خطبة بعنــــــوان:
صفات المؤمنين في القرآن الكريم
للشيخ /
محمد حســــــن داود
20 جمادى الأولى 1443هـ - 24 ديسمبر 2021م
العناصـــــر : مقدمة.
-
الإيمان، مكانته وأركانه وحقيقته.
- من صفات المؤمنين في القران الكريم.
- أكمل المؤمنين
إيمانا أحسنهم
خلقا.
- أثر
تحقيق الإيمان.
الموضـــــوع: الحمد
لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) (مريم96) وقال سبحانه: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ) (التوبة72)،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله،
القائل في حديثه الشريف: "أكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا"
(رواه الترمذي) اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم
الدين، وبعد
فإن الإيمان بالله (عز وجل) نعمة لا تدانيها
نعمة ومنة ليس كمثلها منة، قال تعالى (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا
تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ)
(الحجرات17) فهو الطريق الموصل إلى الله (سبحانه وتعالى)، وهو سكينة النفس، وهداية
القلب، هو منار السالكين، وأمل الصالحين، هو بشرى المتقين، ومنحة الصادقين، ودليل العارفين.
وللإيمان أركان ذكرها النبي (صلى الله عليه
وسلم) فقال "أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ،
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ"(متفق عليه)
ولقد جاء عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (رضي الله عنه) أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) خَرَجَ يَوْمًا فَاسْتَقْبَلَهُ شَابٌّ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ
لَهُ حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، فَقَالَ لَهُ "كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثَةُ؟"
قَالَ أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)" انْظُرْ مَا تَقُولُ، فَإِنَّ لِكُلِّ حَقٍّ حَقِيقَةً،
فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِكَ؟ " قَالَ: فَقَالَ عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا،
فَأَسْهَرْتُ لِيَلِي وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرْشِ رَبِّي
بَارِزًا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ كَيْفَ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا،
وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ كَيْفَ يَتَعَادَوْنَ فِيهَا، فَقَالَ:
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) " أَبْصَرْتَ فَالْزَمْ،
مَرَّتَيْنِ، عَبْدٌ نَوَّرَ اللهُ الْإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ" (شعب الإيمان
للبيهقي).
ولقد ذكر الله سبحانه في كتابه العزيز صفاتا
كثيرة للمؤمنين، منها ما جاء في قوله تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا
ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ
إِيمَانَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا
رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ
عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)(الأنفال2-4).
- إذن فمن هذه الصفات: خشية الله، فهي
من أجل العبادات وأعظم القربات، فهي من صفات أهل الإيمان، ومن سمات أهل الإحسان،
قال تعالى (فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (التوبة13)
هي عنوان الصلاح ودليل التقوى؛ قال تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ
وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ
وَهُمْ مِنِ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ)(الأنبياء48- 49) هي باب الدرجات والحسنات،
وطريق الفوز والنجاة من النار؛ قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ
لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) (الملك12) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "لَا يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ
بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ، وَلَا يَجْتَمِعُ
غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ"( الترمذي وقال حسن صحيح).
