خطبة بعنــــــوان :
جوهر الإسلام ورسالته السمحة
للشيخ / محمد حســــــن داود
جوهر الإسلام ورسالته السمحة
للشيخ / محمد حســــــن داود
العناصــــــــر :
الإسلام دين التيسير والإنسانية والسماحة . السماحة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم .
من صور السماحة في الإسلام .
اثر السماحة على الفرد والمجتمع .
دعوة الإسلام إلى التحلي بالسماحة ونبذ الغلو والتشدد .
الموضـوع: الحمد لله رب
العالمين، القائل في كتابه العزيز( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ
بِكُمُ الْعُسْرَ )البقرة185 ) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن
سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ
وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا
وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ" رواه
البخاري) اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،
وبعد
لقد جاء الإسلام لتحقيق أنبل القيم وأفضل
السمات، وأحسن الخلق وأجمل الصفات، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" إِنَّمَا بُعِثْتُ
لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ " رواه احمد) فهو دين في جوهره ورسالته، وأحكامه
وتشريعاته، وجملته وتفصيله؛ يجمع ولا يفرق، يوحد ولا يشتت، يقوي ولا يضعف، يبنى ولا
يهدم، رحمة كله، تيسير كله, إنسانية كله، سماحة كله؛ يقول سيدنا جعفر ابن أبى طالب
رضي الله عنه، عندما وقف أمام النجاشي (ملك الحبشة) مبينا شيئا من قيم الإسلام النبيلة
وأخلاقه الكريمة ورسالته السمحة " أَيُّهَا الْمَلِكُ ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ
جَاهِلِيَّةٍ ، نَعْبُدُ الأَصْنَامَ ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ
، وَنَقْطَعُ الأَرْحَامَ ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ ، وَيَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ
، وَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْنَا رَسُولا مِنَّا
، نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ
تَعَالَى لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا
مِنْ دُونِهِ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالأَوْثَانِ ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ ،
وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ ، وَالْكَفِّ عَنِ
الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ ، وَنَهَانَا عَنِ الْفُحْشِ ، وَقَوْلِ الزُّورِ ، وَأَكْلِ
مَالِ الْيَتِيمِ ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ ، وَأَمَرَنَا أَنَّ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ
وَلا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ
..." ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الإيمان؟ قال "الصَّبر والسَّماحة
" رواه أحمد والبيهقي بسند حسن) والسماحة هي طيب في النفس عن كرم وسخاء، وهي سلامة
الصدر عن تقى ونقاء، وهي لين في الجانب عن سهولة ويسر، وهي بشاشة في الوجه عن طلاقة
وبشر، وهي صدق في المعاملة دون غبن وخيانة، وهي انقياد لدين الله دون تشدد أو غلو
أو تطرف.
ومن يتدبر آيات القران الكريم، يرى مدى
تأكيدها على قيم السماحة في اسمي المعاني، إذ يقول الله جل وعلا ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )الحجرات13)
فلقد رفع القرآن الكريم من مكانة الإنسان بغض النظر عن الجنس أو اللون أو العرق أو
الدين، قال تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا
تَفْضِيلًا ) الاسراء70) ولقد خطب النبي في حجة الوداع خطبة جامعة مانعة تضمنت مبادئ
وقيم السماحة جاءت في كلمات غاية البلاغة، فقال "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا
إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ
عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ،
وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى" إذ ترى أن الإسلام دعانا
إلى الإيمان بجميع الأنبياء والرسل؛ فدعوتهم واحدة ورسالتهم واحدة، يقول جل وعلا (آمَنَ
الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ
وَ مَلآئِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ لاَنُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ
وَ قَالُواْ سَمِعْنَا وَ أَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ
)البقرة285) كما دعانا إلى التسامح وحسن الصلة مع الناس جميعا، إذ يقول الله جل وعلا
(وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) البقرة83)ويقول سبحانه (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ
الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ
أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ )الممتحنة8)
وجعل أحب الناس إلى الله انفعهم للناس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " أَحَبُّ
النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ " وجعل أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم
خلقا، بل بحسن الخلق الذي منه السماحة يصل العبد أعلى الدرجات ،فعَنْ عَمْرِو بْنِ
شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ: " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ
مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ " فَسَكَتَ الْقَوْمُ ، فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ
أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ الْقَوْمُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ الله ، قَالَ: " أَحْسَنُكُمْ
خُلُقًا " . كما أن من أفضل الإسلام، بل وتمامه، أن يسلم الناس من يد العبد ولسانه،
