خطبة بعنــــــوان:
الفساد مخاطره وصوره
للشيخ / محمد حســــن داود
15 ذو القعدة 1442هـ - 25 يونيو 2021م
العناصـــــر : مقدمة.
- حديث القرآن الكريم عن الاصلاح والمصلحين.
- ذم الفساد والمفسدين.
- من صور الفساد.
- من عواقب الإفساد في الأرض.
الموضـــــوع: الحمد لله رب العالمين،
القائل في كتابه العزيز: (وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا
وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ)
(الأعراف56) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا
محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: "فأما مَنِ
ابتغى وجهَ اللهِ، وأطاع الإمامَ، وأنفق الكريمةَ، وياسَر الشريكَ، واجتنب الفسادَ،
فإنَّ نومَه ونبهَه أجرٌ كلُّه" (رواه أبو داود) اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلى
آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
لقد جاء
الإسلام آمراً بكل خير، ناهياً عن كل شر، فأمر بالإصلاح والبناء والتعمير، ونهى عن
الإفساد بجميع صوره، قال تعالى ( وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ
إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ
الْمُحْسِنِينَ) (الأعراف56) وقال عز وجل (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ
الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) (ص 28).
وان المتأمل
في آيات القرآن الكريم يجد أن كلمة الإصلاح وحدها وردت بمشتقاتها في القرآن الكريم
حوالي مائتي مرة, وإن هذا ليدل على عناية الإسلام الفائقة بالإصلاح، وانه مطلب
شرعي، وضرورة اجتماعية، فلقد ربط القرآن الكريم بينه وبين الإيمان؛ فقال تعالى (فَمَنْ
آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) (الأنعام48)
وربط بينه وبين التقوى؛ فقال تعالى (فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )(الأعراف35) وربط بينه وبين التوبة؛ فقال
تعالى (إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله
غَفُورٌ رَّحِيمٌ )(آل عمران89) كما بين القرآن الكريم أن دور حاملي الرسالة يشمل
الإصلاح، فهذا نبي الله شعيب (عليه السلام) يلخص رسالته في الإصلاح، قال تعالى
(قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي
وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا
أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا
تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ )(هود88)،
وهذا نبي الله صالح (عليه السلام) يقول لقومه (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا
تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (الأعراف74) وهذا نبي الله موسى (عليه
السلام) بالإصلاح يخاطب أخاه نبي الله هارون، قال تعالى (َوقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ
هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ
الْمُفْسِدِينَ )(الأعراف142) وها هم الصالحون من قوم قارون يحذرونه من مغبة
الفساد ( وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ ٱلْفَسَادَ في
ٱلأرْضِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ) (القصص77)، وكذلك الناظر في
سنة المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وسيرته يجد أن بعثته صلى الله عليه وسلم كانت
طريقا ظاهرا جليا للإصلاح فهو القائل: "إنَّما بُعِثْتُ لأُتَمَّمَ صالحَ
الأخلاقِ" (رواه أحمد) وها هو سيدنا جعفر بن
أبي طالب (رضي الله عنه) يقول: "كُنّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيّةٍ نَعْبُدُ
الْأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ
الْأَرْحَامَ وَنُسِيءُ الْجِوَارَ وَيَأْكُلُ الْقَوِيّ مِنّا الضّعِيفَ فَكُنّا
عَلَى ذَلِكَ حَتّى بَعَثَ اللّهُ إلَيْنَا رَسُولًا مِنّا ، نَعْرِفُ نَسَبَهُ
وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ فَدَعَانَا إلَى اللّهِ لِنُوَحّدَهُ
وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ مَا كُنّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ
الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ
الْأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفّ عَنْ الْمَحَارِمِ
وَالدّمَاءِ وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ وَقَوْلِ الزّورِ وَأَكْلِ مَالِ
الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ لَا
نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا بِالصّلَاةِ وَالزّكَاةِ وَالصّيَامِ؛ فَعَدّدَ
عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ"(سيرة بن هشام)
وفى مقابل ذلك
ترى حديث القرآن الكريم أيضا وقد ذم الفساد والمفسدين وحذر منهم أيما تحذير،
بيانًا لخطرهم، قال تعالى ﴿ وَلَا
تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ (المائدة2) وقال تعالى: ﴿ وَلَا
تُطِيعُوا أَمْرَ المُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلَا
