خطبة بعنــــوان:
قضاء حوائج الناس بين الواجب والمندوب
للشيخ / محمد حســــن داود
(9 صفر 1445هـ - 25 أغسطس 2023م)
العناصــــــر: مقدمة
- دعوة
الإسلام إلى قضاء حوائج الناس.
-
قضاء حوائج الناس في حياة الأنبياء والصحابة والصالحين.
- قضاء حوائج الناس بين الواجب والمندوب.
-
فضائل قضاء الحوائج.
- دعوة إلى قضاء حوائج الناس.
الحمد
لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز: (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ) (الحج77)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا
ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "أحبُّ الناسِ إلى الله
أنفعُهم للناس" (رواه الطبراني)، اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلى
آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
لقد جاء الإسلام
داعيا إلى أحسن الخلق وأجمل الصفات، وأنبل القيم وأفضل السمات، ناهيا عن كل ما هو
مذموم من الطباع والعادات. ومن الأخلاق الحميدة والقيم النبيلة التي دعا إليها
الإسلام: "قضاء حوائج الناس".
فهو دليل
على طيب المنبت، ونقاء الأصل، وصفاء القلب، وحسن السريرة، هو باب إلى الخيرات،
وقربة إلى رب البريات، دعانا إليه القرآن الكريم؛ قال تعالى: (لاَ
خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ
مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء
مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمً) (النساء 114)، وقال سبحانه:
(يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ
وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الحج 77)، كما دعت إليه السنة
النبوية؛ إذ يقول النبي (صلى اللهُ عليه وسلم): "مَنِ اسْتَطَاعَ
مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ" (رواه مسلم)، ويقول: " مَنْ
كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ
كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ" (رواه
مسلم) .
ولقد ذكر لنا القرآن الكريم نماذج طيبة، كانت قدوة في قضاء
حوائج الناس؛ ومن ذلك ما كان من سيدنا موسى (عليه السلام) ومساعدته لامرأتين كانتا
تستسقيان لرعي أغنامهما، قال تعالى: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ
عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ
تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ
الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى
الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) (القصص
٢٣، ٢٤).
كما كان النبي (صلى
اللهُ عليه وسلم) أعظم الناس
قضاء لحوائج الناس؛ فعن أَنَسٍ، أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ،
فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَقَالَ: "يَا
أُمَّ فُلَانٍ انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ، حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ"
فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا (رواه
مسلم)، وعَنْ أَنَسٍ أيضا، قَالَ: "لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ (صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بَعْدَ مَا تُقَامُ الصَّلَاةُ يُكَلِّمُهُ
الرَّجُلُ، يَقُومُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ فَمَا يَزَالُ يُكَلِّمُهُ"،
وَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ يَنْعَسُ مِنْ طُولِ قِيَامِ النَّبِيِّ (صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لَهُ (رواه الترمذي، وقال حسن صحيح).
وعلى هذا الخلق الطيب
والقيمة النبيلة، سار الصحابة والصالحون؛ ورضي الله عن عثمان بن عفان، فلقد اشترى
بئر رومة من ماله.
وهذا عمر بن الخطاب، وقد
خرج في سواد الليل، فرآه طلحة بن عبيد الله، فذهب عمر، فدخل بيتًا، ثم دخل بيتًا
آخر، فلما أصبح طلحة ذهب إلى ذلك البيت، فإذا بعجوز عمياء مقعدة، فقال لها: ما بال
هذا الرجل يأتيك؟ قالت: إنه يتعاهدني منذ كذا وكذا، يأتيني بما يصلحني، ويخرج عني
الأذى" (حلية الأولياء).
وقد بعث الحسن البصري محمدا بن نوح، وحميدًا الطويل في حاجة لأخٍ له، وقال: مروا بثابت البناني، فأشْخِصانه
- (أي: فليذهب) - معكم، فأْتِيَا ثابتًا، فقال لهم ثابت: إني معتكف، فرجع حميد إلى
الحسن، فأخبره بالذي قال ثابت، فقال له: ارجعْ إليه، فقل له: يا أعمش، أما تعلم
أنَّ مشيك في حاجة أخيك المسلم خيرٌ لك مِن حجة بعد حجة، فقام وذهب معهم، وترك
الاعتكاف (البر، لابن الجوزي)
وخرج عبد الله بن
المبارك، مرةً إلى الحج، فاجتاز ببعض البلاد، فمات طائر معهم، فأمر بإلقائه على
مزبلة، وسار أصحابه أمامه وتخلف هو وراءهم، فلما مر بالمزبلة إذا جارية قد خرجت من
دار قريبة منها، فأخذت ذلك الطائر الميت، فكشف عن أمرها وفحص، حتى سألها، فقالت:
أنا وأختي ها هنا، ليس لنا شيء، وقد حلَّت لنا الميتة، وكان أبونا له مال عظيم،
فظُلِم وأُخِذ ماله وقُتِل، فأمر عبد الله بن المبارك برد الأحمال، وقال لوكيله:
كم معك من النفقة؟ فقال: ألف دينار، فقال: عد منها عشرين دينارًا تكفينا إلى مرو،
وأعطها الباقي، فهذا أفضل من حجنا في هذا العام، ثم رجع؛ (البداية والنهاية؛ لابن
كثير).