فعن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرِو بْنِ الْعاصِ رضي الله عنه قال : إِنَّ رَجُلًا قَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "مَنْ سَلِمَ النَّاسُ
مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ" وعد الاعتداء على أية نفس اعتداء على الإنسانية كلها،
كما عد تقديم الخير لنفس كتقديم الخير للبشرية كلها، قال تعالى (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ
كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ
فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا
أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ
كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ) المائدة32) وقال فيمن
بات شبعان وجاره جوعان " ما ءامَنَ بِي مَنْ باتَ شَبْعانَ وَجارُهُ جائِعٌ إِلَى
جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِه" وفيمن لم يمنع جاره بوائقه " واللَّهِ لا
يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، قِيلَ: مَنْ يا رسولَ اللَّهِ؟
قَالَ: الَّذي لا يأْمنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ) كما عد المكافئ
لصلة الرحم ليس بالواصل، فقال صلى الله عليه وسلم " لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئ،
وَلكِنَّ الوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا " رواه البخاري)
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مثلا
اعلي للسماحة في اسمي معانيها، سواء قبل البعثة أو بعدها، ويكفى في ذلك قول السيدة
خديجة له لما نزل عليه الوحي وجاء يرجف فؤاده " كَلا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ
اللَّهُ ، أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ ، وَتَكْسِبُ
الْمَعْدُومَ ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ " رواه
البخاري) ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حوائج أصحابه، ويتواضع معهم ، ويجيب
دعوتهم، ويزور مرضاهم، ويشهد جنائزهم، ويدعو لهم ولأبنائهم، ويشفق عليهم، ويشعر بآلامهمكما
ورد انه صلى الله عليه وسلم لم يكن يَأْنَفُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَ الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ
فَيَقْضِيَ لَهُ حَاجَتَهُ " وعَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَأْتِي ضُعَفَاءَ الْمُسْلِمِينَ
، وَيَزُورُهُمْ وَيَعُودُ مَرْضَاهُمْ ، وَيَشْهَدُ جَنَائِزَهُمْ " مستدرك الحاكم).
فكان يشعر بآلامهم ، ويجعل لهم من محنهم منحا، ومن الحزن فرحا، ومن الألم أملا، يتواضع
معهم، ويجيب دعوتهم، ويزور مرضاهم، ويشهد جنائزهم، ويمازحهم، ويشفق عليهم، ويؤلفهم
ولا ينفرهم، ويسأل عنهم إذا غابوا؛ فعن قرة ابن إياس، قَالَ: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَلَسَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ
وَفِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ، يَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ فَيُقْعِدُهُ
بَيْنَ يَدَيْهِ فَهَلَكَ، فَامْتَنَعَ الرَّجُلُ أَنْ يَحْضُرَ الْحَلْقَةَ لِذِكْرِ
ابْنِهِ فَحَزِنَ عَلَيْهِ، فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ: " مَالِي لَا أَرَى فُلَانًا ", قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ
, بُنَيُّهُ الَّذِي رَأَيْتَهُ هَلَكَ ، فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ بُنَيِّهِ ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ هَلَكَ ، فَعَزَّاهُ عَلَيْهِ
, ثُمَّ قَالَ : " يَا فُلَانُ أَيُّمَا كَانَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ تَمَتَّعَ
بِهِ عُمُرَكَ أَوْ لَا تَأْتِي غَدًا إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ ، إِلَّا
وَجَدْتَهُ قَدْ سَبَقَكَ إِلَيْهِ ، يَفْتَحُهُ لَكَ " , قَالَ : يَا نَبِيَّ
اللَّهِ , بَلْ يَسْبِقُنِي إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَيَفْتَحُهَا لِي لَهُوَ أَحَبُّ
إِلَيَّ قَالَ : " فَذَاكَ لَكَ "سنن النسائي) حتى كان صلى الله عليه وسلم يؤثرهم على
نفسه وعلى أهل بيته، ويعطيهم العطاء وهو إليه محتاج، فعَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، " أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُرْدَةٍ
مَنْسُوجَةٍ فِيهَا حَاشِيَتُهَا ، أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ ؟ , قَالُوا : الشَّمْلَةُ
، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَتْ : نَسَجْتُهَا بِيَدِي فَجِئْتُ لِأَكْسُوَكَهَا ، فَأَخَذَهَا
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا
وَإِنَّهَا إِزَارُهُ فَحَسَّنَهَا فُلَانٌ , فَقَالَ : اكْسُنِيهَا مَا أَحْسَنَهَا
؟ , قَالَ : الْقَوْمُ مَا أَحْسَنْتَ لَبِسَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا ، ثُمَّ سَأَلْتَهُ وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ
، قَالَ : إِنِّي وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ لِأَلْبَسَهُ إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ
كَفَنِي ؟ " , قَالَ سَهْلٌ : فَكَانَتْ كَفَنَهُ " البخاري)ولم تقتصر سماحته
صلى الله عليه وسلم على أصحابه وفقط بل شملت أمته حتى اثرهم على نفسه بدعوته المستجابة؛ فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ " لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ
دَعْوَتَهُ ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ
، فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ
شَيْئًا " ولم تقف سماحته عند هذا الحد بل امتدت حتى تشمل من لم يوافقه، وصدق
الله جل وعلا إذ يقول (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ )الانبياء107).
