واحذر من القِمَارِ بكل صوره
للدكتور/ محمد حســــــن داود
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، النبي الأمي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين ،وبعد:
فلما كان المال يمثل عصب الحياة، وكانت النفس
مجبولة على حبه، والطباع مشغولة بالحرص على طلبه وتحصيله، أوجب الشرع الحنيف أن يكون
طلبه والسعي في تحصيله مما أذن الله به وشرعه من طرق الكسب الحلال والعمل المباح،
قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا
رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) (البقرة
172)، ونهى وحذر أن يسلك الإنسان في طلبه طرق الحرام، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِۚ) (النساء:
29).
وإن من
هذه الطرق الدنيئة، والسبل المحرمة: "القمار".
فانظر: ترى أن القرآن الكريم قرنه بعبادة
الأصنام، وجعله رجسا من عمل الشيطان؛ إذ إنه لا يأتي إلا بصنوف الشر وألوانه، فهو
يمحق المال ويبدده، ويفتح أبواب الدين، وينزع من القلب التوكل على الله، ويصد
الإنسان عن الأخذ بالأسباب، يهدم البيوت العامرة، ويفقد العبد ماله في وجوه
الحرام، ويورث الافتقار، ويفتح أبواب العداوة والبغضاء بين الناس وإن أظهروا
بألسنتهم الرضا فإنهم دائما بين غالب ومغلوب، والمغلوب وإن سكت فإنه يسكت عن حقد
وعداوة شديدة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ
وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ
فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ
يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ
وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ
) (المائدة: 90- 91).
إن القمار اليوم في عالم الفضاء الإلكتروني لم
يقف عند صورته المعروفة بين الناس، بل مال فأخذ صورا جديدة؛ حيث تسللت إلى عادات
بعض الناس قضية المراهنات الإلكترونية والقمار الإلكتروني، فقد تكون مباريات افتراضية، وقد تكون ألعابا
إلكترونية تقوم على المخاطرة والمراهنة، وهو القمار بعينه، في خطورته وأثره وعواقبه
الوخيمة.
إن القمار ذنب عظيم، وإثم كبير، فلما ذمه
القرآن الكريم قرنه بعبادة الأوثان، ولما
أمرنا باجتنابه؛ جعل في الاجتناب باب الفلاح فقال: (فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ) وإذا كان الاجتناب فلاحا فماذا يكون الفعل إلا خسارا.
ولما ذمه النبي (صَلى الله عليه وسلم) بالغ في
الزجر عنه، وعن ذكره، حتى إذا ذكره الإنسان طالبا له؛ حثه على الصدقة، فقد روى (البخاري
ومسلم) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلى
الله عليه وسلم): "مَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ،
فَلْيَتَصَدَّقْ".
إن في القمار أضرار مادية ونفسية واجتماعية
وخُلُقية: ولا يخفى على أحد أن المقامر
إذا اكتسب مالا فهو من باب أكل الحرام، والنبي (صلى اللهُ عليه وسلم) يقول: "أيُّما
لحمٍ نَبَتَ من حرامٍ فالنارُ أولى به ".
كما إن
خسر المقامر ماله فهذا ضرر واضح يعيش المقامر ناره، ويمتد أثره إلى الزوجة
والأولاد، والنبي (صلى اللهُ عليه وسلم) يقول: "كفى بالمرءِ إثمًا أن
يُضَيِّعَ من يقوتُ".
إن القمار:
يُفقد الإنسان العلم والعمل، والإحساس والشعور، ويجعله يعتمد على الأماني المغلوطة، والأحلام الكاذبة، فيركن إلى
الكسل والخمول، ويترك التوكل على الله (تعالى) والأخذ بالأسباب.
القمار:
معول هدم للبيوت والأسر.
القمار:
باب فقر وإذلال للنفوس.
القمار:
يصد عن ذكر الله وعن الصلاة.
القمار: يدفع بأهله إلى أسوء الأخلاق، وأقبح
العادات.
القمار:
يدفع صاحبه إلى ألوان الإجرام.
القمار:
يورث القلق، ويسبب المرض، ويحطم الأعصاب.
القمار: يولد الحقد والعداوة والبغضاء.
فما
أعظم أن يجعل العبد نصب عينيه في أمر القمار قوله تعالى: (فَاجْتَنِبُوهُ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
اللهم
اهدنا لأحسن الأخلاق واصرف عنا سيئها
واحفظ اللهم مصر من كل مكروه وسوء
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة pdf جوجل درايف ---- اضغط هنا