يُصْلِحُونَ ﴾ (الشعراء152)، فالمفسدون شرار الناس كما قال النبي (صلى الله عليه
وسلم): "أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِشِرَارِكُمُ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ
الْمُفْسِدُونَ بَيْنَ الأَحِبَّةِ الْبَاغُونَ للْبُرَآءِ الْعَنَتَ" (رواه
البخاري في الأدب المفرد) ويقول أيضا: "فأما مَنِ ابتغى وجهَ اللهِ، وأطاع الإمامَ،
وأنفق الكريمةَ، وياسَر الشريكَ، واجتنب الفسادَ، فإنَّ نومَه ونبهَه أجرٌ كلُّه"(رواه
أبو داود)، ومن صوره:
- الاعتداء على المال العام بأي صورة كانت: فهو أشد في حرمته من المال الخاص؛ لكثرة الحقوق المتعلقة به، وتعدد الذمم المالكة له، قال تعالى (وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ )(آل عمران161) ولقد أنزله عمر بن الخطاب(رضي الله عنه) منزلة مال اليتيم الذي تجب رعايته وتنميته وحرمة أخذه والتفريط فيه أو الاعتداء عليه عندما قال "إني أنزلتُ نفسي مِن مال الله منزلةَ اليتيم" ومن ثم فان استباحة المال العام أمر خطير، وذنب عظيم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مع رَسولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) يَومَ خَيْبَرَ، فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا ولَا فِضَّةً، إلَّا الأمْوَالَ والثِّيَابَ والمَتَاعَ، فأهْدَى رَجُلٌ مِن بَنِي الضُّبَيْبِ، يُقَالُ له رِفَاعَةُ بنُ زَيْدٍ، لِرَسولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) غُلَامًا، يُقَالُ له مِدْعَمٌ، فَوَجَّهَ رَسولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) إلى وادِي القُرَى، حتَّى إذَا كانَ بوَادِي القُرَى، بيْنَما مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلًا لِرَسولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)، إذَا سَهْمٌ عَائِرٌ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا له الجَنَّةُ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ): كَلَّا، والذي نَفْسِي بيَدِهِ، إنَّ الشَّمْلَةَ الَّتي أخَذَهَا يَومَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمِ، لَمْ تُصِبْهَا المَقَاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عليه نَارًا فَلَمَّا سَمِعَ ذلكَ النَّاسُ جَاءَ رَجُلٌ بشِرَاكٍ - أوْ شِرَاكَيْنِ - إلى النبيِّ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)، فَقَالَ: شِرَاكٌ مِن نَارٍ - أوْ: شِرَاكَانِ مِن نَارٍ -.(رواه البخاري) .
- الغش والتدليس في التجارة : فالإسلام في تشريعاته لا يستكثر على التجار أن تكون لهم تجاراتُهم الرابحة؛ ولكنه جعل لها طرقها المشروعة التي لا يهضم بها حق، ولا يؤكل فيها مال بالباطل؛ فطرق الكسب المشروع ليست بضيقة على مبتغيها حتى توسع بحيل الكذب والغش والخديعة إذ إن التاجر مطالب بالتزام الصدق في كل شئونه، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ "(رواه الترمذي) ذلك أغلى من كل مكسب، فلا يحل لتاجر أن يكتم عيبا في سلعة أو يدلس في ثمن أو وصف أو شروط عقد، ولقد قال النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم): " الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا فِيهِ عَيْبٌ إِلَّا بَيَّنَهُ لَهُ " (رواه ابن ماجه) ولما مَرّ صلى الله عليه وسلم، عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا. فَقَالَ: مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟ قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي " (رواه مسلم )
- احتكار السلع مما يحتاج الناس إليه،
وفى ذلك يقول رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) " لَا
يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ " (رواه مسلم) وعَنْ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ: "مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ
طَعَامَهُمْ ضَرَبَهُ اللَّهُ بِالْجُذَامِ وَالْإِفْلَاسِ " (رواه ابن ماجه) فاحتكار السلع يحمل في طياته بذور
الفرقة والتنازع والجشع وحب الذات ولقد قال رسول الله (صلى
الله عليه وسلم):" لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا
يُحِبُّ لِنَفْسِهِ " (رواه البخاري) حب لا أثرة فيه ولا استغلال، ولا غش،
ولا تدليس أو احتكار وهذا ما كان عليه الصحابة و السلف من امة المصطفى (صلى الله
عليه وسلم) ؛ فعن بعض السلف أنه جهز سفينة حنطة إلى البصرة وكتب إلى وكيله: بع هذا
الطعام في يوم تدخل البصرة فلا تؤخره إلى غد، قال: فوافق السعر فيه سعة، قال له
التجار: إن أخرته جمعة ربحت فيه أضعافاً فأخره جمعة فربح فيه أمثاله، وكتب إلى
صاحبه بذلك فكتب إليه صاحب الطعام: يا هذا قد كنا قنعنا أن نربح الثلث مع سلامة
ديننا وإنك قد خالفت أمرنا وقد جنيت علينا جناية، فإذا أتاك كتابي فخذ المال كله
فتصدّق به على فقراء أهل البصرة وليتني أنجو من الاحتكار كفافاً لا عليّ ولا لي .