إن الدين الإسلامي بمجمله قائم على السماحة
واليسر ورفع الحرج وهذا ما أشار إليه ربنا سبحانه وتعالى في مواطن كثيرة من كتابه العزيز؛
منها: قوله تعالى( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )الحج78) وقولـه
أيضًا ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )البقرة185
) وقوله سبحانه ( يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا
)النساء28) وقوله جل وعلا (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا
كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ)البقرة286) ولما جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى
بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ فَلَمَّا أُخْبِرُوا
كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ قَدْ غُفِرَ
لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا
فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلا
أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا؛ فَجَاءَ
رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: ”أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ:
كَذَا وَكَذَا، أَمَا والله إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي
أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ؛ فَمَنْ رَغِبَ
عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي"، وما زال الإسلام يؤكد على قيم السماحة حتى أن
العبادات كلها اشتملت في تشريعها على معاني السماحة، سواء كان ذلك في اداء العبادات،
أو في الغاية منها ؛ فمن الغاية ما كان من دعوة الصلاة إلى التالف والتماسك والمودة
والتواضع وحسن الخلق ،والنهى عن كل ما كان سببا للتنافر، والزكاة في جوانبها معاني
المودة والرحمة والألفة والمحبة، كما أن الصيام يدعو إلى المعاملة الطيبة وحفظ الحقوق،
وكذلك الحج يدعو إلى اجتناب الرفث والفسوق
والجدال والخصام، وغير ذلك مما يهذب النفوس ويسمو بمعاني السماحة، ومن الأداء ما كان
من إباحة الصلاة للمريض على وجه يتحقق له من خلاله رفع الحرج فعَنْ عِمْرَانَ بْنِ
حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ : كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ " صَلِّ قَائِمًا،
فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ "رواه
البخاري) ورأى النبي صلى الله عليه وسلم حبلاً ممدودًا بين ساريتين فسأل عنه، فأخبر
أنه لزينب تتمسك به إذا كسلت عن الصلاة، فأمر صلى الله عليه وسلم بإزالته وقال"
لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ" متفق عليه)وفى حجة
الوداع وقف النبي صلى الله عليه وسلم، بمنى للناس يسألونه، فجاءه رجل، فقال: لم أشعر
فحلقت قبل أن أذبح، فقال: اذبح ولا حرج، فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي،
قال: ارم ولا حرج، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ
إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : هَلَكْتُ ، يَا رَسُولَ
اللَّهِ ، قَالَ : وَمَا أَهْلَكَكَ ؟ قَالَ : وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ
، قَالَ : هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : فَهَلْ تَسْتَطِيعُ
أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : فَهَلْ تَجِدُ مَا
تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : ثُمَّ جَلَسَ ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ ، فَقَالَ : تَصَدَّقْ بِهَذَا
قَالَ : أَفْقَرَ مِنَّا ؟ فَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ
مِنَّا ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ
، ثُمَّ قَالَ : اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ" .
ومن صور السماحة التي دعانا إليها الإسلام: قضاء حوائج المحتاجين وكشف
الكرب عن المكروبين والسعي في مصالح المسلمين، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ
كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ
الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا
وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ " وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم " أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَطْعَمَ مُؤْمِنًا عَلَى جُوعٍ أَطْعَمَهُ
اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَقَى مُؤْمِنًا
عَلَى ظَمَإٍ سَقَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ، وَأَيُّمَا
مُؤْمِنٍ كَسَا مُؤْمِنًا عَلَى عُرْىٍ كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ خُضْرِ الْجَنَّةِ
"رواه الترمذي) .
