا كانت
بغية من بغايا بني إسرائيل، غفر لها بسبب رحمتها للحيوان، فكيف يكون أجر ومقام من
يرحم من كرمه الرحمن؛ فعن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): " بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ
يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ
فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ" (رواه البخاري) .
حري بنا أن نبذل الأسباب
التي بها نفوز برحمة العزيز الغفار، الرحيم الرحمن، فإذا فتح الله لعبده من أبواب
الرحمة نال كل خير، وأدرك كل بر، وفاز بكل سرور، فقد قال تعالى (مَا يَفْتَحِ
اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا
مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (فاطر 2) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،قَالَ: " مَا مِنْ أَحَدٍ يُدْخِلُهُ عَمَلُهُ
الْجَنَّةَ "، فَقِيلَ: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ" وَلَا
أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي رَبِّي بِرَحْمَةٍ " (رواه مسلم)
اللهم ارحمنا
في الدنيا والآخرة
واحفظ مصر من كل مكروه وسوء.
=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
باحث دكتوراه في الفقه المقارن
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة pdf جوجل درايف ---- اضغط هنا