بل كانوا يحبون قضاء حوائج الناس، ويعدونه نعمة من نعم
الله عليهم؛ إذ يقول ابن عباس (رضي الله عنهما): "ثَلَاثَةٌ لَا
أُكَافِئُهُمْ: رَجُلٌ بَدَأَنِي بِالسَّلَامِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ لِي فِي المَجلِسِ،
وَرَجُلٌ اغبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي المَشيِ إِلَيَّ إِرَادَةَ التَّسلِيمِ عَلَيَّ،
فَأَمَّا الرَّابِعُ فَلَا يُكَافِئُهُ عَنَّي إِلَّا اللهُ، قِيلَ: وَمَن هُوَ؟
قَالَ: رَجُلٌ نَزَلَ بِهِ أَمرٌ فَبَاتَ لَيلَتَهُ يُفَكِّرُ بِمَن يُنزِلُهُ
ثُمَّ رَآنِي أَهلًا لِحَاجَتِهِ فَأَنزَلَهَا بِي"( شعب الإيمان، للبيهقي). ويقول الحسن بن علي (رضي الله عنهما): "لقضاء
حاجة أخ لي في الله أحب إليَّ مِن اعتكاف شهر (البداية والنهاية، لابن كثير).
ويقول محمد ابن الحنفية (رضي الله
عنه): "أيها الناس، اعلموا أن حوائج
الناس إليكم نعم الله (عز وجل) إليكم، فلا تملوها فتتحول نقمًا، واعلموا أن أفضل
المال ما أفاد ذخرًا، وأورث ذكرًا، وأوجب أجرًا، ولو رأيتم المعروف رجلًا لرأيتموه
حسنًا جميلًا يَسُرُّ الناظرين، ويفوق العالمين (شعب الإيمان للبيهقي).
اقضِ
الحوائجَ ما استطعتَ *** وكُنْ لهَمِّ أخيـــكَ فارِجْ
فَلَخيـــــــــــــــرُ أيَّامِ الفَتى ***
يَومٌ قَضى فِيهِ الحَوائجْ
إن من قضاء حوائج الناس ما هو واجب، من خلال الزكاة التي
هي ركن من أركان الإسلام، وقد قال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً
تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا) (التوبة 103)، ومنها ما هو مندوب، من خلال
الصدقات غير الزكاة. وفي كل أجر عظيم وفضل كبير، وقد قال النبي (صلى اللهُ عليه
وسلم): " مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ، إِلَّا مَلَكَانِ
يَنْزِلاَنِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا،
وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا " (رواه البخاري
ومسلم)، إذن فلقضاء حوائج الناس فضائل عظيمة وثمرات كريمة:
- فهو من أحب الأعمال
إلى الله، وصاحبه من أحب الناس إلى الله: فعَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ
إِلَى اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ؟) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ): "أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ،
وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ
تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا، أَوْ تُطْرَدُ عَنْهُ
جُوعًا، وَلِأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ
أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، شَهْرًا،
وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَلَوْ
شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلَأَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) قَلْبَهُ
أَمْنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى
أَثْبَتَهَا لَهُ أَثْبَتَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ
يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ" ؟(رواه الطبراني)
- وفيه الوقاية من ميتة
السوء: فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "وَإِنَّ صَنَائِعَ الْمَعْرُوفِ
تَقِي مَصَارِعَ السَّوْءِ" (رواه الطبراني).
- وفيه تعظيم الأجور، فعن
الْبَرَاءَ بنَ عَازِبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ النبيّ (صلى الله عليه وسلم) يَقُولُ:
"مَنْ مَنَحَ مَنِيحَةَ لَبَنٍ أَوْ وَرِقٍ، أَوْ هَدَى زُقَاقَاً كَانَ لَهُ
مِثْلُ عِتْقِ رَقَبَةٍ" (رواه الترمذي) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):
" مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ
إِلَّا الطَّيِّبَ، وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا
لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ"
(البخاري).
- وكفى في فضله انه طريق
إلى الجنة ونعيمها، فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
(صلى الله عليه وسلم): "أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَطْعَمَ مُؤْمِنًا عَلَى جُوعٍ أَطْعَمَهُ
اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَقَى مُؤْمِنًا
عَلَى ظَمَإٍ سَقَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ، وَأَيُّمَا
مُؤْمِنٍ كَسَا مُؤْمِنًا عَلَى عُرْىٍ كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ خُضْرِ الْجَنَّةِ
" (الترمذي).