- ذكر الله: فهو من أزكى الأعمال، وخير
الخصال، وأعظم العبادات، فيه شفاء للأسقام، ودواء للآلام، يستدفع الذاكرون به الآفات،
ويستكشفون به الكربات، خير ما يكنزه العبد، فعن أَبُى عِمْرَانَ
الْجَوْنِيُّ، قَالَ: " مَرَّ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي
مَوْكِبِهِ وَالطَّيْرُ تُظِلُّهُ وَالْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ
فَمَرَّ بِعَابِدٍ مِنْ عُبَّادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ: وَاللهِ يَا ابْنَ دَاوُدَ
لَقَدْ آتَاكَ اللهُ مُلْكًا عَظِيمًا فَسَمِعَ سُلَيْمَانُ كَلَامَهُ فَقَالَ: لَتَسْبِيحَةٌ
فِي صَحِيفَةٍ أَفْضَلُ مِمَّا أُوتِي ابْنُ دَاوُدَ إِنَّ مَا أُوتِي ابْنُ دَاوُدَ
يَذْهَبُ وَالتَّسْبِيحَةُ تَبْقَى " (حلية الأولياء ) فما أعظم فضله، وما أعظم
أجره، وما أعظم أثره، فعن أبى هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
قال: "سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ"، قَالُوا : وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ
اللَّهِ ؟ قَالَ : " الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ "
(رواه مسلم) وقال صلى الله عليه وسلم : "مَثَلُ الذي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي
لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ" (متفقٌ عليه)
- التوكل على الله: قال تعالى (وَعَلَى
اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين) (المائدة 23)، وقال سبحانه (وَعَلَى
اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) فيما يجدر بنا أن تعلم جيدا أن الأخذ بالأسباب
لا ينافي التوكل على الله؛ بل هو عماد التوكل على الله، فالسعي في الأسباب بالجوارح
طاعة لله، والتوكل عليه بالقلب إيمان به، قال سهل بن عبد الله ألتستري" من طعن
في الحركة (يعني في السعي والكسب والأخذ بالأسباب ) فقد طعن في السنة، ومن طعن في التوكل،
فقد طعن في الإيمان، فالتوكل حال النبي (صلى الله عليه وسلم)، والكسب سنته، فمن عمل
على حاله، فلا يتركن سنته، ولقد جاء عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (رضي الله عنه)، أَنّ
رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ:" لَوْ
أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ
الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصًا، وَتَرُوحُ بِطَانًا " (مستدرك الحاكم) والمتدبر
لحال الرسول (صلى الله عليه وسلم) يجده لم يترك الأخذ بالأسباب في أموره جميعها، وهذا
مما دعا أصحابه إليه وحثهم عليه للوصول إلى حياة كريمة مشمسة بالخير والتقدم والرقى
حتى في اقل الأشياء فعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قال: قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ,
أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ (يعنى ناقته ) (وكأنه كان
يفهم أن الأخذ بالأسباب ينافي التوكل على الله تعالى)، فقال له النبي (صلى الله عليه
وسلم): " اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ".
- المحافظة على الصلاة: فهي أحد أركان الاسلام،
قال تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)
(البقرة43)، كما أن القرآن اعتبر الخشوع في الصلاة صفة من صفات المؤمنين، وليس إقامة
الصلاة فحسب، وفي ذلك يقول الله تعالى (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ
فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) (المؤمنون 12) إشارة إلى أنّ الصلاة ليست مجرّد ألفاظ
وحركات لا روح فيها ولا معنى، وإنّما تظهر في المؤمن حين إقامة الصلاة حالة توجّه إلى
الله تفصله عن الغير وتلحقه بالخالق إلا وهى الخشوع.
- الإنفاق في سبيل الله بمفهومه الشامل
المتضمن الزكاة المفروضة وصدقات التطوع؛ فقد قال تعالى في صفات المؤمنين
(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) (الأنفال
3)، وقال سبحانه (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ) (المؤمنون4) ويقول النبي
(صلى الله عليه وسلم) "والصَّلاة نور، والصَّدقة بُرهان، والصَّبر ضياءٌ"،
ومن يتدبر القرآن والسنة يجد الثناء على المنفقين وتعظيم أجورهم، فقد قال تعالى (مَّثَلُ
الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ
سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ
وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) (البقرة261) وعن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، يَقُولُ: " كُلُّ امْرِئٍ
فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ"، أَوْ قَالَ: "حَتَّى
يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ" ويقول أيضا: " مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ
مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ, وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا
بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى
تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ " (رواه البخاري) وكما مدح أهل الصدقة، ذم البخل وأهله
فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) " لا يجتَمعُ الشُّحُّ والإيمانُ في قلبِ
عبدٍ أبدًا" (رواه النسائي) ويقول أيضا: "مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ
فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا : اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا
خَلَفًا ، وَيَقُولُ الْآخَرُ : اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا " (متفق
عليه)
- الامانة والوفاء بالعهد: قال تعالى (وَالَّذِينَ
هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) (المؤمنون 8) فهما من أخص الأخلاق والفضائل
التي تحفظ بها الواجبات، وتستقيم بها موازين الحياة ومن ثم كان تحذير الاسلام من
التهاون بهما وعدم حفظهما، فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "لَا إِيمَانَ
لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ " (رواه احمد
والبزار ) .