ومن السماحة ما كان في المعاملة؛ من بيع
وشراء، فقد قال صلى الله عليه وسلم " رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ،
سَمْحًا إِذَا اشْتَرَى، سَمْحًا إِذَا اقْتَضَى" رواه البخاري) ومن صدق في التجارة،
بعدم الغش والتدليس أو الاحتكار، فقد قال صلى الله عليه وسلم " التَّاجِرُ الصَّدُوقُ
الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ" وعن معمر بن عبد
الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال" لا يحتكِرُ إِلاَّ خاطِئٌ "
رواه مسلم) ومن تيسير على المعسرين، فقد قال
تعالى﴿ وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ
لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾البقرة 280)وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم"
إِنَّ رَجُلًا لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، وَكَانَ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَيَقُولُ
لِرَسُولِهِ: خُذْ مَا تَيَسَّرَ، وَاتْرُكْ مَا عَسُرَ، وَتَجَاوَزْ؛ لَعَلَّ اللَّهَ
تَعَالَى أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَلَمَّا هَلَكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ:
هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ لِي غُلَامٌ، وَكُنْتُ
أُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا بَعَثْتُهُ لِيَتَقَاضَى قُلْتُ لَهُ: خُذْ مَا تَيَسَّرَ،
وَاتْرُكْ مَا عَسُرَ، وَتَجَاوَزْ؛ لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا. قَالَ اللَّهُ
تَعَالَى: نحن أحقُّ بذلك، قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْكَ".
ومن صور السماحة في الإسلام حفظ الإسلام
لحقوق الناس، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل اهتم بمراعاة مشاعر الناس فلقد نهى الإسلام
عن كل ما يؤذى مشاعر الإنسان، فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ
قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ
عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا
بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ
هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ
إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ
أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ
إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) الحجرات11-12) ومن أعظم ما يظهر دعوة الإسلام إلى
احترام مشاعر الغير قوله صلى الله عليه وسلم لرجلٌ جاء يتخطّى رقابَ النّاس يومَ الجمعة
والنبيّ يخطب،" اجلِس فقد آذيت " رواه أبو داود والنسائي) و ما جاء عن بن
مسعود رضي الله عنه كان على شجرة فهبت الريح فكشفت ساقيه فضحك الصحابة من دقتهما, أي
من نحالتهما, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
مَا يُضْحِكُكُمْ " ؟ قَالُوا : دِقَّةُ سَاقَيْهِ . قَالَ : " وَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ ؛ لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مُنْ أُحُدٍ ". وتدبر قوله
صلى الله عليه وسلم " إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ
صَاحِبِهِمَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ " وما جاء أن بعض الصحابة كَانُوا يَسِيرُونَ
مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ ، فَانْطَلَقَ
بَعْضُهُمْ إِلَى حَبْلٍ مَعَهُ ، فَأَخَذَهُ فَفَزِعَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا
"
ومن أعظم صور السماحة والتعايش الإنساني
في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ما جاء إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ:
أَلَيْسَتْ نَفْسًا" وما جاء عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ،
وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ " رواه البخاري) و عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ
تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ بِعِشْرِينَ
صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَخَذَهُ لِأَهْلِهِ " رواه الترمذي وقال حَدِيثٌ حَسَنٌ
صَحِيحٌ )
لقد دعانا الإسلام إلى تطبيق كل القيم والمبادئ
النبيلة،ومن اجلها السماحة بكل معانيها، فبالسماحة تصفو القلوب، ويسود الوئام، ويسعد
الأنام، فعنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ
" كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ. قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ
نَعْرِفُهُ ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ ؟ قَالَ" هُوَ النَّقِيُّ، التَّقِيُّ،
لَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، وَلَا حَسَدَ ". وفيها محبة
الناس، والنجاة يوم القيامة فقد قال صلى الله عليه وسلم " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ
اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ
عَنْهُ "رواه مسلم )وفيها البعد عن النار، فعن جابر قال: قال صلى الله عليه وسلم
"ألَا أُخبِرُكم على مَن تحرُمُ النَّارُ غدًا؟ على كلِّ هيِّنٍ ليِّنٍ سهلٍ قريبٍ"
رواه ابن حبان والطبراني).
إن الإسلام كما حث على السماحة نهى عن التشدد
والغلو وحذر من أثاره ،فقد قال صلى الله عليه وسلم" إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي
الدِّينِ ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ
" وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ . قَالَهَا ثَلَاثًا
" رواه مسلم ) فحرى
بكل مخلص لدينه ووطنه أن يتحلى بالسماحة، وان يحذر الغلو والتشدد والتطرف في كل
قول أو فعل، فعَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِنَّ
الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا
وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ"
رواه البخاري)
(الدعــــــــــاء )
===== كتبه =====
محمد حســــــن داود
إمام وخطيب ومدرس
===== كتبه =====
محمد حســــــن داود
إمام وخطيب ومدرس