من يفعل الخيرَ لا يعدم
جوازيه * * * لا يذهبُ العرفُ بين الله والناسِ
- إن الساعي لقضاء حوائج
الناس موعود بالإعانة، مؤيد بالتوفيق؛ واستمع إلى ما تقوله أم المؤمنين خديجة (رضي
الله عنها) للنبي (صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "كَلَّا وَاللَّهِ مَا
يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ،
وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ".
والجزاء من جنس العمل؛
فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
"مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ
عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ
يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ
اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ
فِي عَوْنِ أَخِيهِ" (رواه مسلم )، ويقول ابن عباس (رضي الله عنهما): "صاحب
المعروف لا يقع فإن وقع وجد متكئاً ".
- فطوبى لمن جعله الله
مفتاحا للخير، ومغلاقا للشر، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : "إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ
مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ،
فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ
جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ" (رواه ابن ماجه).
وعلى الجانب الآخر: من منع
المعروف فهو على خطر؛ إذ يقول تعالى: (فويلٌ للمصلينَ * الذينَ هُم عَنْ صَلاتِهم
سَاهُون* الذينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيمْنعونَ الْماعُون ) (الماعون4-7)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، عَنِ
النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: " ثَلاَثَةٌ لاَ
يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ: رَجُلٌ
حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهُوَ
كَاذِبٌ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ العَصْرِ، لِيَقْتَطِعَ
بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ فَيَقُولُ اللَّهُ:
اليَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ
يَدَاكَ" (رواه البخاري) وقال أيضا: "إِنَّ لِلَّهِ عَبَّادًا اخْتَصَّهُمْ
بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، يُقِرُّهُمْ فِيهَا مَا بَذَلُوهَا، فَإِذَا
مَنَعُوهَا نَزَعَهَا مِنْهُمْ، فَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ" (رواه
الطبراني).
الناس بالناس ما دام
الحياء بهــم *** والسعد لا شك تارات وهبــــــــات
وأفضل الناس بين الورى رجــــل *** تُقضى على يده للناس حاجـــــات
لا تمنعن يد المعروف عن احـــــد *** مادمت مقتدراً فالسعد تــــــــارات
واشكر فضائل صنع الله إذ جعلت *** إليك لا لك عند الناس حاجـــــــات
قد مات قوم وما ماتت مكارمهــم *** وعاش قوم وهم في الناس أموات
روى أن رجلاً جاء يودع
بشر بن الحارث، وقال : قد عزمت على الحج فتأمرني
بشئ ؟ فقال له: كم أعددت للنفقة ؟ فقال : ألفى درهم . قال بشر : فأي شئ تبتغى بحجك ؟ تزهدا أو اشتياقا إلى البيت وابتغاء مرضاة الله
؟ قال : ابتغاء مرضاة الله ، قال نعم . قال بشر: فإن أصبت مرضاة الله تعالى ، وأنت في منزلك وتنفق ألفى درهم ، وتكون
على يقين من مرضاة الله تعالى : أتفعل ذلك ؟ قال : نعم. قال : اذهب فأعطها عشرة أنفس: مديون يقضى دينه ، وفقير يرم شعثه ، ومعيل يغنى
عياله ، ومربى يتيم يفرحه، وإن قوى قلبك تعطيها واحدا فأفعل ، فإن إدخالك السرور على
قلب المسلم ، وإغاثة اللهفان، وكشف الضر، وإعانة الضعيف : أفضل من مائة حجة بعد حجة
الإسلام ! قم فأخرجها كما أمرناك، وإلا فقل لنا ما في قلبك ؟. فقال: يا أبا نصر ! سفري
أقوى في قلبي . فتبسم بشر رحمه الله ، وأقبل عليه ، وقال له: المال إذا جمع من وسخ
التجارات والشبهات اقتضت النفس أن تقضى به وطراً، فأظهرت الأعمال الصالحات ، وقد آل
الله على نفسه أن لا يقبل إلا عمل المتقين !
ﺻﻨﻊُ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞِ ﻭَﻓﻌﻞُ ﺍﻟﺨﻴــﺮِ
ﺇِﻥْ ﺃُﺛِﺮﺍ *** ﺃﺑﻘﻰ ﻭَﺃَﺣﻤﺪ ﺃَﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﺃَﺛــــــَﺮﺍ
ﺑَﻞْ ﻟﺴﺖُ ﺃَﻓﻬﻢ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺳﻮﻯ *** ﻋــــﻦ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒِ ﻭﺇﻧﻘﺎﺫ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺜﺮﺍ
ﺇِﻥْ ﻛــــــﺎﻥ ﻗﻠﺒﻚ ﻟﻢ ﺗﻌﻄﻔﻪ ﻋﺎﻃﻔﺔٌ *** ﻋَﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺎﻛﻴﻦ ﻓﺎﺳﺘﺒﺪﻝْ ﺑﻪ ﺣﺠﺮﺍ
اللهم اجعلنا
من أهل المعروف في الدنيا والآخرة
واحفظ مصر من كل مكروه وسوء.
=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
باحث دكتوراه في الفقه المقارن
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة pdf جوجل درايف ---- اضغط هنا