- الصدق: قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة119) فمن تخلق به تحلى
بكل فضيلة، وتخلص من كل رذيلة، فهو سيد الأخلاق، ورأس المكارم والفضائل، وجامع خصال
البر، فيه صلاح الحياة واستقامتها؛ فيه شرف القدر، وعلو المنزلة و حسن السيرة، ونقاء
السريرة، فلا تعلو لأحد مكانة، ولا يحرز قبولا في قلوب الناس إلا أن يكون صادقا، وما
أعظم قول النبي (صلى الله عليه وسلم) في فضله: "إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى
البِرِّ، وَإِنَّ البِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى
يَكُونَ صِدِّيقًا. وَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهْدِي
إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا".
- عمارة المساجد، قال تعالى (إِنَّمَا يَعْمُرُ
مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ
وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا
مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (التوبة 18).
- حفظ الفروج: قال تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ
لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ
فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ)
(المؤمنون 5-7) فما اعظم مكانة حفظها وما أعظم أجر ذلك، فقد قال الله تعالى: ﴿وَالْحَافِظِينَ
فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ
اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ (الأحزاب 35) ويقول النبي ( صلى
الله عليه وسلم) "مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ؛
أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ" (رواه البخاري).
- إن شجرة الإيمان إذا ثبتت وقويت أصولها
في القلب، كثرت فروعها الطيبة، وزهت أغصانها الزاكية، فأثمرت سلوكا حسنا، وأخلاقا كريمة،
وعادت على صاحبها بكل خير في الدنيا والآخرة؛ فالإيمان هو نور الحياة الذي يضيء الطريق؛
إلى الخير دافع، ومن الشر مانع، به تسمو الأخلاق وترقى السلوك؛ فالمؤمن يتحلى
بالحياء؛ فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) :" إنَّ الحياءَ والإِيمانَ قُرِنا
جَميعًا، فإذا رُفِعَ أحدُهُما رُفِعَ الآخَرُ". يحب لأخيه ما يحب لنفسه؛ فعَنْ
أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: " لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ
حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ". يألف ويؤلف؛ فقد قال النبي
(صلى الله عليه وسلم): "إنَّ المُؤْمِنَ يَأْلَفُ، وَلاَ خَيْرَ فِيمَنْ لاَ يَأْلَفُ
وَلاَ يُؤْلَفُ" (رواه الحاكم).، ليس بلعان ولا بذيء؛ فقد قال النبي (صلى الله
عليه وسلم): " لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلا بِاللَّعَّانِ وَلا الْفَاحِشِ
وَلا الْبَذِيءِ" (رواه أحمد). بل يجمع خير الخصال وافضل السمات واطيب الصفات؛
فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " أكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ
خُلُقًا " رواه الترمذي)
- إن الإيمان هو سر الحياة الطيبة والاطمئنان،
فقد قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ
حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
(النحل 97)، كما أنه سر الفوز بالجنة؛ قال تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً
فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ) (التوبة72) ويقول عز وجل (وَبَشِّرِ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قَالُوا هَٰذَا الَّذِي
رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ
وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)(البقرة 25) فما أحوجنا إلى تحقيقه حتى يكون
الفوز في الدنيا والآخرة.
فاللهم حبب
إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا
وأحفظ مصر وجيشها من كل مكروه وسوء
=== كتبه ===
محمد حســــــــــن داود
إمام وخطيب ومـــــــــــدرس
ماجستير في الدراسات الإسلامية
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word رابط مباشر (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف ----- اضغط هنا
لتحميــل الخطبة word جوجل درايف (نسخة أخرى) اضغط هنا
لتحميــل الخطبة pdf جوجل درايف ---- اضغط هنا