- التطفيف في الكيل: فلقد اهتم القرآن
بهذا الجانب من المعاملة، وجعله من وصاياه، قال تعالى (وأوفوا الكيل والميزان بالقسط،
لا نكلف نفسا إلا وسعها ) الأنعام152) وقال تعالى (وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا
بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا) الإسراء35) فالتطفيف من الكبائر، ونوع من
السرقة، وضرب من الخيانة، له عاقبة وخيمة، قال تعالى( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفينَ *
الَّذينَ إِذا اكْتالوا عَلى النّاسِ يَسْتَوْفونَ * وَإِذا كالوهُمْ أو
وَزَنوهُمْ يُخْسِرونَ * أَلا يَظُنُّ أولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعوثونَ * لِيَوْمٍ
عَظيمٍ* يَوْمَ يَقومُ النّاسُ لِرَبِّ الْعالَمينَ ) المطففين 1-6) .
- أخذ الأجر دون الوفاء بحق العمل ،فالإسلام
لما أمر بالعمل أمر بإتقانه والتحلي بروح الأمانة فيه فقد قال تعالى ( وَأَحْسِنُوا
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )(البقرة 195). فالأمانة في العمل من أهم سمات
الشخصية المسلمة، وهدف من أهداف الدين يسمو به المسلم ويرقى به إلى مرضاة الله، ومن
أهم الواجبات العملية التي حث عليها الإسلام، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلا أَنْ يُتْقِنَهُ".
- ترويج
الشائعات والأراجيف والأباطيل، ولقد قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ
الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) (النور19)فليكن منهج كل واحد منا
عند الكلام قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) "وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ" (متفق عليه) وليكن
منهج كل واحد منا في سمعه قول الله عز وجل(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ
جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ
فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)(الحجرات6).
-
النميمة وإفساد ذات البين واشاعة الفتن بين الناس، وقد قال الله تعالى (وَلا
تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ
مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ) (القلم 10-13) وقال سبحانه
(وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ ) (الهمزة 1)، ويقول النبي (صلى الله عليه
وسلم ) "أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِشِرَارِكُمُ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ
الْمُفْسِدُونَ بَيْنَ الأَحِبَّةِ الْبَاغُونَ للْبُرَآءِ الْعَنَتَ" (رواه
البخاري في الأدب المفرد)
إن الإصلاح
والفساد لا يستويان؛ فقد قال تعالى (قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ
أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ ) (100 المائدة) وقال سبحانه (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ) (البقرة
205) وقال عز وجل (إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ)(يونس81)
وقال جل وعلا (إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) (الأعراف 170) فالإصلاح
نعمة وله أجر عظيم، والفساد نقمة وله عاقبة وخيمة، ولقد قال تعالى (وَمَا كَانَ رَبُّكَ
لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) (هود 117) ويقول النبي
(صلى الله عليه وسلم) "مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ
لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ
مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ"(رواه الترمذي).
اللهم قنا شر
الفساد والمفسدين
واحفظ مصر من كل مكروه وسوء
=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
ماجستير في الدراسات الإسلامية
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا